المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌98- أمين الدولة ابن التلميذ - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٩

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء التاسع]

- ‌[تراجم الحكماء والفلاسفة]

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[المقدمة]

- ‌[من الحكماء المشارق]

- ‌1- أما (هرمس الأول)

- ‌2- وأما (هرمس الثاني)

- ‌3- وأما (هرمس الثالث) :

- ‌4- فيثاغورس

- ‌5- سقراط

- ‌6- أفلاطون

- ‌7- أرسطوطاليس

- ‌8- يعقوب بن إسحاق الكنديّ

- ‌9- أحمد بن الطّيّب السّرخسيّ

- ‌10- كنكه الهندي

- ‌11- صنجهل الهندي

- ‌12- أبو نصر الفارابيّ

- ‌13- يحيى بن عدي

- ‌14- أبو بكر محمّد بن زكريّاء الرّازيّ

- ‌15- أبو سليمان السّجستاني

- ‌16- ابن الخمّار

- ‌17- أبو الفرج بن هندو

- ‌18- الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا

- ‌ومن رسائله:

- ‌[وصية ابن سينا]

- ‌ومن شعر الشيخ الرئيس قاله في النفس

- ‌19- أبو الفرج عبد الله بن الطيب

- ‌20- أبو المؤيد محمد بن محمد بن المجلي الجزري، المعروف بابن الصايغ

- ‌21- ابن الخطيب الرّازيّ، ابن خطيب الرّيّ، وهو: محمّد بن عمر بن الحسين، أبو عبد الله- الإمام فخر الدّين

- ‌22- القطب المصريّ وهو: إبراهيم بن عليّ بن محمّد السّلميّ أبو إسحاق

- ‌23- عبد اللّطيف البغدادي

- ‌24- ابن الخوييّ: أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى، الشّافعيّ، شمس الدّين، أبو العبّاس

- ‌25- الرّفيع الجيليّ: أبو حامد، عبد العزيز بن عبد الواحد ابن إسماعيل بن عبد الهادي

- ‌26- الشّهاب السّهرورديّ المقتول: يحيى بن حبش بن أميرك

- ‌27- الخسرو شاهيّ: عبد الحميد بن عيسى، بن عمّويه، بن يونس، ابن خليل شمس الدّين، أبو محمّد، التبريزيّ، الشّافعيّ

- ‌29- البديع الاصطرلابيّ: وهو بديع الزّمان أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن أحمد البغداديّ

- ‌31- النّصير الطّوسيّ: محمد بن محمد بن الحسن، نصير الدّين، أبو عبد الله، الطّوسيّ الفيلسوف

- ‌32- القطب الشّيرازيّ: [محمود بن مسعود بن مصلح الفارسيّ

- ‌33- الشّيخ صفيّ الدّين الهنديّ: [محمد بن عبد الرّحيم بن محمد الأرمويّ، أبو عبد الله، صفي الدين

- ‌34- علي بن إسماعيل بن يوسف الإمام العلامة القدوة العارف ذو الفنون الشيخ علاء الدين قاضي القضاة شيخ الشيوخ أبو الحسن القونوي التبريزي

- ‌35- القاضي جلال الدّين القزوينيّ، أبو المعالي محمد ابن القاضي سعد الدّين أبي القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد الشّافعيّ الدّلفيّ

- ‌37- الشّيخ شمس الدّين الأصفهانيّ، وهو: محمود بن أبي القاسم بن أحمد، أبو الثّناء

- ‌ومن فلاسفة المغاربة، وحكمائها، ومتكلميها ممن كان بالأندلس:

- ‌38- يحيى بن يحيى، أبو بكر، المعروف بابن السّمينة

- ‌41- أبو الحكم الكرمانيّ: عمرو بن عبد الرّحمن بن أحمد بن عليّ

- ‌42- ابن واقد [الوزير، أبو المطرّف عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الكبير بن يحيى ابن واقد بن مهنّد اللّخميّ]

- ‌43- محمد بن يوسف المنجّم

- ‌45- المبشّر بن فاتك: وهو: الأمير محمود الدّولة أبو الوفاء الآمريّ

- ‌48- محمد بن إبراهيم المتطبب صلاح الدين المعروف بابن البرهان الجرائحي

- ‌49- ابن الأكفاني: محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاريّ، شمس الدّين أبو عبد الله السّنجاريّ المولد والأصل، المصري الدار

