الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُعَوَّدِ) أَيْ الْمُعْتَادِ لِلُبْسِهِ مِنْ قَمِيصٍ وَإِزَارٍ وَرِدَاءٍ وَغَيْرِهَا.
وَالْمُرَادُ: أَنَّهُ يُكْرَهُ لَهُ لُبْسُ غَيْرِ زِيِّ بَلَدِهِ بِلَا عُذْرٍ كَمَا هُوَ مَنْصُوصُ الْإِمَامِ.
مَطْلَبٌ: يُكْرَهُ مُخَالَفَةُ أَهْلِ بَلَدِهِ فِي اللِّبَاسِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَلْبَسَ مَلَابِسَ بَلَدِهِ لِئَلَّا يُشَارَ إلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ، وَيَكُونَ ذَلِكَ حَامِلًا لَهُمْ عَلَى غَيْبَتِهِ فَيُشَارِكَهُمْ فِي إثْمِ الْغَيْبَةِ لَهُ. وَفِي كِتَابِ التَّوَاضُعِ لِابْنِ أَبِي الدُّنْيَا مَرْفُوعًا «نَهَى عَنْ الشُّهْرَتَيْنِ» ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ.
(فَائِدَةٌ) : سُئِلَ الْحَافِظُ جَلَالُ الدِّينِ السُّيُوطِيّ عَنْ طَالِبِ عِلْمٍ تَزَيَّا بِزِيِّ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مِنْ قُرَى الْبَرِّ، ثُمَّ لَمَّا رَجَعَ إلَى بِلَادِهِ وَعَشِيرَتِهِ تَزَيَّا بِزِيِّهِمْ وَتَرَكَ زِيَّ أَهْلِ الْعِلْمِ هَلْ يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَمْ لَا؟ أَجَابَ بِمَا مَعْنَاهُ لَمَّا اتَّصَفَ بِالصِّفَتَيْنِ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي أَيِّ الزِّيَّيْنِ تَزَيَّا، لِأَنَّهُ إنْ تَزَيَّا بِزِيِّ الْعُلَمَاءِ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَزَيَّا بِزِيِّ أَهْلِ بَلَدِهِ وَعَشِيرَتِهِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ وَلِأَنَّهُ بَيْنَ أَظْهُرِ عَشِيرَتِهِ وَقَوْمِهِ.
وَهَذَا وَاضِحٌ.
وَلَعَلَّ كَلَامَ عُلَمَائِنَا لَا يُخَالِفُهُ.
وَمُرَادُهُمْ فِي قَوْلِهِمْ: وَيُكْرَهُ خِلَافُ زِيِّ بَلَدِهِ يَعْنِي بِلَا حَاجَةٍ تَدْعُو إلَى خِلَافِهِمْ، فَإِنَّ مَنْ صَارَ مِنْ الْعُلَمَاءِ تَزَيَّا بِزِيِّهِمْ فِي أَيِّ مِصْرٍ كَانَ أَوْ بَلْدَةٍ كَانَتْ غَالِبًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
وَأَطْوَلُ ذَيْلِ الْمَرْءِ لِلْكَعْبِ وَالنِّسَا
…
بِلَا الْأُزُرِ شِبْرًا أَوْ ذِرَاعًا لِتَزْدَدْ
(وَأَطْوَلُ ذَيْلِ) ثَوْبِ (الْمَرْءِ) يَعْنِي الذَّكَرَ أَيْ يَنْتَهِي طُولُهُ إِ (لَ) ى (الْكَعْبِ) وَاحِدُ الْكَعْبَيْنِ، وَهُمَا الْعَظْمَاتُ النَّاتِئَانِ فِي جَانِبَيْ الرِّجْلِ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْكَعْبُ هُوَ الْعَظْمُ النَّاشِزُ عِنْدَ مُلْتَقَى السَّاقِ وَالْقَدَمِ.
وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ قَوْلَ النَّاسِ: إنَّهُ فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ انْتَهَى.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى.
مَطْلَبٌ: تَطْوِيلِ ذَيْلِ النِّسَاءِ
.
