الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وُضُوءٍ؟ قَالَ: يُكْرَهُ ذَلِكَ وَإِنَّا لَنَفْعَلُهُ.
وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ جُنُبًا. قَالَ الْعُلَمَاءُ: فَإِنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا كَفَاهُ ذَلِكَ الْوُضُوءُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ النَّوْمُ عَلَى طَهَارَةٍ مَخَافَةَ أَنْ يَمُوتَ فِي لَيْلَتِهِ، وَلِيَكُونَ أَصْدَقَ رُؤْيَا وَأَبْعَدَ مِنْ تَلَاعُبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِي مَنَامِهِ وَتَرْوِيعِهِ إيَّاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ الِاكْتِحَالِ بِالْإِثْمِدِ قَبْلَ الْمَنَامِ
وَمِنْهَا: اسْتِحْبَابُ الِاكْتِحَالِ بِالْإِثْمِدِ قَبْلَ الْمَنَامِ؛ لِمَا رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَكْتَحِلُ بِالْإِثْمِدِ كُلَّ لَيْلَةٍ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ فِي كُلِّ عَيْنٍ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ» .
وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ عُمَرَ مَرْفُوعًا «عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ» . وَرَوَى نَحْوَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا بِلَفْظِ «عَلَيْكُمْ بِالْإِثْمِدِ عِنْدَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ» وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا وَلَفْظُهُ «خَيْرُ أَكْحَالِكُمْ الْإِثْمِدُ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ» وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِلَفْظِ «مِنْ خَيْرِ أَكْحَالِكُمْ الْإِثْمِدُ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
قَالَ فِي شَرْحِ أَوْرَادِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ: الْإِثْمِدُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ هُوَ حَجَرٌ أَسْوَدُ صُلْبٌ بَرَّاقٌ يُؤْتَى بِهِ مِنْ أَصْبَهَانَ يُصْنَعُ مِنْهُ الْكُحْلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ هَوْذَةَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ» قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْمُرَوَّحُ الْمُطَيَّبُ بِالْمِسْكِ: وَهُوَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ «أَمَرَ بِالْإِثْمِدِ الْمُرَوَّحِ عِنْدَ النَّوْمِ، وَقَالَ لِيَتَّقِهِ الصَّائِمُ» وَقَالَ بَعْدَهُ: قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.
وَكَذَا أَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ بِلَفْظِ «لَا تَكْتَحِلْ بِالنَّهَارِ وَأَنْتَ صَائِمٌ اكْتَحِلْ لَيْلًا بِالْإِثْمِدِ؛ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ» .
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَهُ مُكْحُلَةٌ يَكْتَحِلُ مِنْهَا كُلَّ لَيْلَةٍ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ فِي هَذِهِ وَثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ فِي هَذِهِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
الْمُكْحُلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ
وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ بَيْنَهُمَا كَافٌ سَاكِنَةٌ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْكُحْلُ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْمُكْحُلَةُ مَا فِيهِ الْكُحْلُ، وَهُوَ أَحَدُ مَا جَاءَ بِالضَّمِّ مِنْ الْأَدَوَاتِ وَتَمَكْحَلَ أَخَذَ مُكْحُلَةً.
وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا اكْتَحَلَ يَجْعَلُ فِي الْعَيْنِ الْيُمْنَى ثَلَاثَ مَرَاوِدَ، وَفِي الْيُسْرَى مِرْوَدَيْنِ يَجْعَلُهُ وِتْرًا» . وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ لَيِّنٍ قَالَهُ الْعِرَاقِيُّ.
وَالْمِرْوَدُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَبَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ هُوَ الْمِيلُ الَّذِي يُكْتَحَلُ بِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا نَفْضُ فِرَاشِهِ عِنْدَ النَّوْمِ، قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ ثَوْبِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَلْيَقُلْ: بِاسْمِك رَبِّي وَضَعْت جَنْبِي وَبِك أَرْفَعُهُ، إنْ أَمْسَكْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَك الصَّالِحِينَ» هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ.
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إزَارِهِ فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ، وَلْيُسَمِّ اللَّهَ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا خَلَّفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ» .
فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَك رَبِّي لَك وَضَعْت جَنْبِي وَبَاقِيهِ مِثْلُهُ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فَارْحَمْهَا بَدَلَ فَاغْفِرْ لَهَا.
فَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى اتِّخَاذِ الْفِرَاشِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْفِي الزُّهْدَ، وَهُوَ مِنْ السُّنَّةِ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام سَيِّدُ الزُّهَّادِ، وَقَدْ اتَّخَذَهُ صلى الله عليه وسلم وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ اسْتِقْبَالِ النَّائِمِ بِوَجْهِهِ الْقِبْلَةَ، وَوَضْعُ يَدِهِ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْيَمِينِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ سُنَّةِ خَاتَمِ الْمُرْسَلِينَ، وَسَيِّدِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ. فَقَدْ رَوَى أَبُو يَعْلَى عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِفِرَاشِهِ فَيُفْرَشُ لَهُ فَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فَإِذَا آوَى إلَيْهِ تَوَسَّدَ كَفَّهُ الْيَمِينَ ثُمَّ هَمَسَ لَا نَدْرِي مَا يَقُولُ، فَإِذَا كَانَ فِي آخِرِ ذَلِكَ رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَالَ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ إلَهَ أَوْ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ مُنَزِّلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