الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَجَدْت الْقَنَاعَةَ ثَوْبَ الْغِنَى
…
فَصِرْت بِأَذْيَالِهَا أَمْتَسِكْ
فَأَلْبَسَنِي جَاهُهَا حُلَّةً
…
يَمُرُّ الزَّمَانُ وَلَمْ تُنْتَهَكْ
فَصِرْت غَنِيًّا بِلَا دِرْهَمٍ
…
أَمُرُّ عَزِيزًا كَأَنِّي مَلِكْ
مَطْلَبٌ: فِي الزُّهْدِ
وَلَمَّا كَانَ مِنْ لَازِمِ الْقَنَاعَةِ الزُّهْدُ، وَكَانَ الْعِزُّ فِيهِمَا جَمِيعًا، عَطَفَ الزُّهْدَ عَلَيْهَا فَقَالَ:(وَ) فِي (التَّزَهُّدِ) تَفَعُّلٌ مِنْ زَهِدَ ضِدُّ رَغِبَ، كَأَنَّهُ تَكَلُّفُ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا. وَقَدْ جَاءَ فِي مَدْحِ الزُّهْدِ أَخْبَارٌ وَآثَارٌ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ، وَالسَّلَفِ وَالْأَخْيَارِ.
فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَحَسَّنَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ كَالنَّوَوِيِّ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه قَالَ «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إذَا عَمِلْتُهُ أَحَبَّنِي اللَّهُ وَأَحَبَّنِي النَّاسُ، قَالَ ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّك اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبَّك النَّاسُ» .
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مُعْضَلًا عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ رحمه الله قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يُحِبُّنِي اللَّهُ عَلَيْهِ وَيُحِبُّنِي النَّاسُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَمَّا الْعَمَلُ الَّذِي يُحِبُّك اللَّهُ عَلَيْهِ فَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا، وَأَمَّا الْعَمَلُ الَّذِي يُحِبُّك النَّاسُ عَلَيْهِ فَانْبِذْ إلَيْهِمْ مَا فِي يَدِك مِنْ الْحُطَامِ» . وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ خِرَاشٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ مُقَارِبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «وَالزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا يُرِيحُ الْقَلْبَ وَالْجَسَدَ» .
وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ عز وجل نَاجَى مُوسَى بِمِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعِينَ أَلْفَ كَلِمَةٍ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَمَّا سَمِعَ مُوسَى كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ مَقَتَهُمْ لِمَا وَقَعَ فِي مَسَامِعِهِ مِنْ كَلَامِ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا. وَكَانَ فِيمَا نَاجَاهُ بِهِ أَنَّهُ قَالَ يَا مُوسَى إنَّهُ لَمْ يَتَصَنَّعْ لِي الْمُتَصَنِّعُونَ بِمِثْلِ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَلَمْ يَتَقَرَّبْ إلَيَّ الْمُتَقَرِّبُونَ بِمِثْلِ الْوَرَعِ عَمَّا حَرَّمْتُ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَتَعَبَّدْ لِي الْمُتَعَبِّدُونَ بِمِثْلِ الْبُكَاءِ مِنْ خَشْيَتِي. قَالَ مُوسَى يَا رَبَّ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا وَيَا مَالِكَ يَوْمِ الدِّينِ وَيَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ مَاذَا أَعْدَدْتَ