الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِرَاعًا» فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ قَدْرَ الذِّرَاعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ، وَأَنَّهُ شِبْرَانِ بِشِبْرِ الْيَدِ الْمُعْتَدِلَةِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَشْرَفُ مَلْبُوسٍ إلَى نِصْفِ سَاقِهِ
…
وَمَا تَحْتَ كَعْبٍ فَاكْرَهَنْهُ وَصَعِّدْ
(وَأَشْرَفُ) بِمَعْنَى أَنْزَهُ وَأَفْضَلُ (مَلْبُوسِ) رَجُلٍ أَنْ يَكُونَ مُنْتَهِيًا (إلَى نِصْفِ سَاقِهِ) أَيْ سَاقِ الرَّجُلِ اللَّابِسِ لِذَلِكَ الْمَلْبُوسِ لِبُعْدِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ وَالزَّهْوِ وَالْإِعْجَابِ (وَمَا) أَيْ وَالْمَلْبُوسُ الَّذِي يَنْتَهِي فِي إسْبَالِهِ حَتَّى يَصِلَ (تَحْتَ كَعْبِ) اللَّابِسِ (فَاكْرَهَنْهُ) أَمْرٌ مُؤَكَّدٌ بِالنُّونِ الْخَفِيفَةِ لِلْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا (وَصَعِّدْ) أَمْرٌ مِنْ الصُّعُودِ، أَيْ ارْفَعْ الْمَلْبُوسَ وَلَا تَتْرُكْهُ يَنْزِلُ إلَى تَحْتِ الْكَعْبَيْنِ؛ فَإِنَّ مَا تَحْتَ الْكَعْبَيْنِ فِي النَّارِ كَمَا أَسْلَفْنَا فِي الْأَخْبَارِ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ.
وَقَدْ سَأَلَ بَعْضُ السَّلَفِ نَافِعًا مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ مِنْ الْإِزَارِ فَفِي النَّارِ» أَمِنَ الْكَعْبَيْنِ أَوْ مِنْ الْإِزَارِ؟ فَقَالَ: وَمَا ذَنْبُ الْإِزَارِ إنَّمَا أَرَادَ اللَّحْمَ وَالْعَظْمَ وَالْجِلْدَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلِلرُّصْغِ كُمُّ الْمُصْطَفَى فَإِنْ ارْتَخَى
…
تَنَاهَى إلَى أَقْصَى أَصَابِعِهِ قَدْ
(وَلِلرُّصْغِ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ. وَفِي نُسَخٍ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَهُوَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْصِلُ مَا بَيْنَ الْكَفِّ وَالسَّاعِدِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ يَعْنِي الْعَظْمَ الَّذِي يَلِي الْأُصْبُعَ الْوُسْطَى، وَأَمَّا مَا يَلِي الْإِبْهَامَ فَكُوعٌ بِضَمِّ الْكَافِ وَيُقَالُ فِيهِ كَاعٌ.
وَالطَّرَفُ الَّذِي يَلِي الْخِنْصَرَ يُسَمَّى كُرْسُوعًا وَمَا يَلِي إبْهَامَ الرِّجْلِ يُسَمَّى بُوعًا.
وَنَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
فَعَظْمٌ يَلِي الْإِبْهَامَ كُوعٌ وَمَا يَلِي
…
لِخِنْصَرِهِ الْكُرْسُوعُ وَالرُّسْغُ مَا وَسَطْ
وَعَظْمٌ يَلِي إبْهَامَ رَجْلٍ مُلَقَّبٌ
…
بِبُوعٍ فَخُذْ بِالْعِلْمِ وَاحْذَرْ مِنْ الْغَلَطْ
مَطْلَبٌ: كَانَ كُمُّ الْمُصْطَفَى صلى الله عليه وسلم إلَى الرُّسْغِ
كَانَ (كُمُّ) وَهُوَ بِضَمِّ الْكَافِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ مَدْخَلُ الْيَدِ وَمَخْرَجُهَا مِنْ الثَّوْبِ. وَالْجَمْعُ أَكْمَامٌ وَكَمِمَةٌ. وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَوِعَاءُ الطَّلْعِ وَغِطَاءٌ لِلنُّورِ (الْمُصْطَفَى) هُوَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ نَبِيِّنَا صلى الله عليه وسلم وَمَعْنَاهُ الْخَالِصُ مِنْ
الْخَلْقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَيْرُ الْخَلَائِقِ كَافَّةً (فَإِنْ ارْتَخَى) كُمُّهُ صلى الله عليه وسلم (تَنَاهَى) فِي ارْتِخَائِهِ (إلَى أَقْصَى) أَيْ أَطْرَافِ (أَصَابِعِهِ) الشَّرِيفَةِ جَمْعُ أُصْبُعٍ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ، وَذَكَرَ ابْنُ مَالِكٍ فِيهَا عَشْرَ لُغَاتٍ: فَتْحُ الْهَمْزَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ، وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا، وَضَمُّ الْهَمْزَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ، وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا، وَكَسْرُ الْهَمْزَةِ مَعَ فَتْحِ الْبَاءِ، وَضَمِّهَا وَكَسْرِهَا.
وَالْعَاشِرَةُ أُصْبُوعٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ وَبَعْدَهَا وَاوٌ وَقَوْلُ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (قَدْ) أَيْ فَقَطْ.
وَأَشَارَ بِأَحَدِ شَطْرَيْ هَذَا الْبَيْتِ إلَى مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ رضي الله عنها قَالَتْ «كَانَ كُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الرُّسْغِ» .
وَبِالشَّطْرِ الثَّانِي إلَى مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَأَبُو الشَّيْخِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ قَمِيصًا وَكَانَ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ، وَكَانَ كُمُّهُ إلَى الْأَصَابِعِ» وَلَفْظُ أَبِي الشَّيْخِ «يَلْبَسُ قَمِيصًا فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ مُسْتَوِيَ الْكُمَّيْنِ بِأَطْرَافِ الْأَصَابِعِ» .
وَرَوَى الْبَزَّارُ بِرِجَالٍ ثِقَاتٍ عَنْ أَنَسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَعْرَابِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَسْمَاءَ وَابْنِ الْأَعْرَابِيِّ عَنْ يَزِيدَ الْعُقَيْلِيِّ رضي الله عنهم قَالُوا «كَانَ كُمُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الرُّسْغِ» .
وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَبِسَ قَمِيصًا وَكَانَ كُمَّاهُ مَعَ الْأَصَابِعِ» .
(تَنْبِيهَانِ) :
(الْأَوَّلُ) : قَالَ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ لِلشَّمْسِ الشَّامِيِّ: هَذَا الْحَدِيثُ - يَعْنِي حَدِيثَ الْكُمِّ إلَى الرُّسْغِ - مَخْصُوصٌ بِالْقَمِيصِ الَّذِي كَانَ يَلْبَسُهُ فِي السَّفَرِ.
وَكَانَ يَلْبَسُ فِي الْحَضَرِ قَمِيصًا مِنْ قُطْنٍ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ وَكُمَّاهُ مَعَ الْأَصَابِعِ.
ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ السُّنَنِ.
ثُمَّ أَوْرَدَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ السَّابِقَ انْتَهَى.
(الثَّانِي) : قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْآدَابِ الْكُبْرَى وَالْفُرُوعِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمْ: إنَّهُ يُسَنُّ تَطْوِيلُ كُمِّ الرَّجُلِ إلَى رُءُوسِ أَصَابِعِهِ أَوْ أَكْثَرَ يَسِيرًا وَتَوْسِيعُهُ قَصْدًا وَقَصْرُ كُمِّ الْمَرْأَةِ وَتَوْسِيعُهُ مِنْ غَيْرِ إفْرَاطٍ وَعِبَارَةُ الْفُرُوعِ: وَاخْتَلَفَ كَلَامُهُمْ فِي سِعَتِهِ يَعْنِي كُمَّ الْمَرْأَةِ قَصْدًا.