المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌162- أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٩

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء التاسع]

- ‌[تراجم الحكماء والفلاسفة]

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[المقدمة]

- ‌[من الحكماء المشارق]

- ‌1- أما (هرمس الأول)

- ‌2- وأما (هرمس الثاني)

- ‌3- وأما (هرمس الثالث) :

- ‌4- فيثاغورس

- ‌5- سقراط

- ‌6- أفلاطون

- ‌7- أرسطوطاليس

- ‌8- يعقوب بن إسحاق الكنديّ

- ‌9- أحمد بن الطّيّب السّرخسيّ

- ‌10- كنكه الهندي

- ‌11- صنجهل الهندي

- ‌12- أبو نصر الفارابيّ

- ‌13- يحيى بن عدي

- ‌14- أبو بكر محمّد بن زكريّاء الرّازيّ

- ‌15- أبو سليمان السّجستاني

- ‌16- ابن الخمّار

- ‌17- أبو الفرج بن هندو

- ‌18- الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا

- ‌ومن رسائله:

- ‌[وصية ابن سينا]

- ‌ومن شعر الشيخ الرئيس قاله في النفس

- ‌19- أبو الفرج عبد الله بن الطيب

- ‌20- أبو المؤيد محمد بن محمد بن المجلي الجزري، المعروف بابن الصايغ

- ‌21- ابن الخطيب الرّازيّ، ابن خطيب الرّيّ، وهو: محمّد بن عمر بن الحسين، أبو عبد الله- الإمام فخر الدّين

- ‌22- القطب المصريّ وهو: إبراهيم بن عليّ بن محمّد السّلميّ أبو إسحاق

- ‌23- عبد اللّطيف البغدادي

- ‌24- ابن الخوييّ: أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى، الشّافعيّ، شمس الدّين، أبو العبّاس

- ‌25- الرّفيع الجيليّ: أبو حامد، عبد العزيز بن عبد الواحد ابن إسماعيل بن عبد الهادي

- ‌26- الشّهاب السّهرورديّ المقتول: يحيى بن حبش بن أميرك

- ‌27- الخسرو شاهيّ: عبد الحميد بن عيسى، بن عمّويه، بن يونس، ابن خليل شمس الدّين، أبو محمّد، التبريزيّ، الشّافعيّ

- ‌29- البديع الاصطرلابيّ: وهو بديع الزّمان أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن أحمد البغداديّ

- ‌31- النّصير الطّوسيّ: محمد بن محمد بن الحسن، نصير الدّين، أبو عبد الله، الطّوسيّ الفيلسوف

- ‌32- القطب الشّيرازيّ: [محمود بن مسعود بن مصلح الفارسيّ

- ‌33- الشّيخ صفيّ الدّين الهنديّ: [محمد بن عبد الرّحيم بن محمد الأرمويّ، أبو عبد الله، صفي الدين

- ‌34- علي بن إسماعيل بن يوسف الإمام العلامة القدوة العارف ذو الفنون الشيخ علاء الدين قاضي القضاة شيخ الشيوخ أبو الحسن القونوي التبريزي

- ‌35- القاضي جلال الدّين القزوينيّ، أبو المعالي محمد ابن القاضي سعد الدّين أبي القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد الشّافعيّ الدّلفيّ

- ‌37- الشّيخ شمس الدّين الأصفهانيّ، وهو: محمود بن أبي القاسم بن أحمد، أبو الثّناء

- ‌ومن فلاسفة المغاربة، وحكمائها، ومتكلميها ممن كان بالأندلس:

- ‌38- يحيى بن يحيى، أبو بكر، المعروف بابن السّمينة

- ‌41- أبو الحكم الكرمانيّ: عمرو بن عبد الرّحمن بن أحمد بن عليّ

- ‌42- ابن واقد [الوزير، أبو المطرّف عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الكبير بن يحيى ابن واقد بن مهنّد اللّخميّ]

