الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِمَا قَدَّمْنَا بِهِ فِي آدَابِ الْمَسَاجِدِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه «رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الرَّجُلِ يَسْتَلْقِي وَيَضَعُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَدْ رُوِيَ.
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَأْمَنُ انْكِشَافَ الْعَوْرَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَعَدَمُهَا فِي حَقِّ مَنْ أَمِنَ ذَلِكَ كَمَنْ لَهُ سَرَاوِيلُ. وَيُحْمَلُ عَلَى ذَلِكَ نَصُّ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
وَأَمَّا لَوْ وَضَعَ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى أَوْ اسْتَلْقَى، وَلَمْ يَضَعْ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فَلَا كَرَاهَةَ. وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْقَوْلِ بِهَا حَيْثُ اجْتَمَعَ الِاسْتِلْقَاءُ وَوَضْعُ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لَكِنَّ عِبَارَةَ الْإِقْنَاعِ صَرِيحَةٌ فِي كَرَاهَةِ نَوْمِهِ عَلَى قَفَاهُ إنْ خَافَ انْكِشَافَ عَوْرَتِهِ، وَعِبَارَتُهُ: وَيُكْرَهُ نَوْمُهُ عَلَى بَطْنِهِ، وَعَلَى قَفَاهُ إنْ خَافَ انْكِشَافَ عَوْرَتِهِ، وَبَعْدَ الْعَصْرِ وَالْفَجْرِ وَتَحْتَ السَّمَاءِ مُتَجَرِّدًا. انْتَهَى.
وَفِي إعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ لِلْإِمَامِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْقَيِّمِ فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه وَسُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ تَسْتَلْقِي عَلَى قَفَاهَا وَتَنَامُ يُكْرَهُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: إيْ وَاَللَّهِ.
وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ كَرِهَهُ. وَرَوَاهُ الْخَلَّالُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ. وَكَانَ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِ مَظِنَّةَ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ أَقْرَبَ لِوُصُولِ الْأَمْرِ الْفَظِيعِ إلَيْهَا، وَهُوَ وَسِيلَةٌ لِلطَّمَعِ فِيهَا، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
مَطْلَبٌ: نَوْمُ الْقَائِلَةِ
مُسْتَحَبٌّ.
(تَتِمَّةٌ) :
الْقَائِلَةُ نِصْفُ النَّهَارِ مُسْتَحَبٌّ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنهما: كَانَ أَبِي يَنَامُ نِصْفَ النَّهَارِ شِتَاءً كَانَ أَوْ صَيْفًا لَا يَدَعُهَا، وَيَأْخُذُنِي بِهَا، وَيَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيلُ. قُلْت وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَزَّارُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا، وَلَمْ يَزِدْ فِي التَّمْيِيزِ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ فِي تَسْهِيلِ السَّبِيلِ حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقِيلَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: بِجَانِبِهِ عَلَامَةُ الْحَسَنِ
بِخَطِّ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي الْجَلَالَ السُّيُوطِيَّ وَأَنَّهُ رَمَزَ بِلِحُسْنِهِ. وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ: فِي إسْنَادِهِ كَذَّابٌ، فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ حَسَنٌ غَيْرُ صَوَابٍ. انْتَهَى.
قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَالْقَيْلُولَةُ الِاسْتِرَاحَةُ نِصْفَ النَّهَارِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا نَوْمٌ. يُقَالُ: قَالَ يَقِيلُ قَيْلُولَةً فَهُوَ قَائِلٌ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ مَا مُهَاجِرٌ كَمَنْ قَالَ: أَيْ لَيْسَ مَنْ هَاجَرَ عَنْ وَطَنِهِ أَوْ خَرَجَ فِي الْهَاجِرَةِ كَمَنْ سَكَنَ فِي بَيْتِهِ عِنْدَ الْقَائِلَةِ وَأَقَامَ بِهِ. قَالَ: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الْقَائِلَةِ، وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهَا فِي الْحَدِيثِ.
وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ أُمِّ مَعْبَدٍ
جَزَى اللَّهُ رَبُّ النَّاسِ خَيْرَ جَزَائِهِ
…
رَفِيقَيْنِ قَالَا خَيْمَتَيْ أُمِّ مَعْبَدِ
أَيْ نَزَلَا فِيهَا عِنْدَ الْقَائِلَةِ إلَّا أَنَّهُ عَدَّاهُ بِغَيْرِ حَرْفِ جَرٍّ.
لَكِنَّ مُرَادَ الْعُلَمَاءِ اسْتِحْبَابُ النَّوْمِ وَقْتَ الْقَائِلَةِ. فَقَدْ رَوَى الْخَلَّالُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: «ثَلَاثٌ مَنْ ضَبَطَهُنَّ فَقَدْ ضَبَطَ الصَّوْمَ مَنْ قَالَ: وَتَسَحَّرَ، وَأَكَلَ قَبْلَ أَنْ يَشْرَبَ» .
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: نَوْمَةُ نِصْفِ النَّهَارِ تَزِيدُ فِي الْعَقْلِ. قَالَ الشَّاعِرُ
أَلَا إنَّ نَوْمَاتِ الضُّحَى تُورِثُ الْفَتَى
…
خَبَالًا وَنَوْمَاتُ الْعُصُورِ جُنُونُ
أَلَا إنَّ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ نَوْمَةً
…
تُحَاكِي لِأَصْحَابِ الْعُقُولِ فُنُونُ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «اسْتَعِينُوا بِطَعَامِ السَّحَرِ عَلَى صِيَامِ النَّهَارِ، وَالْقَيْلُولَةِ عَلَى قِيَامِ اللَّيْلِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ".
(تَنْبِيهَاتٌ) :
(الْأَوَّلُ) : قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ أَنَّ النَّوْمَ بِالنَّهَارِ لَا يُكْرَهُ شَرْعًا شِتَاءً وَلَا صَيْفًا لِعَدَمِ دَلِيلِ الْكَرَاهَةِ إلَّا بَعْدَ الْعَصْرِ، أَيْ وَبَعْدَ الْفَجْرِ كَمَا هُوَ وَبَعْدَ الْفَجْرِ كَمَا هُوَ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ وَهُوَ مِنْ فُحُولِ الْأَصْحَابِ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ وَجَزَمَ بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الْأَصْحَابِ قَالَ أَظُنُّهُ صَاحِبَ النَّظْمِ بِكَرَاهَةِ النَّوْمِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ، وَأَنَّهُ تُسْتَحَبُّ الْقَائِلَةُ.
قَالَ: وَالْقَائِلَةُ النَّوْمُ فِي الظَّهِيرَةِ. قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ. وَيُرْوَى أَنَّ الْإِمَامَ عُمَرَ رضي الله عنه لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ رَأَى مُعَاوِيَةَ حَمَلَ