الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: [مخلع البسيط]
أي هلال أطلّ فينا
…
مطلعه الطوق والجيوب
يقودنا كيف شاء طوعا
…
لأن أعوانه القلوب
ومنهم:
162- أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني
«13»
رجل يرتع في حديقته، ويرجع الفضل إلى حقيقته، لا يقف سيف ذهنه عند حد، ولا يخرج ما سمع في حافظته من لجد حسيا في الطلب، لا ينال باللمس، ونسبا في الأدب إلا أن أمية بن عبد العزيز لا يقاس به به أمية بن عبد شمس.
قال ابن خلكان:" كان فاضلا في علوم الآداب، صنّف كتابه الذي سماه:
الحديقة. على أسلوب يتيمة الدهر للثعالبي وكان عارفا بفن الحكمة، وكان يقال له الأديب الحكيم، وكان ماهرا في علوم الأوائل، وانتقل من الأندلس، وسكن الإسكندرية، ثم انتقل إلى المهدية، فمات بها، وذكره العماد في الخريدة وأثنى عليه".
وذكره ابن أبي أصيبعة، وقال:" وهو من الأكابر الفضلاء في الطب وغيره،
وبلغ في الطب مبلغا لم يصل إليه غيره من الأطباء، وحصل من الأدب ما لم يدركه كثير من الأدباء، وكان فريدا في علم الرياضي، مجيدا في صنعة الموسيقى، جيد اللعب بالعود، لطيف النادرة، فصيح اللسان، جيد المعاني، لشعره رونق، وأتى مصر وأقام مدة بالقاهرة، ثم عاد إلى الأندلس، وحبس بالإسكندرية، لأنه كان قد غرق بها مركب فيه أموال جليلة، فالتزم بعمل آلات يخرج بها المركب بما فيه، وشرع في عمل الآلة بحبال الإبريسم، تنطوي على دواليب، ليرفع بها المركب الغارق، فغرم عليها جملة طائلة، فلما ظهر المركب الغارق وقارب الخارج، ثقل على الحبال، فقطعها وسقط إلى قعر البحر، فغضب الوالي عليه، وحبسه، فكتب إلى ابن الصيرفي يستشفع به، وبعث إليه بقصيدتين، يمدح بهما الأفضل ابن أمير الجيوش.
وأول الأولى: [مجزوء الكامل]
الشمس دونك في المحل
…
والطيب ذكرك بل أجل
وأول الثانية: [الكامل]
نسخت غرائب مدحك التشبيبا
…
وكفى بها غزلا ونسيبا
فأجابه بجواب وهو: [الطويل]
لئن سترتك الجدر عنا فربما
…
رأينا جلابيب السحاب على الشمس
وردتني رقعة مولاي فأخذت في تقبيلها كأني ظفرت بيد مصدّرها، أو تمكنت من أنامل مسطرها، ووقفت على ما تضمنته من الفضل الباهر، وما أودعته من الجواهر التي قذف بها فيض الخاطر:[الطويل]
نكرر طورا من قراة فصوله
…
فإن نحن أتممنا قراءته عدنا
إذا ما نشرناه فكالمسك نشره
…
ونطويه لا طيّ السآمة بل ضنّا
فأما ما اشتملت عليه من الرضا فحكم الدهر ضرورة، وكون ما اتفق عارض بتحقق ذهابه ومروره ثقة بعواطف السلطان ومراحمه، وسكونا إلى ما جبلت النفوس عليه من معرفة فواضله ومكارمه، فهذا قول مثله ممن طهر الله دينه ونزّه من الشكوك ضميره ويقينه:[الكامل]
لا يؤيسنك من تفرج كربة
…
خطب رماك به الزمان الأنكد
صبرا فإن اليوم يتبعه غد
…
ويد الخلافة لا تطاولها يد
وأما ما أشار إليه من أن الذي مني به من تمحيص أوزار سبقت، وتنقيص ذنوب اتفقت، فقد حاشاه الله من الدنايا، وبرأه من الآثام والخطايا، بل ذلك اختبار لتوكله وثقته كما يبتلى المؤمنون الأتقياء، ويمتحن البررة الأولياء، والله يدبره بأحسن التدبير، ويقضي له بتسهيل كل عسير، وقد اجتمعت بفلان فأعلمني أنه تحت وعد، وأنه ينتظر فرصة من التذكار ينتهزها ويغتنمها، ويرتقب فرجة للتقاضي يتولجها ويقتحمها، والله يعينه على ما يضمر من ذلك وينويه، ويوفقه فيما يحاوله ويبغيه، وأما القصيدتان فما عرفت أحسن منهما مطلعا ولا أجود متصرفا ومتقطعا، ولا أملك للقلوب والأسماع، ولا أجمع للإغراب والإبداع، ولا أكمل في فصاحة الألفاظ وتمكن القوافي، ولا أكثر تناسبا على كثرة ما في الأشعار من التباين والتناهي، ووجدتهما يزدادان حسنا في التكرير والترديد، وتفاءلت فيهما بترتيب قصيدة الإطلاق بعد قصيدة التقييد، والله يحقق رجائي في ذلك وأملي، ويقرب ما أتوقعه، فمعظم السعادة فيه لي، ثم أطلق سراحه.