- ‌43- محمد بن يوسف المنجّم

- ‌45- المبشّر بن فاتك: وهو: الأمير محمود الدّولة أبو الوفاء الآمريّ

- ‌48- محمد بن إبراهيم المتطبب صلاح الدين المعروف بابن البرهان الجرائحي

- ‌49- ابن الأكفاني: محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاريّ، شمس الدّين أبو عبد الله السّنجاريّ المولد والأصل، المصري الدار

- ‌فأما أول من استخرج الطب فرجلان:

- ‌50- اسقليبيوس بن ريوس

- ‌51- أيلق

- ‌أطباء العرب ممن كانوا في أول ظهور الإسلام ومن بعدهم

- ‌52- الحارث بن كلدة الثّقفيّ

- ‌53- النّضر بن الحارث بن كلدة

- ‌54- عبد الملك بن أبجر الكنانيّ

- ‌55- ابن أثال

- ‌56- أبو الحكم

- ‌57- حكم الدّمشقيّ

- ‌58- عيسى بن حكم الدّمشقيّ المعروف بالمسيح

- ‌59- تياذوق

- ‌60- زينب طبيبة بني أود

- ‌أطبّاء السّريان الكائنين في ابتداء الدولة العباسية:

- ‌61- جورجيس بن جبريل [بن يختيشوع]

- ‌63- جبريل بن بختيشوع بن جورجيس

- ‌64- بختيشوع بن جبريل بن بختيشوع

- ‌65- جبيرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع

- ‌66- خصيب النصراني

- ‌67- عيسى المعروف بأبي قريش

- ‌68- ابن اللجلاج

- ‌69- عبد الله الطيفوري

- ‌70- إسرائيل بن زكريا الطيفوري

- ‌71- يزيد بن [زيد] بن يوحنّا

- ‌72- عبدوس بن زيد

- ‌73- ماسرجويه «طبيب البصرة»

- ‌74- سلمويه بن بنان «متطبّب المعتصم»

- ‌75- إبراهيم بن فزارون

- ‌76- إبراهيم بن أيوب الأبرش

- ‌78- يوحنّا بن ماسويه

- ‌79- ميخائيل بن ماسويه

- ‌80- حنين بن إسحاق العبادي

- ‌81- إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي أبو يعقوب

- ‌82- يوحنا بن بختيشوع

- ‌83- ثابت بن قرة الحرّاني، أبو الحسن

- ‌84- سنان بن ثابت بن قرة

- ‌85- ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني

- ‌86- ابن وصيف الصابئ

- ‌87- غالب «طبيب المعتضد»

- ‌88- صاعد بن بشر بن عبدوس أبو منصور

- ‌89- ديلم

- ‌90- فنّون المتطبّب

- ‌91- نظيف- القسّ الرّومي

- ‌92- ابن بطلان، أبو الحسن المختار بن عبدون بن سعدون ابن بطلان النصراني

- ‌93- أحمد بن أبي الأشعث

- ‌94- أبو سهل النيلي. وهو: سعيد بن عبد العزيز

- ‌95- ابن الواسطي «طبيب المستظهر»

- ‌96- أبو طاهر البرخشي، أحمد بن محمد بن العباس

- ‌97- أبو غالب ابن صفية

- ‌98- أمين الدولة ابن التلميذ

- ‌99- معتمد الملك أبو الفرج يحيى بن صاعد بن يحيى بن التلميذ

- ‌100- أوحد الزمان وهو أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البلدي ثم البغدادي

