الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأرصاد الكلية" مجلد." النجاة" ثلاث مجلدات." الهداية" مجلد." المختصر المتوسط" مجلد." العلائي" مجلد." القولنج" مجلد." لسان العرب «1»
" عشر مجلدات." الأدوية القلبية" مجلد." بعض الحكم المشرقية" مجلد." بيان ذوات الجهة" مجلد." كتاب المبدأ والمعاد" مجلد.
ومن رسائله:
" القضاء والقدر"،" الآلة الرصدية"،" غرض قاطيغورياس"، المنطق بالشعر"،" قصائد في العظة والحكمة" في الحروف،" تعقب المواضع الجدلية"،" مختصر أوقليدس"،" مختصر في النبض" بالعجمية،" الحدود"، الأجرام السماوية"،" الإشارة إلى علم المنطق"،" أقسام الحكمة في النهاية"،" وأن لا نهاية"، و" عهد" كتبه لنفسه،" حي بن يقظان"،" في أن أبعاد الجسم غير ذاتية له"،" خطب الكلام في الهندباء"،" في أن الشيء الواحد لا يكون جوهريا وعرضيا"،" في أن علم زيد غير علم عمرو"، و" رسائل له إخوانية وسلطانية"،" مسائل جرت بينه وبين بعض الفضلاء".
ثم انتقل إلى الري بخدمة السيدة وابنها مجد الدولة «2» ، وعرفوه بسبب كتب وصلت معه، تتضمن تعريف قدره. وكان مجد الدولة إذ ذاك قد غلبته السوداء، فاشتغل بمداواته، وصنف كتاب:" المبدأ والمعاد" وأقام بها إلى أن قصد شمس الدولة «3» بعد قتل هلال بن زيد بن حسنويه، وهزيمة عسكر بغداد.
ثم اتفقت له أسباب أوجبت بالضرورة خروجه إلى قزوين «1» ، ومنها إلى همذان، واتصاله بخدمة" كدبانويه" والنظر في أسبابها.
ثم اتفق معرفة شمس الدولة وإحضاره مجلسه بسبب قولنج قد أصابه، وعالجه حتى شفاه الله، وفاز من ذلك المجلس بخلع كثيرة، ورجع إلى داره بعد ما أقام هناك أربعين يوما بلياليها، وصار من ندماء الأمير.
ثم اتفق نهوض الأمير إلى قرمسين، لحرب عناز، وخرج الشيخ في خدمته، ثم توجه نحو همذان، منهزما راجعا.
ثم سألوه تقلد الوزارة، فتقلدها. ثم اتفق تشويش العسكر عليه، وإشفاقهم منه على أنفسهم، فكبسوا داره، وأخذوه إلى الحبس، وأغاروا على أسبابه، وأخذوا جميع ما كان يملكه، وسألوا الأمير قتله، فامتنع منه، وعدل إلى عز الدولة طلبا لمرضاتهم، فتوارى في دار الشيخ أبي سعيد بن دخدوك «2» أربعين يوما، فتعاود الأمير شمس الدولة القولنج، وطلب الشيخ يحضر مجلسه، فاعتذر الأمير إليه بكل الاعتذار، فاشتغل بمعالجته، فأقام عنده مكرما مبجلا، وأعيدت الوزارة إليه ثانيا.
ثم سألته أنا «3» - شرح كتب أرسطو طاليس. فذكر أنه لا فراغ له في ذلك الوقت، ولكن إن رضيت مني بتصنيف كتاب أورد فيه ما صحّ عندي من هذه العلوم بلا مناظرة مع المخالفين، ولا الاشتغال بالرد عليهم، فعلت ذلك. فرضيت به، فابتدأ بالطبيعيات من كتاب سماه:" كتاب الشفاء". وكان قد صنف
الكتاب الأول من" القانون". وكان يجتمع كل ليلة في داره طلبة العلم «1» ، وكنت أقرأ من" الشفاء" نوبة، وكان يقرأ غيري من" القانون" نوبة، فإذا فرغنا حضر المغنون على اختلاف طبقاتهم، وهيء مجلس الشراب بآلاته، وكنا نشتغل به، وكان التدريس بالليل لعدم الفراغ بالنهار «2» خدمة للأمير.
فقضينا على ذلك زمنا، ثم توجه شمس الدولة إلى طارم لحرب الأمير بهاء الدولة، وعاوده القولنج قريب ذلك الموضع، واشتدّ عليه وانضاف إلى ذلك أمراض أخر جلبها سوء تدبير وقلة القبول من الشيخ، فخاف العسكر وفاته، فرجعوا طالبين به همذان في المهد، فتوفي في الطريق في المهد.