- ‌فأما أول من استخرج الطب فرجلان:

- ‌50- اسقليبيوس بن ريوس

- ‌51- أيلق

- ‌أطباء العرب ممن كانوا في أول ظهور الإسلام ومن بعدهم

- ‌52- الحارث بن كلدة الثّقفيّ

- ‌53- النّضر بن الحارث بن كلدة

- ‌54- عبد الملك بن أبجر الكنانيّ

- ‌55- ابن أثال

- ‌56- أبو الحكم

- ‌57- حكم الدّمشقيّ

- ‌58- عيسى بن حكم الدّمشقيّ المعروف بالمسيح

- ‌59- تياذوق

- ‌60- زينب طبيبة بني أود

- ‌أطبّاء السّريان الكائنين في ابتداء الدولة العباسية:

- ‌61- جورجيس بن جبريل [بن يختيشوع]

- ‌63- جبريل بن بختيشوع بن جورجيس

- ‌64- بختيشوع بن جبريل بن بختيشوع

- ‌65- جبيرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع

- ‌66- خصيب النصراني

- ‌67- عيسى المعروف بأبي قريش

- ‌68- ابن اللجلاج

- ‌69- عبد الله الطيفوري

- ‌70- إسرائيل بن زكريا الطيفوري

- ‌71- يزيد بن [زيد] بن يوحنّا

- ‌72- عبدوس بن زيد

- ‌73- ماسرجويه «طبيب البصرة»

- ‌74- سلمويه بن بنان «متطبّب المعتصم»

- ‌75- إبراهيم بن فزارون

- ‌76- إبراهيم بن أيوب الأبرش

- ‌78- يوحنّا بن ماسويه

- ‌79- ميخائيل بن ماسويه

- ‌80- حنين بن إسحاق العبادي

- ‌81- إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي أبو يعقوب

- ‌82- يوحنا بن بختيشوع

- ‌83- ثابت بن قرة الحرّاني، أبو الحسن

- ‌84- سنان بن ثابت بن قرة

- ‌85- ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني

- ‌86- ابن وصيف الصابئ

- ‌87- غالب «طبيب المعتضد»

- ‌88- صاعد بن بشر بن عبدوس أبو منصور

- ‌89- ديلم

- ‌90- فنّون المتطبّب

- ‌91- نظيف- القسّ الرّومي

- ‌92- ابن بطلان، أبو الحسن المختار بن عبدون بن سعدون ابن بطلان النصراني

- ‌93- أحمد بن أبي الأشعث

- ‌94- أبو سهل النيلي. وهو: سعيد بن عبد العزيز

- ‌95- ابن الواسطي «طبيب المستظهر»

- ‌96- أبو طاهر البرخشي، أحمد بن محمد بن العباس

- ‌97- أبو غالب ابن صفية

- ‌98- أمين الدولة ابن التلميذ

- ‌99- معتمد الملك أبو الفرج يحيى بن صاعد بن يحيى بن التلميذ

- ‌100- أوحد الزمان وهو أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البلدي ثم البغدادي

