الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمِسْكِينِ عِنْدَنَا عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ عَكْسُهُ، اخْتَارَهُ ثَعْلَبٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَثَعْلَبٌ مِنْ أَصْحَابِنَا. وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ الَّذِي لَا يُفْتَى إلَّا بِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَقِيرَ يُطْلَقُ عَلَى الْمِسْكِينِ، وَالْمِسْكِينُ يُطْلَقُ عَلَى الْفَقِيرِ، فَهُمَا كَالْإِسْلَامِ وَالْإِيمَانِ إذَا اجْتَمَعَا افْتَرَقَا، وَإِذَا افْتَرَقَا اجْتَمَعَا، وَلَيْسَا سَوَاءً بِاتِّفَاقٍ.
وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي مَسَائِلَ، مِنْهَا إذَا أُوصِيَ لِلْفُقَرَاءِ بِكَذَا وَلِلْمَسَاكِينِ بِكَذَا، وَلَسْنَا بِصَدَدِ مَا ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ - أَعْلَى اللَّهُ كَعْبَهُمْ - وَإِنَّمَا قَصَدْنَا التَّنْبِيهَ عَلَى بَعْضِ مَنَاقِبِ الْفَقْرِ، فَقَدْ وَرَدَ فِيهِ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ، وَآثَارٌ غَزِيرَةٌ.
مَطْلَبٌ: فِي التَّنْبِيهِ عَلَى بَعْضِ مَنَاقِبِ الْفَقْرِ
وَأَنَّ الْفُقَرَاءَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ
فَرَوَى الْبَزَّارُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ عَقَبَةً كَئُودًا لَا يَنْجُو مِنْهَا إلَّا كُلُّ مُخِفٍّ» وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ قَالَتْ أُمُّ الدَّرْدَاءِ قُلْت لِأَبِي الدَّرْدَاءِ: مَالَك لَا تَطْلُبُ كَمَا يَطْلُبُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ؟ قَالَ: إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «إنَّ وَرَاءَكُمْ عَقَبَةً كَئُودًا لَا يَجُوزُهَا الْمُثْقَلُونَ، فَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَتَخَفَّفَ لِتِلْكَ الْعَقَبَةِ» . الْكَئُودُ بِفَتْحِ الْكَافِّ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَضْمُومَةٌ هِيَ الْعَقَبَةُ الصَّعْبَةُ الشَّاقَّةُ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «وَلَا يَتَكَأَّدُكَ عَفْوٌ عَنْ مُذْنِبٍ» أَيْ لَا يَصْعُبُ عَلَيْك وَيَشُقُّ كَمَا فِي النِّهَايَةِ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ اللَّهَ لَيَحْمِيَ عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ»
وَالطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «إذَا أَحَبَّ اللَّهُ عز وجل عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ» وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ مِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ.
وَرَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «اطَّلَعْت فِي الْجَنَّةِ فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ
وَاطَّلَعْت فِي النَّارِ فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ «وَاطَّلَعْت فِي النَّارِ فَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْأَغْنِيَاءَ وَالنِّسَاءَ» .
