الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم رجعنا فلما كنا في الطريق وإذا شابّ حسن الصورة، كامل الصحة، قد سلّم عليه، وقبّل يده، فقال له: من أنت؟. فقال له: أنا صاحب ذلك المرض الذي كنت شكوت إليك، وإنني استعملت ما وصفت لي، فصلحت من غير أن أحتاج معه إلى دواء آخر.
وتوفي ابن المطران في ربيع الأول سنة تسع وخمسمائة، بدمشق «1» .
ومنهم:
129- ابن اللبّودي: يحيى بن محمد بن عبدان بن عبد الواحد
«13»
الصاحب نجم الدين، أبو زكريا.
مشيّد بيت، ومحيي فضل غير ميت، وإلى الآن بقيته، وكان وما هانت بليته.
وترقّى إلى أن وزر، واتّشح برداء الكبرياء واتّزر، إلا أنه لدى ملك لم يفخر لديه خديم ولا أثرى بندى يديه عديم، لضيق نطاقه، وعدم رواج الفضل عنده ونفاقه، لصغر بلده، وقلّة ذات يده.
قال ابن أبي أصيبعة:" أوحد في الطب، قدوة في الحكم، مفرط الذكاء، فصيح اللفظ، شديد الحرص في العلوم، متقن في الآداب، فما يدانيه في شعره لبيد، ولا في ترسّله عبد الحميد «1» . [الطويل]
ولما رأيت الناس دون محلّه
…
تيقّنت أن الدهر للناس ناقد «2»
مولده بحلب سنة سبع وستمائة، وأتى دمشق وقرأ على المهذب عبد الرحيم، وخدم المنصور إبراهيم صاحب حمص، وكان يعتمد عليه، وأحواله تزداد لديه حتى استوزره واعتمد عليه بكليّته، فلما توفي المنصور بعد كسره الخوارزميّة «3» ، توجّه إلى الخدمة الصالحية النجميّة «4» بمصر، فأكرم وجعل له كل شهر ثلاثة آلاف درهم، وبقي على ذلك مدة، ثم وجه إلى الشام ناظرا على الديوان، بجميع الممالك الشامية".
وله نثر؛ منه قوله وقف الخادم على المشرفة الكريمة:" أدام الله نعمة المنعم بما
أودعها من النعم الجسام، واقتضته من الأريحية «1» التي أربى فيها على كل من تقدّمه من الكرام، وأبان فيها عما يقضي على الخادم بالاسترقاق، وللدولة- خلّدها الله تعالى- بمزايا الاستحقاق، وكلما أشار المولى إليه هو كما نص عليه، لكنه يعلم بسعادته أن الفرض تمر مرّ السحاب، [وأن الأمور المعينة في الأوقات المحدودة تحتاج إلى تلافي الأسباب]«2» ، وقد ضاق الوقت بحيث لا يحتمل التأخير، والمولى يعلم أن المصلحة تقديم النظر في هذا المهم على جميع أنواع التدبير. وما الخادم مع المولى في هذا إلا كسهم: والمولى مسدّده، والسيف:
والمولى مجرّده، فالله الله في العجلة، والبدار البدار، فقد ظهرت مخايل السعادة والانتصار، والحذر الحذر من التأخير والإهمال، فيفوت- والعياذ بالله- الأوقات التي ترجو فيها بلوغ الآمال، والمسؤول من كرم الله تعالى أن ينهض المملوك في خدمة السلطان بما يبيّض وجه أمله، ويكون ذلك على يد المولى وبقوله وعمله".
ومن شعره قوله يمدح سيدنا- على نبينا وعليه الصلاة والسلام-: [الكامل]
هذي المهابة والجلال الهائل
…
بهرا، فماذا أن يقول القائل؟
وبك اقتدى جلّ النبيين الألى
…
ولديك أضحت حجة ودلائل
أظهرت إبراهيم أعلام الهدى
…
والخير والمعروف جودك عامل
شيدت أركان الشريعة معلنا
…
ومقرّرا أن الإله الفاعل
ما زلت تنقل للنبوة سرها
…
حتى غدا بمحمد هو واصل
وقد التجأت إلى جنابك خاضعا
…
متوسّلا وأنا الفقير السائل