- ‌101- أبو القاسم هبة الله بن الفضل البغدادي

- ‌102- فخر الدين المارديني

- ‌103- أبو نصر المسيحي

- ‌104- أبو الفرج ابن توما

- ‌طبقات الأطباء ببلاد العجم

- ‌105- تياذورس

- ‌106- ربن الطبري

- ‌107- علي بن سهل بن ربن الطبري أبو الحسين

- ‌108- أحمد بن محمد الطبري

- ‌109- أبو منصور: الحسن بن نوح القمريّ

- ‌110- أبو سهل عيسى بن يحيى المسيحي الجرجاني

- ‌111- السيد أبو عبد الله محمد بن [يوسف] الإيلاقي

- ‌112- أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني

- ‌113- أحمد بن عبد الرحمن بن مندويه الأصبهاني، أبو علي

- ‌114- أبو القاسم عبد الرحمن بن علي ابن أحمد بن أبي صادق النيسابوري

- ‌115- السّموأل بن يحيى بن عباس

- ‌116- الشريف شرف الدين إسماعيل

- ‌أطبّاء الهند

- ‌117- شاناق الهندي

- ‌118- منكه الهندي

- ‌119- صالح بن بهلة الهندي

- ‌أطبّاء الشّام

- ‌120- أبو الفرج جرجس بن توما بن سهل بن إبراهيم اليبرودي

- ‌121- ظافر بن جابر السكري أبو حكيم

- ‌122- أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي

- ‌123- ابنه: أبو المجد [محمد] بن أبي الحكم؛ أفضل الدولة

- ‌124- ابن البذوخ: أبو جعفر بن موسى بن علي القلعي

- ‌125- حكيم الزمان أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن حسان الغساني الجلياني

- ‌126- المهذّب ابن النقاش

- ‌127- سكرة اليهودي الحلبي

- ‌129- ابن اللبّودي: يحيى بن محمد بن عبدان بن عبد الواحد

- ‌130- الرضي الرحبي، يوسف بن حيدرة بن الحسن أبو الحجاج

- ‌131- الشرف علي شرف الدين أبو الحسن

- ‌132- عمران [بن صدقة] الإسرائيلي

- ‌133-[موفق الدين] يعقوب بن صقلاب النصراني

- ‌134- رشيد الدين الصوري أبو المنصور ابن أبي الفضل بن علي

- ‌136- صدقة بن منجا بن صدقة السامري

- ‌137- المهذب يوسف بن أبي سعيد بن خلف السامري

- ‌138- أمين الدولة أبو الحسن بن غزال بن أبي سعيد السامري

- ‌139- المهذّب الدّخوار: أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن حامد

- ‌140- الرشيد علي بن حليقة بن يونس بن أبي القاسم بن خليقة الأنصاري الخزرجي

- ‌141- ابن قاضي بعلبك: المظفر بن عبد الرحمن بن إبراهيم

- ‌142- العماد الدّنيسري: محمد بن العباس بن أحمد بن عبيد الربعي أبو عبد الله

- ‌143- العز السويدي: إبراهيم بن محمد الأنصاري الأوسي، عز الدين أبو إسحاق

- ‌144- موفق الدين يعقوب السامري أبو يوسف يعقوب بن غنائم

- ‌145- أبو الفرج يعقوب بن إسحاق بن القف النصراني

- ‌146- المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌147- النفيس أبو الفرج ابن إسحاق بن أبي الخير السامري

- ‌148- الأمين سليمان الحكيم وهو سليمان بن داود

- ‌149- أحمد بن شهاب الدين أبو محمد الكحال الجرائحي

- ‌150- الفتح السامري: هو ابن يوسف بن إسحاق بن مسلم

- ‌151- غنائم السامري، وهو ابن المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌فأما أطباء الغرب بما وقع في جانبه من مصر والاسكندرية

- ‌152- إسحاق بن عمران

- ‌153- إسحاق بن سليمان الإسرائيلي أبو يعقوب

- ‌154- أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد المعروف: بابن الجزار القيرواني أبو جعفر

- ‌155- حمدون أثا

- ‌156- يحيى بن إسحاق

- ‌157- أبو داود بن جلجل: وهو سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل الحكيم

- ‌159- الغافقي: وهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سند

- ‌161- أبو محمد المصري

- ‌162- أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني

- ‌163- أبو مروان عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر الإيادي الإشبيلي

- ‌164- أبو العلاء زهر بن عبد الملك

- ‌165- ابنه أبو مروان ابن أبي العلاء، واسمه عبد الملك

- ‌166- أبو محمد ابن الحفيد أبي بكر بن زهر

- ‌167- أبو جعفر ابن الغزال

- ‌168- أبو العباس ابن الرومية، وهو أحمد بن محمد بن مفرّج النباتي

- ‌169- ابن الأصم

- ‌أما أطباء مصر:

- ‌170- بليطيان

- ‌171- سعيد بن توفيل

- ‌172- سعيد بن البطريق

- ‌173- التميمي: وهو أبو عبد الله محمد بن سعيد التميمي

- ‌174- ابن الهيثم: وهو أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم البصري ثم المصري

