الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحظي عنده، وكان يستشيره، ويعتمد عليه، ثم استوزره، وحصّل بسببه الأموال.
وقال فيه فتيان «1» : [المنسرح]
الملك الأمجد الذي شهدت
…
له جميع الملوك بالفضل
أصبح في السامري معتقدا
…
ما اعتقد السامري في العجل
قال ابن أبي أصيبعة «2» :" ولم يزل المهذّب على علو منزلته، حتى كثرت الشكاوى من أقاربه السامرة، وما كثر منهم من العسف والظلم، وأكل الأموال، وإفساد الحريم، ولامت الملوك الملك الأمجد عليه، فقبضه، وقبض على أقاربه، واستصفى منهم أموالا كثيرة، واعتقله ثم أطلقه، فأتى دمشق، وأقام بها في داره.
ومن شعره قوله: [المجتث]
إن ساءني الدهر يوما
…
فإنه سرّ دهرا
وإن دهاني بمال
…
فقد تعوّضت أجرا
الله أغنى وأقنى
…
والحمد لله شكرا
ومنهم:
138- أمين الدولة أبو الحسن بن غزال بن أبي سعيد السامري
«13»
وزير الصالح إسماعيل. كان سامريا وأسلم، ولقب كمال الدين، وكان
المهذب السامري عمه، وكان لا يطمع في معاضلته، ولا يقدر على مناضلته، إلا أنه قتل نفسه بحمقه، وتبرد بالنار من حرقه، ولم يزل منذ أخذ في الطلب يترقى ويبرّز بين المعامل ولا يتوقى، حتى تسنّم ذرى الوزارة، وغلط طيفها في غفلة الحلم وزاره، فتصدى للأموال حتى صادها، وأقام على الأعيان أرصادها، إلا أنها فرّت من شباكه، وأنفت أن تستقر في أملاكه، ثم كان آخر ما حمله عليه الهوج «1» ، وطلب به استقامة حاله من العوج، أنه أقيم من الدست الذي لم يقدّمه أحد إلى صدره، ولا جزي به بعد طول الحبس على عاقبة صبره، ثم أخذ وشنق، وكان قد أبرم بيده حبل سعادته فخنق.
قال ابن أبي أصيبعة:" كان له الذكاء الذي لا مزيد عليه، والعلم الذي لا يصل سواه إليه، والإنعام العام والإحسان التام، والهمم العالية، والآلاء المتوالية. قد بلغ من صناعة الطب إلى غاياتها، وانتهى إلى نهاياتها، وفاز بمحصولها، وأتقن علم فروعها وأصولها، حتى قلّ له المماثل، وقصر عن معانيه كل فاضل.
كان أولا عند الأمجد «2» صاحب بعلبك طبيبا، فلما توفي بدمشق، استقلّ أمين الدولة بالوزارة العمادية، فساس أحسن السياسة، وبلغ في التدبير نهاية الرياسة، وثبت قواعد الملك، وأبّدها، ورفع مباني الفضل وأيدها، وجدّد معالم العلم والعلماء، وأوجد من الفضائل ما لم يكن لأحد من القدماء، ولم يزل عالي القدر نافذ الأمر، مطاع الكلمة، كثير العظمة، إلى أن ملك دمشق الملك الصالح أيوب، وجعل نائبه بها [معين الدين] ابن شيخ الشيوخ، وأعطى الصالح إسماعيل بعلبك، فانتقل إليها، وبقي وزيره بدمشق، وقد جمع له ولصاحبه أموالا عظيمة جدا، أخذها من أهل دمشق، بموافقة القاضي الرفيع الجيلي، فاتّفق
ابن شيخ الشيوخ والصاحب ابن مطروح «1» على مكيدة عملت، وهو أنهما طلبا أمين الدولة، فلما أتى قاما له، وقالا له: إن أردت الإقامة بدمشق فابق على حالك، وإن أردت أن تلحق صاحبك فتقيم عنده فافعل. فقال: لا والله بل ألحق مخدومي، وأكون عنده. ثم إنه خرج بجميع أمواله وذخائره، وأحواله، وخواصّه، وجميع ما يملكه حتى أثاث بيته، وحصر دوره. فلما صار ظاهر دمشق بما معه قبض عليه وأخذ جميع ما كان قد جمعه، وأحيط على أملاكه، واعتقل، ثم حمل إلى القاهرة، فأودع السجن بقلعة الجبل مع جماعة أخر من الحاشية العمادية، فلما أتى الملك الناصر يوسف ابن العزيز من حلب إلى دمشق، وملكها، صار معه الصالح إسماعيل وسائر ملوك الشام، ثم توجه يريد مصر، فخرجت إليه عساكر المعز أيبك، وكان قد ملك بعد مولاه الصالح أيوب، فلما التقوا كانت الكسرة أولا على العسكر المصري، ثم دارت الدائرة لهم على العسكر الشامي، وقبض الصالح إسماعيل، وجماعة من الملوك والأمراء، وحبسوا بمصر، ثم أطلق بعضهم. وأما الصالح إسماعيل فكان آخر العهد به.
وحكي أن أمين الدولة لما سمع بما كان من ظهور العسكر الشامي على المصريين، على ما كان أولا وعد المتحدث في القلعة عند طلوع الملوك بمواعيد أطمعته، فأخرج من كان عنده وكانوا ثلاثة: أمين الدولة، وناصر الدين ابن يغمور، وأمير كردي «2» ، فقال الكردي: يا قوم، لا تستعجلوا واقعدوا مكانكم، فإن كان الأمر صحيحا، فأستاذنا يخرجنا، ويحسن إلينا، وإن كان غير صحيح، فقعودنا أصلح لنا.
فلم يلتفت أمين الدولة وابن يغمور إليه، وخرجوا، وتأخر هو، وقعد الوزير