الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْوَصِيُّ. قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهُ. وَعَلَّلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه بِأَنَّهُ لِبَاسُ الْجُنْدِ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ وَالظَّلَمَةِ. وَسَأَلَ أَحْمَدُ الْمُتَوَكِّلَ أَنْ يُعْفِيَهُ مِنْ لُبْسِ السَّوَادِ فَأَعْفَاهُ. وَسَلَّمَ رَجُلٌ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ وَكَانَ عَلَيْهِ جُبَّةٌ سَوْدَاءُ وَاسْتَبْعَدَ فِي الْفُرُوعِ الْأَمْرَ بِحَرْقِهِ.
، وَقَدْ سَأَلَ الرَّشِيدُ الْأَوْزَاعِيَّ عَنْ لُبْسِ السَّوَادِ فَقَالَ لَا أُحَرِّمُهُ وَلَكِنْ أَكْرَهُهُ قَالَ وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ لَا تُجَلَّى فِيهِ عَرُوسٌ، وَلَا يُلَبِّي فِيهِ مُحْرِمٌ، وَلَا يُكَفَّنُ فِيهِ مَيِّتٌ، وَقِيلَ لِنَمْلَةٍ: لِمَ تَلْبَسُونَ السَّوَادَ؟ قَالَتْ: لِأَنَّهَا أَشْبَهُ بِثِيَابِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي فَتًى فِيمَنْ لَبِسَ السَّوَادَ (شِعْرًا) :
رَأَيْتُكَ فِي السَّوَادِ فَقُلْتُ بَدْرٌ
…
بَدَا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ
وَأَلْقَيْت السَّوَادَ فَقُلْتُ شَمْسٌ
…
مَحَتْ بِشُعَاعِهَا ضَوْءَ النُّجُومِ
مَطْلَبٌ: أَوَّلُ مَنْ لَبِسَ السَّوَادَ لِلْحُزْنِ
(فَائِدَةٌ) : أَوَّلُ مَا لَبِسَ الْعَبَّاسِيُّونَ السَّوَادُ حِينَ قَتَلَ مَرْوَانُ الْأُمَوِيُّ إبْرَاهِيمَ الْإِمَامَ لَمَّا تَنَسَّمَ مِنْهُ دَعْوَى الْخِلَافَةِ لَبِسُوهُ حُزْنًا قَالُوا: لِأَنَّهَا أَشْبَهُ بِثِيَابِ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ وَفِي الْمُحْكَمِ: الْبَسْ الْبَيَاضَ وَالسَّوَادَ، فَإِنَّ الدَّهْرَ كَذَا بَيَاضٌ وَسَوَادٌ. وَأَوَّلُ مَنْ لَبِسَ السَّوَادَ مِنْ بَنِي الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم ذَكَرَهُ السُّيُوطِيّ فِي أَوَائِلِهِ، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ لُبْسِ مَا صَبَغَهُ الْيَهُودُ قَبْلَ غَسْلِهِ
وَلَا بَأْسَ بِالْمَصْبُوغِ مِنْ قَبْلِ غَسْلِهِ مَعَ الْجَهْلِ فِي أَصْبَاغِ أَهْلِ التَّهَوُّدِ (وَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا حَرَجَ وَلَا حُرْمَةَ (بِ) لُبْسِ الثَّوْبِ (الْمَصْبُوغِ) وَاسْتِعْمَالِهِ حَالَ كَوْنِ اللُّبْسِ وَالِاسْتِعْمَالِ (مِنْ قَبْلِ غَسْلِهِ) أَيْ غَسْلِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ وَنَحْوِهِ مِنْ الصِّبْغِ الَّذِي عَلِقَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ (مَعَ الْجَهْلِ فِي) حَالِ (أَصْبَاغِ أَهْلِ التَّهَوُّدِ) وَنَحْوِهِمْ مِنْ الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ، فَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِلَا فَرْقٍ بَيْنَ كَوْنِ الصَّابِغِ مُسْلِمًا أَوْ نَصْرَانِيًّا، أَوْ يَهُودِيًّا، أَوْ مُشْرِكًا وَنَحْوَهُمْ مِنْ بَقِيَّةِ الْكُفَّارِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالنَّجَاسَةِ، بَلْ يُبَاحُ اللُّبْسُ
لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ وَمَا عَدَاهَا مَشْكُوكٌ فِيهِ فَلَا يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمُعْتَمَدِ.
