الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَلْتَحِقُ بِهِ إلَى زِيِّ الْفُقَرَاءِ بَلْ يَتَوَسَّطُ، كَمَا حَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا، وَيَخْرُجُ بِهِ عَنْ زِيِّ أَهْلِ الْخُيَلَاءِ فَتَكُونُ حَالَتُهُ بَيْنَ حَالَتَيْنِ فَخَيْرُ الْأُمُورِ أَوْسَطُهَا كَمَا قَدَّمْنَا، فَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْأَفْضَالِ جَلَّ شَأْنُهُ.
مَطْلَبٌ: يُسَنُّ حَمْدُ اللَّهِ تَعَالَى فِي كُلِّ حَالَةٍ
لَا سِيَّمَا عِنْدَ لُبْسِ الثِّيَابِ
وَيَحْسُنُ حَمْدُ اللَّهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ وَلَا سِيَّمَا فِي لُبْسِ ثَوْبٍ مُجَدَّدِ (وَيَحْسُنُ) بِمَعْنَى يُشْرَعُ (حَمْدُ اللَّهِ) جَلَّ شَأْنُهُ وَتَعَالَى سُلْطَانُهُ (فِي كُلِّ حَالَةٍ) مِنْ الْحَالَاتِ، أَمَّا فِي الْقَلْبِ فَمُطْلَقًا، وَأَمَّا بِاللِّسَانِ فَكَذَلِكَ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْأَمَاكِنِ الْقَذِرَةِ وَكَوْنِ الرَّجُلِ عَلَى حَاجَتِهِ وَزَوْجَتِهِ، وَكُلِّ مَكَان لَا يَحْسُنُ الذِّكْرُ وَالْقُرْآنُ فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَا فِي آدَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ (وَلَا سِيَّمَا) تَقَدَّمَ أَنْ لَا سِيَّمَا يَدْخُلُ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا مِنْ بَابِ أَوْلَى.
وَقَالَ ابْنُ الْهَاثِمِ: هِيَ مِنْ أَدَوَاتِ الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهَا بَلْ هِيَ مُضَادَّةٌ لِلِاسْتِثْنَاءِ، فَإِنَّ الَّذِي بَعْدَهَا دَاخِلٌ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ قَبْلَهَا، وَمَشْهُودٌ لَهُ بِأَنَّهُ أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ انْتَهَى.
فَأَشْعَرَ كَلَامُ النَّاظِمِ أَنَّ حَمْدَ اللَّهِ مَشْرُوعٌ فِي كُلِّ حَالَةٍ وَيَحْسُنُ أَيْضًا مِنْ بَابِ أَوْلَى حَمْدُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ (فِي) حَالَةِ (لُبْسِ) الْإِنْسَانِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لِ (ثَوْبٍ) مِنْ الثِّيَابِ مِنْ إزَارٍ وَرِدَاءٍ وَقَمِيصٍ وَعِمَامَةٍ وَسَرَاوِيلَ وَنَحْوِهَا (مُجَدِّدٍ) أَيْ جَدِيدٍ لَمْ يَكُنْ اسْتَعْمَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَذَلِكَ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ» هَكَذَا لَفْظُ أَبِي دَاوُد وَلَمْ يَقُلْ الْحَاكِمُ وَمَا تَأَخَّرَ.
مَطْلَبٌ: الْأَعْمَالُ الَّتِي مَنْ عَمِلَهَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ مِنْ ذَنْبِهِ
(فَائِدَةٌ) : ذَكَرَ الْعَلْقَمِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ جُمْلَةَ الْأَعْمَالِ الْوَارِدَةِ الَّتِي مَنْ عَمِلَ بِهَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ سِتَّةَ عَشَرَ جَمَعَهَا مِنْ الْأَحَادِيثِ وَنَظَمَهَا فَقَالَ:
قَدْ جَاءَ عَنْ الْهَادِي وَهُوَ خَيْرُ نَبِيٍّ
…
أَخْبَارٌ مَسَانِيدُ قَدْ رُوِيَتْ بِإِيصَالِ
فِي فَضْلِ خِصَالٍ وَغَافِرَاتِ ذُنُوبِ
…
مَا قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ لِلَّمَّاتِ بِأَفْضَالِ
حَجٌّ وَوُضُوءٌ قِيَامُ لَيْلَةِ قَدْرٍ
…
وَالشَّهْرُ وَصَوْمٌ لَهُ وَوَقْفَةُ إقْبَالِ
آمِينَ وَقَارٍ فِي الْحَشْرِ وَمَنْ قَادَ
…
أَعْمَى وَشَهِيدٌ إذَا الْمُؤَذِّنُ قَدْ قَالَ
تَسْعَى لِأَخٍ وَالضُّحَى وَعِنْدَ لِبَاسِ
…
حَمْدٍ وَمَجِيءٍ مِنْ إيلْيَاءَ بِإِهْلَالِ
فِي الْجُمُعَةِ يَقْرَأُ قَوَاقِلًا وَصِفَاحَ
…
مَعَ ذِكْرِ صَلَاةٍ عَلَى النَّبِيِّ مَعَ الْآلِ
وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه قَالَ: لَبِسَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي، ثُمَّ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي مَا أُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي وَأَتَجَمَّلُ بِهِ فِي حَيَاتِي ثُمَّ عَمَدَ إلَى الثَّوْبِ الَّذِي خَلِقَ فَتَصَدَّقَ بِهِ كَانَ فِي كَنَفِ اللَّهِ، وَفِي حِفْظِ اللَّهِ وَفِي سِتْرِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُ وَقَالَ غَرِيبٌ.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ كُلُّهُمْ مِنْ رِوَايَةِ أَصْبَغَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْهُ. وَأَبُو الْعَلَاءِ قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: مَجْهُولٌ. وَأَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ الْجُهَنِيُّ مَوْلَاهُمْ الْوَاسِطِيُّ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: صَدُوقٌ ضَعَّفَهُ ابْنُ سَعْدٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَا بَأْسَ بِهِ. وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَالدَّارَقُطْنِيُّ.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ بِلَفْظِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَنْ لَبِسَ ثَوْبًا أَحْسِبُهُ قَالَ جَدِيدًا فَقَالَ حِينَ يَبْلُغُ تَرْقُوَتِهِ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ عَمَدَ إلَى ثَوْبِهِ الْخَلَقِ فَكَسَاهُ مِسْكِينًا لَمْ يَزَلْ فِي جِوَارِ اللَّهِ وَذِمَّةِ اللَّهِ، وَفِي كَنَفِ اللَّهِ حَيًّا وَمَيِّتًا حَيًّا وَمَيِّتًا حَيًّا وَمَيِّتًا مَا بَقِيَ مِنْ الثَّوْبِ سِلْكٌ» زَادَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ " فَقُلْت مِنْ أَيِّ الثَّوْبَيْنِ؟ قَالَ لَا أَدْرِي ".
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو يَعْلَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «عِنْدَ الْكِسْوَةِ» وَفِي لَفْظٍ «إذَا لَبِسَ ثَوْبًا جَدِيدًا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَزَقَنِي مِنْ الرِّيَاشِ مَا أَتَجَمَّلُ بِهِ فِي النَّاسِ وَأُوَارِي بِهِ عَوْرَتِي» .
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