الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إسْمَاعِيلَ: أَنْ اُخْرُجْ فَادْعُ بِذَلِكَ الْكَنْزِ، فَخَرَجَ إلَى أَجْيَادٍ، وَكَانَ لَا يَدْرِي مَا الدُّعَاءُ، وَالْكَنْزُ فَأَلْهَمَهُ اللَّهُ عز وجل الدُّعَاءَ، فَلَمْ يَبْقَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَرَسٌ بِأَرْضِ الْعَرَبِ إلَّا أَجَابَتْهُ وَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَوَاصِيهَا وَتَذَلَّلَتْ لَهُ «، وَكَانَ نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ إلَيْهِ بَعْدَ النِّسَاءِ مِنْ الْخَيْلِ» إسْنَادُهُ جَيِّدٌ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رضي الله عنه.
وَبِالْجُمْلَةِ الْأَحَادِيثُ النَّبَوِيَّةُ، وَالْآثَارُ الصَّحِيحَةُ فِي الْخَيْلِ وَفَضِيلَتِهَا وَسِبَاقِهَا وَسِيَاسَتِهَا وَفَضِيلَةِ اتِّخَاذِهَا وَبَرَكَتِهَا وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهَا وَخِدْمَتِهَا وَمَسْحِ نَوَاصِيهَا، وَالْتِمَاسِ نَسْلِهَا وَنَمَائِهَا وَالنَّهْيِ عَنْ خِصَائِهَا وَجَزِّ نَوَاصِيهَا وَأَذْنَابِهَا أَمْرٌ مَعْرُوفٌ؛ وَلِذَا قَالَ النَّاظِمُ (حَتْمًا) أَيْ حَتِّمْهُ حَتْمًا أَيْ اقْضِ بِهِ وَاحْكُمْ أَمْرَهُ وَاجْزِمْ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِقَوْلِهِ: حَتْمًا يَعْنِي لِكَوْنِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ مُحَقَّقَةً بِخِلَافِ الذَّيْلِ، فَإِنَّ الْكَرَاهَةَ عَلَى الْأَشْهَرِ فِي ذَلِكَ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُكْرَهُ جَزُّ مَعْرَفَةٍ وَنَاصِيَةٍ، وَفِي جَزِّ ذَنَبِهَا رِوَايَتَانِ أَظْهَرُهُمَا يُكْرَهُ لِلْخَبَرِ، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ:(لِإِضْرَارِهَا) أَيْ الدَّابَّةِ (بِهِ) أَيْ جَزِّ مَعْرَفَتِهَا وَذَيْلِهَا (لِقَطْعِك) أَنْتَ أَيْ؛ لِأَنَّك قَطَعْت (مَا) أَيْ الشَّعْرَ الَّذِي (تَدْرَأُ) أَيْ تَدْفَعُ وَتَذُبُّ (بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الشَّعْرِ (لِلْمُنَكَّدِ) أَيْ لِلشَّيْءِ الَّذِي يُنَكِّدُ عَلَيْهَا، فَإِنَّهَا إنَّمَا تَدْفَعُهُ بِذَيْلِهَا، فَإِذَا جَزَزْته فَقَدْ آذَيْتهَا بِإِزَالَتِك الَّذِي تَدْفَعُ بِهِ الْمُؤْذِيَ عَنْهَا إذْ هُوَ مِنْ أَقْوَى أَسْلِحَتِهَا وَأَوْقِيَتِهَا الدَّافِعَةِ عَنْهَا مَا يُؤْلِمُهَا وَيُنَكِّدُ عَلَيْهَا مِنْ الذُّبَابِ وَغَيْرِهِ.
وَلِذَا قَالَ عليه الصلاة والسلام: «أَمَّا أَذْنَابُهَا، فَإِنَّهَا مَذَابُّهَا أَيْ الَّتِي تَذُبُّ بِهَا عَنْهَا نَحْوَ الذُّبَابِ، وَأَمَّا أَعْرَافُهَا، فَإِنَّهَا أَدِفَاؤُهَا الَّتِي يَحْصُلُ لَهَا بِهَا الدِّفْءُ وَيُدْفَعُ عَنْهَا بِهَا أَلَمُ الْبَرْدِ» . قَالَ فِي الْقَامُوسِ الدِّفْءُ بِالْكَسْرِ وَيُحَرَّكُ نَقِيضُ حِدَّةِ الْبَرْدِ كَالدَّفَّاءَةِ، وَجَمْعُهُ أَدْفَاءٌ يُقَالُ دَفِيءَ كَفَرِحَ وَكَرُمَ وَتَدَفَّأَ وَاسْتَدْفَأَ وَأَدْفَأَهُ أَلْبَسَهُ الدِّفَاءَ لِمَا يُدْفِئُهُ.
