الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقُرُبَاتِ بَلْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْوَاجِبَاتِ.
وَإِذَا قَامَتْ فَإِنَّهَا تُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ، فَإِنْ نَفَعَتْ فِي عِمَارَتِهِ وَإِلَّا بِيعَتْ وَانْتَفَعَ الْمَسْجِدُ بِأَثْمَانِهَا. انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
مَطْلَبٌ: فِي أَشْيَاءَ تُبَاحُ فِي الْمَسْجِدِ
.
(التَّاسِعُ) : فِي أَشْيَاءَ تُبَاحُ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرِ مَا قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ: يُبَاحُ فِيهِ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ بِلَا ضَرَرٍ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مَعَهُ بُصَاقٌ أَوْ مُخَاطٌ.
وَيُبَاحُ غَلْقُ أَبْوَابِهِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ مَنْ يُكْرَهُ دُخُولُهُ إلَيْهِ.
وَيُبَاحُ الْأَكْلُ فِيهِ وَالِاسْتِلْقَاءُ فِيهِ لِمَنْ لَهُ سَرَاوِيلُ.
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ «أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ وَاضِعًا إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى» قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الرَّجُلُ يَسْتَلْقِي وَيَضَعُ إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى؟ قَالَ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ قَدْ رُوِيَ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَا بَأْسَ بِهِ إلَّا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ سَرَاوِيلُ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ رضي الله عنه قَالَ: «كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: وَيُبَاحُ اتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ فِي الْمَسْجِدِ وَفِي الْمَنْزِلِ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيُبَاحُ اتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ.
نَصَّ عَلَيْهِ.
وَقَدَّمَ فِي الْآدَابِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ اتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ فِيهِ وَفِي الْمَنْزِلِ.
قَالَ الشَّيْخُ وَجِيهُ الدِّينِ: بِنَاءُ الْمَسَاجِدِ وَالْجَامِعِ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَنْبَغِي اتِّخَاذُ الْمِحْرَابِ فِيهِ لِيَسْتَدِلَّ بِهِ الْجَاهِلُ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي الِاسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ:
وَيَحْسُنُ الِاسْتِرْجَاعُ فِي قَطْعِ شِسْعِهِ
…
وَتَخْصِيصِ حَافٍ بِالطَّرِيقِ الْمُمَهَّدِ
(وَيَحْسُنُ) أَيْ يُشْرَعُ وَيُسَنُّ (الِاسْتِرْجَاعُ) أَيْ قَوْلُ: إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ وَيُقْرَأُ الِاسْتِرْجَاعُ فِي عِبَارَةِ النَّظْمِ بِالنَّقْلِ لِلْوَزْنِ (فِي قَطْعِ شِسْعِهِ) أَيْ فِي قَطْعِ شِسْعِ نَعْلِهِ، وَهُوَ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَحَدُ سُيُورِ النَّعْلِ، وَهُوَ
الَّذِي يَدْخُلُ بَيْنَ الْأُصْبُعَيْنِ وَيَدْخُلُ طَرَفُهُ فِي الثَّقْبِ الَّذِي فِي طَرَفِ النَّعْلِ الْمَشْدُودِ فِي الزِّمَامِ، وَهُوَ السَّيْرُ الَّذِي يُعْقَدُ فِيهِ الشِّسْعُ، وَالْجَمْعُ شُسُوعٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَحُمُولٍ.
رَوَى أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ أَحَدِكُمْ فَلْيَسْتَرْجِعْ فَإِنَّهَا مُصِيبَةٌ» .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ وَلَا نَصَبٍ وَلَا سَقَمٍ وَلَا حَزَنٍ حَتَّى الْهَمُّ يَهُمُّهُ إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ» وَالْوَصَبُ وَالنَّصَبُ التَّعَبُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ مُصِيبَةٍ تُصِيبُ الْمُسْلِمَ إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ عز وجل بِهَا عَنْهُ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا» .
قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ الْمِينَحِيُّ فِي كِتَابِهِ (تَسْلِيَةِ أَهْلِ الْمَصَائِبِ)، وَهُوَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ كَلِمَاتِ الِاسْتِرْجَاعِ وَهِيَ قَوْلُ الْمُصَابِ إنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ مَلْجَأً وَمَلَاذًا لِذَوِي الْمَصَائِبِ.
وَعِصْمَةً لِلْمُمْتَحَنِينَ مِنْ الشَّيْطَانِ، لِئَلَّا يَتَسَلَّطَ عَلَى الْمُصَابِ فَيُوَسْوِسَ لَهُ بِالْأَفْكَارِ الرَّدِيئَةِ، فَيَهِيجَ مَا سَكَنَ وَيَظْهَرَ مَا كَمَنَ، فَإِذَا لَجَأَ إلَى هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْجَامِعَاتِ لِمَعَانِي الْخَيْرِ وَالْبَرَكَةِ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِهَا مِنْ وَسْوَسَةِ الشَّيْطَانِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ إنَّا لِلَّهِ تَوْحِيدٌ وَإِقْرَارٌ بِالْعُبُودِيَّةِ وَالْمُلْكِ، وَقَوْلَهُ: وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ إقْرَارٌ بِأَنَّ اللَّهَ يُهْلِكُنَا ثُمَّ يَبْعَثُنَا، فَهُوَ إيمَانٌ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهُوَ إيمَانٌ أَيْضًا بِأَنَّ لَهُ الْحُكْمَ فِي الْأُولَى وَلَهُ الْمَرْجِعُ فِي الْأُخْرَى، فَهُوَ مِنْ الْيَقِينِ أَنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ فَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إلَّا إلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: لِيَعْلَمَ الْعَبْدُ وَيَتَحَقَّقَ أَنَّ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَمَالَهُ وَوَلَدَهُ مِلْكٌ لِلَّهِ عز وجل حَقِيقَةً، وَقَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ عِنْدَ الْعَبْدِ عَارِيَّةً فَإِذَا أَخَذَهُ مِنْهُ فَهُوَ كَالْمُعِيرِ يَأْخُذُ عَارِيَّتَهُ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَحْفُوفٌ بِعَدِمَيْنِ عَدَمٍ قَبْلَهُ وَعَدَمٍ بَعْدَهُ.
وَمِلْكُ الْعَبْدِ لَهُ مُتْعَةٌ مُعَارَةٌ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَيْسَ هُوَ الَّذِي أَوْجَدَهُ عَنْ عَدَمٍ حَتَّى يَكُونَ مَالَهُ حَقِيقَةً، وَلَا هُوَ الَّذِي يَحْفَظُهُ مِنْ الْآفَاتِ بَعْدَ وُجُودِهِ، وَلَا يَبْقَى عَلَيْهِ وُجُودُهُ، فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ تَأْثِيرٌ، وَلَا مِلْكٌ حَقِيقِيٌّ.
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