الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأغراض قصدها منه.
وعمّر أبو حكم هذا عمرا طويلا حتى تجاوز المائة سنة.
قال يوسف بن إبراهيم «1» :" وحدّثني عيسى بن حكم عن أبيه، أن جده أعلمه أنه كان حمى عبد الملك بن مروان من شرب الماء من علّته التي توفي فيها، وأعلمه أنه متى شرب الماء قبل نضج علّته توفي. قال: فاحتمى عن الماء يومين وبعض الثالث. قال: فإني عنده لجالس، وعنده بناته، إذ دخل عليه الوليد ابنه، فسأله عن حاله، وهو يتبين في وجه الوليد السرور بموته، فأجابه بأن قال:[الطويل]
ومستخبرا عنا يريد بنا الردى
…
ومستخبرات والدموع سواجم!
وكان استفتاحه النصف الأول وهو مواجه للوليد، ثم واجه البنات عند قوله النصف الثاني، ثم دعا بالماء فشربه، فقضى من ساعته.
ومنهم:
57- حكم الدّمشقيّ
«13»
ممن نمّى وراثة أبيه، ودمّى «2» بفضله قلوب حاسديه، وأمسى على من
ناوأه «1» شديد الشكيم «2» ، وأضحى وهو لا يدعى إلا الحكم الحكيم.
قال ابن أبي أصيبعة:" كان يلحق بأبيه في معرفته بالمداواة والأعمال الطبّيّة، والصفات البديعة، وكان مقيما بدمشق، وعمّر أيضا عمرا طويلا كأبيه".
قال يوسف بن إبراهيم: حدثني عيسى بن حكم أن والده توفي وكان عبد الله بن طاهر «3» بدمشق، في سنة عشرين ومائتين، وأن عبد الله سأله عن مبلغ عمر أبيه، فأعلمه أنه عمّر مائة وخمس سنين، لم يتغير عقله، ولم ينقص عمله!.
فقال عبد الله: عاش حكم نصف التاريخ! «4» .
قال يوسف: وحدّثني عيسى أنه ركب مع أبيه حكم بمدينة دمشق، إذ اجتازوا بحانوت حجّام، قد وقف عليه بشر كثير، فلما بصر بنا بعض الوقوف، قال: افرجوا، هذا حكم المتطبّب، وعيسى ابنه.
وأفرج القوم، فإذا رجل قد فصده الحجّام في العرق الباسليق «5» ، وقد فصده
فصدا واسعا، وكان الباسليق على الشريان، فلم يحسن الحجّام تعليق العرق، فأصاب الشريان، ولم يكن عند الحجّام حيلة في قطع الدم. واستعملنا الحيلة في قطعه بالرفائد «1» ونسج العنكبوت والوبر، فلم ينقطع بذلك. فسألني والدي عن حيلة، فأعلمته أنه لا حيلة عندي، فدعا بفستقة، فشقّها وطرح ما فيها وأخذ أحد نصفي القشر فجعله على موضع الفصد، ثم أخذ حاشية من ثوب كان غليظ، فلفّ بها موضع الفصد على قشر الفستقة لفّا شديدا، حتى كان يستغيث المفتصد من شدته، ثم شدّ ذلك بعد اللف شدّا شديدا، وأمر بحمل الرجل إلى نهر بردى، وأدخل يده في الماء ووطّأ له على شاطئ النهر «2» ونوّمه عليه، وأمر فحسي محّات «3» بيض نمرشت «4» ، ووكّل به تلميذا من تلامذته، وأمره بمنعه من إخراج يده من موضع الفصد من الماء إلا عند وقت الصلاة، أو يتخوّف عليه الموت من شدة البرد، فإن تخوّف ذلك أذن له في إخراج يده هنيهة «5» ، ثم أمره بردّها.
ففعل ذلك إلى الليل، ثم أمر بحمله إلى منزله، ونهاه عن تغطية موضع الفصد، وعن حلّ الشدّ قبل استمام خمسة أيام ففعل ذلك، إلا أنه صار إليه في اليوم الثالث وقد ورم عضده وذراعه ورما شديدا، فنفّس من الشدّ شيئا يسيرا، وقال للرجل: الورح أسهل من الموت.