- ‌175- علي بن رضوان

- ‌176- افرائيم [بن الزفّان] الإسرائيلي

- ‌177- سلامة بن رحمون أبو الخير

- ‌178- بلمظفر ابن معرف: وهو نصر بن محمود بن المعرّف

- ‌179- أبو عمر وعثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقيل القيسي جمال الدين

- ‌180- ابنه الفتح [فتح الدين بن جمال الدين بن أبي الحفائر]

- ‌181- ابنه المهذب [شهاب الدين ابن فتح الدين]

- ‌182- الخونجي: محمد بن ناماور أفضل الدين أبو عبد الله

- ‌183- أبو سليمان داود بن أبي المنى ابن فانة

- ‌184- ابنه: الموفق أبو شاكر موفق الدين

- ‌185- الرشيد أبو حليقة: وهو أبو الوحش ابن الفارس ابن أبي الخير بن أبي سليمان داود ابن أبي المنى ابن فانة

- ‌186- ابنه المهذب: أبو سعيد محمد بن أبي حليقة

- ‌187- أبو سعيد بن موفق الدين يعقوب

- ‌188- ابن البيطار: عبد الله بن أحمد المالقي النباتي، ضياء الدين أبو محمد

- ‌189- علي بن أبي الحزم: علاء الدين ابن النفيس القرشي الدمشقي

- ‌190- أحمد المغربي

- ‌191- السديد الدمياطي

- ‌192- فرج الله بن صغير

- ‌193- محمد بن صغير، ناصر الدين

- ‌مصادر التحقيق

- ‌الفهرست

الفصل: ‌98- أمين الدولة ابن التلميذ

بعد أيمان حلفوه عليها. فأقام مدة وفي نفسه من فعلتهم بأبيه، فشرع في العمل عليهم، وابن صفية على ما هو عليه من نقل خبره، فطلبه المستضيء ليلا وطلب منه ترتيب دواء قتّال ليقتل به عدوّا له، فعمله واجتهد فيه، فلما أحضره قال له:

استفّ منه حتى نجرّب فعله!. فتلوّى من ذلك وقال: الله الله فيّ. فقال له:

الطبيب من تجاوز حدّه فليس له إلا هذا أو السيف. فاستفّ ذلك الدواء، ففرّ من الهلاك إلى الهلاك. ثم خرج من الدار وكتب إلى قايماز بما كان، وقال له:" والانتقال من أمري إلى أمركم". ثم هلك. وعزم قايماز على الإيقاع بالخليفة فردّه الله، وهرب إلى الموصل، فمرض في الطريق ثم دخل الموصل فمات بها.

ومنهم:

‌98- أمين الدولة ابن التلميذ

«13»

كان فرد قرانه، وندّ أقرانه، وبلغ بعلمه مبالغ الأشراف، ووصل في فهمه إلى حدّ الإشراف، وكان يتكلّم في مجالس الخلفاء متبسّطا، ويتقدّم في مجال السؤال للضعفاء متوسّطا، لسابقة خدمه، وباسقة صنعه في بيت الإمامة دون باقي خدمه، ولما تحلّت به شيمه من مآثر، وحلت باديه مما لا يقدر عليه مكاثر، حتى كان يناظر جلّة الفقهاء، وجملة أهل العلم سوى السفهاء، ويفترس الأدباء، ويفترش لمواطيه الأطباء، ويضرب بقلمه عصا ابن البوّاب «1» ، ويطرف طرف

ص: 444

طرسه مقلة ابن مقلة «1» ، وهو على دينه المخالف، وتعود ملته في الخوالف، يكره الصدور، وتخبر خبره البدور.

