الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جرمه أوبقه وجرّه إلى محبسه، ثم ما فتح إلى غير قرارة القبر مطبقه.
ذكره ابن أبي أصيبعة وقال فيه «1» :" [كان نصرانيا] من أهل البصرة، ومقامه بها، وكان فاضلا في صناعة الطب، جيد المعالجة".
قال محمد بن سلام الجمحي:" مرض الحكم بن محمد المازني، فأتوه بخصيب الطبيب يعالجه، فقال فيه:[مجزوء الرمل]
ولقد قلت لأهلي
…
إذ أتوني بخصيب
ليس والله خصيب
…
للذي بي بطبيبي
إنما يعرف دائي
…
من به مثل الذي بي
وقال ابن سلام:" كان خصيب نصرانيا نبيلا، فسقى محمد بن أبي العباس السفاح شربة دواء، وهو على البصرة، فمرض بها، وحمل إلى بغداد، فمات بها، فاتّهم به خصيب، فحبس حتى مات، فنظر في علته إلى مائه، وكان عالما، فقال:
قال جالينوس: إن صاحب هذه العلة إذا صار ماؤه هكذا لا يعيش.
فقيل له: إن جالينوس ربما أخطأ.
فقال: ما كنت إلى خطئه قط أحوج مني الآن!. ومات من علته.
ومنهم:
67- عيسى المعروف بأبي قريش
«13»
عارف لا يعادل في طبه ولا يعادى معه السقم لخطبه، ولا يؤخر في جدل، ولا يؤرخ زمان به عدل، وكان يرجع إليه فيما التبس، ويكاد يستطلق بتطبيبه
السحاب إذا احتبس، هذا بالدربة في معرفة قوى العقاقير، ولما سبق له به سعد المقادير.
ذكره ابن أبي أصيبعة، وقال:" قال إسحاق بن علي الرهاوي- فيما نقله- أن أبا قريش كان صيدلانيا يجلس على موضع بباب قصر الخلافة، وكان ديّنا صالحا، وأن الخيزران «1» وجّهت بمائها مع جارية لها إلى الطبيب.
فلما خرجت، رأت أبا قريش، فأرته الماء، فقال لها: هذا ماء امرأة حبلى بغلام!.
فرجعت بالبشارة، فقالت لها الخيزران: ارجعي إليه واستقصي المسألة.
فرجعت، فقال لها: ما قلت إلا الحق. فلما كان بعد أربعين يوما أحسّت الخيزران بالحمل؛ فوجّهت إليه ببدرة «2» دراهم، وكتمت الخبر عن المهدي، فلمّا مضت الأيام ولدت موسى الهادي، فأعلمت المهدي، وقالت له: إن طبيبا على الباب أخبر بهذا منذ تسعة أشهر، وبعثت إليه بتحف كثيرة، وبلغ هذا جرجس فأكذبه، ثم حبلت بأخيه هارون الرشيد، فقال جرجس للمهدي: جرّب أنت هذا الطبيب، فوجّه إليه بالماء، فلما رآه قال: هذا ماء ابنتي أم موسى، وهي حبلى
بغلام آخر!.
فرجعت الرسالة بذلك إلى المهدي، وأثبت اليوم عنده، فلما مضت الأيام، ولدت هارون. فأحضره المهدي ولم يزل يطرح عليه الخلع، وبدر الدراهم والدنانير، حتى علت رأسه، وصير موسى وهارون في حجره، وكناه أبا قريش- أي: أبا العرب-، وقال لجورجيس: هذا شيء أنا بنفسي جربته. ثم صار نظير جرجس في الرتبة، ومات أبو قريش وخلف اثنين وعشرين ألف دينار، مع نعمة سنية.
[قال يوسف: وحدثني إبراهيم بن المهدي أن لحم عيسى بن جعفر بن المنصور كثر عليه حتى كاد أن يأتي على نفسه. وإن الرشيد اغتمّ لذلك غما شديدا أضرّ به في بدنه، ومنعه لذة المطعم والمشرب، وأمر جميع المتطبّبين بمعالجته. فكلهم دفع أن يكون عنده في ذلك حيلة. فزادوا الرشيد غما إلى ما كان عليه منه. وأن عيسى المعروف بأبي قريش صار إلى الرشيد سرا، فقال له:" يا أمير المؤمنين! إن أخاك عيسى بن جعفر]«1» رزق معدة صحيحة، وبدنا قابلا، ودهرا مسالما، [والأبدان] ما لم تختلط على أصحابها طبائعهم وأحوالهم، [فتنالهم العلل في بعض الأوقات، والصحة في بعضها، والغموم في بعضها، والسرور في بعضها، ورؤية المكاره في بعضها، والمحابّ في بعضها، وتدخلها الروعة أحيانا، والفرح أحيانا] »
، لا يؤمن عليهم منها التلف، [لأن لحمه يزداد حتى تضعف عن حمله العظام، وحتى يغمر فعل النّفس، وتبطل قوى الدماغ والكبد، ومتى كان هذا عدمت الحياة، وأخوك هذا إن لم تظهر]
موجدة تجدها عليه، أو عزيز عيه من حرمه، لم تأمن عليه.
فقال: لا حيلة عندي في الموجدة عليه، ولكن احتل أنت.
فذهب إليه ثم جس عرقه، وأعلمه أنه يضطر إلى محنته ثلاثة أيام قبل العلاج، فأمره بذلك، فلما فرغ منه في اليوم رأى الأمير أن يعهد، فإن لم يحدث حادث قبل أربعين يوما عالجته في ذلك بعلاج لا يمضي عليه ثلاثة أيام حتى يبرأ. ونهض وقد امتلأ قلب الرجل [من الخوف] ، فانحطّ كثير من لحمه، واستتر أبو قريش خوفا من إفشاء الخبر، فلما كان يوم الأربعين صار إلى الرشيد وقال: لا شك في نقصان بدن عيسى، فركب إليه الرشيد، ودخل عليه، ومعه أبو قريش، فوجدوا لحمه قد نقص نقصا كبيرا، فقال له عيسى بن جعفر: أطلق لي يا أمير المؤمنين قتل هذا الكافر، فقد قتلني بما أدخل علي من الروع.
فقال له: يا أخي! متعت بك «1» بأبي قريش- ردت إليه الحياة بعد الموت، فاشكر الله، فنعم الحيلة احتال لك، وقد أمرت له بعشرة آلاف دينار، فأوصل أنت إليه مثلها. ففعل، وانصرف أبو قريش إلى منزله بالمال ولم يرجع إلى أبي عيسى بن جعفر الشحم إلى أن فارق الدنيا.