الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُسْتَقْبِلٌ بِاَلَّذِي يَهْوَى وَإِنْ كَثُرَتْ
…
مِنْهُ الذُّنُوبُ وَمَعْذُورٌ بِمَا صَنَعَا
فِي وَجْهِهِ شَافِعٌ يَمْحُو إسَاءَتَهُ
…
مِنْ الْقُلُوبِ وَجِيهٌ حَيْثُ مَا شَفَعَا
قَالَ يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ الْمُنَجِّمُ: كُنْت يَوْمًا بَيْنَ يَدَيْ الْمُعْتَضِدِ وَهُوَ مُقَطِّبٌ إذْ أَقْبَلَ عَلَيْهِ مَوْلَاهُ وَكَانَ مِنْ الْحُسْنِ عَلَى غَايَةٍ، فَلَمَّا رَآهُ مِنْ بَعِيدٍ ضَحِكَ وَقَالَ يَا يَحْيَى مَنْ الَّذِي يَقُولُ: فِي وَجْهِهِ شَافِعٌ. الْأَبْيَاتَ؟ فَقُلْت ابْنُ قَنْبَرٍ، فَقَالَ لِلَّهِ دَرُّهُ ثُمَّ اسْتَنْشَدَنِي الْأَبْيَاتَ فَأَنْشَدْته إيَّاهَا وَقَدْ انْقَلَبَ تَقْطِيبُهُ ضَحِكًا وَسُرُورًا. .
مَطْلَبٌ: فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْجَمِيلَةِ وَالْمَلِيحَةِ
.
وَفِيهِ حِكَايَتَانِ لَطِيفَتَانِ وَفَرَّقَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بَيْنَ الْجَمِيلَةِ وَالْمَلِيحَةِ، فَقَالَ الْجَمِيلَةُ هِيَ الَّتِي تَأْخُذُ بِبَصَرِك عَلَى الْبُعْدِ، وَالْمَلِيحَةُ هِيَ الَّتِي تَأْخُذُ بِقَلْبِك عَلَى الْقُرْبِ. وَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ فِي الْأَغَانِي: قَالَتْ سُكَيْنَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ يَوْمًا لِعَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ: أَنَا أَجْمَلُ مِنْك، وَقَالَتْ عَائِشَةُ: بَلْ أَنَا أَجْمَلُ مِنْك، فَاخْتَصَمَتَا إلَى عُمَرَ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ، فَقَالَ: لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا، أَمَّا أَنْتِ يَا سُكَيْنَةُ فَأَمْلَحُ، وَأَمَّا أَنْتِ يَا عَائِشَةُ فَأَجْمَلُ، فَقَالَتْ سُكَيْنَةُ: قَضَيْت وَاَللَّهِ لِي عَلَيْهَا.
وَقَالَتْ امْرَأَةٌ لِخَالِدِ بْنِ صَفْوَانَ: مَا أَجْمَلَكَ يَا أَبَا صَفْوَانَ، قَالَ: كَيْفَ تَقُولِينَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِي عَمُودُ الْجَمَالِ وَلَا رِدَاؤُهُ وَلَا بُرْنُسُهُ، أَمَّا عَمُودُهُ فَالْقَوَامُ وَالِاعْتِدَالُ وَأَنَا قَصِيرٌ، وَأَمَّا رِدَاؤُهُ فَالْبَيَاضُ وَلَسْت بِأَبْيَضَ، وَأَمَّا بُرْنُسُهُ فَسَوَادُ الشَّعْرِ وَجُعُودَتِهِ وَأَنَا أَصْلَعُ، وَلَوْ قُلْت مَا أَمْلَحَك لَصَدَقْت.
وَفِي كِتَابِ فِقْهِ اللُّغَةِ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ بِهَا مَسْحَةٌ مِنْ جَمَالٍ فَهِيَ جَمِيلَةٌ وَضِيئَةٌ، فَإِذَا أَشْبَهَ بَعْضُهَا بَعْضًا فِي الْحُسْنِ فَهِيَ حُسَانَةٌ، فَإِذَا اسْتَغْنَتْ بِجَمَالِهَا عَنْ الزِّينَةِ فَهِيَ غَانِيَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَا تُبَالِي أَنْ لَا تَلْبَسَ ثَوْبًا حَسَنًا وَلَا تَتَقَلَّدَ قِلَادَةً حَسَنَةً فَهِيَ مِعْطَالٌ، فَإِذَا كَانَ حُسْنُهَا بَائِنًا كَأَنَّهُ قَدْ وَسِمَ فَهِيَ وَسِيمَةٌ، فَإِذَا قُسِمَ لَهَا حَظٌّ وَافِرٌ مِنْ الْحُسْنِ فَهِيَ قَسِيمَةٌ، فَإِذَا كَانَ النَّظَرُ إلَيْهَا يَسُرُّ الرَّوْعَ فَهِيَ رَائِعَةٌ، فَإِذَا غَلَبَتْ النِّسَاءَ بِحُسْنِهَا فَهِيَ بَاهِرَةٌ.
وَقَالَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ: الصَّبَاحَةُ فِي الْوَجْهِ، وَالْوَضَاءَةُ فِي الْبَشَرَةِ، وَالْجَمَالُ فِي الْأَنْفِ، وَالْحَلَاوَةُ فِي الْعَيْنَيْنِ، وَالْمَلَاحَةُ فِي الْفَمِ، وَالظُّرْفُ فِي اللِّسَانِ. وَالرَّشَاقَةُ فِي الْقَدِّ، وَاللَّبَاقَةُ فِي الشَّمَائِلِ. وَكَمَالُ الْحُسْنِ الشَّعْرُ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: وَالْبَرَاعَةُ فِي الْجِيدِ. وَالرِّقَّةُ فِي الْأَطْرَافِ، وَأَكْثَرُ هَذَا التَّنْزِيلِ عَلَى التَّقْرِيبِ، وَالتَّحْقِيقِ مِنْهُ بَعِيدٌ.
