الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن فلاسفة المغاربة، وحكمائها، ومتكلميها ممن كان بالأندلس:
38- يحيى بن يحيى، أبو بكر، المعروف بابن السّمينة
«13»
من أهل قرطبة «1» . أتقن العلم والحساب، وعلم التصور والاكتساب، وعانق الصبر والاحتساب، وعانى مهمّ الفنّ حتى أوتي أجره بغير حساب، فمات، وآخر الحياة الموت، ونهاية الدرك الفوت، بعد خيرات أثرها، ومبرّات بقيت، وقد أكلت الأيام مؤثّرها، وعمل صالح بلا اكتراث، وعلم نافع يبقى إذا انقطع عمل ابن آدم إلا من ثلاث «2»
قال ابن أبي أصيبعة «3» :" قال القاضي صاعد «4» : إنه كان بصيرا بالحساب، والنجوم، والطب، متصرّفا في العلوم، متفنّنا في المعارف، بارعا في [علم النحو] «5» واللغة والعروض، ومعاني الشعر، والفقه، والحديث، والأخبار، والجدل، ورحل إلى المشرق ثم انصرف".
قلت: وقد ذكره ابن المازري «1» ، وقال:" قدم علينا مصر حاجّا، وتسامع به الناس، فأتوه من كل فج، وقرؤوا عليه كتبه، وغيرها، وحبوه «2» بالذهب، وأنواع الحباء، فلم يقبل لأحد شيئا. وكان متقلّلا من الدنيا، زاهدا في حطامها، لا يزال يذكر الموت وهو المطّلع، ويقول: ليت أمي لم تلدني! ".
قال:" وكان كثير الصدقة والبر، ولا سيما إذا رأى ذا عجز ظاهر. ملازما للصلوات في أوقاتها. نزل في دار قريبة من المسجد الجامع، ليقرب عليه أداء الفرائض في الجماعة، وكان إذا صلى ظهر عليه من الخشوع وفيض الدموع ما يكاد يرحمه به من رآه.
قال: وكان لا يزال ينشد: [الطويل]
إذا نظر الدنيا بصير بحالها
…
تيقّن أن الدهر جمّ المصائب
فمن عارف تصطاده باقتسارها «3»
…
وغرّ بها تصطاده بالرغائب
فما ماؤها إلا سراب بقيعة
…
وما عيشها إلا تحلّم كاذب
لحا «4» الله مغترّا بها وصروفها «5»
…
وفي بعضها للمرء كل العجائب
قال ابن المازري: وأظنها له.
ومنهم:
39-
ابن المجريطي «1» : أبو القاسم مسلمة بن أحمد [بن قاسم بن عبد الله]«13»
من أهل قرطبة.
مسح الأفلاك وقسمها خططا، ووسمها وما سامها شططا، وكان كأنه بعض كواكبها إشراقا، وجواريّها الكنّس إشفاقا. أشرق إشراق زهرتها، وتدفّق تدفّق المجرة على زهرها، ونفض على الآفاق صبغة أصلها، وذرّ في مقلة الصباح زرقة كحلها.
وكان بقرطبة حلية لأيام بني مروان، وزينة لذلك الأوان، أعاد ذاهب زمانهم، والركائب ترد عليهم وترد وجوه النجائب «2» إليهم.
قال ابن أبي أصيبعة «3» :" كان في زمان الحكم"«4» .
وقال صاعد «1» :" كان إمام الرياضيين بالأندلس في وقته، وأعلم من كان قبله بعلم الأفلاك، وحركات النجوم، وكانت له عناية بأرصاد الكواكب، وشغف بالمجسطي،- كتاب بطليموس-، وله عدة كتب. وأنجب له ملأ من التلاميذ الأجلّاء، ولم ينجب عالم بالأندلس مثلهم؛ ومنهم: ابن السمح «2» ، وابن الصفّار «3» .
وهو أول من أتقن علم الاصطرلاب بالمغرب، والزهراوي «4» ، والكرماني «5» ،
وابن خلدون «1» .
قلت: وقد رأيت اصطرلابا من عمله عليها اسمه، وكانت غاية في الحسن، للعروض التي عملت لها صفائحها، إلا أن كواكبها كانت تحتاج إلى تحريك لطول المدة منذ عملت. ورأيت له رسالة في" المجنّب والآفاقية"، كتبتها بخطي لإعجابي بها، ثم غالتها يد الضياع، وغالبت عليها الأيام التي لا تستطاع.
ومنهم:
40-
ابن السّمح: أبو القاسم أصبغ بن محمّد بن السّمح الغرناطيّ القرطبيّ المهريّ «2» المهندس «13»
حكيم ترفع «3» له المبار «4» ، وطبيب تدفع به المضار، قيّم بتركيب الأدوية،
وتفاضل التفضيل والتسوية، أحيا الله به القوى الحيوانية، وحفظ النفس الإنسانية.
سلك بنظره في الأبدان، وملك ما ليس لأحد به يدان، ونظر في تفاريق العضل، وتفاريع ما كفى من الأغذية وفضل، واستدلّ بالنبض على ما وراءه، وعرف دواءه على الحقيقة وداءه، بحدس صحيح حصر حتى ضيّق المجاري واتساعها، وانحطاط الدرجات في الأدوية وارتفاعها، إلى غير ذلك من أسباب في علوم، وحساب، ونجوم، وأمور كان بها يقوم.
قال ابن أبي أصيبعة «1» :" كان في زمان الحكم".
وقال صاعد «2» :" كان محققا لعلم العدد «3» ، والهندسة، متقدّما في علم هيئة الأفلاك وحركات النجوم، وكانت له عناية بالطب، وتواليف الحساب،".
وقال:" أخبرني تلميذه أبو مروان الناشئ المهندس أنه توفي بغرناطة «4» ".