الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوَّلَ مَا يَبْتَدِئُ فِي لُبْسِ النَّعْلِ أَنْ يُنْعِلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَجَمْعُ النَّعْلِ نِعَالٌ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْآنُ تَاسُومَةً. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هِيَ لِبَاسُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّمَا اتَّخَذَ النَّاسُ غَيْرَهَا؛ لِمَا فِي أَرْضِهِمْ مِنْ الطِّينِ. وَقَدْ يُطْلَقُ النَّعْلُ عَلَى كُلِّ مَا يَقِي الْقَدَمَ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: النَّعْلُ وَالنَّعْلَةُ مَا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ، وَهُوَ الْمُرَادُ لِلنَّاظِمِ وَغَيْرِهِ.
(وَ) يُسَنُّ (فِي الْخَلْعِ) أَيْ خَلْعِ نَعْلَيْهِ (عَكْسٌ) أَيْ عَكْسُ مَا صَنَعَ فِي حَالَةِ الِانْتِعَالِ، فَيُسَنُّ لَهُ فِي حَالَةِ الْخَلْعِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِخَلْعِ نَعْلِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى لِتَكُونَ الْيُمْنَى أَوَّلَ رِجْلَيْهِ انْتِعَالًا، وَآخِرَهُمَا خَلْعًا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ لِتَكُونَ الْيُمْنَى أَوَّلُهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرُهُمَا تُنْزَعُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه.
(وَاكْرَهْ) أَنْتَ تَنْزِيهًا (الْعَكْسَ) بِأَنْ تُنْعِلَ أَوَّلًا الْيُسْرَى وَتَخْلَعَ أَوَّلًا الْيُمْنَى فَيُكْرَهُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا إذَا نَعَلْت أَوَّلًا الْيُمْنَى وَنَزَعْتهَا أَوَّلًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَتَكُونُ قَدْ فَعَلْت مَسْنُونًا وَمَكْرُوهًا، وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، بَلْ عَلَيْك بِنَعْلِ الْيُمْنَى أَوَّلًا وَخَلْعِ الْيُسْرَى أَوَّلًا لِيَحْصُلَ التَّيَامُنُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِيَدِك الْيُسْرَى.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَنْ بَدَأَ فِي الِانْتِعَالِ بِالْيُسْرَى أَسَاءَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُ نَعْلَيْهِ.
وَنَقَلَ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلِاسْتِحْبَابِ فَإِنْ تَمَسَّكْت بِذَلِكَ وَدُمْت عَلَيْهِ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ (تُرْشَدْ) لِفِعْلِ الصَّوَابِ، وَمُتَابَعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْأَصْحَابِ.
وَقَدْ مَرَّ غَيْرُ مَرَّةٍ أَنَّ التَّيَامُنَ مُسْتَحَبٌّ فِي شَأْنِ الْإِنْسَانِ كُلِّهِ.
مَطْلَبٌ: يُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي فَرْدِ نَعْلٍ وَاحِدَةٍ
وَيُكْرَهُ مَشْيُ الْمَرْءِ فِي فَرْدِ نَعْلِهِ اخْ
…
تِيَارًا أَصِخْ حَتَّى لِإِصْلَاحِ مُفْسِدِ
(وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (مَشْيُ الْمَرْءِ) مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (فِي فَرْدِ نَعْلِهِ) أَيْ فِي نَعْلٍ فَرْدٍ وَالْمُرَادُ بِلَا حَاجَةٍ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ بِلَا حَاجَةٍ، وَنَصُّهُ يَعْنِي الْإِمَامَ رضي الله عنه: وَلَوْ يَسِيرًا.
وَلِذَا قَالَ النَّاظِمُ (اخْتِيَارًا) يَعْنِي فِي حَالِ اخْتِيَارِ الْمَاشِي مَعَ صِحَّةِ رِجْلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ لَهُ رِجْلٌ وَاحِدَةٌ.
أَوْ كَانَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ مَا يَمْنَعُ لُبْسَ النَّعْلِ مِنْ قُرْحَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ
لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ بِلُبْسِهِ فَرْدَةَ نَعْلٍ وَاحِدَةٍ (أَصِخْ) مِنْ صَاخَ وَأَصَاخَ إذَا اسْتَمَعَ أَيْ اسْتَمِعْ نِظَامِي وَافْتَهِمْ كَلَامِي وَعِ لَمَا أُبْدِيهِ لَك مِنْ الْأَحْكَامِ، فَإِنَّ مَنْ اسْتَمَعَ وَتَفَهَّمَ، وَوَعَى وَتَعَلَّمَ، وَارْتَقَى بِسُلَّمِ التَّعْلِيمِ عَلَّ الْأَنَامَ، إلَى أَنْ تَشْهَدَ لَهُ الْخَلِيقَةُ بِأَنَّهُ إمَامٌ (حَتَّى) تَنْتَهِيَ كَرَاهَةُ لُبْسِ فَرْدَةِ نَعْلٍ وَاحِدَةٍ (لِ) أَجْلِ (إصْلَاحِ مُفْسِدٍ) أَيْ مِنْ نَعْلَيْهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ إحْدَى نَعْلَيْهِ فَاسِدَةً غَيْرَ صَالِحَةٍ لِلُّبْسِ وَالْأُخْرَى صَالِحَةً لَمْ تَزَلْ الْكَرَاهَةُ بِذَلِكَ، بَلْ يُكْرَهُ لُبْسُهُ الصَّحِيحَةَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ حَتَّى يُصْلِحَ الْفَاسِدَةَ وَيَلْبَسَهُمَا مَعًا.
وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا» وَفِي رِوَايَةٍ «أَوْ لِيَحْفُهُمَا جَمِيعًا» .
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ رضي الله عنه. وَفِيهِ «وَلَا خُفٌّ وَاحِدٌ» .
وَالشِّسْعُ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ: قُبَالُ النَّعْلِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: إنَّمَا نَهَى عَنْ الْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِئَلَّا تَكُونَ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ أَرْفَعَ مِنْ الْأُخْرَى، وَيَكُونَ سَبَبًا لِلْعِثَارِ، وَيَقْبُحَ فِي الْمَنْظَرِ، وَيُعَابَ فَاعِلُهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَسَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي الْغُنْيَةِ: لَهُ لُبْسُ الصَّالِحَةِ وَحْدَهَا حَتَّى يُصْلِحَ الْفَاسِدَةَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه مَشَى بِنَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ سَيِّدَتَنَا عَائِشَةَ رضي الله عنها مَشَتْ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.
قَالَ النَّاظِمُ: وَدَلِيلُ الرُّخْصَةِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ مَشَى فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَالْأُخْرَى فِي يَدِهِ حَتَّى يَجِدَ شِسْعًا» .
قَالَ: وَأَحْسِبُ هَذَا لَا يَصِحُّ.
وَنَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ: لَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي يَعْنِي الِاسْتِدْلَالَ بِهَذَا الْخَبَرِ.
قُلْت: رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَفْظُهُ: قَالَتْ: «رُبَّمَا انْقَطَعَ شِسْعُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَشَى فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى