الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إذَا هُوَ نَامَ ثَلَاثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ عَلَى كُلِّ عُقْدَةٍ عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنْ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، وَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقَدُهُ كُلُّهَا فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَ» رَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمْ. فَلِهَذَا قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
مَطْلَبٌ: فِي أَنَّ الدُّعَاءَ جَوْفَ اللَّيْلِ مُسْتَجَابٌ:
وَنَادِ إذَا مَا قُمْت فِي اللَّيْلِ سَامِعًا
…
قَرِيبًا مُجِيبًا بِالْفَوَاضِلِ يَبْتَدِي
(وَنَادِ) أَيْ اُدْعُ (إذَا مَا قُمْت) أَيْ فِي وَقْتِ قِيَامِك وَمَا زَائِدَةٌ (فِي) جَوْفِ (اللَّيْلِ) وَهُوَ مَا بَيْنَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَطُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي رَبًّا (سَامِعًا) مَفْعُولُ نَادِ فَإِنَّهُ جَلَّ شَأْنُهُ يَسْمَعُ دُعَاءَ مَنْ دَعَاهُ، وَيُبْصِرُ تَضَرُّعَ مَنْ تَضَرَّعَ إلَيْهِ وَنَادَاهُ. فَيَسْمَعُ حَرَكَةَ النَّمْلَةِ الدَّهْمَاءِ، عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ، فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ. وَقَوْلُهُ (قَرِيبًا مُجِيبًا) وَصْفَانِ لَهُ سبحانه وتعالى وَهُوَ مُنْتَزَعٌ مِنْ قَوْلِهِ سبحانه وتعالى {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: 186] (بِالْفَوَاضِلِ) أَيْ الْأَيَادِي الْجَسِيمَةِ أَوْ الْجَمِيلَةِ. وَفَوَاضِلُ الْمَالِ مَا يَأْتِيك مِنْ غَلَّتِهِ وَمَرَافِقِهِ، وَلِذَا قَالُوا إذَا عَزَبَ الْمَالُ قَلَّتْ فَوَاضِلُهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ إذَا بَعُدَتْ الضَّيْعَةُ قَلَّ الْمَرْفِقُ مِنْهَا.
وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (يَبْتَدِي) أَيْ يَبْتَدِي بِالْعَطَايَا الْجَسِيمَةِ؛ وَالْمَوَاهِبِ الْوَسِيمَةِ؛ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ، فَكَيْفَ بَعْدَ السُّؤَالِ وَالتَّضَرُّعِ وَالِابْتِهَالِ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ لَا بَأْسَ بِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْصِبُ وَجْهَهُ إلَى اللَّهِ عز وجل فِي مَسْأَلَةٍ إلَّا أَعْطَاهَا إيَّاهُ إمَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا لَهُ وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ» .
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى بِأَسَانِيدَ جَيِّدَةٍ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إلَّا أَعْطَاهُ