الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما.
قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: الْمُطَيْطَاءُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الطَّاءَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا يَاءٌ مُثَنَّاةٌ تَحْتُ مَمْدُودًا وَيُقْصَرُ التَّبَخْتُرُ وَمَدُّ الْيَدَيْنِ فِي الْمَشْيِ.
وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَوَاهَا الْإِمَامُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَالْبَغَوِيُّ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ «إذَا مَشَتْ أُمَّتِي الْمُطَيْطَاءَ وَخَدَمَتْهُمْ أَبْنَاءُ الْمُلُوكِ أَبْنَاءُ فَارِسَ وَالرُّومِ سَلَّطَ اللَّهُ - تَعَالَى - خِيَارَهَا عَلَى شِرَارِهَا» .
(وَ) يُكْرَهُ فِي الْمَشْيِ (نَحْوُهَا) أَيْ نَحْوُ الْمُطَيْطَاءِ وَفِي نُسْخَةٍ وَشَبَهُهَا بَدَلَ وَنَحْوُهَا، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ يَعْنِي أَنَّ مِشْيَةَ الْمُطَيْطَاءِ وَمَا قَارَبَهَا مِنْ الْمِشْيَاتِ مَكْرُوهٌ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ (مَظِنَّةَ كِبْرٍ) أَيْ إنَّمَا كُرِهَتْ هَذِهِ الْمِشْيَةُ؛ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْكِبْرِ أَوْ لِئَلَّا يُظَنَّ بِهِ الْكِبْرُ، فَإِنْ كَانَ الْحَامِلُ لَهُ عَلَيْهَا الْكِبْرَ وَالْعُجْبَ حُرِّمَتْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَبِيرَةٌ، وَتَقَدَّمَ مِنْ مَثَالِبِ ذَلِكَ مَا فِيهِ غُنْيَةٌ، وَالْمَظِنَّةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الظَّنِّ وَهُوَ تَرْجِيحُ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْآخَرِ، وَالْمَرْجُوحُ يُسَمَّى وَهْمًا.
مَطْلَبٌ: فِي عَدَمِ كَرَاهَةِ التَّبَخْتُرِ فِي الْحَرْبِ
.
ثُمَّ لَمَّا لَمْ تَكُنْ كَرَاهَةُ ذَلِكَ مُطْلَقَةً، بَلْ قَدْ يُبَاحُ التَّبَخْتُرُ وَالْخُيَلَاءُ وَالتَّكَبُّرُ وَذَلِكَ فِي حَرْبِ الْكُفَّارِ أَشَارَ النَّاظِمُ إلَى اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (غَيْرَ) أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ الْمُطَيْطَاءُ وَالتَّبَخْتُرُ وَلَا الْكِبْرُ وَالْخُيَلَاءُ (فِي) حَالَةِ (حَرْبِ جُحَّدِ) جَمْعُ جَاحِدٍ، أَيْ كُفَّارٌ، يُقَالُ جَحَدَهُ حَقَّهُ كَمَنَعَهُ جَحْدًا وَجُحُودًا أَنْكَرَهُ مَعَ عِلْمِهِ، وَالْكَافِرُ قَدْ أَنْكَرَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، إنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ فِي حَالَةِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ إظْهَارُ الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ وَعَدَمِ الِاكْتِرَاثِ بِالْعَدُوِّ.
وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام فِيمَا رَوَاهُ جَابِرُ بْنُ عَتِيكٍ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام: «إنَّ مِنْ الْخُيَلَاءِ مَا يَبْغَضُ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا يُحِبُّ، فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّ فَاخْتِيَالُ الرَّجُلِ عَلَى الْقِتَالِ وَاخْتِيَالُهُ عِنْدَ الصَّدَقَةِ، وَأَمَّا الَّتِي يَبْغَضُ اللَّهُ فَاخْتِيَالُهُ فِي الْبَغْيِ وَالْفَخْرِ» .
وَفِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ عَنْ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ
- رضي الله عنهم فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ قَالُوا: «عَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفًا يَوْمَ أُحُدٍ فَبَسَطُوا أَيْدِيَهُمْ كُلُّ إنْسَانٍ يَقُولُ أَنَا، فَقَالَ: مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟ فَأَحْجَمَ الْقَوْمُ، فَقَامَ رِجَالٌ فَأَمْسَكَهُ عَنْهُمْ» . وَعِنْدَ ابْنِ عُقْبَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا عَرَضَهُ طَلَبَهُ مِنْهُ عُمَرُ رضي الله عنه فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ طَلَبَهُ الزُّبَيْرُ رضي الله عنه فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَوَجَدَا فِي أَنْفُسِهِمَا مِنْ ذَلِكَ» . وَعِنْدَ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ «أَنَّ الزُّبَيْرَ طَلَبَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» . وَفِي الطَّبَرَانِيِّ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ «أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه قَامَ فَطَلَبَهُ، فَقَالَ لَهُ: اجْلِسْ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ؟ فَقَامَ إلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ بِضَمِّ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْجِيمِ وَالنُّونِ رضي الله عنه وَاسْمُهُ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ وَبِالْكَافِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مِنْ خَرَشَةَ وَالرَّاءِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَخُو بَنِي سَاعِدَةَ،» «فَقَالَ: وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ أَنْ تَضْرِبَ بِهِ فِي الْعَدُوِّ حَتَّى يَنْحَنِيَ، قَالَ: أَنَا آخُذُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِحَقِّهِ، قَالَ لَعَلَّك إنْ أَعْطَيْتُكَهُ تُقَاتِلُ فِي الْكَيُّولِ، قَالَ لَا» ، قَالَ الشَّمْسُ الشَّامِيُّ: الْكَيُّولُ بِكَافٍ مَفْتُوحَةٍ فَمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ مَضْمُومَةٍ مُشَدَّدَةٍ وَتُخَفَّفُ فَوَاوٍ سَاكِنَةٍ فَلَامٍ: آخِرُ الْقَوْمِ أَوْ آخِرُ الصُّفُوفِ فِي الْحَرْبِ وَهُوَ فَيْعُولُ مِنْ كَالَ الزَّنْدَ يَكِيلُ كَيْلًا إذَا كَبَى أَيْ لَمْ يُخْرِجْ نَارًا، وَذَلِكَ لَا نَفْعَ فِيهِ، فَشَبَّهَ مُؤَخَّرَ الصُّفُوفِ بِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ فِيهِ لَا يُقَاتِلُ وَقِيلَ: الْكَيُّولُ الْجَبَانُ انْتَهَى فَأَعْطَاهُ إيَّاهُ، «وَكَانَ أَبُو دُجَانَةَ رَجُلًا شُجَاعًا يَخْتَالُ عِنْدَ الْحَرْبِ وَكَانَ لَهُ عِصَابَةٌ حَمْرَاءُ يُعْلَمُ بِهَا عِنْدَ الْحَرْبِ يَعْتَصِبُ بِهَا، فَإِذَا اعْتَصَبَ بِهَا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ سَيُقَاتِلُ، فَلَمَّا أَخَذَ السَّيْفَ مِنْ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْرَجَ عِصَابَتَهُ تِلْكَ فَعَصَبَ بِهَا رَأْسَهُ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ أَخْرَجَ أَبُو دُجَانَةَ عِصَابَةَ الْمَوْتِ، وَهَكَذَا كَانَتْ تَقُولُ إذَا اعْتَصَبَ بِهَا ثُمَّ جَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُ يَتَبَخْتَرُ إنَّهَا لَمِشْيَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ.»