الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأما أول من استخرج الطب فرجلان:
لم يعد بعد معهما كارع في لجام، ولا بعدهما إلا خالع الألجام، جلّيا كل مبهم، وتجليا كغرّة الأدهم. فالأول:
50- اسقليبيوس بن ريوس
«13»
متطبّب لا يقرن بأهل الجدّ إلا إذا هزل، ولا يقرب من مطمح النجم إلا إذا نزل، يجله من تعقّله، ويجهله من ظنّ أنه مع البحار الزاخرة قد تمقّله.
عزت إليه الحكماء طبها، وأعزت خطبها، لما أخذ عنه من علم جليل، كم أعاذ من مندم، وصان من دم، وبصّر أعمى، وأثر نعمى، وأخمد من نار سوء المزاج العائث ما تضرّم، حتى لم يبق جسم نحيل يتوجّع، ولا أم عليل تتفجّع. ترفوا به الأعلّاء «1» ملابس صحتها، وترفل بطبّه الأصحّاء في مجرور ذيل فسحتها.
قد اتفق كثير من قدماء الفلاسفة والمتطّببين على أنه أول من ذكر من الأطباء، وأول من تكلّم في الطب على طريق التجربة.
وكان يونانيا، ولليونان جزيرة كانت للحكماء من الروم ينزلونها، فنسبوا إليها.
وقال أبو معشر «2» :" إن بلدة من المغرب كانت تسمى: أرغس، وكان أهلها يسمون أرغيزا، ثم سميت: أيونيا، وسمي أهلها: اليونان. وكان ملكها أحد ملوك الطوائف، وأول من اجتمع له ملك أنونيا، من ملوك اليونانين كان اسمه
أيوليوس، وكان لقبه: دقطاطر، ووضع لهم سننا كثيرة مستعملة عندهم".
وقال أبو سليمان السجستاني «1» :" هو إمام الطب، وأبو أكثر الفلاسفة" قال: وينسب إليه أقليدس، وأفلاطون، وأرسطو، وأبقراط، وأكثر اليونانية. قال:
وكان أبقراط هو السادس عشر من أولاده، يعني البطن السادس عشر.
وقال:" سولون «2» أخوه هو أبو واضعي النواميس".
ويقال: إن اسقليبيوس انكشف له أمور عجيبة من أحوال العلاج بإلهام إلهي. ويحكى أنه وجد علم الطب في هيكل كان لهم بروميّة، يعرف بهيكل ابلق، ثم عرف به، وكان بيتا يحجّون إليه، وحجّ إليه جالينوس، [ومما يحقّق ذلك أن جالينوس قال في كتابه في فينكس: إن الله عز اسمه لما خلّصني من دبيلة قتالة كانت عرضت لي".
حكى صاحب تاريخ الأطباء «3» : إنه كانت فيه صورة تكلّمهم عندما يسألونه.
وقال جالينوس: إن طب اسقليبيوس كان طبا إلهيا. وقال: إن قياس الطب الإلهي إلى طبنا قياس طبنا إلى طب الطرقات.
وقال أبقراط: إن اسقليبيوس رفع في عمود من نور. وقيل: إنه كان يستشفى
بقبره. وكان يسرج «1» عليه كل يوم وليلة ألف قنديل، وكان الملوك من نسله، وتدّعي له النبوة، وكان أولاده عالمين بالطب.
وقال أبو الوفاء [المبشر] بن فاتك «2» : إن اسقليبيوس كان تلميذ هرمس، ويزعم أن هرمس هو إدريس عليه السلام. وقيل: بل كان اسقليبيوس تلميذ أعاثاديمون المصري «3» ، ومعنى اسمه: السعيد الجد، ويزعم أنه أحد أنبياء اليونانيين. ويقال: إن اسقليبيوس هو البادئ بصناعة الطب في اليونان، وعلما بنيه، وحظر عليهم أن يعلّموها الغرباء.
وقد خالف أبو معشر أهل هذا القول، وقال: إنه لم يكن بالمتأله الأول في صناعة الطب، ولا المبتدئ بها، بل إنه عن غيره أخذ، ولمنهج من قبله سلك.
وكان يعلّم الطب مشافهة، فلما تضعضع الأمر على أبقراط، وقلّ أهل بيته، لم يأمن أن تتعرض الصناعة، فابتدأ في تأليف الكتب على جهة الإيجاز.
ومن كلامه:
قوله:" من عرف الأيام لم يمهل الاستعداد".
وقوله:" [كم من دهر ذممتموه، فلما صرتم إلى غيره حمدتموه، وكم من أمر أبغضت أوائله وبكي عند أواخره عليه".
وقوله:" المتعبّد بغير معرفة كحمار الطاحون يدور ولا يبرح [ولا يدري ما هو فاعل] .