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيق ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ دَرَّاجٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «إنَّ مُوسَى قَالَ: أَيْ رَبِّ عَبْدُك الْمُؤْمِنُ يُقَتَّرُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، قَالَ فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ الْجَنَّةِ فَيَنْظُرُ إلَيْهَا، قَالَ لَهُ يَا مُوسَى هَذَا مَا أَعْدَدْت لَهُ، قَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِك وَجَلَالِك لَوْ كَانَ أَقْطَعَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ يُسْحَبُ عَلَى وَجْهِهِ مُنْذُ يَوْمِ خَلَقْتَهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَانَ هَذَا مَصِيرَهُ لَمْ يَرَ بُؤْسًا قَطُّ. ثُمَّ قَالَ مُوسَى: أَيْ رَبِّ عَبْدُكَ الْكَافِرُ تُوَسِّعُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، قَالَ فَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ مِنْ النَّارِ، فَيُقَالُ لَهُ يَا مُوسَى هَذَا مَا أَعْدَدْت لَهُ، فَقَالَ مُوسَى أَيْ رَبِّ وَعِزَّتِك وَجَلَالِك لَوْ كَانَ لَهُ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقْتُهُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَكَانَ هَذَا مَصِيرَهُ كَأَنْ لَمْ يَرَ خَيْرًا قَطُّ»
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَالْبَزَّارُ وَرُوَاتُهُمَا ثِقَاتٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «هَلْ تَدْرُونَ أَوَّلَ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عز وجل؟ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: الْفُقَرَاءُ الْمُهَاجِرُونَ الَّذِينَ تُسَدُّ بِهِمْ الثُّغُورُ، وَتُتَّقَى بِهِمْ الْمَكَارِهُ؛ وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ لَا يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ مَلَائِكَتِهِ ايتُوهُمْ فَحَيُّوهُمْ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ رَبَّنَا نَحْنُ سُكَّانُ سَمَائِك وَخِيرَتُك مِنْ خَلْقِك أَفَتَأْمُرُنَا أَنْ نَأْتِيَ هَؤُلَاءِ فَنُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ؟ قَالَ إنَّهُمْ كَانُوا عِبَادًا يَعْبُدُونِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَتُسَدُّ بِهِمْ الثُّغُورُ، وَتُتَّقَى بِهِمْ الْمَكَارِهُ، وَيَمُوتُ أَحَدُهُمْ وَحَاجَتُهُ فِي صَدْرِهِ لَا يَسْتَطِيعُ لَهَا قَضَاءً. قَالَ فَتَأْتِيهِمْ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ ذَلِكَ فَيَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 24] » .
وَأَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ أَيْضًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «تَجْتَمِعُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُقَالُ أَيْنَ فُقَرَاءُ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ قَالَ فَيُقَالُ لَهُمْ مَاذَا عَمِلْتُمْ؟ فَيَقُولُونَ رَبَّنَا ابْتَلَيْتَنَا فَصَبَرْنَا. وَوَلَّيْت الْأَمْوَالَ وَالسُّلْطَانُ غَيْرَنَا
فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل صَدَقْتُمْ، قَالَ فَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ النَّاسِ وَتَبْقَى شِدَّةُ الْحِسَابِ عَلَى ذَوِي الْأَمْوَالِ وَالسُّلْطَانِ» الْحَدِيثَ.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي الصِّدِّيقِ النَّاجِي عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِأَرْبَعِمِائَةِ عَامٍ حِينَ يَقُولُ الْمُؤْمِنُ الْغَنِيُّ يَا لَيْتَنِي كُنْت عَيِّلًا، قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِّهِمْ لَنَا بِأَسْمَائِهِمْ، قَالَ هُمْ الَّذِينَ إذَا كَانَ مَكْرُوهٌ بُعِثُوا إلَيْهِ، وَإِذَا كَانَ نَعِيمٌ - وَفِي نُسْخَةٍ مَغْنَمٌ - بُعِثَ إلَيْهِ سِوَاهُمْ، وَهُمْ الَّذِينَ يُحْجَبُونَ عَنْ الْأَبْوَابِ» .