الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس مزدحمة، وبينهم صوفي يعزّر، فنظر إليه فإذا هو صاحبه قد أمسك وهو سكران، فقال له ابن حسداي: والله ما قتلك إلا الناموس «1» .
ومنهم:
159- الغافقي: وهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سند
«13»
رسا في العلم ورسخ، وأنسى ما في كتب القدماء ونسخ، وطلع في هالات الأهلّه، وأراع علالات العله، وناسب ما يلائم النفوس وصفا، وورد مثل زرق النطاق وأصفى، ولم يعد مريضا إلا كشف غمّاء المرض، وكف إيماء المرض، وكان يتبرّك بعيادته، ويتيمن تيمنا كان سببا لسيادته، إلا أنه بمعرفة قوى الأدوية أدرب، وحدسه فيها أأرب، وكلامه فيها كلام من رأى وجرّب.
قال ابن أبي أصيبعة فيه:" إمام فاضل، وحكيم عالم، ويعدّ من الأكابر، وكان أعرف أهل زمانه بقوى الأدوية المفردة، [وكتابه في الأدوية المفردة]«2» لا نظير له في الجودة، ولا شبيه له وقد استقصى فيه ما ذكره ديسقوريدس والفاضل
جالينوس بأوجز لفظ، وأتم معنى، ثم ذكر ما تجدّد للمتأخرين فيها من الكلام، وما ألمّ به كل واحد منهم، فجاء كتابه جامعا لما قاله الأفاضل فيها ودستورا يرجع إليه فيما يحتاج إلى تصحيحه منها.
ومنهم:
160-
أبو بكر عتيق بن تمام ابن أبي النوق «1» الأزدي «13»
طبيب أبرأ الأسقام، وأريت له من الفضل أوفر الأقسام، جرى في طلق الوفا، وجرب منه مطلق الشفا، هذا وهو شاعر لا يذعر «2» له جنان، ولا يشعر إلا وفي فيه سنان، يبعث سمام الأرقم، ويجرع الحمام في كأس العلقم.
قال ابن رشيق:" غلب عليه اسم الطب، فعرف به لحذقه، ومكان أبيه منه، وهو شاعر حاذق، مفتوق اللسان، حاضر الخاطر، لم أر قط أسهل من الشعر عليه، يكاد لا يتكلم إلا به، وأكثر تأدبه بالأندلس، لقي بها ناسا وملوكا، وأخذ الجوائز، وقارع فحول الشعراء.
ومما أنشده له قوله: [الطويل]
فلم أنسها كالشمس أسبل فوقها
…
من الشعر الوحف «3» الأثيث «4» عذوق
فلو ذاب ذا أو سال جريال «5» خدها
…
جرى سيح «6» منه وسال عقيق
قال: فأنت ترى الطبع كيف حمل هذا المعنى، كما تحمل الأرواح الأجسام، ولو وضع بين فسطاط المحرزين، وحمل على مذاهب المتعصبين، لرأيته أثقل من العذل، وأقتل من الجهل، لأن التصنع تكلّف، والتكلّف مغصوب مكره، غير أن القسم الآخر منقول بذاته من شعر ابن هانىء في وصف فرس.
ومن أبيات ابن أبي البوق: [الطويل]
فمت تسترح يا قلب إن كنت عاشقا
…
فإنك فيها بالممات خليق
ومن لم يمت في إثر إلف مودع
…
فليس له بالعاشقين لحوق
ومما أنشد له أيضا قوله «1» : [البسيط]
يحمّل المرهقين الطائعين له
…
في منتهى الحط أو في منتهى الفتن
حتى إذا انكشفت عن عارض حسن
…
سحب تصدى لها بالمنصل الخشن
أراه ضربا يريه أهله معه
…
ويقدح النار بين الرأس والبدن
تركت أهلي وأوطاني لقصد فتى
…
يداه أخصب من أهلي ومن وطني
عليّ «2» الماجد الحرّ الجواد ومن
…
في حزمه جمع الأشتات للحسن
ومن إذا استمطر العافون راحته
…
سقتهم فوق سقي الوابل الهتن
ومن حوى رتبا لم يحوها بشر
…
إلا الذي ولدوه معدن المنن
والفرع عن جده ينمي ومحتده
…
والخير والشر مشروبان في اللبن
تجري النجابة طبعا في شمائله
…
والمجد والبشر جري الماء في الغصن