الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحِلُّ حَكُّ التَّصَاوِيرِ الَّتِي عَلَى حِيطَانِ (الْحَمَّامِ) وَالْخَانِ وَنَحْوِهِمَا (لِلدَّاخِلِ) فِيهِمَا لِأَنَّهُ مِنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ (اشْهَدْ) بِصِحَّةِ ذَلِكَ وَاعْتَقِدْهُ فَإِنَّهُ فِقْهٌ جَيِّدٌ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي بَابِ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ بِمَا فِيهِ غُنْيَةٌ. .
مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ شِرَاءِ اللُّعْبَةِ لِلْيَتِيمَةِ:
وَحَلَّ شِرَاهُ لِلْيَتِيمَةِ لُعْبَةً
…
بِلَا رَأْسٍ إنْ تَطْلُبْ وَبِالرَّأْسِ فَاصْدُدْ
(وَحَلَّ شِرَاهُ) أَيْ الْوَلِيِّ (لِلْيَتِيمَةِ) الْقَاصِرَةِ عَلَى دَرَجَةِ الْبُلُوغِ (لُعْبَةً) بِالضَّمِّ تِمْثَالًا تَلْعَبُ بِهِ بِشَرْطِ كَوْنِهِ (بِلَا رَأْسٍ) حَتَّى يَخْرُجَ عَنْ التَّصَاوِيرِ الْمُحَرَّمَةِ (إنْ تَطْلُبْ) الْيَتِيمَةُ ذَلِكَ فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْحِلِّ إنْ لَمْ تَطْلُبْهُ وَلَيْسَ مُرَادًا، وَإِنَّمَا قَيَّدَهُ بِذَلِكَ لِمَا يَأْتِي مِنْ النَّصِّ وَلِيَسْتَقِيمَ الْوَزْنُ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ (وَ) أَمَّا اللُّعْبَةُ (بِالرَّأْسِ) الَّذِي تَكُونُ بِهِ عَلَى هَيْئَةِ ذِي الرُّوحِ مِنْ الْحَيَوَانِ (فَاصْدُدْ) لَهَا عَنْ اللَّعِبِ بِهَا وَامْنَعْهَا.
وَلَا يَشْتَرِي مَا كَانَ مِنْ ذَاكَ صُورَةً
…
وَمِنْ مَالِهِ لَا مَالِهَا فِي الْمُجَرَّدِ
(وَلَا يَشْتَرِي) الْوَلِيُّ (مَا) أَيْ الَّذِي (كَانَ) هُوَ (مِنْ ذَاكَ) اسْمُ الْإِشَارَةِ يَرْجِعُ إلَى الْمَذْكُورِ أَوْ التِّمْثَالِ، أَيْ وَلَا يَشْتَرِي مَا كَانَ مِنْ التِّمْثَالِ أَوْ الشَّيْءِ الْمَذْكُورِ (صُورَةً) أَيْ ذَا صُورَةٍ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: لِوَلِيِّ الصَّغِيرَةِ الْإِذْنُ لَهَا فِي اللَّعِبِ بِلُعَبٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ نَصَّ عَلَيْهِ.
فَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اخْتِصَاصِهِ بِالْيَتِيمَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْإِقْنَاعِ بِقَوْلِهِ: وَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرَةِ أَنْ تَلْعَبَ بِلُعَبٍ غَيْرِ مُصَوَّرَةٍ، أَيْ بِلَا رَأْسٍ انْتَهَى.
وَكَذَا فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَكَلَامُ النَّظْمِ يَخُصُّ الْيَتِيمَةَ.
