الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصوى فرُحِلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا» مختصر من مسلم (1) .
قوله: «لا يحل مني حرام» بكسر الحاء من يحل أي لا يحل مني ما حرم. قوله: «قصرت» أي أخذت، والمشقص بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح القاف بعدها صاد مهملة هو نصل عريض يرمى به الوحش وقيل هو الطويل من النصال وليس بعريض. قوله:«يوم التروية» بفتح المثناة وسكون الراء وكسر الواو وتخفيف الياء هو اليوم الذي قبل يوم عرفة. ويوم النفر بفتح النون وسكون الفاء. قوله: «بنمرة» بفتح النون وكسر الميم وسكونها هي موضع جنب عرفات وليست منها وقال في منحة الغفار أن نمرة من عرفة واستدل لذلك بحديث ابن عمر الآتي لقوله فيه: وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة، ونقل عن القاموس مثل ذلك والمشعر الحرام جبل بالمزدلفة والقَصْوى بفتح القاف ناقته صلى الله عليه وسلم. قوله:«فرحلت» بتخفيف الحاء المهملة أي جعل عليها الرحل.
[8/50] باب المسير من منى إلى عرفة والوقوف بها وأحكامه وفضله
3209 -
عن محمد بن أبي بكر بن عوف قال: «سألت أنسًا ونحن غاديان
(1) جزء من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم مفرقاً بعدة روايات، وهو عند مسلم (2/886-891)(1218) ، وأبي داود (2/182-185) ، وابن ماجه (2/1022-1027)(3074) ، والدارمي (2/67-70)(1850) ، وابن حبان (9/253-258)(3944) ، والبيهقي (5/6-9) .
من منى إلى عرفات عن التلبية كيف كنتم تصنعون مع النبي صلى الله عليه وسلم قال: كان يلبي الملبي فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه» متفق عليه (1)، وفي رواية قال:«قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في التلبية هذا اليوم؟ قال: سرت هذا المسير مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فمنَّا المكبر ومنَّا المهلل لا يعِيب أحدنا على صاحبه» رواه البخاري ومسلم والنسائي (2) .
3210 -
وعن ابن عمر قال: «غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات فمنا الملبي ومنا المكبر» وفي رواية: «منا المكبر ومنا المهلل فأما نحن فنكبر قلت: والله لعجبًا منكم، كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم» رواه مسلم (3) وأبو داود (4) إلى قوله: «ومنا المكبر» .
3211 -
وعن خزيمة بن ثابت «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من تلبيته سأل
(1) البخاري (1/330، 2/597)(927، 1576) ، مسلم (2/933)(1285) ، أحمد (3/110، 240) ، وهو عند النسائي (5/250)(3000) ، وابن حبان (9/156-157)(3847) ، والدارمي (2/79)(1877) ، والشافعي (1/229) ، وابن أبي شيبة (3/375) ، والإمام مالك في "الموطأ"(1/337)(745) .
(2)
مسلم (2/934)(1285) ، النسائي (5/251)(3001) ، وهو عند أحمد (3/147) ، وابن ماجه (2/1000)(3008) بمعناه.
(3)
مسلم (2/933)(1284) ، وهو عند أحمد (2/30) .
(4)
أبو داود (2/163)(1816) ، وهو عند النسائي (5/250)(2998، 2999) ، وأحمد (2/3، 22) ، وابن خزيمة (4/249)(2805) .
الله رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من النار» رواه الشافعي (1) بإسناد ضعيف.
3212 -
وعن ابن عمر قال: «غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى حين صلَّى الصبح في صبيحة يوم عرفة حتى أتى عرفة (2) فنزل بنمرة وهي منزل الإمام الذي ينزل به بعرفة حتى إذا كان عند صلاة الظهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مُهَجِّرًا فجمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة» رواه أحمد وأبو داود (3) بإسناد رجاله ثقات.
3213 -
وعن عائشة قالت: «كان قريش ومن دان بدينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحُمْس وكانت سائر العرب يقفون بعرفة فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفة فيقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله عز وجل: ((ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ)) [البقرة:199] » رواه الجماعة (4) .
3214 -
وعن عروة بن مُضَرِّس بن أَوْس بن حارثة قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت: يا رسول الله! إني جئت من جبل طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من حَبْل إلا وقفت عليه فهل لي من
(1) الشافعي في "المسند"(1/123) ، وفي الأم (2/157) ، وهو عند الدارقطني (1/238) ، والبيهقي (5/46) ، والطبراني في "الكبير"(4/85) ، وابن عدي في "الكامل"(4/59) .
(2)
عرفة وعرفات موضع اهـ لسان.
(3)
أحمد (2/129) ، أبو داود (2/188)(1913) .
(4)
البخاري (4/1643)(4248) ، مسلم (2/893)(1219) ، أبو داود (2/187)(1910) ، النسائي (5/254) ، الترمذي (3/231)(884) ، ابن ماجه (2/1004)(3018) ، وهو عند ابن خزيمة (4/353) ، وابن حبان (9/169)(3856) .
حج؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلًا أو نهارًا فقد تم حجة وقضى تفثه» رواه الخمسة وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم والدارقطني (1) وابن العربي على شرطهما وأخرجه أيضًا ابن حبان وقال أبو داود: «أكللت مطيتي» وفي رواية للنسائي (2) : «من أدرك جمْعًا مع الإمام والناس حتى يفيض منها فقد أدرك الحج ومن لم يدرك مع الناس والإمام فلم يدركه» وأنكر هذه الرواية العقيلي، ولأبي يعلى في "مسنده" (3) :«ومن لم يدرك جمعًا فلا حج له» .
