الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حُمْرَتُهُ لَمْ تَجُزْ الصَّلَاةُ بِهِ.
وَإِنْ كَانَ يَسْتُرُ اللَّوْنَ وَيَصِفُ الْخِلْقَةَ جَازَتْ الصَّلَاةُ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَشَرَةَ مَسْتُورَةٌ، وَهَذَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ انْتَهَى، وَقَدْ وَرَدَ عَنْ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم عِدَّةُ أَخْبَارٍ فِي النَّهْيِ عَنْ لُبْسِ النِّسَاءِ الرَّقِيقَ مِنْ الثِّيَابِ الَّتِي تَصِفُ الْبَشَرَةَ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ، وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «يَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي نِسَاءٌ يَرْكَبْنَ عَلَى سُرُجٍ كَأَشْبَاهِ الرِّجَالِ يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ، نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ، عَلَى رُءُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْعِجَافِ. الْعَنُوهُنَّ، فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ لَوْ كَانَ وَرَاءَكُمْ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ خَدَمَتْهُنَّ نِسَاؤُكُمْ كَمَا خَدَمَكُمْ نِسَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ» .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا: قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَّاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا، وَكَذَا» .
وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ: يَا أَسْمَاءُ إنَّ الْمَرْأَةَ إذَا بَلَغَتْ الْمَحِيضَ لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إلَّا هَذَا وَهَذَا، وَأَشَارَ إلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَقَالَ: هَذَا مُرْسَلٌ خَالِدُ بْنُ دُرَيْكٍ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
مَطْلَبٌ: فِي أَنَّ خَيْرَ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا
وَخَيْرَ خِلَالِ الْمَرْءِ جَمْعًا تَوَسُّطُ
…
الْأُمُورِ وَحَالٌ بَيْنَ أَرْدَى وَأَجْوَدِ
وَ (خَيْرُ) مُبْتَدَأٌ (خِلَالِ) جَمْعُ خَلَّةٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ الْخَصْلَةُ، أَيْ خَيْرُ خِصَالِ (الْمَرْءِ) أَيْ الْإِنْسَانِ مِنْ الذُّكُورِ، وَالْإِنَاثِ (جَمْعًا) أَيْ كُلِّهَا (تَوَسُّطُ) خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ وَ (الْأُمُورِ) مَجْرُورٌ بِالْإِضَافَةِ أَيْ أَفْضَلُ شُؤُونِ
الْإِنْسَانِ مُرَاعَاةُ الْوَسَطِ بَيْنَ الْخُشُونَةِ وَالنُّعُومَةِ، وَالرَّقِيقِ الشَّفَّافِ مِنْ الثِّيَابِ، وَالصَّفِيقِ الْخَشِنِ مِنْهَا، فَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا (وَحَالٌ بَيْنَ) حَالَيْنِ (أَرْدَى وَأَجْوَدِ) فَيَكُونُ بَيْنَ طَرَفَيْ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْوَسَطُ مُحَرَّكَةً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: أَعْدَلُهُ. قَالَ تَعَالَى {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] أَيْ عَدْلًا. وَذَكَرَهُ فِي الْقَامُوسِ أَيْضًا، وَقَالَ: وَوَسَطُ الشَّيْءِ مُحَرَّكَةً، مَا بَيْنَ طَرَفَيْهِ كَأَوْسَطِهِ، فَإِذَا سُكِّنَتْ كَانَتْ ظَرْفًا، أَوْ هُمَا فِيمَا هُوَ مُصْمَتٌ كَالْحَلْقَةِ، فَإِذَا كَانَتْ أَجْزَاؤُهُ مُتَبَايِنَةً فَبِالْإِسْكَانِ فَقَطْ، أَوْ كُلُّ مَوْضِعٍ صَلُحَ فِيهِ بَيْنٌ فَهُوَ بِالتَّسْكِينِ وَإِلَّا فَبِالتَّحْرِيكِ. انْتَهَى.
وَدَلِيلُ هَذَا يَعْنِي اخْتِيَارَ حَالَةِ التَّوَسُّطِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ، وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي شُؤُونٍ شَتَّى، مِثْلُ {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} [الإسراء: 110] {وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} [الإسراء: 29] . {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67]{وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: 19] ، وَالْقَصْدُ مَا بَيْنَ الْإِسْرَافِ وَالتَّقْتِيرِ.
وَقَدْ رَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما يَسْأَلُهُ رَجُلٌ مَا أَلْبَسُ مِنْ الثِّيَابِ؟ قَالَ: مَا لَا يَزْدَرِيكَ فِيهِ السُّفَهَاءُ وَيَعِيبُكَ بِهِ الْحُكَمَاءُ. قَالَ مَا هُوَ؟ قَالَ: بَيْنَ الْخَمْسَةِ دَرَاهِمَ إلَى الْعِشْرِينَ دِرْهَمًا.
وَفِي كِتَابِ الْغِيبَةِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ فَاطِمَةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا، وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْكَبِيرِ، وَالْأَوْسَطِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «شِرَارُ أُمَّتِي الَّذِينَ غُذُّوا بِالنَّعِيمِ، الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَلْوَانَ الطَّعَامِ، وَيَلْبَسُونَ أَلْوَانَ الثِّيَابِ، وَيَتَشَدَّقُونَ فِي الْكَلَامِ» هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ سَيِّدَتِنَا فَاطِمَةَ.
وَلَفْظُ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ «سَيَكُونُ رِجَالٌ مِنْ أُمَّتِي يَأْكُلُونَ أَلْوَانَ الطَّعَامِ، وَيَشْرَبُونَ أَلْوَانَ الشَّرَابِ وَيَلْبَسُونَ أَلْوَانَ الثِّيَابِ، وَيَتَشَدَّقُونَ فِي الْكَلَامِ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ أُمَّتِي» وَهُمَا ضَعِيفَانِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِمَا الْمُنْذِرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -. .
وَأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَةِ يُقَالُ لَهُ عُبَيْدٌ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْ كَثِيرٍ مِنْ