الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِعِقَابِ الْكَافِرِ فَيَكُونُ أَبْلَغَ فِي الِارْتِدَاعِ، وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ.
هَذَا فِي حَقِّ الْعَاصِي بِذَلِكَ.
وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ مُسْتَحِلًّا فَلَا إشْكَالَ فِيهِ.
وَالْحَاصِلُ حَمْلُ مَا وَرَدَ مِنْ هَذَا الْبَابِ إمَّا عَلَى الْمُسْتَحِلِّ، وَإِمَّا عَلَى الزَّجْرِ وَالتَّهْدِيدِ بِالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ، وَإِمَّا أَنَّ هَذَا الْعَذَابَ جَزَاءُ هَذَا الْفِعْلِ أَنْ لَوْ جُوزِيَ، وَلَكِنَّ الْكَرَمَ وَالْحِلْمَ أَوْسَعُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَتَقَدَّمَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ طَرَفٌ مِنْ هَذَا.
مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ كَتْبِ الْقُرْآنِ فِي السِّتْرِ، وَمَا هُوَ مَظِنَّةُ بَذْلَةٍ
وَفِي السِّتْرِ أَوْ مَا هُوَ مَظِنَّةُ بَذْلَةٍ
…
لَيُكْرَهُ كَتْبٌ لِلْقُرْآنِ الْمُمَجَّدِ
(وَ) تُكْرَهُ كِتَابَةُ شَيْءٍ مِنْ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ (فِي) نَحْوِ (السِّتْرِ) وَالْجُدْرَانِ (أَوْ) أَيْ وَكُلِّ (مَا) أَيْ الَّذِي (هُوَ مَظِنَّةُ بَذْلَةٍ) وَامْتِهَانٍ كَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا.
وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِتَقْدِيرِ الْقَسَمِ يَعْنِي - وَاَللَّهِ - أَوْ التَّأْكِيدِ، وَلِذَا أَدْخَلَ اللَّامَ (لَيُكْرَهُ كَتْبٌ) أَيْ كِتَابَةٌ (لِلْقُرْآنِ) بِإِبْدَالِ الْهَمْزَةِ (الْمُمَجَّدِ) أَيْ الْمُشَرَّفِ، فَإِنَّ الْمَجْدَ هُوَ الشَّرَفُ الْوَاسِعُ، وَقِيلَ الْمَاجِدُ هُوَ الْمِفْضَالُ عَلَى الْخَلْقِ الْكَثِيرِ الْعَطَاءِ لَهُمْ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها «نَاوِلِينِي الْمَجِيدَ» أَيْ الْمُصْحَفَ هُوَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} [البروج: 21] .
مَطْلَبٌ: الذِّكْرُ نَوْعَانِ
(فَائِدَةٌ) : ذَكَرَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ أَنَّ الذِّكْرَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا ذِكْرُ أَسْمَاءِ الرَّبِّ وَصِفَاتِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِهَا وَتَنْزِيهِهِ وَتَقْدِيسِهِ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ.
وَهَذَا أَيْضًا نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا إنْشَاءُ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِهَا مِنْ الذَّاكِرِ، وَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الْمَذْكُورِ فِي الْأَحَادِيثِ نَحْوُ (سُبْحَانَ اللَّهِ) وَ (الْحَمْدُ لِلَّهِ) وَ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) وَ (اللَّهُ أَكْبَرُ) إلَى مَا لَا يُحْصَى.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: الْخَبَرُ عَنْ الرَّبِّ تَعَالَى بِأَحْكَامِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، نَحْوُ قَوْلِك: اللَّهُ عز وجل يَسْمَعُ أَصْوَاتَ عِبَادِهِ، وَيَرَى حَرَكَاتِهِمْ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ مِنْ أَعْمَالِهِمْ، وَهُوَ أَرْحَمُ بِهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ، وَهُوَ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ الْفَاقِدِ الْوَاجِدِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَأَفْضَلُ هَذَا النَّوْعِ الثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِمَا أَثْنَى بِهِ عَلَى نَفْسِهِ، وَبِمَا أَثْنَى بِهِ عَلَيْهِ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ وَلَا تَشْبِيهٍ وَلَا تَمْثِيلٍ.