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ وَهُوَ خَمْسُمِائَةِ عَامٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: رُوَاتُهُ مُحْتَجٌّ بِهِمْ فِي الصَّحِيحِ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِزِيَادَةٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ قَوِيٍّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «الْتَقَى مُؤْمِنَانِ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ مُؤْمِنٌ غَنِيٌّ وَمُؤْمِنٌ فَقِيرٌ كَانَا فِي الدُّنْيَا، فَأُدْخِلَ الْفَقِيرُ الْجَنَّةَ وَحُبِسَ الْغَنِيُّ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُحْبَسَ ثُمَّ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ، فَلَقِيَهُ الْفَقِيرُ فَقَالَ يَا أَخِي مَا حَبَسَك، وَاَللَّهِ لَقَدْ حُبِسْت حَتَّى خِفْت عَلَيْك، فَيَقُولُ يَا أَخِي إنِّي حُبِسْت بَعْدَك مَحْبِسًا فَظِيعًا كَرِيهًا مَا وَصَلْت إلَيْك حَتَّى سَالَ مِنِّي مِنْ الْعِرْقِ مَاءٌ لَوْ وَرَدَهُ أَلْفُ بَعِيرٍ كُلُّهَا آكِلَةُ حِمْضٍ لَصَدَرَتْ عَنْهُ رِوَاءً» الْحَمْضُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ مَا مَلُحَ وَأَمَرَّ مِنْ النَّبَاتِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أُسَامَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «قُمْت عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَكَانَ عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا الْمَسَاكِينُ، وَأَصْحَابُ الْجَدِّ مَحْبُوسُونَ غَيْرَ أَنَّ أَصْحَابَ النَّارِ قَدْ أُمِرَ بِهِمْ إلَى النَّارِ. وَقُمْت عَلَى بَابِ النَّارِ فَإِذَا عَامَّةُ مَنْ دَخَلَهَا النِّسَاءُ» الْجَدُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الْحَظُّ وَالْغِنَى.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِينًا وَتَوَفَّنِي مِسْكِينًا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ. وَإِنَّ أَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ»
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ إلَى قَوْلِهِ «الْمَسَاكِينُ» وَالْحَاكِمُ بِتَمَامِهِ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ. وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ يَقُولُ أَيُّهَا النَّاسُ لَا تَحْمِلَنَّكُمْ الْعُسْرَةُ عَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ مِنْ غَيْرِ حِلِّهِ فَإِنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «اللَّهُمَّ تَوَفَّنِي فَقِيرًا وَلَا تَوَفَّنِي غَنِيًّا وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَةِ الْمَسَاكِينِ فَإِنَّ أَشْقَى الْأَشْقِيَاءِ مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ فَقْرُ الدُّنْيَا وَعَذَابُ الْآخِرَةِ» .
وَرَوَى الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «أَحِبُّوا الْفُقَرَاءَ وَجَالِسُوهُمْ، وَأَحِبَّ الْعَرَبَ مِنْ قَلْبِك، وَلْيَرُدَّك عَنْ النَّاسِ مَا تَعْلَمُ مِنْ نَفْسِك» .
وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادَيْنِ أَحَدُهُمَا مُحْتَجٌّ بِهِ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: الْمَوْتُ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ، وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَابِ» . .
وَفِي الزُّهْدِ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ: أَبُو الْأَشْهَبِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَيْمَنَ مَوْلَى كَعْبِ بْنِ سَوْرٍ قَالَ: «بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحَدِّثُ أَصْحَابَهُ إذْ جَاءَ رَجُلٌ مِنْ الْفُقَرَاءِ فَجَلَسَ إلَى جَنْبِ رَجُلٍ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ فَكَأَنَّهُ قَبَضَ مِنْ ثِيَابِهِ عَنْهُ، فَتَغَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَخَشِيت يَا فُلَانُ أَنْ يَعْدُوَ غِنَاك عَلَيْهِ وَأَنْ يَعْدُوَ فَقْرُهُ عَلَيْك؟ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَشَرٌّ الْغِنَى؟ قَالَ نَعَمْ إنَّ غِنَاك يَدْعُوك إلَى النَّارِ وَإِنَّ فَقْرَهُ يَدْعُوهُ إلَى الْجَنَّةِ. قَالَ فَمَا يُنْجِينِي مِنْهُ؟ قَالَ تُوَاسِيهِ، قَالَ إذَنْ أَفْعَلُ، فَقَالَ الْآخَرُ لَا أَرَبَ لِي فِيهِ. قَالَ فَاسْتَغْفِرْ وَادْعُ لِأَخِيك» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ " أُعْطِينَا مَا أُعْطِينَا مِنْ الدُّنْيَا، وَقَدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حَتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ.
وَقَدْ رَوَى الْبَزَّارُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالطَّبَرَانِيُّ وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إلَّا عَمَّارَ بْنَ سَيْفٍ، وَقَدْ وُثِّقَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنه: «ثُمَّ أَقْبَلَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رضي الله عنه قَالَ لَقَدْ بَطَّأَ بِك غِنَاك مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِي حَتَّى خَشِيت أَنْ تَكُونَ هَلَكْت