وَقِيلَ اكْرَهَنَّهُ مِثْلَ مُسْتَعْمَلِ الْإِنَا
…
وَإِنْ تَعْلَمْ التَّنْجِيسَ فَاغْسِلْهُ تَهْتَدِ
(وَقِيلَ اكْرَهَنَّهُ) أَيْ اكْرَهْ مَا صَبَغَهُ الْكُفَّارُ (مِثْلَ) مَا يُكْرَهُ (مُسْتَعْمَلُ) أَيْ اسْتِعْمَالُ (الْإِنَاءِ) أَيْ أَوَانِي الْكُفَّارِ عَلَى الْقَوْلِ بِكَرَاهَتِهَا.، وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَثِيَابُ الْكُفَّارِ كُلِّهِمْ وَأَوَانِيهِمْ طَاهِرَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا حَتَّى مَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ، كَمَا لَوْ عُلِمَتْ طَهَارَتُهَا، وَكَذَا مَا صَبَغُوهُ، أَوْ نَسَجُوهُ. وَعِبَارَةُ الْمُنْتَهَى: وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ آنِيَةِ كُفَّارٍ، وَلَوْ لَمْ تَحِلَّ ذَبِيحَتُهُمْ كَالْمَجُوسِ وَمَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ مِنْ ثِيَابِهِمْ، وَلَوْ وَلِيَتْ عَوْرَاتِهِمْ، وَكَذَا مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا طَاهِرٌ مُبَاحٌ فَصَرَّحَ بِالطَّهَارَةِ، وَالْإِبَاحَةِ كَالْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ شَارِحُهُ: لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5] وَهُوَ يَتَنَاوَلُ مَا لَا يَقُومُ إلَّا بِآنِيَةٍ «وَلِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام وَأَصْحَابَهُ تَوَضَّئُوا مِنْ مَزَادَةِ مُشْرِكَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَلِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ فَلَا تَزُولُ بِالشَّكِّ. وَبَدَنُ الْكَافِرِ طَاهِرٌ، وَكَذَا طَعَامُهُ وَمَاؤُهُ وَمَا صَبَغُوهُ، أَوْ نَسَجُوهُ.
ثُمَّ قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْغَايَةِ: وَتَصِحُّ الصَّلَاةُ فِي ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ، وَالْحَائِضِ وَالصَّبِيِّ مَعَ الْكَرَاهَةِ، مَا لَمْ تَعْلَمْ نَجَاسَتَهَا، فَفَرَّقَ بَيْنَ الْحَائِضِ، وَالْمُرْضِعَةِ، وَبَيْنَ ثِيَابِ الْكُفَّارِ وَمُلَابِسِي النَّجَاسَةِ فَجَعَلَهَا فِي ثِيَابِ الْمُرْضِعَةِ، وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا مَكْرُوهَةٌ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِمْ.
وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: وَثِيَابُ الْكُفَّارِ وَآنِيَتُهُمْ مُبَاحَةٌ إنْ جُهِلَ حَالُهَا وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ. وَعَنْهُ الْكَرَاهَةُ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَعَنْهُ الْمَنْعُ وَعَنْهُ فِيمَا وَلِيَ عَوْرَاتِهِمْ وَعَنْهُ الْمَنْعُ مِمَّنْ تَحْرُمُ ذَبِيحَتُهُ، وَكَذَا حُكْمُ مَا صَبَغُوهُ وَآنِيَةُ مَنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ كَثِيرًا وَثِيَابُهُ.
وَقِيلَ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه عَنْ صَبْغِ الْيَهُودِ بِالْبَوْلِ؟ فَقَالَ: الْمُسْلِمُ، وَالْكَافِرُ فِي هَذَا سَوَاءٌ، وَلَا تَسْأَلْ عَنْ هَذَا وَلَا تَبْحَثْ عَنْهُ، فَإِنْ عَلِمْت فَلَا