- ‌101- أبو القاسم هبة الله بن الفضل البغدادي

- ‌102- فخر الدين المارديني

- ‌103- أبو نصر المسيحي

- ‌104- أبو الفرج ابن توما

- ‌طبقات الأطباء ببلاد العجم

- ‌105- تياذورس

- ‌106- ربن الطبري

- ‌107- علي بن سهل بن ربن الطبري أبو الحسين

- ‌108- أحمد بن محمد الطبري

- ‌109- أبو منصور: الحسن بن نوح القمريّ

- ‌110- أبو سهل عيسى بن يحيى المسيحي الجرجاني

- ‌111- السيد أبو عبد الله محمد بن [يوسف] الإيلاقي

- ‌112- أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني

- ‌113- أحمد بن عبد الرحمن بن مندويه الأصبهاني، أبو علي

- ‌114- أبو القاسم عبد الرحمن بن علي ابن أحمد بن أبي صادق النيسابوري

- ‌115- السّموأل بن يحيى بن عباس

- ‌116- الشريف شرف الدين إسماعيل

- ‌أطبّاء الهند

- ‌117- شاناق الهندي

- ‌118- منكه الهندي

- ‌119- صالح بن بهلة الهندي

- ‌أطبّاء الشّام

- ‌120- أبو الفرج جرجس بن توما بن سهل بن إبراهيم اليبرودي

- ‌121- ظافر بن جابر السكري أبو حكيم

- ‌122- أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي

- ‌123- ابنه: أبو المجد [محمد] بن أبي الحكم؛ أفضل الدولة

- ‌124- ابن البذوخ: أبو جعفر بن موسى بن علي القلعي

- ‌125- حكيم الزمان أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن حسان الغساني الجلياني

- ‌126- المهذّب ابن النقاش

- ‌127- سكرة اليهودي الحلبي

- ‌129- ابن اللبّودي: يحيى بن محمد بن عبدان بن عبد الواحد

- ‌130- الرضي الرحبي، يوسف بن حيدرة بن الحسن أبو الحجاج

- ‌131- الشرف علي شرف الدين أبو الحسن

- ‌132- عمران [بن صدقة] الإسرائيلي

- ‌133-[موفق الدين] يعقوب بن صقلاب النصراني

- ‌134- رشيد الدين الصوري أبو المنصور ابن أبي الفضل بن علي

- ‌136- صدقة بن منجا بن صدقة السامري

- ‌137- المهذب يوسف بن أبي سعيد بن خلف السامري

- ‌138- أمين الدولة أبو الحسن بن غزال بن أبي سعيد السامري

- ‌139- المهذّب الدّخوار: أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن حامد

- ‌140- الرشيد علي بن حليقة بن يونس بن أبي القاسم بن خليقة الأنصاري الخزرجي

- ‌141- ابن قاضي بعلبك: المظفر بن عبد الرحمن بن إبراهيم

- ‌142- العماد الدّنيسري: محمد بن العباس بن أحمد بن عبيد الربعي أبو عبد الله

- ‌143- العز السويدي: إبراهيم بن محمد الأنصاري الأوسي، عز الدين أبو إسحاق

- ‌144- موفق الدين يعقوب السامري أبو يوسف يعقوب بن غنائم

- ‌145- أبو الفرج يعقوب بن إسحاق بن القف النصراني

- ‌146- المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌147- النفيس أبو الفرج ابن إسحاق بن أبي الخير السامري

- ‌148- الأمين سليمان الحكيم وهو سليمان بن داود

- ‌149- أحمد بن شهاب الدين أبو محمد الكحال الجرائحي

- ‌150- الفتح السامري: هو ابن يوسف بن إسحاق بن مسلم

- ‌151- غنائم السامري، وهو ابن المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌فأما أطباء الغرب بما وقع في جانبه من مصر والاسكندرية

- ‌152- إسحاق بن عمران

- ‌153- إسحاق بن سليمان الإسرائيلي أبو يعقوب

- ‌154- أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد المعروف: بابن الجزار القيرواني أبو جعفر

- ‌155- حمدون أثا

- ‌156- يحيى بن إسحاق

- ‌157- أبو داود بن جلجل: وهو سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل الحكيم

- ‌159- الغافقي: وهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سند

- ‌161- أبو محمد المصري

- ‌162- أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني

- ‌163- أبو مروان عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر الإيادي الإشبيلي

- ‌164- أبو العلاء زهر بن عبد الملك

- ‌165- ابنه أبو مروان ابن أبي العلاء، واسمه عبد الملك

- ‌166- أبو محمد ابن الحفيد أبي بكر بن زهر

- ‌167- أبو جعفر ابن الغزال

- ‌168- أبو العباس ابن الرومية، وهو أحمد بن محمد بن مفرّج النباتي

- ‌169- ابن الأصم

- ‌أما أطباء مصر:

