الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَعَلَهَا مَأْوَى الطَّيِّبِينَ. قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ} [النحل: 32]، {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ} [الزمر: 73] وَالزُّنَاةُ مِنْ أَخْبَثِ الْخَلْقِ.
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ جَهَنَّمَ دَارَ الْخُبْثِ وَأَهْلِهِ؛ فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَيَّزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَجَعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ فَوْقَ بَعْضٍ ثُمَّ أَلْقَاهُ وَأَلْقَى أَهْلَهُ فِي جَهَنَّمَ، فَلَا يَدْخُلُ النَّارَ طَيِّبٌ كَمَا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ خَبِيثٌ.
وَمِنْهَا أَنَّهُ يُعَرِّضُ نَفْسَهُ لِفَوَاتِ الِاسْتِمْتَاعِ بِالْحُورِ الْعَيْنِ فِي الْمَسَاكِنِ الطَّيِّبَةِ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ. وَإِذَا كَانَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَاقَبَ لَابِسَ الْحَرِيرِ فِي الدُّنْيَا بِحِرْمَانِهِ لُبْسَهُ فِي الْآخِرَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَأَنْ يَمْنَعَ مَنْ تَمَتَّعَ بِالصُّوَرِ الْمُحَرَّمَةِ فِي الدُّنْيَا مِنْ التَّمَتُّعِ بِالْحُورِ الْعَيْنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْلَى. بَلْ كُلُّ مَا نَالَهُ الْعَبْدُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ التَّوَسُّعَ مِنْ حَلَالِهِ ضَيَّقَ مِنْ حَظِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَدْرِ مَا يَتَوَسَّعُ فِيهِ فَكَيْفَ بِالْحَرَامِ.
وَفِي كِتَابِ الزُّهْدِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه: لَا يَكُونُ الْبَطَّالُونَ حُكَمَاءُ، وَلَا تَلِجُ الزُّنَاةُ مَلَكُوتَ السَّمَاءِ. وَلَوْ شَرَعْنَا نَتَكَلَّمُ عَلَى فَضَائِحِ الزِّنَا وَقَبَائِحِ الْخَنَا لَخَرَجْنَا عَنْ الْمَقْصُودِ، وَلَكِنَّ فِي الْإِشَارَةِ مَا يُغْنِي عَنْ الْعِبَارَةِ. وَيَكْفِي الزَّانِي إبَاحَةَ دَمِهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ. فَيَا لَهَا مِنْ صَفْقَةٍ مَا أَبْخَسَهَا، وَخَصْلَةٍ مَا أَنْحَسَهَا. قَدْ ذَهَبَتْ اللَّذَّاتُ. وَبَقِيَتْ الْحَسَرَاتُ.
وَكَانَ سَيِّدُنَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه كَثِيرًا مَا يَنْشُدُ:
تَفْنَى اللَّذَاذَةُ مِمَّنْ نَالَ صَفْوَتَهَا
…
مِنْ الْحَرَامِ وَيَبْقَى الْخِزْيُ وَالْعَارُ
تَبْقَى عَوَاقِبُ سُوءٍ فِي مَغَبَّتِهَا
…
لَا خَيْرَ فِي لَذَّةٍ مِنْ بَعْدِهَا النَّارُ
وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[مَطْلَبٌ: فِي الْحَثِّ عَلَى الصَّبْرِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ]
وَلَمَّا فَرَغَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - مِنْ آدَابِ النِّكَاحِ وَمُتَعَلِّقَاتِهِ. أَخَذَ يَحُضُّ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي طَلَبِ الْعُلُومِ وَالرِّحْلَةِ فِي إدْرَاكِ مَنْطُوقِهَا وَالْمَفْهُومِ. لِأَنَّهَا سُلَّمُ الْخَيْرَاتِ. وَمِفْتَاحُ السَّعَادَاتِ. فَلَا يُفْتَحُ بَابُ خَيْرٍ وَيَرْتَقِي إلَى أَوْجِ مَكْرُمَةٍ إلَّا بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُ الطَّرِيقُ الْمُسْتَقِيمُ. وَالسِّرَاجُ الْمُنِيرُ. فَمَنْ اقْتَبَسَهُ نَجَا. وَمَنْ ضَلَّهُ هَوَى فِي مُهَاوِي الْهَوَى.
فَقَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
مَطْلَبٌ: فِي الْحَثِّ عَلَى الصَّبْرِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ:
فَكَابِدْ إلَى أَنْ تَبْلُغَ النَّفْسُ عُذْرَهَا
…
وَكُنْ فِي اقْتِبَاسِ الْعِلْمِ طَلَّاعَ أَنْجُدِ
(فَكَابِدْ) أَيْ قَاسِ فِي الطَّلَبِ. يُقَالُ كَابَدَهُ مُكَابَدَةً وَكِبَادًا قَاسَاهُ.
وَالِاسْمُ الْكَابِدُ. أَيْ فَاطْلُبْ وَجِدَّ وَاجْتَهِدْ وَقَاسِ الشَّدَائِدَ (إلَى) أَنْ تَنْتَهِيَ إلَى أَقْصَى الْحَالَاتِ وَهِيَ (أَنْ تَبْلُغَ النَّفْسُ) فِي الْجَدِّ وَالِاجْتِهَادِ (عُذْرَهَا) فَإِنْ حَصَّلْتَ عِلْمًا كَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ. وَإِلَّا عُذِرْت فِي بَذْلِ الْمَجْهُودِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ طَلَبَ عِلْمًا فَأَدْرَكَهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كِفْلَيْنِ مِنْ الْأَجْرِ، وَمَنْ طَلَبَ عِلْمًا فَلَمْ يُدْرِكْهُ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ كِفْلًا مِنْ الْأَجْرِ» .
وَمِمَّا يُنْسَبُ لِلْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه:
سَأَطْلُبُ عِلْمًا أَوْ أَمُوتُ بِبَلْدَةٍ
…
يَقِلُّ بِهَا هَطْلُ الدُّمُوعِ عَلَى قَبْرِي
وَلَيْسَ اكْتِسَابُ الْعِلْمِ يَا نَفْسُ فَاعْلَمِي
…
بِمِيرَاثِ آبَاءٍ كِرَامٍ وَلَا صِهْرِ
وَلَكِنَّ فَتَى الْفَتَيَانِ مَنْ رَاحَ وَاغْتَدَى
…
لِيَطْلُبَ عِلْمًا بِالتَّجَلُّدِ وَالصَّبْرِ
فَإِنْ نَالَ عِلْمًا عَاشَ فِي النَّاسِ مَاجِدًا
…
وَإِنْ مَاتَ قَالَ النَّاسُ بَالَغَ فِي الْعُذْرِ
إذَا هَجَعَ النُّوَامُ أَسْبَلْت عَبْرَتِي
…
وَأَنْشَدْت بَيْتًا وَهُوَ مِنْ أَلْطَفِ الشَّعْرِ
أَلَيْسَ مِنْ الْخُسْرَانِ أَنَّ لَيَالِيًا
…
تَمُرُّ بِلَا عِلْمٍ وَتُحْسَبُ مِنْ عُمْرِي
وَذَكَرَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي مِفْتَاحِ دَارِ السَّعَادَةِ قَوْلَ بَعْضِ السَّلَفِ: " إذَا أَتَى عَلَيَّ يَوْمٌ لَا أَزْدَادُ فِيهِ عِلْمًا يُقَرِّبُنِي إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَلَا بُورِكَ لِي فِي طُلُوعِ شَمْسِ ذَلِكَ الْيَوْمِ " قَالَ: وَقَدْ رُفِعَ هَذَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَفْعُهُ إلَيْهِ بَاطِلٌ.
وَحَسْبُهُ أَنْ يَصِلَ إلَى وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ التَّابِعِينَ. قَالَ وَفِي مِثْلِهِ قَالَ الْقَائِلُ:
إذَا مَرَّ بِي يَوْمٌ وَلَمْ أَسْتَفِدْ هُدًى
…
وَلَمْ أَكْتَسِبْ عِلْمًا فَمَا ذَاكَ مِنْ عُمْرِي
(وَكُنْ) أَنْتَ (فِي اقْتِبَاسٍ) أَيْ اسْتِفَادَةِ (الْعِلْمِ) يُقَالُ قَبَسَ يَقْبِسُ مِنْهُ نَارًا، وَاقْتَبَسَهَا أَخَذَهَا، وَالْعِلْمُ اسْتَفَادَهُ. قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.