3215 -
وعن عبد الرحمن بن يعمر الديلي: «إن ناسًا من أهل نجد أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف بعرفة فسألوه فأمر مناديًا فنادى الحج عرفة من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه، ومن تأخر فلا إثم وأردف رجلًا ينادي بهن» رواه الخمسة وابن حبان والحاكم (4) وصححه وقال الترمذي: «الحج عرفات ثلاثًا» وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه البيهقي، ولفظ أبي داود قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فجاء
(1) أبو داود (2/196)(1950) ، النسائي (5/263، 264) ، الترمذي (3/238)(891) ، ابن ماجه (2/1004)(3016) ، أحمد (4/15، 261) ، ابن حبان (9/161)(3850) .
(2)
النسائي (5/263)(3040) .
(3)
أبو يعلى (2/245)(946) .
(4)
أبو داود (2/196)(1949) ، النسائي (5/246) ، الترمذي (3/237)(889) ، ابن ماجه (2/1003)(3015) ، أحمد (4/309، 310) ، ابن حبان (9/203)(3892) ، الحاكم (2/305) ، وهو عند ابن خزيمة (4/257)(2822) .
ناس أو نفر من نجد فأمروا رجلًا فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف الحج؟ فأمر رجلًا فنادى: الحج يوم عرفة ومن جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع تمَّ حجه» وفي رواية له (1) : «الحج عرفات، الحج عرفات أيام منى ثلاث فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ومن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج» .
3216 -
وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «نحرت هاهنا ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف» رواه أحمد ومسلم وأبو داود (2) . ولابن ماجه وأحمد (3) أيضًا نحوه وفيه «وكل فجاج مكة طريق ومنحر» .
3217 -
وعن أسامة بن زيد قال: «كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يده يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى» رواه النسائي (4) بإسناد رجاله رجال الصحيح.
(1) الرواية عند الترمذي (5/214)(2975) .
(2)
إحدى روايات حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي وهي عند أحمد (3/320، 326) ، مسلم (2/893)(1218) ، أبو داود (2/187، 193)(1907، 1936) ، وهو عند ابن خزيمة (4/283)(2890) .
(3)
ابن ماجه (2/1013)(3048) ، أحمد (3/326) ، وهو عند أبي داود (2/193)(1937) ، وابن خزيمة (4/242)(2787) ، والدارقطني (2/79) ، وعبد بن حميد في "مسنده"(1/309)(1004) ، والطبراني في "الأوسط"(3/290)(3183) .
(4)
النسائي (5/254) ، وهو عند ابن خزيمة (4/258)(2824) ، وأحمد (5/209) .
3218 -
وفي مسلم (1) من حديث جابر: «أنه صلى الله عليه وسلم وقف بعرفة راكبًا» .
3219 -
وهو متفق عليه (2) من حديث أم الفضل.
3220 -
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير» رواه أحمد (3) قال في "مجمع الزوائد": ورجاله موثقون انتهى. وأخرجه الترمذي (4) ولفظه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير» وإسناد حديث عمرو بن شعيب ضعيف وله شواهد ضعيفة. وروى صاحب "الخلاصة" عن الترمذي أنه حسّن حديث عمرو بن شعيب وهو كما قال ذكره الترمذي في كتاب الدعوات من طريق محمد بن أبي حميد لقبه حماد وقال: حديث حسن غريب، ومحمد بن أبي حميد ليس بالقوي عند أهل الحديث.
3221 -
وعن سالم بن عبد الله بن عمر «أن عبد الله بن عمر جاء إلى الحجاج بن يوسف يوم عرفة حين زالت الشمس وأنا معه فقال: الرواح: إن كنت تريد السنة فقال هذه الساعة؟ قال: نعم، قال سالم: فقلت للحجاج إن كنت تريد
(1) تقدم برقم (3211) .
(2)
تقدم برقم (2820) .
(3)
أحمد (2/210) .
(4)
الترمذي (5/572)(3585) .
أن تصب السنة فأقصر الخطبة وعجل الصلاة، فقال عبد الله بن عمر: صدق» رواه البخاري والنسائي (1) .
3222 -
وعن جابر قال: «راح النبي صلى الله عليه وسلم إلى الموقف بعرفة فخطب الناس الخطبة الأولى، ثم أذن بلال ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان ثم أقام بلال فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر» رواه الشافعي والبيهقي (2) وقال: تفرد به إبراهيم بن يحيى وفيه مقال.
3223 -
وفي حديث جابر الطويل عند مسلم (3) أنه صلى الله عليه وسلم خطب ثم أذن بلال ليس فيه خطبة ثانية، وفي رواية مسلم أيضًا: أن الخطبة كانت ببطن الوادي، قال في "التلخيص" وحديث مسلم أصح ويترجح بأمر معقول وهو أن المؤذن قد أمر بالإنصات للخطبة كغيرة فكيف يؤذن ولا يبقى للخطبة معه فائدة.
3224 -
وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا وغبرًا ضاحين جاءوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي، فلم ير يومًا أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة» رواه أبو يعلى والبزار وابن حبان في "صحيحه"(4) .
(1) البخاري (2/597)(1577) ، النسائي (5/252، 254) .
(2)
الشافعي (1/32) ، البيهقي (5/114) .
(3)
تقدم برقم (3211) .
(4)
أبو يعلى (4/69)(2090) ، البزار (1128) ، ابن حبان (9/164)(3853) .