الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِنْهَا الْتِمَاسُ الْفُقَرَاءِ مِمَّا لَدَيْهِ.
وَمِنْهَا لِئَلَّا تُدْفَعَ الزَّكَاةُ إلَيْهِ.
وَمِنْهَا دَفْعُ الْإِسَاءَةِ مِمَّنْ يَعْتَدِي عَلَيْهِ.
إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْفَوَائِدِ: وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ التَّوَاضُعِ وَالِانْخِفَاضِ وَالِاعْتِرَافِ بِالْمِنَّةِ لِمَنْ أَسْدَى إلَيْهِ هَذِهِ النِّعَمَ، وَالشُّكْرَ لَهُ - سُبْحَانَهُ - عَلَى مَا مَنَحَهُ مِنْ الْكَرَمِ.
وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ الصِّدِّيقَةِ بِنْتِ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عز وجل عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَعَلِمَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إلَّا كَتَبَ اللَّهُ عز وجل لَهُ - شُكْرَهَا، وَمَا عَلِمَ اللَّهُ عز وجل مِنْ عَبْدٍ نَدَامَةً عَلَى ذَنْبٍ إلَّا غَفَرَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَشْتَرِي الثَّوْبَ بِالدِّينَارِ فَيَلْبَسُهُ فَيَحْمَدُ اللَّهَ عز وجل فَمَا يَبْلُغُ رُكْبَتَيْهِ حَتَّى يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُ» ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: لَا يُكْرَهُ لُبْسُ الْفِرَاءِ وَلَا شِرَاؤُهَا
وَلَا بَأْسَ فِي لُبْسِ الْفِرَا وَاشْتِرَائِهَا
…
جُلُودَ حَلَالٍ مَوْتُهُ لَمْ يُوَطَّدْ
(وَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا حَرَجَ وَلَا كَرَاهَةَ (فِي لُبْسِ) الْإِنْسَانِ (لِلْفِرَاءِ) بِكَسْرِ الْفَاءِ جَمْعُ فَرْوَةٍ: اللِّبَاسُ الْمَعْرُوفُ (وَ) لَا بَأْسَ أَيْضًا (بِاشْتِرَائِهَا) لِأَنَّ مَا حَلَّ اسْتِعْمَالُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ حَلَّ شِرَاؤُهُ بِشَرْطِ كَوْنِ الْفِرَا (جُلُودَ) حَيَوَانٍ (حَلَالِ) الْأَكْلِ كَالْخَرُوفِ وَالْمَعْزِ وَالْحَوْصَلِ، وَبِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ الْحَيَوَانِ قَدْ ذُكِّيَ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً؛ وَلِذَا قَالَ (مَوْتُهُ) أَيْ: مَوْتُ الْحَيَوَانِ الَّذِي الْفِرَاءُ مِنْ جِلْدِهِ (لَمْ يُوَطَّدْ) أَيْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ.
وَبِهِ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ انْتِفَاءُ عِلْمِ مَوْتِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ لَا الْعِلْمُ أَنَّهُ قَدْ ذُكِّيَ.
فَإِذَا وَجَدْنَا جِلْدًا مَأْكُولَ اللَّحْمِ فَالْأَصْلُ أَنَّهُ طَاهِرٌ مَا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ، أَوْ ذَكَّاهُ مَنْ لَمْ تَحِلَّ ذَكَاتُهُ لَهُ.
مَطْلَبٌ: يَمْتَنِعُ لُبْسُ جِلْدِ الثَّعْلَبِ فِي الصَّلَاةِ
أَمْ لَا
؟
وَكَاللَّحْمِ الْأَوْلَى اُحْظُرَنْ جِلْدَ ثَعْلَبٍ
…
وَعَنْهُ لِيُلْبَسْ وَالصَّلَاةَ بِهِ اُصْدُدْ
(وَكَاللَّحْمِ) فِي الرِّوَايَةِ (الْأَوْلَى) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُون الْوَاوِ (اُحْظُرَنْ) أَمْرٌ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ أَيْ امْنَعْ (جِلْدَ ثَعْلَبٍ) كَلَحْمِهِ فَلَا يَحِلُّ أَكْلُ لَحْمِهِ وَلَا لُبْسُ جِلْدِهِ.
وَالثَّعْلَبُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَسُكُونِ
الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ اللَّامِ ثُمَّ بَاءٍ مُوَحَّدَةٍ: مَعْرُوفٌ، وَيُقَالُ لِلْأُنْثَى ثَعْلَبَةٌ وَالْجَمْعُ أَثْعَلُ. وَفِي حَدِيثٍ «شَرُّ السِّبَاعِ هَذِهِ الْأَثْعُلُ» يَعْنِي الثَّعَالِبَ رَوَاهُ ابْنُ قَانِعٍ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ وَابِصَةَ بْنِ مَعْبَدٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا. وَكُنْيَةُ الثَّعْلَبِ أَبُو الْحَصِينِ، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْحَدِيثِ سَبُعًا.
فَعَلَى هَذَا يَحْرُمُ أَكْلُ لَحْمِهِ، وَلُبْسُ جِلْدِهِ وَالصَّلَاةُ فِيهِ.
وَاخْتَارَ هَذَا أَبُو بَكْرٍ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَحْرُمُ ثَعْلَبٌ.
قَالَ: وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ فِي الثَّعْلَبِ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَخَّصَ فِيهِ إلَّا عَطَاءً.
وَكُلُّ شَيْءٍ اشْتَبَهَ عَلَيْك فَدَعْهُ انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ الْإِنْصَافِ: أَمَّا الثَّعْلَبُ فَيَحْرُمُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ، يَعْنِي الْمُوَفَّقَ وَالشَّارِحَ، يَعْنِي ابْنَ أَخِيهِ شَمْسَ الدِّينِ بْنِ أَبِي عُمَرَ رضي الله عنهما: أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ أَحْمَدَ تَحْرِيمُ الثَّعْلَبِ.
قَالَ النَّاظِمُ: هَذَا أَوْلَى.
وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ.
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ.
(وَعَنْهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه (لِيُلْبَسْ) اللَّامُ هَذِهِ لَامُ الْأَمْرِ وَالْمُرَادُ أَمْرُ إبَاحَةٍ، يَعْنِي يُبَاحُ لُبْسُ الْفِرَاءِ مِنْ جِلْدِ الثَّعْلَبِ (وَ) لَكِنَّ (الصَّلَاةَ) مِنْ الْمُصَلِّي (بِهِ) أَيْ بِجِلْدِ الثَّعْلَبِ يَعْنِي أَنَّ صَلَاةَ لَابِسِ جِلْدٍ لِلثَّعْلَبِ مَعَ إبَاحَةِ لُبْسِهِ (اُصْدُدْ) أَيْ امْنَعْ صِحَّتَهَا.
وَعَنْهُ تَصِحُّ الصَّلَاةُ فِيهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ.
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ رضي الله عنه أَنْ يُلْبَسَ إذَا دُبِغَ بَعْدَ تَذْكِيَتِهِ.
لَكِنْ اخْتَلَفَ فِي كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ.
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: إنْ ذُكِّيَ وَدُبِغَ جِلْدُهُ أُبِيحَ مُطْلَقًا.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ فِي أَصْلِ إبَاحَةِ لَحْمِ الثَّعْلَبِ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا الْحُرْمَةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا.
وَالثَّانِيَةُ الْإِبَاحَةُ.
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: مُبَاحٌ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَاخْتَارَهَا الشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ وَالْخِرَقِيُّ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَالزَّرْكَشِيِّ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ.
وَعَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحْرِيمِ فَهَلْ يُبَاحُ لُبْسُ جِلْدِهِ أَوْ لَا؟ رِوَايَتَانِ.