ومن شعره: قوله في حالي نجم الثريا مشرقا ومغربا، وطالعا:[المتقارب]
رأيت الثريا لها حالتان
…
منظرها فيهما معجب
لها عند مشرقها صورة
…
يريك مخالفها المغرب
فتطلع كالكأس إذ تستحث
…
وتغرب كالكأس إذ يشرب
وقوله «1» : [المنسرح]
لله يومي ببركة الحبش
…
والأفق بين الضياء والغبش
ونحن في روضة مفوفة
…
دبّج بالنور عطفها ووشي
قد نسجتها يد الربيع لنا
…
فنحن من نسجها على فرش
وأثقل الناس كلهم رجل
…
دعاه داعي الصبا فلم يطش «2»
فعاطني الراح إن تاركها
…
من سورة الهم غير منتعش
وأسقني بالكبار مترعة
…
فتلك أروى لشدة العطش
وقوله: [الكامل]
وا رحمتاه لمعذب يشكو الجوى
…
بمنعّم يشكو فراغ البال
نشوان من خمرين خمر زجاجة
…
عبثت بمقلته وخمر دلال
لا يستفيق وهل يفيق لحاله
…
من ريق فيه سلافة الجريال «3»
علم العدو بما لقيت فرقّ لي
…
ورأى الحسود بليتي فرثى لي
وقوله: [الطويل]
إذا كان أصلي من تراب فكلها
…
بلادي وكل العالمين أقاربي
ولا بدّ لي أن أسأل العيس حاجة
…
تشق على شم الذرى والغوارب
وقوله: [الكامل]
دب العذار بخده ثم انثنى
…
عن لثم مبسمه البرود الأشنب
لا غرو إن حشي الردى في لثمه
…
فالريق سم قاتل للعقرب
وقوله:
كيف لا تبلى غلائله
…
وهو بدر وهي كتان!
وقوله يصف فرسا أشهب:
وأشهب كالشهاب أضحى يجو
…
ل في مذهب الجلال
من أنجم الصبح بالثريا
…
وأسرج البرق بالهلال
وقوله في طبيب اسمه شعبان: [الرمل]
يا طبيبا ضجر العا
…
لم منه وتبرم
فيك شهران من العا
…
م إذا العام تصرّم
أنت شعبان ولكن
…
قتلك الناس محرم
وقوله: [الطويل]
يقولون لي صبرا وإني لصابر
…
على نائبات الدهر وهي فواجع
سأصبر حتى يقضي الله ما قضى
…
وإن أنا لم أصبر فما أنا صانع
وقوله: [السريع]
ساد صغار الناس في عصرنا
…
لا دام من عصر ولا كانا
كالدست «1» مهما هم أن ينقضي
…
عاد به البيدق»
فرزانا «3»
وقوله وقد رأى مليحا أبيض قد قام فجاء قبيح أسود قعد مكانه: [الطويل]
مضت جنة المأوى وجاءت جهنم
…
فقد صرت أشقى بعد ما كنت أنعم
وما هي إلا الشمس حان أفولها
…
وأعقبها قطع من الليل مظلم
وقوله: [الطويل]
وقائلة: ما بال مثلك خاملا
…
أأنت ضعيف الرأي أم أنت عاجز؟
فقلت لها: ذنبي إلى القوم أنني
…
لما لم يحوزوه من المجد حائز
وما فاتني شيء سوى الحظ وحده
…
وأما المعالي فهي عندي غرائز
وقوله: [الرجز]
جدّ بقلبي وعبث
…
ثم مضى وما اكترث
وا حربا من شادن «4»
…
في عقد الصبر نفث
يقتل من شاء بعيني
…
هـ ومن شاء بعث!
فأي ودّ لم يخن
…
وأي عهد ما نكث!؟
وقوله: [الكامل]
ومهفهف تركت محاسن وجهه
…
ما مجّه الكاس من إبريقه
ففعالها في مقلتيه ولونها
…
من وجنتيه وطعمها من ريقه
وقوله: [البسيط]
وقمت إذ قعد الأملاك كلهم
…
تذب عنه وتحميه وتنتصر
بالبيض تسقط فوق البيض أنجمها
…
والسمر تحت ظلال النقع تشتجر
بيض إذا خطبت بالنصر ألسنها
…
فمن منابرها الأكباد والقصر «1»
وذبّل من رماح الخط مشرعة
…
في طولهن لأعمار العدا قصر
تغشى به غمرات الموت أسد شرى
…
من الكماة إذا ما استنجدوا ابتدروا
مستثلمين «2» إذا سلّوا سيوفهم
…
شبهتها خلجا مدت بها غدر
ترتاح أنفسهم نحو الوغى طربا
…
كأنما الدم راح والظّبى زهر
الله زان بك الأيام من ملك
…
لك الحجول «3» من الأيام والغرر
وللعجاج «4» على صم القنا طلل
…
هي الدخان وأطراف القنا سرر
إذ يرجع السيف يبدي خده علقا
…
كصحفة البكر أدمى خدها الخفر
أما يهولك ما لاقيت من عدد
…
سيان عندك قلّ القوم أو كثروا
فاضرب بسيفك من ناواك منتقما
…
إن السيوف لأهل البغي تدّخر
ما كل وقت ترى الأملاك صافحة
…
عن الجرائر تعفو حين تقتدر
ومن ذوي البغي من لا يستهان به
…
وفي الذنوب ذنوب ليس تغتفر
إن الرماح غصون يستظلّ بها
…
وما لهنّ سوى هام العدا ثمر