الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقيل: إن أوحد الزمان كان سبب إسلامه أنه دخل يوما إلى الخليفة فقام جميع من حضر إلا القاضي، فإنه كان حاضرا ولم ير أنه يقوم مع الجماعة لذمّيّ.
فقال أوحد الزمان: يا أمير المؤمنين! كأنّ القاضي لم يقم مع الجماعة لكونه يرى أنه على غير ملّته. فأنا أسلم بين يدي مولانا، ولا أتركه ينتقصني بهذا..!،
وأسلم.
قال: وكان لأوحد الزمان ثلاث بنات، ولم يخلّف ولدا ذكرا. وعاش نحو ثمانين سنة.
قال: وكان بين أوحد الزمان وأمين الدولة ابن التلميذ معاداة، وكان أوحد الزمان لما أسلم يتنصّل كثيرا من اليهود، ويلعنهم، ويسبّهم، فلما كان في بعض الأيام، في مجلس بعض الأعيان الأكابر، وعنده جماعة وفيهم أمين الدولة ابن التلميذ، وجرى ذكر اليهود، فقال أوحد الزمان: لعن الله اليهود.
فقال أمين الدولة: نعم! وأبناء اليهود.
فوجم لها أوحد الزمان، وعرف أنه أشار إليه، وعناه، ولم يتكلم!!.
ومنهم:
101- أبو القاسم هبة الله بن الفضل البغدادي
«13»
علم طب وبيان، وإمام فضل ملء سمع وعيان، فأتى بما غلا، ومات مديحا وغزلا، وجاء بضريب الضرب، وغريب الحكمة التي
…
«1» اليونان وألسنة العرب، وكان الطب عليه أغلب، والسبب إليه أجلب، فكان به ارتفاقه، ومنه
إنفاقه، وكان له هجو يجرّع المهجوّ سمّ الأساود «1» ، وسقما كلما قيل برأ منه يعاود.
هذا إلى ملح أظرف من غرائب البحار، وألطف من النسيم، إذا عبث بأعطاف الأشجار.
قال ابن أبي أصيبعة «2» :" كان يعاني صناعة الطب، ويباشر أعمالها، ويعدّ من الموصوفين فيها، إلا أن الشعر غلب عليه، وكان كثير النوادر وبينه وبين الحيص بيص «3» شنآن وتهاتر، وكانا قد يصطلحان وقتا، ثم يعودان إلى ما كانا عليه، وهو الذي ألصق بالحيص بيص هذا اللقب، وذلك لأن السلطان السلجوقي لما قصد بغداد في أيام المقتفي، وهمّ عسكرها بالخروج إليه، وكان الناس من ذلك في حديث كثير وحركة زائدة، فقال: مالي أرى الناس في حيص بيص؟.
فألصق به هذا اللقب.
قلت: كان الحيص بيص على ما هو منه معروف؛ فخرج يتمشّى ليلا حيث لا يقدم إلا الأبطال، ولا يمشي إلا من قصر عنده باع الخوف وطال، فمرّ بكلبة
مجرية «1» ، رآها فما خافها، وهي تسطو بأنياب وأظفار، وتهول مثل الليل بلا أسفار؛ فنبحت عليه نباحا ظنّ به أن الجبال عليه قد أطبقت، أو الجيوش به قد أحدقت، فامتشق سيفه وخطا إليها وقدّم قدمه، وأقدم عليها، ثم دهش للخوف من بأسها، فأضلّها، وإنما أصاب بالسيف جروا لها.
فقال أبو القاسم: [البسيط]
يا معشر النّاس إن الحيص بيص أتى
…
بفعلة أورثته الخزي في البلد
هو الجبان الذي أبدى شجاعته
…
على جريّ ضعيف البطش والجلد
فأنشدت أمه من بعد ما احتسبت:
…
دم الأبيلق عند الواحد الصّمد
أقول للنفس تأساء وتعزية
…
إحدى يديّ أصابتني ولم ترد
كلاهما خلف من فقد صاحبه
…
هذا أخي حين أدعوه، وذا ولدي
وكان المقتفي حين بويع شيخا قد علت سنّه واحد ودب غصنه، ووزيره ابن الهبيرة من علم زهاده، ومداومة درس، وعباده. وكان أبو القاسم يستطيل مدتهما، ويكره بأسهما الذي لا يلين، وشدّتهما؛ فجلس يوما المقتفي وابن هبيرة واقف أمامه، ومصرف زمانه هذا، وقد استثقل أبو القاسم طول ايامهما، وامتداد دوامهما، فقال:[السريع]
يا معشر الناس!، النفير النفير
…
قد جلس الهردب «2» فوق السرير
وصار فينا آمرا ناهيا
…
وكنت أرجو أنه لا يصير
فكلّما قلت: قذى ينجلي
…
وظلمة عما قليل تنير
فتحت عيني فإذا الدولة
…
الدولة والشيخ الوزير الوزير
وقال يهجو البديع الأسطرلابي، وكان قد حجّ:[مجزوء الكامل]
لا غرو أن دهى الحجيج
…
وإن رموا منه بنكبة
حج البديع وعرسه «1»
…
وفتاه فانظر أي عصبه؟
فثلاثة من منزل
…
علق «2» ، وقوّاد، وقحبه!
وقال: [السريع]
يا خائف الهجو على نفسه
…
كن في أمان الله من مسّه
أنت بهذا العرض بين الورى
…
مثل الخرا يمنع من نفسه!!
وقال: [السريع]
أمدحه طورا، وأهذي به
…
طورا، ولا أطمع في رفده
مثل إمام بين أهل القرى
…
صلّى بهم والزيت من عنده!
وأورد له ابن سعيد، ومن ذا الذي يسمع الحسن ولا يستعيد؟، وذلك قوله:[الكامل]
خطرت فكاد الورق يسجع فوقها
…
إن الحمام لمغرم بالبان
من معشر نشروا على هام الربى
…
للطارقين ذوائب النيران