الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال أيضا: [الكامل]
أشكو إلى الله الزمان بصرفه
…
أبلى جديد قواي وهو جديد
محن إليّ توجّهت فكأنني
…
قد صرت مغناطيس وهي حديد «1»
وقال أيضا: [الطويل]
عطارد قد- والله- طال ترددي
…
مساء وصبحا كي أراك فأغنما
فها أنت فامددني كي أدرك المنى
…
بها والعلوم الغامضات تكرما
ووقتي والمحذور والشر كله
…
بأمر مليك خالق الأرض والسما «2»
ومنهم:
19- أبو الفرج عبد الله بن الطيب
«13»
كاتب الجاثليق «3» .
كان مع توسعه في الحكمة، وتتبعه لسرجها المضيئة في كل ظلمة، مصرّا على نصرانيته «1» ، معظّما لأمور رهبانيته، ينقاد إلى خدعها، ولا يخفى عليه أنها ضلال، ويتردّد إلى بيعها «2» ، ولا يعتريه ملال، ويعظم صورها الممثلة، ويظل عليها عاكفا، وإليها عاطفا، وهو على يقين من أنها لا تنطق، ولا تمسك عليه من خزائن رزقها ولا تنفق. على أنه كان إماما في الطبيعي لا يعدو علمه، ولا يخاف عدمه، فأما من ذكر سواه فكثيرا ما يجد من واساه.
ذكره ابن أبي أصيبعة، وقال:" هو الفيلسوف الإمام العالم [أبو الفرج عبد الله ابن الطيب، وكان كاتب الجاثليق] ومتميزا بين النصارى ببغداد، ويقرئ الطب في البيمارستان العضدي،.... جليل المقدار، واسع العلم، شرح كثيرا من كتب أرسطو، وأبقراط، وجالينوس، وكانت له قوة في التصنيف، وأكثر ما كانت تؤخذ عنه إملاء من لفظه، [وكان معاصرا للشيخ الرئيس ابن سينا] .
وكان الرئيس يحمده في الطب، ويذمه في الحكمة، وقال فيه:" وكان يقع إلينا كتب يعملها الشيخ أبو الفرج ابن الطيب، في الطب، ونجدها صحيحة مرضية، خلاف تصانيفه في المنطق والطبيعيات، وما يجري معها".
وحكى ابن القفّ «3» : أن رجلين أتيا من بلاد العجم للقراءة على ابن
الطيب، فقيل لهما إنه في الكنيسة للصلاة، فأتيا عليه، فوجداه لابسا ثوب صوف، مكشوف الرأس، وبيده مبخرة فيها بخور، وهو يدور في الكنيسة، يبخرها؛ فتأملاه، وتحدّثا بالفارسية، وأداما النظر إليه، والتعجب من فعله! وهو من أجلّ الحكماء، فكأنه رآهما، وفهم عنهما ما هما فيه. فلما فرغ من شأنه، لبس ثيابه المعتادة، وقرّبت له البغلة، فركبها، ومشت الغلمان حوله. فتبعاه، وسألاه أن يقرئهما. فقال لهما: أحججتما قط؟.
فقالا: لا.
فقال: لا أقرئكما حتى تحجّا.
فحجّا، ثم أتياه وقد علاهما الشحوب، ورؤوسهما محلّقة، فسألهما عن مناسك الحج، وما فعلاه فيها؟. فأخبراه بها.
فقال لهما: لما رميتما الجمار بقيتما عراة موشحين، وبأيديكما الحجارة وأنتما تهرولان وترميان بها؟.
قالا: نعم.
فقال: هكذا الأمور الشرعية، تؤخذ نقلا لا عقلا!.
فعرفا قصده، وعجبا منه، ثم اشتغلا عليه، وكانا من أجلّ تلامذته «1» .