الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بجماعة قد أقبلوا إليه ومعهم رجل وفي فمه حية قد دخل بعضها مع رأسها في حلقه، وبقيتها ظاهر، وهي مربوطة بخيط قنب إلى ذراع الرجل، فقال لهم: ما شأن هذا؟ فقالوا له: إن من عادته أن ينام وفمه مفتوح، وكان قد أكل لبنا ونام، فلما جاءه هذه الحية لعقت من فيه ودخلته وهو نائم، فأحست بمن أتى فخافت وانساب بعضها في حلقه، وأدركناها فربطناها بهذا الخيط لئلا تدخل في حلقه، وقد أتينا به إليك. فلما نظر إلى ذلك الرجل وجده وهو في الموت من الخوف، فقال: لا بأس عليك، كدتم تهلكون الرجل. ثم قطع الخيط فانسابت الحية، وبلغت إلى جوفه واستقرت. فقال له: الآن تبرأ. وأمره أن لا يتحرك، وأخذ أدوية وعقاقير فأغلاها في الماء غليا جيدا وجعل ذلك الماء في إبريق وسقاه الرجل، وهو حارّ فشربه وصار يجس معدته حتى قال: ماتت الحية، ثم سقاه ماء آخر مغليا فيه حوائج، وقال: هذه تهريء الحية مع هضم المعدة، وصبر مقدار ساعتين وسقاه ماء قد أغلي فيه أدوية مقيئة، فجاشت نفس الرجل وذرعه القيء، فعصب عينيه وبقي يتقيّأ في طست فوجدنا تلك الحية هي قطع، وهو يأمره بكثرة القيء حتى تنظفت معدته، وخرجت بقايا الحية، وقال له: طب نفسا فقد تعافيت، وذهب الرجل مطمئنا صحيحا بعد أن كان في حالة الموت.
أما أطباء مصر:
فمنهم:
170- بليطيان
«13»
وهو رجل مشهور في النصارى، معروف بينهم معدود في بطاركتهم، طبيب تدارك النفوس وسيوف المنايا تنوشها، ومواقيت الآمال قد قامت لها
نعوشها. رأس في ملته، وكان رئيس محلّته، لخلال حمدت، وأفضال شعله ما خمدت، وكان من أئمة العيسوية، وذوي القسمة بالسوية، إلى صحة حدس وذكاء نفس وكرم عشيرة، وشيم بالتقلل مشيرة.
قال ابن أبي أصيبعة:" كان نصرانيا من الملكية «1» ، عالما بشريعة النصارى، وجعل بطرك الإسكندرية. حكي أنه كان للرشيد جارية مصرية كان يحبها، فاعتلت علة عظيمة، فعالجها الأطباء فلم تنتفع بشيء، فقيل له: لو بعثت إلى عاملك بمصر ليبعث إليك بطبيب منها، فإنه أبصر بهذه الجارية من أطباء العراق.
فكتب إليه فبعث إليه ببلطيان، وكان طبيبا عارفا حاذقا، فأخذ معه من كعك مصر، والصير «2» المعمول بها، فلما أتى بغداد ودخل على الجارية أطعمها من الكعك والصير فرجعت إلى طبعها، وزالت عنها العلة، ووهب له الرشيد مالا جزيلا وكتب له منشورا بإعادة كل كنيسة تغلّب اليعاقبة «3» فيها على الملكية، ثم أمر بأن يكون يحمل مثل هذا الكعك والصير إلى خزانة السلطان في كل وقت، فكان ذلك لا يزال يحمل موظفا فيما يحمل إليها إلى آخر أيام المتوكل.