- ‌170- بليطيان

- ‌171- سعيد بن توفيل

- ‌172- سعيد بن البطريق

- ‌173- التميمي: وهو أبو عبد الله محمد بن سعيد التميمي

- ‌174- ابن الهيثم: وهو أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم البصري ثم المصري

- ‌175- علي بن رضوان

- ‌176- افرائيم [بن الزفّان] الإسرائيلي

- ‌177- سلامة بن رحمون أبو الخير

- ‌178- بلمظفر ابن معرف: وهو نصر بن محمود بن المعرّف

- ‌179- أبو عمر وعثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقيل القيسي جمال الدين

- ‌180- ابنه الفتح [فتح الدين بن جمال الدين بن أبي الحفائر]

- ‌181- ابنه المهذب [شهاب الدين ابن فتح الدين]

- ‌182- الخونجي: محمد بن ناماور أفضل الدين أبو عبد الله

- ‌183- أبو سليمان داود بن أبي المنى ابن فانة

- ‌184- ابنه: الموفق أبو شاكر موفق الدين

- ‌185- الرشيد أبو حليقة: وهو أبو الوحش ابن الفارس ابن أبي الخير بن أبي سليمان داود ابن أبي المنى ابن فانة

- ‌186- ابنه المهذب: أبو سعيد محمد بن أبي حليقة

- ‌187- أبو سعيد بن موفق الدين يعقوب

- ‌188- ابن البيطار: عبد الله بن أحمد المالقي النباتي، ضياء الدين أبو محمد

- ‌189- علي بن أبي الحزم: علاء الدين ابن النفيس القرشي الدمشقي

- ‌190- أحمد المغربي

- ‌191- السديد الدمياطي

- ‌192- فرج الله بن صغير

- ‌193- محمد بن صغير، ناصر الدين

- ‌مصادر التحقيق

- ‌الفهرست

الفصل: ‌162- أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني

وقوله: [مخلع البسيط]

أي هلال أطلّ فينا

مطلعه الطوق والجيوب

يقودنا كيف شاء طوعا

لأن أعوانه القلوب

ومنهم:

‌162- أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني

«13»

رجل يرتع في حديقته، ويرجع الفضل إلى حقيقته، لا يقف سيف ذهنه عند حد، ولا يخرج ما سمع في حافظته من لجد حسيا في الطلب، لا ينال باللمس، ونسبا في الأدب إلا أن أمية بن عبد العزيز لا يقاس به به أمية بن عبد شمس.

قال ابن خلكان:" كان فاضلا في علوم الآداب، صنّف كتابه الذي سماه:

الحديقة. على أسلوب يتيمة الدهر للثعالبي وكان عارفا بفن الحكمة، وكان يقال له الأديب الحكيم، وكان ماهرا في علوم الأوائل، وانتقل من الأندلس، وسكن الإسكندرية، ثم انتقل إلى المهدية، فمات بها، وذكره العماد في الخريدة وأثنى عليه".

وذكره ابن أبي أصيبعة، وقال:" وهو من الأكابر الفضلاء في الطب وغيره،

ص: 571

وبلغ في الطب مبلغا لم يصل إليه غيره من الأطباء، وحصل من الأدب ما لم يدركه كثير من الأدباء، وكان فريدا في علم الرياضي، مجيدا في صنعة الموسيقى، جيد اللعب بالعود، لطيف النادرة، فصيح اللسان، جيد المعاني، لشعره رونق، وأتى مصر وأقام مدة بالقاهرة، ثم عاد إلى الأندلس، وحبس بالإسكندرية، لأنه كان قد غرق بها مركب فيه أموال جليلة، فالتزم بعمل آلات يخرج بها المركب بما فيه، وشرع في عمل الآلة بحبال الإبريسم، تنطوي على دواليب، ليرفع بها المركب الغارق، فغرم عليها جملة طائلة، فلما ظهر المركب الغارق وقارب الخارج، ثقل على الحبال، فقطعها وسقط إلى قعر البحر، فغضب الوالي عليه، وحبسه، فكتب إلى ابن الصيرفي يستشفع به، وبعث إليه بقصيدتين، يمدح بهما الأفضل ابن أمير الجيوش.

