الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ فِي إنْصَافِهِ: لَوْ قِيلَ بِالْفَرْقِ لَكَانَ مُتَّجِهًا لِمُجَاوَرَتِهَا لَمَا يُبَاحُ التَّخَتُّمُ فِيهَا بِخِلَافِ الْإِبْهَامِ لِبُعْدِهِ وَاسْتِهْجَانِهِ انْتَهَى.
وَفِي الْفَرْقِ نَظَرٌ.
وَقَالَ فِي الْإِنْصَافِ: أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ لَمْ يُقَيِّدُوا الْكَرَاهَةَ فِي اللُّبْسِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى بِالرَّجُلِ بَلْ أَطْلَقُوا.
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ: وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالرِّجَالِ. انْتَهَى.
وَلَمْ يُقَيِّدْهُ صَاحِبُ الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى وَالْغَايَةِ وَغَيْرُهُمْ.
وَالْقَيْدُ أَصْوَبُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) : الْأَفْضَلُ لِلَابِسِهِ جَعْلُ فَصِّهِ مِمَّا يَلِي كَفَّهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ يَجْعَلُهُ مِمَّا يَلِي ظَهْرَ كَفِّهِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ.
(الثَّالِثُ) : لِمُتَّخِذِي الْخَاتَمِ جَعْلُ فَصِّهِ مِنْهُ، وَمِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه كَانَ فَصُّهُ مِنْهُ.
وَلِمُسْلِمٍ كَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا، وَتَقَدَّمَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْفَصَّ ذَهَبًا حَيْثُ كَانَ يَسِيرًا.
مَطْلَبٌ: حُكْمِ الْخَاتَمِ الْمَكْتُوبِ عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ ذِكْرُ اللَّهِ
عِنْدَ دُخُولِ الْخَلَاءِ بِهِ
وَمَنْ لَمْ يَضَعْهُ فِي الدُّخُولِ إلَى الْخَلَا
…
فَعَنْ كَتْبِ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ بِهِ اُصْدُدْ
(وَمَنْ) لَبِسَ الْخَاتَمَ (وَلَمْ يَضَعْهُ) أَيْ لَمْ يُلْقِ الْخَاتَمَ مِنْ يَدِهِ (فِي) حَالِ (الدُّخُولِ) الصَّادِرِ مِنْهُ (إلَى) بَيْتِ (الْخَلَاءِ) لِأَجْلِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ (فَعَنْ) الْفَاءُ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ الشَّرْطِ وَ (كَتْبِ) مَجْرُورٌ بِعَنْ، وَ (قُرْآنٍ) مُضَافٌ إلَيْهِ (وَ) عَنْ كَتْبِ (ذِكْرِ) اللَّهِ سبحانه وتعالى (بِهِ) أَيْ الْخَاتَمِ (اُصْدُدْ) أَيْ امْنَعْ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقٌ بِ (اُصْدُدْ) وَالْمُرَادُ مَنْعُ كَرَاهَةٍ يَعْنِي لِلتَّنْزِيهِ.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْغَايَةِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ يَعْنِي الْخَاتَمَ ذِكْرَ اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ قُرْآنٍ أَوْ غَيْرِهِ.
زَادَ فِي الْغَايَةِ: وَكَذَا عَلَى دَرَاهِمَ وَلَمْ يُقَيِّدَا بِدُخُولِ الْخَلَاءِ.
وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَى الْخَاتَمِ ذِكْرُ اللَّهِ قُرْآنٌ أَوْ غَيْرُهُ.
نَقَلَ إِسْحَاقُ أَظُنُّهُ ابْنَ مَنْصُورٍ: لَا يُكْتَبُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ.
قَالَ إِسْحَاقُ ابْنُ رَاهْوَيْهِ لِمَا يَدْخُلُ الْخَلَاءُ فِيهِ هَذَا لَفْظُهُ.
قَالَ ابْنُ قُنْدُسٍ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةً وَيَكُونَ الْمَعْنَى لِدُخُولِ الْخَلَاءِ فِيهِ انْتَهَى.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ أَحْمَدَ رضي الله عنه كَرِهَهُ لِذَلِكَ قَالَ: وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ دُخُولُ الْخَلَاءِ بِذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ هُنَا، وَلَمْ أَجِدْ لِلْكَرَاهَةِ دَلِيلًا سِوَى هَذَا، وَهِيَ تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
وَنُقِلَ هَذَا فِي الْإِنْصَافِ وَصَوَّبَ عَدَمَ الْكَرَاهَةِ.
قَالَ: وَقَدْ وَرَدَ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ كِتَابَةُ ذِكْرِ اللَّهِ عَلَى خَوَاتِيمِهِمْ ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام حِينَ قَالَ لِلنَّاسِ: إنِّي اتَّخَذْت خَاتَمًا وَنَقَشْت فِيهِ (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ) فَلَا يَنْقُشْ أَحَدٌ عَلَى نَقْشِي؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْ نَقْشِهِمْ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ لَا عَنْ غَيْرِهِ.
وَمَفْهُومُ كَلَامِ النَّاظِمِ: أَنَّ مَنْ كَانَ يَضَعُهُ عِنْدَ دُخُولِهِ الْخَلَاءَ لَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِ ذِكْرَ اللَّهِ - تَعَالَى، فَإِذَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ - تَعَالَى - فَلَا يَدْخُلُ بِهِ الْخَلَاءَ بَلْ يَضَعُهُ «؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ إذَا دَخَلَ الْخَلَاءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ: حَدِيثٌ مُنْكَرٌ فَإِذَا دَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الدُّخُولِ بِهِ كَخَوْفٍ عَلَيْهِ فَلْيَجْعَلْ فَصَّهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ، أَعْنِي إذَا كَانَ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ - تَعَالَى، وَدَخَلَ بِهِ الْخَلَاءَ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: الْخَاتَمُ إذَا كَانَ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ يَجْعَلُهُ فِي بَاطِنِ كَفِّهِ، وَيَدْخُلُ الْخَلَاءَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: قُلْ بِهِ هَكَذَا فِي بَاطِنِ كَفِّك فَاقْبِضْ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ مَا وَرَدَ لَا يُكْرَهُ غَيْرُهُ.
وَقَالَ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: أَوْ ذِكْرُ رَسُولِهِ، قَالَ: وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ وَالنَّجَاشِيِّ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إلَّا بِخَاتَمٍ، فَصَاغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَاتَمًا حَلَقُهُ فِضَّةٌ وَنَقَشَ فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَقَالَ لِلنَّاسِ إنِّي اتَّخَذْت خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ وَنَقَشْت فِيهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَلَا يَنْقُشْ أَحَدُكُمْ عَلَى نَقْشِهِ.
وَلِلْبُخَارِيِّ: " مُحَمَّدٌ: سَطْرٌ، وَرَسُولُ: سَطْرٌ، وَاَللَّهُ: سَطْرٌ ".