قال ابن أبي أصيبعة «2» :" هو الأجلّ موفق الملك أمين الدولة أبو الحسن هبة الله بن أبي العلاء صاعد بن إبراهيم بن التلميذ، أوحد زمانه في صناعة الطب، ومباشرة أعمالها، وكان في أول أمره قد سافر إلى بلاد العجم، وبقي بها سنين كثيرة في الخدمة، وكان جيّد الخطّ، يكتب المنسوب في نهاية الحسن والصّحّة، وكان عارفا بالسرياني والفارسي، متبحّرا في العربية، وله شعر مستظرف، وهو من بيت كتابة، وكان هو وأوحد الزمان [أبو البركات] يخدمان المستضيء، وكان أوحد الزمان أبصر بالحكمة، وابن التلميذ أبصر بالطب، وكان بينهما شنآن «3» ، إلا أن ابن التلميذ كان أعقلهما، وخيرهما فعلا، وسعى أوحد الزمان عليه حتى كاد يرديه، ثم رد عليه كيده فوهب ماله ودمه لابن التلميذ، فعفا

ص: 445

عنه. وإن مما قال فيه: [البسيط]

لنا صديق يهودي حماقته

إذا تكلم تبدو فيه من فيه

يتيه والكلب أعلى منه منزلة

كأنه بعد لم يخرج من التيه

وقد قيل فيهما: [الوافر]

أبو الحسن الطبيب ومقتفيه

أبو البركات في طرفي نقيض

فهذا بالتواضع في الثريا

وهذا بالتكبر في الحضيض

قال عبد اللطيف البغدادي:" كان أمين الدولة حسن العشرة كريم الأخلاق، وعنده سخاء ومروءة، وأعمال في الطب مشهورة، وحدوس صائبة، منها: أنه أحضرت إليه امرأة محمولة لا يعرف أهلها في الحياة هي أم في الممات؟ وكان الزمان شتاء، فأمر بتجريدها، وصب الماء المبّرد عليها صبا متتابعا كثيرا، ثم بنقلها إلى مجلس دافئ قد بخّر بالعود والنّدّ، ودثّرت بأصناف الفراء ساعة، فعطست وقعدت، وخرجت ماشية مع أهلها إلى منزلها".

قال:" ودخل إليه رجل مترف، يعرق دما في زمن الصيف، فسأل تلاميذه وكانوا خمسين نفسا، فلم يعرفوا المرض. فأمره أن يأكل خبز شعير مع باذنجان مشوي. ففعل ذلك ثلاثة أيام، فبرأ، فسأله أصحابه عن العلة؟ فقال: إن دمه قد رقّ، ومسامّه قد تفتّحت، وهذا الدواء من شأنه تغليظ الدم، وتكثيف المسام".

قال:" ومن مروءته أن ظهر داره كان يلي النظامية، فإذا مرض فقيه نقله إليه، وقام في مرضه عليه، فإذا برأ وهب له دينارين وصرفه".

ومما حكاه أيضا عن أمين الدولة، وكان قد تجاوز في هذه الحكاية، قال:" وكان أمين الدولة لا يقبل عطية إلا من خليفة أو سلطان، فعرض لبعض الملوك

ص: 446

النائية داره مرض مزمن، فقيل له: ليس لك إلا ابن التلميذ. وهو لا يقصد أحدا.

فقال: أنا أتوجّه إليه!. فلما وصل أفرد له ولغلمانه دورا وأفاض عليه من الجرايات قدر الكفاية، ولبث مدة، فبرئ الملك وتوجّه إلى بلاده وأرسل إليه مع بعض التجار أربعة آلاف دينار، وأربعة تخوت عتابي، وأربعة مماليك، وأربعة أفراس، فامتنع من قبولها، وقال: إن عليّ يمينا لا أقبل من أحد شيئا. فقال التاجر: هذا مقدار كثير. قال: لما حلفت ما استثنيت. وأقام شهرا يراوده ولا يزداد إلا إباء.

فقال له عند الوداع: ها أنا أسافر ولا ارجع إلى صاحبي، وأتمتع بالمال، فتتقلّد منّته وتفوتك منفعته، ولا يعلم أحد بأنك رددته!. فقال: ألست أعلم في نفسي أني لم أقبله؟ فنفسي تشرف بذلك، علم الناس أو جهلوا".