ثم بويع ابن شمس الدولة، وطلبوا استيزار الشيخ فأبى عليهم، وكاتب علاء الدولة «3» سرا يطلب خدمته والمصير إليه، والانضمام إلى جوانبه، وأقام في دار أبي غالب العطار «4» متواريا، وطلبت منه إتمام كتاب" الشفاء" فاستحضر أبا غلب، وطلب الكاغد «5» والمحبرة، فأحضرهما. وكتب الشيخ في عشرين جزءا على الثمن بخطه رؤوس المسائل، وبقي فيه يومين حتى كتب رؤوس المسائل كلها بلا كتاب يحضره، ولا أصل «6» يرجع إليه، بل من حفظه وعن ظهر قلبه.
ثم ترك الشيخ تلك الأجزاء بين يديه، وأخذ الكاغد فكان ينظر في كل مسألة ويكتب شرحها، وكان يكتب في كل يومين خمسين ورقة، حتى أتى على جميع الطبيعيات والإلهيات، ما خلا كتابي:" الحيوان، و" النبات" «1» .
وابتدأ بالمنطق، فكتب منه جزءا، ثم اتهمه تاج الملك بمكاتبته علاء الدولة فأنكر عليه ذلك، وحثّ في طلبه، فدلّ عليه بعض أعدائه، فأخذوه، وأدوه إلى قلعة يقال لها:" فردجان"«2» .
وأنشد هناك قصيدة، منها:[الوافر]
دخولي باليقين كما تراه
…
وكلّ الشّكّ في أمر الخروج «3»
وبقي فيها أربعة أشهر، ثم قصد علاء الدولة همذان فأخذها، وانهزم تاج الملك، ومرّ إلى تلك القلعة بعينها.
ثم رجع علاء الدولة عن همذان، وعاد تاج الملك وابن شمس الدولة إلى همذان، ونزل في دار العلوي، واشتغل هناك بتصنيف" المنطق" من كتاب:" الشفاء".
وكان قد صنف بالقلعة كتاب:" الهدايات"«4» ، ورسالة" حي بن يقظان"، وكتاب" القولنج".
وأما الأدوية القلبية؛ فإنه صنفها أول وروده إلى همذان، وكان قد تقضى
على هذا زمان، وتاج الملك في أثناء هذا يمنّيه بمواعيد جميلة.
ثم عنّ للشيخ التوجه إلى أصفهان «1» ، فخرج متنكرا، وأنا وأخوه غلامان له في زي الصوفية، إلى أن وصلنا طبران «2» ، على باب أصفهان، بعد أن قاسينا شدائد في الطريق، فاستقبلنا أصدقاء الشيخ، وندماء الأمير علاء الدولة، وخواصه، وحمل إليه الثياب والمراكب الخاصة، وأنزل في محلة يقال لها كون كبير. في دار عبد الله بن بابي، وفيها من الآلات والفرش ما يحتاج إليه، وحضر مجلس علاء الدولة فصادف من منزلة الإكرام والإعزاز اللذين يستحقه مثله «3» .
ثم رسم الأمير علاء الدولة ليأتي الجماعات مجلس النظر بين يديه، بحضرة سائر العلماء على اختلاف طبقاتهم، والشيخ في جملتهم، فما كان يطاق في شيء من العلوم.
واشتغل بأصفهان بتتميم كتاب:" الشفاء"، ففرغ من المنطق، والمجسطي، وكان قد اختصر أوقليدس، والأرثماطيقي، والموسيقى، وأورد في كل كتاب من الرياضات زيادات رأى أن الحاجة إليها داعية.
أما في" المجسطي": فأورد عشرة أشكال في اختلاف القطر «4» ، وأورد في
آخر المجسطي في علم الهيئة أشياء لم يسبق إليها.
وأورد في" أوقليدس" شبها، وفي" الأرثماطيقي" خواصّ حسنة. وفي الموسيقى مسائل غفل عنها الأولون، وتم الكتاب المعروف ب" الشفاء" ما خلا كتابي:" النبات"، و" الحيوان"، فإنهما صنفهما في السنة التي توجّه فيها علاء الدولة إلى سابور خواست في الطريق «1» .
وصنف أيضا في الطريق كتاب:" النجاة"، واختص بعلاء الدولة، وصار من ندمائه، إلى أن عزم علاء الدولة قصد همذان، وخرج الشيخ في الصحبة، فجرى ليلة بين يدي علاء الدولة ذكر الخلل الواقع في التقاويم المعمولة بحسب الأرصاد القديمة، فأمر الأمير الشيخ بالاشتغال برصد هذه الكواكب، وأطلق له من الأموال ما يحتاج إليه. وابتدأ الشيخ به، وولاني اتخاذ آلاتها، واستخدام صناعها، حتى ظهر كثير من المسائل، فكان يقع الخلل في أمر الرصد لكثرة الأسفار وعوائقها.
