الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تفرغ بالتولّع بابن رحمون والإزراء عليه، وكان يزوّر فصولا طبية وفلسفية، يقررها في معارض ألفاظ القوم وهي محال لا معنى لها، وفارغة لا فائدة فيها، ثم إنه ينفذها إلى من يسأله عن معانيها، ويستوضحه أغراضها، فيتكلم عليها، ويشرحها بزعمه، دون تيقظ ولا تحفظ بل باسترسال واستعجال، وقلة اكتراث واهتبال، فيوجد فيها عنه ما يضحك منه. وأنشدت لجرجس هذا عنه وهو أحسن ما سمعته:[السريع]
إن أبا الخير على جهله
…
يخفف في كفته الفاضل
عليله المسكين من شؤمه
…
في بحر هلك ما له ساحل
ثلاثة تدخل في دفعة
…
طلعته والنعش والغاسل
ومنهم:
178- بلمظفر ابن معرف: وهو نصر بن محمود بن المعرّف
«13»
عالم بأسرار الطبيعة، وعارف بأخبار الشريعة، وفاضل كاد يحوز الفضل جميعه، وكان محبا لكثرة الثراء، ومبلّلا بثرى تربته الخضراء، لا يعدل شيء عنده نعمة الغنى، ولا يصرف إلى غيرها همة المنى، وعانى الصنعة فلم يبتل له منها عود بماء، ولا حصل له صاد الصديق ولا كاف الكيمياء، مهما أنفق من مال، وأخفق من مآل.
ذكره ابن أبي أصيبعة وأثنى على فضله، وقال:" كان مغرما بصناعة الكيمياء والاجتماع بأهلها، وكتب بخطه كثيرا من الكتب التي صنفت فيها، وفي الطب والحكمة، وكانت له همة عالية في تحصيل الكتب وقراءتها، قال: ومن أعجب شيء منه أنه كان قد ملك ألوفا كثيرة من الكتب في كل فن، ولا يوجد شيء منها إلا وقد كتب على ظهره ملحا ونوادر مما يتعلق بالعلم الذي صنف ذلك الكتاب فيه، وقد رأيت كتبا كثيرة من كتب الطب وغيرها كانت له وعليها اسمه، وما منها شيء إلا وعليه تعاليق حسنة وفوائد متفرقة.
وأنشد من شعره قوله [المتقارب]
وقالوا الطبيعة مبدا الكيان
…
فيا ليت شعري ماذا الطبيعه؟
أقادرة طبعت نفسها
…
على ذاك أم ليس بالمستطيعه؟
وقوله [المتقارب]
وقالوا الطبيعة معلومنا
…
ونحن نبيّن ما حدّها
ولم يعرفوا الآن ما قبلها
…
فكيف يرومون ما بعدها؟!
ومنهم: أولاد أبي الحفائر وكلهم أفاضل أطباء، وأماثل ألبّاء، خدموا الملوك، وأحسنوا السلوك، ولا طفوا الأمزجة، وشارفوا في العلم أعلى درجه، لو استسقى بهم الحظ العليل لبرأ، أو سكن بهم عاصف الريح العقيم لما درأ.