وَفِي حَدِيث عَلِيٍّ رضي الله عنه: «حَتَّى أُورِيَ قَبَسًا لِقَابِسٍ» قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ أُظْهِرَ
نُورًا مِنْ الْحَقِّ لِطَالِبِهِ. وَالْقَابِسُ طَالِبُ النَّارِ وَهُوَ فَاعِلٌ مِنْ قَبَسَ. وَمِنْهُ حَدِيثُ الْعِرْبَاضِ رضي الله عنه: «أَتَيْنَاك زَائِرِينَ وَمُقْتَبِسِينَ» ، أَيْ طَالِبِي الْعِلْمِ.
وَحَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه: فَإِذَا رَاحَ اقْتَبَسْنَاهُ مَا سَمِعْنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيْ أَعْلَمْنَاهُ إيَّاهُ، انْتَهَى.
وَفِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ {انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ} [الحديد: 13] فَمُرَادُ النَّاظِمِ أَنْ تَكُونَ أَيُّهَا الْأَخُ الْبَاذِلُ جُهْدَهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَاسْتِفَادَتِهِ (طَلَّاعُ) أَيْ قَصَّادُ (أَنْجُدِ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَرَجُلٌ طَلَّاعُ الثَّنَايَا وَالْأَنْجُدِ كَشَدَّادٍ مُجَرِّبٍ لِلْأُمُورِ رَكَّابٌ لَهَا يَعْلُوهَا وَيَقْهَرُهَا بِمَعْرِفَتِهِ وَتَجَارِبِهِ وَجَوْدَةِ رَأْيِهِ أَوْ الَّذِي يَؤُمُّ مَعَالِيَ الْأُمُورِ، انْتَهَى. وَالْأَنْجُدُ جَمْعُ نَجْدٍ وَهُوَ مَا أَشْرَفَ مِنْ الْأَرْضِ وَالطَّرِيقِ الْوَاضِحِ الْمُرْتَفِعِ وَمَا خَالَفَ الْغَوْرَ أَيْ تِهَامَةَ، وَتُضَمُّ جِيمُهُ مُذَكَّرٌ، أَعْلَاهُ تِهَامَةُ وَالْيَمَنُ، وَأَسْفَلُهُ الْعِرَاقُ وَالشَّامُ، وَأَوَّلُهُ مِنْ جِهَةِ الْحِجَازِ ذَاتُ عِرْقٍ. قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَالنَّجْدُ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ وَهُوَ اسْمٌ خَاصٌّ لِمَا دُونَ الْحِجَازِ مِمَّا يَلِي الْعِرَاقَ: وَفِي لُغَةِ الْإِقْنَاعِ لِلْحَجَّاوِيِّ: النَّجْدُ مَا ارْتَفَعَ مِنْ الْأَرْضِ، وَالْجَمْعُ نُجُودٌ، مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ، وَبِاسْمِ الْوَاحِدِ سُمِّيَتْ بِلَادٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ عَمَلِ الْيَمَنِ وَهُوَ مَا بَيْنَ جَرَشَ إلَى سَوَادِ الْكُوفَةِ. قَالَ ابْنُ خَطِيبِ الدَّهْشَةِ: وَأَوَّلُهُ نَاحِيَةُ الْحِجَازِ ذَاتُ عِرْقٍ وَآخِرُهُ سَوَادُ الْعِرَاقِ.
