الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقالوا له: أنت أطبّ العرب.
ثم قال: ردّدوا النبيذ عليه. فلما عمل فيه قال: [مجزوء الخفيف]
أيها الجيرة اسلموا
…
وقفوا كي تكلّموا
وتقضوا لبانة «1»
…
وتحبوا وتنعموا
خرجت مزنة «2» من
…
البحر ريّا تحمحم «3»
هي ما كنّتي «4» وتز
…
عم أني لها حم «5»
قال: فطلّقها أخوه، ثم قال له: تزوّج بها يا أخي!. فقال: لا والله! لا تزوّجتها. فمات وما تزوّجها «6» .
ومنهم:
53- النّضر بن الحارث بن كلدة
«13»
وهو ابن خالة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم.
طبيب أثرت به تلك البلاد المقفرة، وأثّر بطبّه في أمزجة تلك الحمر المستنفرة «1» . تبع طريق أبيه، وأضاف إلى تالد «2» والده ظريف تأتّيه، ودرب العلاج حتى كاد يبرئ الأكمه «3» ، وكان يعرف بضياء الحس، ودرس الحكمه.
ولم ينفعه من جهة الأمومة الشريفة النبوية قربه، ولم يمنعه وقد قضى عليه بالبعد ربّه قتل بسيف النبوة صبرا، وعجّل له مثوى في جهنّم يسمّى قبرا.
قال ابن أبي أصيبعة «4» :" كان النضر قد سافر البلاد كأبيه، واجتمع مع الأفاضل والعلماء بمكة وغيرها، وعاشر الأحبار والكهنة، واشتغل، وحصّل من العلوم القديمة أشياء جليلة القدر، واطّلع على علوم الفلسفة، وأجزاء الحكمة، وتعلّم من أبيه أيضا ما كان تعلّمه من الطب وغيره.
وكان النضر يؤاتي أبا سفيان في عداوة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم لكونه كان ثقفيا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" قريش والأنصار حليفان، وبنو أمية وثقيف حليفان"«5» .
وكان النضر كثير الأذى والحسد للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم ويتكلم فيه بأشياء كثيرة، كما يحطّ من قدره عند أهل مكّة، ويبطل ما أتى به
- بزعمه-، ولم يعلم- بشقاوته- أن النبوة أعظم؛ والسعادة أقدر؛ والعناية الإلهية أجلّ؛ والأمور المقدرة أثبت. وإنما النضر اعتقد أن بمعلوماته وفضائله وحكمته يقاوم النبوة، وأين الثرى من الثريا، والحضيض من الأوج، والشقي من السعيد!. وما أحسن ما وجدت حكاية ذكرها أفلاطون في كتاب النواميس، في أن النبي وما يأتي به لا يصل إليه الحكيم بحكمته، ولا العالم بعلمه".
قال أفلاطون:" وقد كان مارينوس ملك اليونانيين الذي يذكره أوميرس الشاعر باسمه وجبروته، وما تهيّأ لليونانيين في سلطانه، رمي بشدائد في زمانه، وخوارج في سلطانه، ففزع إلى فلاسفة عصره، فتأملوا مصادر أموره ومواردها، وقالوا له: قد تأمّلنا أمرك فلم نجد فيه من جهتك شيئا يدعو إلى ما لحقك، وإنما يعلم الفيلسوف الإفراطات وسوء النظام الواقعين في الجزء. فأما ما خرج عنه فليس تبحث عنه الفلسفة، وإنما يوقف عليه من جهة النبوة، وأشاروا عليه أن يطلب نبيّ عصره ليجتمع معهم مع علمهم ما ينبئ به، وقالوا: إنه لا يسكن في البلدان العامرة، وإنما يكون في الأقاصي المقفرة، بين فقراء ذلك العصر. فسألهم ما يجب أن يكون عليه رسله إليه. وما يكون دليلا لهم عليه؟. فقالوا: اجعل رسلك إليه من لانت سجيته، وظهرت قناعته، وصدقت لهجته، وكان رجوعه إلى الحق أحبّ إليه من الظفر به، فإن بين من استولى عليه هذا الوصف وبينه وصلة تدلهم عليه.
أقول: ولما كان يوم بدر والتقى المسلمون ومشركو قريش، وكان عدّتهم ما بين التسعمائة والألف، والمسلمون يومئذ ثلاثمائة وثلاثة عشر، وأيّد الله الإسلام، ونصر نبيه عليه الصلاة والسلام، ووقعت الكسرة على المشركين، وقتل من جملتهم صناديد قريش، وأسر جماعة من المشركين، فبعضهم استفكّوا «1»