وصنف الشيخ بأصفهان:" الكتاب العلائي"«2» .
وكان من عجائب أمر الشيخ أني صحبته، وخدمته خمسا وعشرين سنة، فما رأيته إذا وقع له كتاب مجدّد ينظر فيه على الولاء «3» ، بل كان يقصد المواضع الصعبة منه، والمسائل المشكلة، فينظر ما قاله مصنفه، فيتبين مرتبته في العلم، ودرجته في الفهم.
وكان الشيخ جالسا يوما من الأيام بين يدي الأمير، وأبو منصور الجبائي «4»
حاضر، فجرى في اللغة مسألة تكلم الشيخ فيها بما حضره، فالتفت أبو منصور إلى الشيخ وقال له: أنت تقول أنك فيلسوف وحكيم، ولكن لم تقرأ من اللغة ما يرضي كلامك فيها!.
فاستنكف الشيخ من هذا الكلام، وتوفّر على درس كتب اللغة ثلاث سنين، واستهدى كتاب" تهذيب اللغة" من خراسان، تصنيف أبي منصور الأزهري «1» ، فبلغ الشيخ في اللغة طبقة قلّ ما يتفق مثلها.
وأنشأ «2» ثلاث قصائد، وضمّنها ألفاظا غريبة في اللغة. وكتب ثلاثة كتب؛ أحدها: على طريقة ابن العميد «3» ، والآخر: على طريقة الصاحب «4»
والآخر: على طريقة الصابي «1» وأمر بتجليدها، وإخلاق «2» جلدها.
ثم أوعز الأمير فعرض تلك المجلّدة على أبي منصور الجبائي، وذكر أنّا ظفرنا بهذه المجلدة في الصحراء وقت الصيد، فنحبّ أن تتفقدها، وتقول لنا ما فيها.
فنظر فيها أبو منصور وأشكل عليه كثير مما فيها!.
فقال الشيخ: إن ما تجهله من هذا الكتاب فهو مذكور في الموضع الفلاني من كتب اللغة، وذكر له كثيرا من الكتب المعروفة في اللغة.
ففطن أبو منصور أن تلك الرسائل من تصنيف الشيخ، وأن الذي حمله عليه ما جبهه به ذلك اليوم، فتنصّل واعتذر إليه.
ثم صنف الشيخ كتابا في اللغة سماه:" لسان العرب"«3» .، لم يصنف في اللغة مثله، ولم ينقله إلى البياض حتى توفي، فبقي على مسوّدته، لا يهتدي أحد إلى ترتيبه.
وكان قد حصل للشيخ تجارب كثيرة فيما باشر من المعالجات، عزم على تدوينها في كتاب" القانون"«1» .
من ذلك: أنه صدع يوما؛ فتصور أن مادة تريد النزول إلى حجاب رأسه، وأنه لا يأمن من ورم يحصل فيه، فأمر بإحضار ثلج كثير، ودقّه ولفّه في خرقة، وأمر بتغطية رأسه بها.
ففعل ذلك حتى قوي الموضع وامتنع عن قبول تلك المادة، وعوفي.
ومن ذلك: [أن] امرأة مسلولة بخوارزم أمرها أن لا تتناول من الأدوية سوى الجلنجبين السكري «2» ، حتى تناولت على الأيام نحو مائة منّ، وشفيت المرأة.
وكان الشيخ قد صنف بجرجان:" المختصر الأصغر" في المنطق، وهو الذي وضعه بعد ذلك في:" النجاة". ووقعت نسخة إلى شيراز «3» ، فنظر فيها جماعة من أهل العلم هناك، فوقعت لهم الشبهة في مسائل منها؛ فكتبوها على جزء، وكان القاضي بشيراز من جملة القوم؛ فأنفذ بالجزء إلى أبي القاسم الكرماني،
صاحب إبراهيم بن بابا الديلمي، المشتغل بعلم التناظر، وأضاف إليه كتابا إلى الشيخ أبي القاسم، وأنفذها على يدي ركابي قاصد، وسأله عرض الجزء على الشيخ أبي القاسم، فدخل على الشيخ عند اصفرار الشمس في يوم صائف، وعرض عليه الكتاب والجزء. فقرأ الكتاب ورده عليه، وترك الجزء بين يديه، وهو ينظر فيه، والناس يتحدثون. ثم رجع أبو القاسم وأمرني الشيخ بإحضار البياض، وقطع أجزاء منها، فشددت خمسة أجزاء كل واحد منها عشرة أوراق بالربع الفرعوني، وصلينا العشاء فأمر بإحضار الشراب وأجلسني وأخاه، وأمرنا بتناول الشراب، وابتدأ هو بجواب تلك المسائل. وكان يكتب ويشرب إلى نصف الليل، حتى غلبني وأخاه النوم، فأمرنا بالانصراف.