قَالَ فِي التَّهْذِيبِ: كُلُّ مَا وَرَاءَ الْخَنْدَقِ الَّذِي خَنْدَقَهُ كِسْرَى عَلَى سَوَادِ الْعِرَاقِ فَهُوَ نَجْدٌ إلَى أَنْ يَمِيلَ إلَى الْحَرَّةِ، فَإِذَا مِلْت إلَيْهَا فَأَنْتَ فِي الْحِجَازِ. وَفِي الْمَطَالِعِ: نَجْدٌ مَا بَيْنَ جَرَشَ إلَى سَوَادِ الْكُوفَةِ، وَحَدُّهُ مِمَّا يَلِي الْمَغْرِبَ، الْحِجَازُ عَلَى يَسَارِ الْكَعْبَةِ، وَنَجْدٌ كُلُّهَا مِنْ عَمَلِ الْيَمَامَةِ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَنَجْدٌ مِنْ بِلَادِ الْعَرَبِ وَهُوَ خِلَافُ الْغَوْرِ، وَالْغَوْرُ هُوَ تِهَامَةُ كُلُّهَا، وَكُلَّمَا ارْتَفَعَ مِنْ تِهَامَةَ إلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ فَهُوَ نَجْدٌ وَهُوَ مُذَكَّرٌ، انْتَهَى.
وَمُرَادُ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَيْ وَكُنْ مُجَرِّبًا لِلْأُمُورِ وَقَاهِرًا لَهَا وَمُحْكِمًا مَعْرِفَتَهَا بِدِقَّةِ النَّظَرِ وَحُسْنِ التَّجَارِبِ وَإِتْقَانِ مَا تَقْبِسُهُ مِنْ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ، كَثِيرَ الرِّحْلَةِ فِي تَحْصِيلِ الْعُلُومِ، عَالِي الْهِمَّةِ فِي التَّطَلُّعِ عَلَى دَقَائِقِهَا وَإِتْقَانِ حَقَائِقِهَا.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «لَا يُنَالُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ» . وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْعِلْمُ إذَا أَعْطَيْته كُلَّك أَعْطَاك بَعْضَهُ.
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إلَى الْجَنَّةِ» . وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ وَابْنُ مَاجَهْ وَاللَّفْظُ لَهُ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ «أَتَيْت صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمَرَادِيَّ رضي الله عنه فَقَالَ مَا جَاءَ بِك؟ قُلْت أَنْبِطُ الْعِلْمَ، قَالَ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ مَا مِنْ خَارِجٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إلَّا وَضَعَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا بِمَا يَصْنَعُ» قَوْلُهُ أَنْبِطُ أَيْ أَطْلُبُهُ وَأَسْتَخْرِجُهُ. وَعَنْ قَبِيصَةَ بْنِ الْمُخَارِقِ رضي الله عنه قَالَ «أَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لِي يَا قَبِيصَةُ مَا جَاءَ بِك؟ قُلْت كَبِرَتْ سِنِّي وَرَقَّ عَظْمِي فَأَتَيْتُك لِتُعَلِّمَنِي مَا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، قَالَ يَا قَبِيصَةُ مَا مَرَرْت بِحَجَرٍ وَلَا شَجَرٍ وَلَا مَدَرٍ إلَّا اسْتَغْفَرَ لَك. يَا قَبِيصَةُ إذَا صَلَّيْت الصُّبْحَ فَقُلْ ثَلَاثًا سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ تُعَافَى مِنْ الْحُمَّى وَالْجُذَامِ وَالْفَلَجِ. يَا قَبِيصَةُ قُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِمَّا عِنْدَك، وَأَفِضْ عَلَيَّ مِنْ فَضْلِك، وَانْشُرْ عَلَيَّ مِنْ رَحْمَتِك، وَأَنْزِلْ عَلَيَّ مِنْ بَرَكَاتِك» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. وَفِي إسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ» .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَنْ غَدَا يُرِيدُ الْعِلْمَ يَتَعَلَّمُهُ لِلَّهِ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بَابًا إلَى الْجَنَّةِ، وَفَرَشَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ أَكْنَافَهَا، وَصَلَّتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةُ السَّمَوَاتِ وَحِيتَانُ الْبُحُورِ، وَلِلْعَالِمِ مِنْ الْفَضْلِ عَلَى الْعَابِدِ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى أَصْغَرِ كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ، وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَكِنَّهُمْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظِّهِ، وَمَوْتُ الْعَالِمِ مُصِيبَةٌ لَا تُجْبَرُ، وَثُلْمَةٌ لَا تُسَدُّ، وَهُوَ نَجْمٌ طُمِسَ. مَوْتُ قَبِيلَةٍ أَيْسَرُ مِنْ مَوْتِ عَالِمٍ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