الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ «مَنْ أَسْدَى إلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ» وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي تَحْرِيضِ النَّبِيلِ عَلَى عَدَمِ التَّثْقِيلِ
، وَأَنَّ التَّثْقِيلَ أَثْقَلُ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ الْحِمْلِ الثَّقِيلِ
الْحَادِي عَشَرَ: فِي تَحْرِيضِ النَّبِيلِ عَلَى عَدَمِ التَّثْقِيلِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} [الأحزاب: 53] الْآيَةَ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: أُنْزِلَتْ فِي الثُّقَلَاءِ. قَالَ السُّدِّيُّ: ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى الثُّقَلَاءَ فِيهَا، فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَجْتَهِدَ أَنْ لَا يُثَقِّلَ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَذًى لَهُ وَلِغَيْرِهِ، وَالْمُؤْمِنُ سَهْلٌ هَيِّنٌ لَيِّنٌ.
وَقَدْ سُئِلَ جَعْفَرٌ هَلْ يَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَغِيضًا؟ قَالَ لَا وَلَكِنْ يَكُونُ ثَقِيلًا. وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه إذَا اسْتَثْقَلَ رَجُلًا قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَهُ وَأَرِحْنَا مِنْهُ، وَكَانَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ إذَا رَأَى مَنْ يَسْتَثْقِلُهُ قَالَ: رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إنَّا مُؤْمِنُونَ ". وَقِيلَ لِأَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ: لِأَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ الثَّقِيلُ أَثْقَلَ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ الْحِمْلِ الثَّقِيلِ؟ قَالَ: لِأَنَّ الثَّقِيلَ يَقْعُدُ عَلَى الْقَلْبِ، وَالْقَلْبُ لَا يَحْتَمِلُ مَا يَحْمِلُ الرَّأْسُ، وَقَالَتْ فَلَاسِفَةُ الْهِنْدِ: النَّظَرُ إلَى الثَّقِيلِ يُورِثُ الْمَوْتَ فَجْأَةً، وَقَالَ ثَقِيلٌ لِمَرِيضٍ: مَا تَشْتَهِي؟ قَالَ: أَنْ لَا أَرَاك.
فَعَلَيْك بِالتَّخْفِيفِ وَدَعْ التَّثْقِيلَ عَلَى الْمُضِيفِ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ رَذَالَةٌ وَوَبَالٌ، نَعَمْ إنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْإِذْنِ فِي الْجُلُوسِ بَعْدَ الطَّعَامِ جَازَ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي وُجُوبِ ضِيَافَةِ الْمُسْلِمِ الْمُسَافِرَ
النَّازِلَ بِهِ فِي الْقُرَى دُونَ الْأَمْصَارِ
الثَّانِيَ عَشَرَ: ضِيَافَةُ الْمُسْلِمِ الْمُسَافِرَ الْمُجْتَازَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِ النَّازِلِ بِهِ فِي الْقُرَى لَا الْأَمْصَارِ مَجَّانًا يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَذَلِكَ قَدْرُ كِفَايَتِهِ مَعَ عَدَمٍ. وَفِي الْوَاضِحِ. وَلِفَرَسِهِ تِبْنٌ لَا شَعِيرٌ، وَلَا تَجِبُ لِذِمِّيٍّ عَلَى مُسْلِمٍ إذَا اجْتَازَ بِهِ، فَإِنْ أَبَى الْمُسْلِمُ مِنْ ضِيَافَةِ الْمُسْلِمِ فَلِلضَّيْفِ طَلَبُهُ بِالضِّيَافَةِ عِنْدَ حَاكِمٍ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْحَاكِمُ جَازَ لِلضَّيْفِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ الْمُضِيفِ بِقَدْرِ ضِيَافَتِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِ، هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ.
وَتُسَنُّ الضِّيَافَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَالْمُرَادُ يَوْمَانِ مَعَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ كَمَا نَصُّوا عَلَيْهِ، وَمَا زَادَ عَنْ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ فَصَدَقَةٌ.
وَدَلِيلُ مَا قُلْنَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَفِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما «، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» ، وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ. قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا» أَيْ لِزُوَّارِك وَأَضْيَافِك. يُقَالُ لِلزَّائِرِ زَوْرٌ بِفَتْحِ الزَّايِ، سَوَاءٌ فِيهِ الْوَاحِدُ، وَالْجَمْعُ.
وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ وَصَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ، وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، جَائِزَتُهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ، وَالضِّيَافَةُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَمَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ صَدَقَةٌ. وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَثْوِيَ عِنْدَهُ حَتَّى يُحْرِجَهُ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَاهُ لَا يَحِلُّ لِلضَّيْفِ أَنْ يُقِيمَ عِنْدَهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ غَيْرِ اسْتِدْعَاءٍ مِنْهُ حَتَّى يَضِيقَ صَدْرُهُ فَيَبْطُلَ أَجْرُهُ.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «لِلضَّيْفِ عَلَى مَنْ نَزَلَ بِهِ مِنْ الْحَقِّ ثَلَاثٌ، فَمَا زَادَ فَهُوَ صَدَقَةٌ. وَعَلَى الضَّيْفِ أَنْ يَرْتَحِلَ لَا يُؤَثِّمُ أَهْلَ الْمَنْزِلِ» وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «أَيُّمَا ضَيْفٍ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِقَدْرِ قِرَاهُ وَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ» وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي كَرِيمَةَ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ. فَمَنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ عَلَيْهِ دَيْنٌ إنْ شَاءَ قَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» .
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ خَلَا ابْنَ لَهِيعَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «لَا خَيْرَ