الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقِيَامَةِ» ، وَالْحِرَ بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَرْجُ الْمَرْأَةِ لُغَةً فِي الْمُخَفَّفَةِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَقَالَ فِي الْمَطَالِعِ قَوْلُهُ: وَيُسْتَحَلُّ الْحِرُ مُخَفَّفَ الرَّاءِ اسْمٌ لِفَرْجِ الْمَرْأَةِ. وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ، وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ، وَقِيلَ أَصْلُهُ بِالتَّاءِ بَعْدَ الرَّاءِ فَحُذِفَتْ. .
مَطْلَبٌ: مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ حَرِيرٍ وَمُذَهَّبٍ وَمُصَوَّرٍ حَرُمَ بَيْعُهُ وَنَسْجُهُ
(الْبَحْثُ السَّادِسُ) : مَا حَرُمَ اسْتِعْمَالُهُ مِنْ حَرِيرٍ وَمُذَهَّبٍ وَمُصَوَّرٍ وَنَحْوِهَا حَرُمَ بَيْعُهُ وَنَسْجُهُ وَخِيَاطَتُهُ وَتَمْلِيكُهُ وَتَمَلُّكُهُ وَأُجْرَتُهُ لِذَلِكَ، وَكَذَا الْأَمْرُ بِهِ. وَأَمَّا إذَا نَسَجَهُ لِمَنْ يَحِلُّ لَهُ كَالنِّسَاءِ فَيُبَاحُ، وَكَذَا بَيْعُهُ وَنَحْوُهُ.
وَعُمُومُ إطْلَاقِهِمْ يَشْمَلُ حُرْمَةَ بَيْعِ ثَوْبِ الْحَرِيرِ وَخِيَاطَتِهِ وَنَحْوِهِ لِلْكَافِرِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ، وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ حَرِيرٍ لِكَافِرٍ وَلُبْسُهُ لَهُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ بَعَثَ بِمَا أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى أَخٍ لَهُ مُشْرِكٍ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ التَّحْرِيمُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْأَخْبَارِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ، وَقَالَ عَنْ خِلَافِهِ قَدْ يَتَوَهَّمُهُ مُتَوَهِّمٌ، وَهُوَ وَهْمٌ بَاطِلٌ وَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي لُبْسِهَا، وَقَدْ بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَأُسَامَةَ رضي الله عنهم، وَكَذَا بَعَثَ لِجَعْفَرٍ وَغَيْرِهِمْ وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ إبَاحَةُ لُبْسِهِ انْتَهَى. وَأَصْلُ الْمَأْخَذِ أَنَّا نَحْنُ وَالشَّافِعِيَّةَ نَقُولُ بِأَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ. وَفَائِدَةُ ذَلِكَ زِيَادَةُ الْعِقَابِ فِي الْآخِرَةِ، وَالْبَحْثُ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ. وَفَرَّقَ الشَّيْخُ بَيْنَ بَيْعِ الْحَرِيرِ لِلْكُفَّارِ وَبَيْعِ الْخَمْرِ، بِأَنَّ الْحَرِيرَ لَيْسَ حَرَامًا عَلَى الْإِطْلَاقِ. قَالَ: وَعَلَى قِيَاسِهِ بَيْعُ آنِيَةِ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ لَهُمْ. وَإِذَا جَازَ بَيْعُهَا لَهُمْ جَازَ صُنْعُهَا لِبَيْعِهَا وَجَازَ عَمَلُهَا لَهُمْ بِالْأُجْرَةِ. انْتَهَى كَلَامُهُ. ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ مَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مِنْ تَعْلِيقِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ النَّظَرِ إلَى مَلَابِسِ الْحَرِيرِ
(السَّابِعُ) : قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ كَغَيْرِهِ: يُكْرَهُ نَظَرُ مَلَابِسِ حَرِيرٍ وَآنِيَةِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَنَحْوِهَا إنْ رَغَّبَهُ فِي التَّزْيِينِ بِهَا، وَالْمُفَاخَرَةِ وَالتَّنَعُّمِ وَالتَّجَمُّلِ بِهَا. وَذَكَرَ
ذَلِكَ فِي الْآدَابِ وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا.