مَطْلَبٌ: فِيمَا يَجُوزُ خِصَاؤُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ
وَفِيمَا سِوَى الْأَغْنَامِ قَدْ كَرِهُوا الْخِصَا
…
لِتَعْذِيبِهِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِمُسْنَدِ
(وَفِيمَا) أَيْ حَيَوَانٍ غَيْرِ آدَمِيٍّ فَيُحَرَّمُ كَمَا نُبَيِّنُهُ (سِوَى الْأَغْنَامِ) جَمْعُ غَنَمٍ، وَهِيَ الشَّاةُ لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهِ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْغَنَمُ اسْمٌ يُؤَنَّثُ يُوضَعُ لِلْجِنْسِ يَقَعُ عَلَى الذُّكُورِ، وَالْإِنَاثِ، وَإِذَا صَغَّرْتهَا لَحِقَتْهَا الْهَاءُ فَقُلْت غُنَيْمَةٌ؛ لِأَنَّ
أَسْمَاءَ الْجُمُوعِ الَّتِي لَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ الْآدَمِيِّينَ، فَالتَّأْنِيثُ لَهَا لَازِمٌ يُقَالُ لَهَا خَمْسٌ مِنْ الْغَنَمِ ذُكُورٌ فَتُؤَنِّثُ الْعَدَدَ، وَإِنْ عَنَيْت الْكِبَاشَ إذَا كَانَ ثَلَاثَةً مِنْ الْغَنَمِ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ يَجْرِي فِي تَذْكِيرِهِ وَتَأْنِيثِهِ عَلَى اللَّفْظِ لَا عَلَى الْمَعْنَى، وَالْإِبِلُ كَالْغَنَمِ فِيمَا ذَكَرْنَا (قَدْ كَرِهُوا) أَيْ مَشَايِخُ الْمَذْهَبِ (الْخِصَا لِتَعْذِيبِهِ) أَيْ الْمَخْصِيِّ أَيْ عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ تَعْذِيبُ الْحَيَوَانِ (الْمَنْهِيِّ) مِنْ حَضْرَةِ الرِّسَالَةِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ التَّعْذِيبِ (بِمُسْنَدِ) الْأَخْبَارِ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ مَثَّلَ بِالْحَيَوَانِ» وَفِي رِوَايَةٍ «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا» .
وَهَذَا النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ؛ لِأَنَّهُ تَعْذِيبٌ لِلْحَيَوَانِ وَإِتْلَافٌ لِنَفْسِهِ وَتَضْيِيعٌ لِمَالِيَّتِهِ وَتَفْوِيتٌ لِذَكَاتِهِ إنْ كَانَ يُذَكَّى أَوْ لِمَنْفَعَتِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ يُذَكَّى بِخِلَافِ الْخِصَاءِ، فَإِنَّهُ لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ فَلَا يُحَرَّمُ وَلِأَنَّ ذَبْحَ الْحَيَوَانِ تَعْذِيبٌ لَهُ، وَهُوَ مُبَاحٌ لِمَصْلَحَةِ الْأَكْلِ وَنَحْوِهَا.
نَعَمْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ إخْصَاءِ الْخَيْلِ، وَالْبَهَائِمِ» قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ خِصَاءَ النَّاسِ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ، وَالْعَبِيدِ وَغَيْرِهِمْ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ وَالتَّمْثِيلَ بِهِمْ حَرَامٌ. وَفِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَيُكْرَهُ خِصَاءُ غَيْرِ غَنَمٍ وَدُيُوكٍ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يُبَاحُ خِصَاءُ الْغَنَمِ لِمَا فِيهِ مِنْ إصْلَاحِ لَحْمِهَا، وَهَذَا الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ، وَالْمَنْصُوصُ عَنْهُ رضي الله عنه كَرَاهَةُ الْخِصَاءِ مِنْ غَنَمٍ وَغَيْرِهَا إلَّا خَوْفَ غَضَاضَةٍ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي الرَّجُلُ أَنْ يَخْصِيَ شَيْئًا، وَإِنَّمَا أَكْرَهُ ذَلِكَ لِلنَّهْيِ الْوَارِدِ عَنْ إيلَامِ الْحَيَوَانِ، وَالشَّدْخُ فِي الْخِصَاءِ أَهْوَنُ مِنْ الْجُبِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجُوزُ إخْصَاءُ الْبَهَائِمِ وَلَا كَيُّهَا بِالنَّارِ لِلْوَسْمِ، وَيَجُوزُ لِلْمُدَاوَاةِ حَسْبَمَا أَجَزْنَا فِي حَقِّ النَّاسِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ ذَلِكَ وَخَزْمَهَا فِي أَنْفِهَا لِقَصْدِ الْمُثْلَةِ إثْمٌ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ جَازَ قَالَ: وَأَمَّا فِعْلُ ذَلِكَ فِي الْآدَمِيِّينَ فَيَحْصُلُ بِهِ الْفِسْقُ.
وَذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ قَوْلَ ابْنِ عَقِيلٍ الْأَوَّلَ، وَقَالَ: فَعَلَى قَوْلِهِ لَا يَجُوزُ وَسْمُهَا بِحَالٍ، وَهُوَ