وَقَالَ رَجُلٌ لِأَعْرَابِيَّةٍ: إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَ فَصِفِي لِي النِّسَاءَ، قَالَتْ لَهُ: عَلَيْك بِالْبَضَّةِ الْبَيْضَاءِ الدَّرْمَاءِ اللَّعْسَاءِ الشَّمَّاءِ الْجَيْدَاءِ؛ الرَّبْحَلَةِ السَّبْحَلَةِ، الْمُدْمَجَةِ الْمَتْنِ، الْخَمِيصَةِ الْبَطْنِ، ذَاتِ الثَّدْيِ النَّاهِدِ، وَالْفَرْعِ الْوَارِدِ
وَالْعَيْنِ النَّجْلَاءِ، وَالْحَدَقَةِ الْكَحْلَاءِ، وَالْعَجِيزَةِ الْوَثِيرَةِ، وَالسَّاقِ الْمَمْكُورَةِ، وَالْقَدَمِ الصَّغِيرَةِ فَإِنْ أَصَبْتهَا فَأَعْطِهَا الْحُكْمَ فَإِنَّهُ غُنْمٌ مِنْ الْغُنْمِ.
قَالَ فِي كِفَايَة الْمُتَحَفِّظِ: الْبَضَّةُ الرَّقِيقَةُ الْجِلْدِ. وَفِي الْقَامُوسِ: دَرِمَ كَفَرِحِ اسْتَوَى وَالْكَعْبُ أَوْ الْعَظْمُ وَأُرَاهُ اللَّحْمَ حَتَّى لَمْ يَبِنْ لَهُ حَجْمٌ. وَامْرَأَةٌ دَرْمَاءُ لَا يَتَبَيَّنُ كُعُوبُهَا وَمَرَافِقُهَا. وَاللَّعْسَاءُ هِيَ الَّتِي فِي شَفَتِهَا سَوَادٌ. وَكَذَا اللَّمْيَاءُ وَالشَّمَّاءُ هِيَ الَّتِي فِي أَنْفِهَا ارْتِفَاعٌ وَاسْتِوَاءٌ؛ فَإِنْ ارْتَفَعَ وَسَطُ الْأَنْفِ عَنْ طَرَفَيْهِ فَهُوَ أَقْنَى وَالْمَرْأَةُ قَنْوَاءُ وَالْجَيْدَاءُ طَوِيلَةُ الْجِيدِ، وَالْجِيدُ بِالْكَسْرِ الْعُنُقُ أَوْ مُقَلَّدُهُ أَوْ مُقَدَّمُهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَفِيهِ جَارِيَةٌ رِبْحِلَةٌ ضَخْمَةٌ جَيِّدَةُ الْخَلْقِ طَوِيلَةٌ. وَالسَّبْحَلَةُ الْحَسَنَةُ الْخَلْقِ.
قَالَ الْمُتَنَبِّي:
سَارُوا بِخَرْعُوبَةٍ لَهَا كِفْلٌ
…
يَكَادُ عِنْدَ الْقِيَامِ يُقْعِدُهَا
رِبْحِلَةٌ أَسْمَرُ مُقْبِلُهَا
…
سَبْحَلَةٌ أَبْيَضُ مَجْرَدُهَا
وَالْمَتْنُ الظَّهْرُ. وَمَعْنَى مُدْمَجَةٍ أَيْ مَلْفُوفَةِ الْمَتْنِ، وَقَوْلُهَا: الْخَمِيصَةِ الْبَطْنِ أَيْ خَالِيَةِ الْبَطْنِ بِمَعْنَى أَنَّهَا غَيْرُ مُنْتَفِخَةِ الْبَطْنِ، يُقَالُ خَمِصَ الْبَطْنُ بِتَثْلِيثِ الْمِيمِ خَلَا. وَيُقَالُ: رَجُلٌ خُمَصَانُ بِالضَّمِّ وَالتَّحْرِيكِ وَخَمِيصُ الْحَشَى أَيْ ضَامِرُ الْبَطْنِ وَهِيَ خَمْصَانَةٌ وَخَمِيصَةٌ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَقَوْلُهَا ذَاتِ الثَّدْيِ النَّاهِدِ أَيْ صَاحِبَةِ الثَّدْيِ الْمُرْتَفِعِ؛ وَالْفَرْعِ الْوَارِدِ أَيْ الشَّعْرِ الطَّوِيلِ؛ وَالْعَيْنِ النَّجْلَاءِ أَيْ الْوَاسِعَةِ؛ وَالْحَدَقَةِ الْكَحْلَاءِ؛ الْحَدَقَةُ إنْسَانُ الْعَيْنِ وَالْكُحْلُ سَوَادُهَا خِلْقَةً؛ وَالْعَجِيزَةُ الْكِفْلُ؛ وَقَوْلُهَا الْوَثِيرَةِ أَيْ كَثِيرَةِ اللَّحْمِ أَوْ السَّمِينَةِ الْمُوَافِقَةِ لِلْمُضَاجَعَةِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. وَقَوْلُهَا وَالسَّاقِ الْمَمْكُورَةِ الْغَلِيظَةِ الْحَسْنَاءِ؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.