وَهَذَا النَّوْعُ أَيْضًا ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ: حَمْدٌ وَثَنَاءٌ وَمَجْدٌ.
فَالْحَمْدُ الْإِخْبَارُ عَنْهُ بِصِفَاتِ كَمَالِهِ مَعَ مَحَبَّتِهِ وَالرِّضَا عَنْهُ، فَلَا يَكُونُ الْمُحِبُّ السَّاكِتُ حَامِدًا.
وَلَا الْمُثْنِي بِلَا مَحَبَّةٍ حَامِدًا حَتَّى يَجْتَمِعَ لَهُ الْمَحَبَّةُ وَالثَّنَاءُ، فَإِنْ كَرَّرَ الْمَحَامِدَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَانَتْ ثَنَاءً، فَإِنْ كَانَ الْمَدْحُ بِصِفَاتِ الْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْمُلْكِ كَانَ مَجْدًا.
وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِعَبْدِهِ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ، «فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي» .
النَّوْعُ الثَّانِي: مِنْ الذِّكْرِ ذِكْرُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَأَحْكَامِهِ، وَهَذَا أَيْضًا نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: ذِكْرُهُ بِذَلِكَ إخْبَارًا عَنْهُ بِأَنَّهُ أَمَرَ بِكَذَا وَنَهَى عَنْ كَذَا، وَأَحَبَّ كَذَا وَسَخِطَ كَذَا.
وَالثَّانِي: ذِكْرُهُ عِنْدَ أَمْرِهِ فَيُبَادِرُ إلَيْهِ.
وَعِنْدَ نَهْيِهِ فَيَهْرُبُ مِنْهُ.
فَذِكْرُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ شَيْءٌ وَذِكْرُهُ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ شَيْءٌ آخَرُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
وَهَذِهِ الْفَائِدَةُ ذَكَرْنَاهَا هُنَا لِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ الْمَجْدِ وَإِنْ شَاءَ اللَّهُ - تَعَالَى - نَذْكُرُ عِنْدَ قَوْلِ النَّظْمِ، وَقُلْ فِي صَبَاحٍ إلَخْ بَعْضَ فَوَائِدِ فَرَائِدَ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ. .
وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ كِتَابَةُ غَيْرِهِ
…
مِنْ الذِّكْرِ فِي مَا لَمْ يُدَسْ وَيُمَهَّدْ
(وَلَيْسَ بِمَكْرُوهٍ كِتَابَةُ) شَيْءٍ مِنْ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْقُرْآنِ (مِنْ) بَقِيَّةِ (الذِّكْرِ) وَلَوْ قُدْسِيًّا (فِي مَا) الشَّيْءِ الَّذِي (لَمْ يُدَسْ) مِنْ سِتْرٍ وَجِدَارٍ وَثِيَابٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (وَ) لَمْ (يُمَهَّدْ) أَيْ يُفْرَشْ، فَإِنْ كَانَ يُدَاسُ أَوْ يُفْرَشُ كُرِهَ صَوْنًا لَهُ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي آدَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِمَا فِيهِ كِفَايَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَحَلَّ لِمَنْ يَسْتَأْجِرُ الْبَيْتَ حَكُّهُ التَّ
…
صَاوِيرَ كَالْحَمَّامِ لِلدَّاخِلِ اشْهَدْ
(وَحَلَّ لِمَنْ) أَيْ لِلَّذِي (يَسْتَأْجِرُ الْبَيْتَ) وَنَحْوَهُ (حَكُّهُ) أَيْ حَكُّ الْمُسْتَأْجِرِ وَنَحْوُهُ (التَّصَاوِيرَ) الْمُصَوَّرَةَ عَلَى هَيْئَةِ ذِي رُوحٍ كَمَا مَرَّ (كَ) مَا