وَقَالَ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ: رِيحُ الْخَمْرِ كَصَوْتِ الْمَلَاهِي حَتَّى إذَا شَمَّ رِيحَهَا فَاسْتَدَامَ شَمَّهَا كَانَ بِمَثَابَةِ مَنْ سَمِعَ صَوْتَ الْمَلَاهِي فَأَصْغَى إلَيْهَا، وَيَجِبُ سَتْرُ الْمَنْخِرَيْنِ، وَالْإِسْرَاعُ كَسَدِّ الْأُذُنَيْنِ عِنْدَ الِاسْتِمَاعِ. وَعَلَى هَذَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى مَلَابِسِ الْحَرِيرِ وَأَوَانِي الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ إنْ دَعَتْ إلَى حُبِّ الدُّنْيَا، وَالْمُفَاخَرَةِ وَيَحْجُبُ ذَلِكَ عَنْهُ. وَنَزِيدُ فَنَقُولُ: التَّفَكُّرُ الدَّاعِي إلَى اسْتِحْضَارِ صُوَرِ الْمَحْظُورِ مَحْظُورٌ، حَتَّى إذَا فَكَّرَ الصَّائِمُ فَأَنْزَلَ أَثِمَ وَقَضَى، وَكَانَ عِنْدِي كَالْعَابِثِ بِذَكَرِهِ فَيُمْنِي، وَأَدَقُّ مِنْ هَذَا لَوْ اسْتَحْضَرَ صُورَةَ الْمَعْشُوقِ وَقْتَ جِمَاعِ أَهْلِهِ. قُلْت: الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ عَدَمُ فِطْرِ الصَّائِمِ بِالْفِكْرِ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ، وَالْمُنْتَهَى؛ لِأَنَّهُ بِغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ وَلَا نَظَرٍ أَشْبَهَ الِاحْتِلَامَ، وَالْفِكْرَةَ الْغَالِبَةَ وَلَا يَصِحُّ قِيَاسُهُ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالنَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ دُونَهُمَا.
قُلْت: وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ، وَلَوْ تَمَادَى مَعَ الْفِكْرِ، وَهُوَ مُرَادُهُمْ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْفُرُوعِ قَالَ: وَلَا فِطْرَ وَلَا إثْمَ بِفِكْرٍ غَالِبٍ اتِّفَاقًا، وَقَالَ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ يَعْنِي فِي الْفِطْرِ بِالتَّفَكُّرِ سَوَاءٌ لِدُخُولِ الْفِكْرِ تَحْتَ النَّهْيِ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ لَا يُفْطِرُ خِلَافًا لِمَالِكٍ. قَالَ: وَهُوَ يَعْنِي: عَدَمُ الْفِطْرِ بِالْفِكْرِ أَشْهَرُ؛ لِأَنَّهُ دُونَ الْمُبَاشَرَةِ وَتَكْرَارِ النَّظَرِ، وَيُخَالِفُ بِالتَّحْرِيمِ إنْ تَعَلَّقَ بِأَجْنَبِيَّةٍ. زَادَ صَاحِبُ الْمُغْنِي، أَوْ الْكَرَاهَةِ إنْ كَانَ فِي زَوْجَةٍ. يَعْنِي أَنَّ تَكْرَارَ النَّظَرِ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ مُحَرَّمٌ سِيَّمَا لِلصَّائِمِ، وَتَكْرَارُهُ فِي زَوْجَتِهِ، وَهُوَ صَائِمٌ مَكْرُوهٌ، وَالْفِكْرُ لَيْسَ يُوَافِقُ وَاحِدًا مِنْهُمَا يَعْنِي لَا هُوَ حَرَامٌ وَلَا مَكْرُوهٌ؛ وَلِذَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَا أَظُنُّ مَنْ قَالَ يُفْطِرُ بِهِ، وَهُوَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ يَسْلَمُ فِي ذَلِكَ، يَعْنِي عَدَمَ الْحُرْمَةِ، وَالْكَرَاهَةِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُوَفَّقُ فِي الْمُقْنِعِ فِيمَا لَا يُفْطِرُ بِهِ الصَّائِمُ، أَوْ فَكَّرَ فَأَنْزَلَ لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ، وَكَذَا لَوْ فَكَّرَ فَأَمْذَى. قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَالَ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ وَابْنُ عَقِيلٍ: يُفْطِرُ بِالْإِنْزَالِ، وَالْمَذْيِ إذَا حَصَلَ بِفِكْرِهِ. وَقِيلَ يُفْطِرُ بِهِمَا إنْ اسْتَدْعَاهُمَا وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى.