الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِي) : رَوَى أَبُو دَاوُد، وَالْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا بِإِدَاوَةٍ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ: اخْتَنَثَ فَمَ الْإِدَاوَةِ، ثُمَّ شَرِبَ مِنْ فِيهَا» فَمَا هَذَا الْأَمْرُ بَعْدَ النَّهْيِ الصَّحِيحِ وَالزَّجْرِ عَنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ؟ فَظَاهِرُ صَنِيعِ الْبَيْهَقِيّ أَنَّ خَبَرَ النَّهْيِ كَانَ بَعْدَ هَذَا فَيَكُونُ مَنْسُوخًا، وَأَمَّا التِّرْمِذِيُّ، فَإِنَّهُ رَوَاهُ، وَقَالَ: لَيْسَ إسْنَادُهُ بِصَحِيحٍ فَيَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الزَّجْرَ لَا الْأَمْرَ، وَهُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الْحَافِظِ الْمُنْذِرِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: لَا بَأْسَ بِنَفْخِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إذَا كَانَ حَارًّا لِحَاجَةٍ.
(الثَّالِثُ) : قَالَ الْآمِدِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِ: لَا بَأْسَ بِنَفْخِ الطَّعَامِ إذَا كَانَ حَارًّا وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ حَارًّا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِقْنَاعِ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَيُكْرَهُ نَفْخُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالتَّنَفُّسُ فِي إنَائِهِمَا وَأَكْلُهُ حَارًّا إنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ، فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ حَاجَةٌ رَاجِعٌ إلَى النَّفْخِ وَالتَّنَفُّسِ وَأَكْلِ الْحَارِّ.
وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ: النَّفْخُ فِي الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَالْكِتَابِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، قَالَ الْآمِدِيُّ: لَا يُكْرَهُ النَّفْخُ وَالطَّعَامُ حَارٌّ وَصَوَّبَهُ فِي الْإِنْصَافِ إنْ كَانَ ثَمَّ حَاجَةٍ إلَى الْأَكْلِ حِينَئِذٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) : مُرَادُ النَّاظِمِ بِالْغَدَا مَا يَشْمَلُ الشَّرَابَ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَأْكُولِ، وَالْمَشْرُوبِ. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يُكْرَهُ نَفْخُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، أَطْلَقَهُ الْأَصْحَابُ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ، وَحِكْمَةُ ذَلِكَ تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، وَبِذَلِكَ سَوَّى الشَّارِعُ بَيْنَ النَّفْخِ وَالتَّنَفُّسِ فِيهِ انْتَهَى. فَيَشْمَلُ نَحْوَ قَهْوَةِ الْبُنِّ مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا تُشْرَبُ، وَفِيهَا حَرَارَةٌ لَكِنْ غَيْرُ مُؤْذِيَةٍ، فَإِذَا احْتَاجَ إلَى النَّفْخِ فَلَا كَرَاهَةَ وَإِلَّا كُرِهَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ جَوَلَانِ الْأَيْدِي فِي الطَّعَامِ
إذَا كَانَ نَوْعًا وَاحِدًا وَعَدَمِهَا إذَا تَعَدَّدَ.
(وَ) يُكْرَهُ (جَوَلَانُ) مَصْدَرٌ مِنْ جَالَ فِي الْحَرْبِ جَوْلَةً، وَفِي الطَّوَافِ جَوْلًا وَيُضَمُّ وَجَوْلًا وَجَوَلَانًا مُحَرَّكَةً وَجِيلَانًا بِالْكَسْرِ وَاجْتَالَ طَافَ، وَالْمُرَادُ هُنَا إذَا طَاشَتْ يَدُهُ فِي الصَّحْفَةِ، وَأَمَّا الْجَوْلَانُ بِالسُّكُونِ فَجَبَلٌ بِالشَّامِ، وَإِنَّمَا نُسَكِّنُ الْوَاوَ فِي كَلَامِ النَّاظِمِ لِلْوَزْنِ (أَيْدٍ فِي طَعَامٍ مُوَحَّدِ) النَّوْعِ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَيُكْرَهُ أَكْلُهُ مِمَّا يَلِي غَيْرَهُ وَالطَّعَامُ نَوْعٌ وَاحِدٌ. ذَكَرَ هَذَا
الْقَيْدَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَإِطْلَاقُ النَّاظِمِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْآكِلُ وَحْدَهُ، وَعِبَارَةُ الْآدَابِ الْكُبْرَى تَأْبَاهُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ رضي الله عنه: وَإِذَا أَكَلْت مَعَ غَيْرِك فَكُلْ مِمَّا يَلِيك. وَفِي الْفُرُوعِ: وَيَأْكُلُ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ مِمَّا يَلِيه. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالطَّعَامُ نَوْعٌ وَاحِدٌ. قَالَ الْآمِدِيُّ: لَا بَأْسَ أَيْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ غَيْرِ مَا يَلِيه، وَهُوَ وَحْدَهُ انْتَهَى. وَدَلِيلُ كَرَاهَةِ جَوَلَانِ الْيَدِ فِي الطَّعَامِ «قَوْلُ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام لِعُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ كُلْ مِمَّا يَلِيك» أَخْرَجَاهُ.
فَإِنْ كَانَ أَنْوَاعًا فَلَا بَأْسَ فَاَلَّذِي
…
نَهَى فِي اتِّحَادٍ قَدْ عَفَا فِي التَّعَدُّدِ
(فَإِنْ كَانَ) الْآكِلُ وَحْدَهُ، أَوْ كَانَ مَعَ جَمَاعَةٍ وَكَانَ الطَّعَامُ (أَنْوَاعًا فَلَا بَأْسَ) أَيْ لَا حَرَجَ وَلَا كَرَاهَةَ فِي جَوَلَانِ الْيَدِ حِينَئِذٍ (فَاَلَّذِي نَهَى) النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ جَوَلَانِ الْيَدِ فِيهِ إنَّمَا هُوَ (فِي اتِّحَادٍ) أَيْ نَهْيُهُ عليه الصلاة والسلام إنَّمَا هُوَ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ وَ (قَدْ عَفَا) عَنْ جَوَلَانِ الْيَدِ (فِي) أَيْ مَعَ (التَّعَدُّدِ) فِي أَنْوَاعِ الطَّعَامِ فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ حَيْثُ شَاءَ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عِكْرَاشِ بْنِ ذُؤَيْبٍ التَّمِيمِيِّ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ أَخَذَ بِيَدِهِ فَانْطَلَقَ بِهِ إلَى مَنْزِلِ أُمِّ سَلَمَةَ فَقَالَ: هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ فَأَتَيْنَا بِجَفْنَةٍ كَثِيرَةِ الطَّعَامِ، وَالْوَدَكِ فَأَقْبَلْنَا نَأْكُلُ مِنْهَا فَأَكَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَجَعَلْت أَخْبِطُ فِي نَوَاحِيهَا فَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى يَدِي الْيُمْنَى، ثُمَّ قَالَ: يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، فَإِنَّهُ طَعَامٌ وَاحِدٌ، ثُمَّ أُتِينَا بِطَبَقٍ فِيهِ أَلْوَانٌ مِنْ رُطَبٍ، أَوْ تَمْرٍ شَكَّ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِكْرَاشٍ قَالَ عِكْرَاشٌ: فَجَعَلْت آكُلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَجَالَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّبَقِ، ثُمَّ قَالَ: يَا عِكْرَاشُ كُلْ مِنْ حَيْثُ شِئْت، فَإِنَّهُ مِنْ غَيْرِ لَوْنٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ أُتِينَا بِمَاءٍ فَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِبَلِّ كَفَّيْهِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا عِكْرَاشُ هَذَا الْوُضُوءُ مِمَّا غَيَّرَتْ النَّارُ» . رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ الشَّافِعِيُّ فِي الْغَيْلَانِيَّاتِ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عِكْرَاشٍ مَجْهُولٌ، وَقَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ لَا يَثْبُتُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.