وَالْحَقُّ الشُّمُولُ لِقَضِيَّةِ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
قَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ فِي فَصْلِ وَالِي الْحِسْبَةِ: وَأَمَّا اللَّعِبُ فَلَيْسَ يُقْصَدُ بِهَا الْمَعَاصِي، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا إلْفُ الْبَنَاتِ لِتَرْبِيَةِ الْأَوْلَادِ، فَفِيهَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ التَّدْبِيرِ يُقَارِنُهُ مَعْصِيَةٌ بِتَصْوِيرِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ وَمُشَابَهَةِ الْأَصْنَامِ، فَلِلتَّمْكِينِ مِنْهَا وَبِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ شَوَاهِدُ الْأَحْوَالِ يَكُونُ إقْرَارُهُ وَإِنْكَارُهُ، يَعْنِي إنْ كَانَتْ قَرِينَةُ الْحَالِ تَقْتَضِي الْمَصْلَحَةَ أَقَرَّهُ، وَإِلَّا أَنْكَرَهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه: الْإِنْكَارُ إذَا كَانَتْ عَلَى صُورَةِ ذَوَاتِ
الْأَرْوَاحِ فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْوَصِيِّ يَشْتَرِي لِلصَّبِيَّةِ لُعْبَةً إذَا طَلَبَتْ، فَقَالَ: إنْ كَانَتْ صُورَةً فَلَا.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها «كُنْت أَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ» ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِلُعَبِ اللَّعِبِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا صُورَةٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا صُورَةٌ فَلَا.
وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رضي الله عنها «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ وَمَعَهَا جَوَارٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ قَالَتْ هَذَا خَيْلُ سُلَيْمَانَ قَالَ: فَجَعَلَ يَضْحَكُ مِنْ قَوْلِهَا» قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هُوَ غَرِيبٌ.
وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّهَا كَانَتْ فِي مَتَاعِ عَائِشَةَ لَمَّا تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» فَمِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ جَعَلَهُ مَخْصُوصًا مِنْ عُمُومِ الصُّوَرِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ الصُّوَرِ ثُمَّ نُسِخَ.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ مِنْ الْعُلَمَاءِ.
قُلْت: وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْخُصُوصِيَّةَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ.
قَالَ فِي شَرْحِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: وَجَائِزٌ لِلصَّبَايَا خَاصَّةً اللَّعِبُ بِالصُّوَرِ، وَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِنَّ، وَالصُّوَرُ مُحَرَّمَةٌ إلَّا هَذَا، وَإِلَّا مَا كَانَ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ. انْتَهَى.
وَقَدْ عَلِمْت حُرْمَةَ كَوْنِهِ رَقْمًا فِي ثَوْبٍ، وَكَذَا لُعْبَةٌ مَا لَمْ تَكُنْ عَلَى غَيْرِ صُورَةِ ذَوَاتِ الْأَرْوَاحِ مِنْ نَحْوِ شَجَرَةٍ أَوْ بِلَا رَأْسٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) حَيْثُ جَازَ شِرَاءُ الْوَلِيِّ لِلُّعْبَةِ فَثَمَنُهَا (مِنْ مَالِهِ) أَيْ مَالِ الْوَلِيِّ (لَا) مِنْ (مَالِهَا) أَيْ الْيَتِيمَةِ عَلَى مَا (فِي) كِتَابِ الْإِمَامِ الْأَوْحَدِ وَالْهُمَامِ الْأَمْجَدِ، حَامِلِ لِوَاءِ مَذْهَبِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى - طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ، وَجَعَلَ جَنَّةَ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ الْمُسَمَّى بِ (الْمُجَرَّدِ) .
وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَلَهُ شِرَاؤُهَا بِمَالِهَا.
نَصَّ عَلَيْهِ.
وَقِيلَ: بَلْ بِمَالِهِ.
وَفِي التَّلْخِيصِ: هَلْ يَشْتَرِيهَا مِنْ مَالِهَا أَوْ مِنْ مَالِهِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ.
وَفِي الْإِنْصَافِ: لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْذَنَ لِلصَّغِيرَةِ أَنْ تَلْعَبَ بِاللُّعَبِ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُصَوَّرَةٍ.
وَشِرَاؤُهَا لَهَا بِمَالِهَا.
نَصَّ عَلَيْهِمَا.
وَهَذَا الْمَذْهَبُ.
وَقِيلَ: مِنْ مَالِهِ، وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ فِي آدَابِهِ، وَهُمَا احْتِمَالَانِ مُطْلَقَانِ فِي التَّلْخِيصِ فِي