(وَ) أَطْوَلُ ذَيْلِ ثَوْبِ (النِّسَاءِ) حَيْثُ كُنَّ لَابِسَاتِهِ (بِلَا) لُبْسِ (الْأُزُرِ) جَمْعُ إزَارٍ وَهُوَ الَّذِي يُشَدُّ عَلَى الْحَقْوَيْنِ فَمَا تَحْتَهُمَا، وَيُجْمَعُ جَمْعَ قِلَّةٍ عَلَى آزِرَةٍ وَجَمْعَ الْكَثْرَةِ أُزُرٌ بِضَمَّتَيْنِ مِثْلُ حِمَارٍ وَحُمُرٌ، وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، فَيُقَالُ
إزَارٌ لَبِسْتُهُ وَلَبِسْتُهَا وَالْمِئْزَرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ مِثْلُهُ وَالْجَمْعُ مَآزِرُ وَائْتَزَرْتُ لَبِسْت الْإِزَارَ وَأَصْلُهُ بِهَمْزَتَيْنِ الْأُولَى هَمْزَةُ وَصْلٍ وَالثَّانِيَةُ تَاءُ " افْتَعَلْتُ.
إذَا عَلِمْت هَذَا فَيَكُونُ انْتِهَاءُ طُولِ ذَيْلِ ثَوْبِ الْمَرْأَةِ حَيْثُ لَا إزَارَ وَهُوَ الْمِلْحَفَةُ إمَّا (شِبْرًا) وَهُوَ بِالْكَسْرِ مَا بَيْنَ أَعْلَى الْإِبْهَامِ وَأَعْلَى الْخِنْصِرِ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.
وَهُوَ مُذَكَّرٌ وَجَمْعُهُ أَشْبَارٌ (أَوْ) يَكُونُ انْتِهَاءُ ذَيْلِ ثَوْبِهَا (ذِرَاعًا) بِذِرَاعِ الْيَدِ، وَهُوَ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ طَرَفِ الْمِرْفَقِ إلَى طَرَفِ الْأُصْبُعِ الْوُسْطَى، وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَالتَّأْنِيثُ أَكْثَرُ، وَجَمْعُهُ أَذْرُعٌ وَذُرْعَانٌ بِالضَّمِّ.
وَقَوْلُهُ (لِتَزْدَدْ) اللَّامُ لِلْأَمْرِ " وَتَزْدَدْ " فِعْلٌ مُضَارِعٌ مَجْزُومٌ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَةِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ.
وَالْمُرَادُ أَنَّ النِّسَاءَ حَيْثُ كُنَّ بِلَا أُزُرٍ، وَهِيَ الْمَلَاحِفُ كَنِسَاءِ الْبَرِّ وَنِسَاءِ الْعَرَبِ وَنَحْوِهِنَّ مِمَّنْ لَيْسَ لَهُنَّ سَرَاوِيلُ وَلَا خِفَافٌ تَسْتُرُ أَقْدَامَهُنَّ يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ أَنْ تَكُونَ ذُيُولُ ثِيَابِهِنَّ شِبْرًا أَوْ ذِرَاعًا تَزْدَادُ بِذَلِكَ الشِّبْرِ أَوْ الذِّرَاعِ عَنْ ذَيْلِ الرَّجُلِ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَيَزِيدُ ذَيْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى ذَيْلِ الرَّجُلِ مَا بَيْنَ الشِّبْرِ إلَى الذِّرَاعِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
وَقَالَ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ: هَذَا فِي حَقِّ مَنْ تَمْشِي بَيْنَ الرِّجَالِ كَنِسَاءِ الْعَرَبِ، فَأَمَّا نِسَاءُ الْمُدُنِ فِي الْبُيُوتِ فَذَيْلُهَا كَذَيْلِ الرَّجُلِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى بَعْدَ مَا ذَكَرَ أَنَّ ذَيْلَ نِسَاءِ الْمُدُنِ فِي الْبُيُوتِ كَذَيْلِ الرِّجَالِ قَالَ: وَتُرْخِيهِ الْبَرْزَةُ وَنِسَاءُ الْبَرِّ عَلَى الْأَرْضِ دُونَ الذِّرَاعِ، وَقِيلَ مِنْ شِبْرٍ إلَى ذِرَاعٍ، وَقِيلَ يُكْرَهُ مَا نَزَلَ عَنْهُ أَوْ ارْتَفَعَ بِنَصٍّ عَلَيْهِ انْتَهَى.
وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ نِسَاءِ الْمُدُنِ وَغَيْرِهِنَّ؛ لِمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: «قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَصْنَعُ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: يُرْخِينَ شِبْرًا قُلْت: إذَنْ تَبْدُو أَقْدَامُهُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَذِرَاعٌ وَلَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ» فَظَاهِرُ هَذَا كَرَاهَةُ مَا زَادَ عَلَى الذِّرَاعِ.
وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ: «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ شِبْرًا، ثُمَّ اسْتَزَدْنَهُ فَزَادَهُنَّ شِبْرًا، فَكُنَّ يُرْسِلْنَ إلَيْنَا فَنَذْرَعُ لَهُنَّ