وحدّثنا الحكيم مهذّب الدين عبد الرحيم بن علي قال: حدّثني الشيخ موفق الدين أسعد بن إلياس بن المطران، قال: حدّثني أبي قال: حدثني أبو الفرج بن توما، وأبو الفرج المسيحي قالا:" كان الأجلّ أمين الدولة ابن التلميذ جالسا ونحن بين يديه-: استأذنت عليه امرأة ومعها صبيّ صغير، فأدخلت عليه فحين رآها بدرها فقال: إن صبيّك هذا به حرقة البول، وهو يبول الرمل!. فقالت:

نعم. فقال: فيستعمل كذا وكذا، وانصرفت. قالا: فسألناه عن العلامة الدالّة على أنّ به ذلك، وأنه لو أن الآفة في الكبد أو الطحال لكان اللون من الاستدلال مطابقا. فقال: حين دخل رأيته يولع بإحليله ويحكّه ووجدت أنامل يديه مشقّقة قاحلة. فعلمت أن الحكة من الرمل، وإن تلك المادة الحادّة الموجبة للحكة والحرقة، ربما لا مست أنامله عند ولوعه بالقضيب فتقحّل وتشقّق، فحكمت بذلك. وكان موافقا".

ومن نوادر أمين الدولة وحسن إشاراته، أنه كان يوما عند المستضيء بالله وقد أسنّ أمين الدولة، فلما نهض للقيام توكّأ على ركبتيه، فقال له الخليفة:

ص: 447

كبرت يا أمين الدولة. فقال: نعم يا أمير المؤمنين، وتكسّرت قواريري. ففكّر الخليفة في قول أمين الدولة، وعلم أنه لم يقله إلا لمعنى قد قصده، وسأل عن ذلك، فقيل له: إن الإمام المستنجد بالله كان قد وهبه ضيعة تسمى قوارير وبقيت في يده زمانا، ثم من مدة ثلاث سنين حط الوزير يده عليها، فتعجّب الخليفة من حسن أدب أمين الدولة، وأنه لم ينه أمرها إليه ولا عرض بطلبها، ثم أمر الخليفة بإعادة الضيعة إلى أمين الدولة وأن لا يعارض في شيء من ملكه.

ومن شعره قوله في ولده وكان غاية في الدين: [المنسرح]

أشكو إلى الله صاحبا شكسا

تسعفه النفس وهو يسعفها

فنحن كالشمس والهلال معا

تكسبه النور وهو يكسفها

وقوله: [المتقارب]

إذا وجد الشيخ في نفسه

نشاطا، فذلك موت خفي

ألست ترى أن ضوء السراج

له لهب قبل أن ينطفي

وقوله: [مجزوء الكامل]

قال الأنام، وقد رأوه

مع الحداثة، قد تصدّر:

من ذا المجاوز قدره؟

قلت: المقدّم بالمؤخّر

وقوله: [مجزوء الكامل]

قد قلت للشيخ الجليل

الأريحي أبي المظفر:

ذكّر فلان الدين بي

قال: لا يذكّر

وقوله: [الكامل]

العلم للرجل اللبيب زيادة

ونقيصة للأحمق الطيّاش

ص: 448

مثل النهار يزيد أبصار الورى

نورا، ويغشي أعين الخفّاش

وقوله: [الوافر]

أجدّك، إن من شيم الليالي

العنيفة أن تجوز على اللهيف

كمثل اللحظ أغلب ما تراه

يصب أذاه في العضو الضعيف

وقوله: [البسيط]

لا تحسبنّ سواد الخال عن خلل

من الطبيعة، أو إحداثه غلطا

وإنما قلم التصوير حين جرى

بنون حاجبه، في خده نقطا

وقوله: [الطويل]

براني الهوى بري المدى فأذابني

صدودك، حتى صرت أنحل من أمس

ولست أرى حتى أراك، وإنما

يبين هباء الذر في أفق الشمس

وقوله مما يكتب على حصير: [الكامل]

أفرشت خدي للضيوف ولم يزل

خلقي التواضع للبيب الأكيس

فتواضعي أعلا مكاني بينهم

طورا، فصرت أحل صدر المجلس

وقوله: [المتقارب]«1»

وحقك إني مذ بنت عنك

قلبي حزين ودمعي هتون

فلله أيامنا الخاليات

لو رد سالف الدهر حنين

وإني لأرعى عهود الصفا

ويكلؤها لك ود دفين

ولم لا يكون، ونحن اليدا

ن، أنت بفضلك منها اليمين

ص: 449