وأول الأولى: [مجزوء الكامل]

الشمس دونك في المحل

والطيب ذكرك بل أجل

وأول الثانية: [الكامل]

نسخت غرائب مدحك التشبيبا

وكفى بها غزلا ونسيبا

فأجابه بجواب وهو: [الطويل]

لئن سترتك الجدر عنا فربما

رأينا جلابيب السحاب على الشمس

وردتني رقعة مولاي فأخذت في تقبيلها كأني ظفرت بيد مصدّرها، أو تمكنت من أنامل مسطرها، ووقفت على ما تضمنته من الفضل الباهر، وما أودعته من الجواهر التي قذف بها فيض الخاطر:[الطويل]

نكرر طورا من قراة فصوله

فإن نحن أتممنا قراءته عدنا

ص: 572

إذا ما نشرناه فكالمسك نشره

ونطويه لا طيّ السآمة بل ضنّا

فأما ما اشتملت عليه من الرضا فحكم الدهر ضرورة، وكون ما اتفق عارض بتحقق ذهابه ومروره ثقة بعواطف السلطان ومراحمه، وسكونا إلى ما جبلت النفوس عليه من معرفة فواضله ومكارمه، فهذا قول مثله ممن طهر الله دينه ونزّه من الشكوك ضميره ويقينه:[الكامل]

لا يؤيسنك من تفرج كربة

خطب رماك به الزمان الأنكد

صبرا فإن اليوم يتبعه غد

ويد الخلافة لا تطاولها يد

وأما ما أشار إليه من أن الذي مني به من تمحيص أوزار سبقت، وتنقيص ذنوب اتفقت، فقد حاشاه الله من الدنايا، وبرأه من الآثام والخطايا، بل ذلك اختبار لتوكله وثقته كما يبتلى المؤمنون الأتقياء، ويمتحن البررة الأولياء، والله يدبره بأحسن التدبير، ويقضي له بتسهيل كل عسير، وقد اجتمعت بفلان فأعلمني أنه تحت وعد، وأنه ينتظر فرصة من التذكار ينتهزها ويغتنمها، ويرتقب فرجة للتقاضي يتولجها ويقتحمها، والله يعينه على ما يضمر من ذلك وينويه، ويوفقه فيما يحاوله ويبغيه، وأما القصيدتان فما عرفت أحسن منهما مطلعا ولا أجود متصرفا ومتقطعا، ولا أملك للقلوب والأسماع، ولا أجمع للإغراب والإبداع، ولا أكمل في فصاحة الألفاظ وتمكن القوافي، ولا أكثر تناسبا على كثرة ما في الأشعار من التباين والتناهي، ووجدتهما يزدادان حسنا في التكرير والترديد، وتفاءلت فيهما بترتيب قصيدة الإطلاق بعد قصيدة التقييد، والله يحقق رجائي في ذلك وأملي، ويقرب ما أتوقعه، فمعظم السعادة فيه لي، ثم أطلق سراحه.

ص: 573

ومن شعره: قوله في حالي نجم الثريا مشرقا ومغربا، وطالعا:[المتقارب]

رأيت الثريا لها حالتان

منظرها فيهما معجب

لها عند مشرقها صورة

يريك مخالفها المغرب

فتطلع كالكأس إذ تستحث

وتغرب كالكأس إذ يشرب

وقوله «1» : [المنسرح]

لله يومي ببركة الحبش

والأفق بين الضياء والغبش

ونحن في روضة مفوفة

دبّج بالنور عطفها ووشي

قد نسجتها يد الربيع لنا

فنحن من نسجها على فرش

وأثقل الناس كلهم رجل

دعاه داعي الصبا فلم يطش «2»

فعاطني الراح إن تاركها

من سورة الهم غير منتعش

وأسقني بالكبار مترعة

فتلك أروى لشدة العطش

وقوله: [الكامل]

وا رحمتاه لمعذب يشكو الجوى

بمنعّم يشكو فراغ البال

نشوان من خمرين خمر زجاجة

عبثت بمقلته وخمر دلال

لا يستفيق وهل يفيق لحاله

من ريق فيه سلافة الجريال «3»

علم العدو بما لقيت فرقّ لي

ورأى الحسود بليتي فرثى لي

ص: 574

وقوله: [الطويل]

إذا كان أصلي من تراب فكلها

بلادي وكل العالمين أقاربي

ولا بدّ لي أن أسأل العيس حاجة

تشق على شم الذرى والغوارب

وقوله: [الكامل]

دب العذار بخده ثم انثنى

عن لثم مبسمه البرود الأشنب

لا غرو إن حشي الردى في لثمه

فالريق سم قاتل للعقرب

وقوله:

كيف لا تبلى غلائله

وهو بدر وهي كتان!