فعند الصباح قرع الباب؛ فإذا رسول الشيخ يستحضرني فحضرته، وهو على المصلّى، وبين يديه الأجزاء الخمسة؛ فقال: خذها، وصر بها إلى الشيخ أبي القاسم الكرماني، وقل له: استعجلت في الإجابة عنها لئلا يتعوّق الركابي.
فلما حملته، تعجب كل العجب، وصرف الفيج «1» ، وأعلمهم بهذه الحالة، وصار هذا الحديث تاريخا بين الناس.
ووضع في [حال] الرصد آلات ما لم يسبق إليه، وصنّف فيها رسالة، وبقيت أنا ثماني سنين مشغولا بالرصد، وكان غرضي تبين ما يحكيه بطليموس عن قصته في الأرصاد؛ فتبين لي بعضها.
وصنف الشيخ كتاب" الإنصاف"، واليوم الذي قصد فيه السلطان مسعود إلى أصفهان، نهب عسكره [رحل] الشيخ، وكان الكتاب في جملة النهب، وما وقف له على أثر.
وكان الشيخ قويّ القوى كلها، وكانت قوة المجامعة من قواه الشهوانية أقوى وأغلب، [وكان كثيرا ما يشتغل به فأثر في مزاجه] وكان الشيخ يعتمد على قوة مزاجه حتى صار أمره في السنة التي حارب فيها علاء الدولة تاش فراش على باب الكرخ، إلى أن أخذه الشيخ قولنج. ومن حرصه على برئه إشفاقا من هزيمة يدفع إليها، ولا يتأتى له المسير فيها مع المرض، حقن نفسه في يوم واحد ثمان مرات، فتقرح بعض أمعائه، وظهر به سحج «1» ، وأحوج إلى المسير مع علاء الدولة، فأسرعوا نحو إيذج «2» ، فظهر به هناك الصرع الذي كان يتبع علة القولنج، ومع ذلك كان يدبر نفسه، ويحقن نفسه لأجل السحج «3» ، ولبقية القولنج.
فأمر يوما باتخاذ دانقين «4» من بزر الكرفس «5» ، في جملة ما يحتقن به،
وخلطه به طلبا لكسر الرياح؛ فقصد بعض الأطباء الذين كان يتقدم هو إليه بمعالجته، فطرح من بزر الكرفس خمسة دراهم- لست أدري عمدا فعله أم خطأ؟ لأنني لم أكن معه- فازداد السحج به، من حدة ذلك البزر «1» ..
وكان يتناول" المثرذيطوس"«2» لأجل الصرع، فقام بعض غلمانه وطرح شيئا كثيرا من الأفيون «3» فيه وناوله، فأكله. وكان سبب ذلك خيانتهم في مال كثير من خزائنه، فتمنوا هلاكه، ليأمنوا عاقبة أعمالهم. فنقل الشيخ كما هو إلى أصبهان، فلم يزل يعالج نفسه حتى قدر على المشي، وحضر مجلس علاء الدولة، لكنه مع ذلك لا يتحفظ، ويكثر التخليط في أمر المعالجة «4» ، ولم يبرأ من العلة كل البرء، فكان ينتكس ويبرأ كل وقت.
ثم قصد علاء الدولة همذان، فسار معه الشيخ فعاودته في الطريق تلك العلة إلى أن وصل إلى همذان، وعلم أن قوته قد سقطت، وأنها لا تفي بدفع المرض، فأهمل مداواة نفسه، وأخذ يقول: المدبر الذي كان يدبرني «1» قد عجز عن التدبير، والآن فلا تنفع المعالجة. وبقي على هذا أياما، ثم انتقل إلى جوار ربه.
وكان عمره: ثلاثا وخمسين سنة «2» . وكان موته في سنة ثمان وعشرين وأربع مائة. وكانت ولادته: في سنة خمس وسبعين وثلاثمائة.
هذا آخر ما ذكره أبو عبيد «3» من أحوال الشيخ الرئيس- رحمه الله.
وقبره تحت سور من جانب القبلة من همذان، وقيل: إنه نقل إلى أصبهان، ودفن في موضع على باب" كونكنبد"«4»
ولما مات ابن سينا من القولنج الذي [عرض له]«5» قال فيه بعض أهل زمانه: [المتقارب] .
رأيت ابن سينا يعادي الرّجال
…
وبالحبس مات أخسّ الممات
فلم يشف ما ناله بالشّفا
…
ولم ينج من موتة بالنّجاة
وقوله:" بالحبس" يعني: انحباس البطن من القولنج الذي أصابه.