وقوله يصف فرسا أشهب:

وأشهب كالشهاب أضحى يجو

ل في مذهب الجلال

من أنجم الصبح بالثريا

وأسرج البرق بالهلال

وقوله في طبيب اسمه شعبان: [الرمل]

يا طبيبا ضجر العا

لم منه وتبرم

فيك شهران من العا

م إذا العام تصرّم

أنت شعبان ولكن

قتلك الناس محرم

وقوله: [الطويل]

يقولون لي صبرا وإني لصابر

على نائبات الدهر وهي فواجع

سأصبر حتى يقضي الله ما قضى

وإن أنا لم أصبر فما أنا صانع

وقوله: [السريع]

ص: 575

ساد صغار الناس في عصرنا

لا دام من عصر ولا كانا

كالدست «1» مهما هم أن ينقضي

عاد به البيدق»

فرزانا «3»

وقوله وقد رأى مليحا أبيض قد قام فجاء قبيح أسود قعد مكانه: [الطويل]

مضت جنة المأوى وجاءت جهنم

فقد صرت أشقى بعد ما كنت أنعم

وما هي إلا الشمس حان أفولها

وأعقبها قطع من الليل مظلم

وقوله: [الطويل]

وقائلة: ما بال مثلك خاملا

أأنت ضعيف الرأي أم أنت عاجز؟

فقلت لها: ذنبي إلى القوم أنني

لما لم يحوزوه من المجد حائز

وما فاتني شيء سوى الحظ وحده

وأما المعالي فهي عندي غرائز

وقوله: [الرجز]

جدّ بقلبي وعبث

ثم مضى وما اكترث

وا حربا من شادن «4»

في عقد الصبر نفث

يقتل من شاء بعيني

هـ ومن شاء بعث!

فأي ودّ لم يخن

وأي عهد ما نكث!؟

وقوله: [الكامل]

ص: 576

ومهفهف تركت محاسن وجهه

ما مجّه الكاس من إبريقه

ففعالها في مقلتيه ولونها

من وجنتيه وطعمها من ريقه

وقوله: [البسيط]

وقمت إذ قعد الأملاك كلهم

تذب عنه وتحميه وتنتصر

بالبيض تسقط فوق البيض أنجمها

والسمر تحت ظلال النقع تشتجر

بيض إذا خطبت بالنصر ألسنها

فمن منابرها الأكباد والقصر «1»

وذبّل من رماح الخط مشرعة

في طولهن لأعمار العدا قصر

تغشى به غمرات الموت أسد شرى

من الكماة إذا ما استنجدوا ابتدروا

مستثلمين «2» إذا سلّوا سيوفهم

شبهتها خلجا مدت بها غدر

ترتاح أنفسهم نحو الوغى طربا

كأنما الدم راح والظّبى زهر

الله زان بك الأيام من ملك

لك الحجول «3» من الأيام والغرر

وللعجاج «4» على صم القنا طلل

هي الدخان وأطراف القنا سرر

إذ يرجع السيف يبدي خده علقا

كصحفة البكر أدمى خدها الخفر

أما يهولك ما لاقيت من عدد

سيان عندك قلّ القوم أو كثروا

فاضرب بسيفك من ناواك منتقما

إن السيوف لأهل البغي تدّخر

ما كل وقت ترى الأملاك صافحة

عن الجرائر تعفو حين تقتدر

ومن ذوي البغي من لا يستهان به

وفي الذنوب ذنوب ليس تغتفر

إن الرماح غصون يستظلّ بها

وما لهنّ سوى هام العدا ثمر

ص: 577