المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌49- ابن الأكفاني: محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري، شمس الدين أبو عبد الله السنجاري المولد والأصل، المصري الدار - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٩

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء التاسع]

- ‌[تراجم الحكماء والفلاسفة]

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[المقدمة]

- ‌[من الحكماء المشارق]

- ‌1- أما (هرمس الأول)

- ‌2- وأما (هرمس الثاني)

- ‌3- وأما (هرمس الثالث) :

- ‌4- فيثاغورس

- ‌5- سقراط

- ‌6- أفلاطون

- ‌7- أرسطوطاليس

- ‌8- يعقوب بن إسحاق الكنديّ

- ‌9- أحمد بن الطّيّب السّرخسيّ

- ‌10- كنكه الهندي

- ‌11- صنجهل الهندي

- ‌12- أبو نصر الفارابيّ

- ‌13- يحيى بن عدي

- ‌14- أبو بكر محمّد بن زكريّاء الرّازيّ

- ‌15- أبو سليمان السّجستاني

- ‌16- ابن الخمّار

- ‌17- أبو الفرج بن هندو

- ‌18- الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا

- ‌ومن رسائله:

- ‌[وصية ابن سينا]

- ‌ومن شعر الشيخ الرئيس قاله في النفس

- ‌19- أبو الفرج عبد الله بن الطيب

- ‌20- أبو المؤيد محمد بن محمد بن المجلي الجزري، المعروف بابن الصايغ

- ‌21- ابن الخطيب الرّازيّ، ابن خطيب الرّيّ، وهو: محمّد بن عمر بن الحسين، أبو عبد الله- الإمام فخر الدّين

- ‌22- القطب المصريّ وهو: إبراهيم بن عليّ بن محمّد السّلميّ أبو إسحاق

- ‌23- عبد اللّطيف البغدادي

- ‌24- ابن الخوييّ: أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى، الشّافعيّ، شمس الدّين، أبو العبّاس

- ‌25- الرّفيع الجيليّ: أبو حامد، عبد العزيز بن عبد الواحد ابن إسماعيل بن عبد الهادي

- ‌26- الشّهاب السّهرورديّ المقتول: يحيى بن حبش بن أميرك

- ‌27- الخسرو شاهيّ: عبد الحميد بن عيسى، بن عمّويه، بن يونس، ابن خليل شمس الدّين، أبو محمّد، التبريزيّ، الشّافعيّ

- ‌29- البديع الاصطرلابيّ: وهو بديع الزّمان أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن أحمد البغداديّ

- ‌31- النّصير الطّوسيّ: محمد بن محمد بن الحسن، نصير الدّين، أبو عبد الله، الطّوسيّ الفيلسوف

- ‌32- القطب الشّيرازيّ: [محمود بن مسعود بن مصلح الفارسيّ

- ‌33- الشّيخ صفيّ الدّين الهنديّ: [محمد بن عبد الرّحيم بن محمد الأرمويّ، أبو عبد الله، صفي الدين

- ‌34- علي بن إسماعيل بن يوسف الإمام العلامة القدوة العارف ذو الفنون الشيخ علاء الدين قاضي القضاة شيخ الشيوخ أبو الحسن القونوي التبريزي

- ‌35- القاضي جلال الدّين القزوينيّ، أبو المعالي محمد ابن القاضي سعد الدّين أبي القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد الشّافعيّ الدّلفيّ

- ‌37- الشّيخ شمس الدّين الأصفهانيّ، وهو: محمود بن أبي القاسم بن أحمد، أبو الثّناء

- ‌ومن فلاسفة المغاربة، وحكمائها، ومتكلميها ممن كان بالأندلس:

- ‌38- يحيى بن يحيى، أبو بكر، المعروف بابن السّمينة

- ‌41- أبو الحكم الكرمانيّ: عمرو بن عبد الرّحمن بن أحمد بن عليّ

- ‌42- ابن واقد [الوزير، أبو المطرّف عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الكبير بن يحيى ابن واقد بن مهنّد اللّخميّ]

- ‌43- محمد بن يوسف المنجّم

- ‌45- المبشّر بن فاتك: وهو: الأمير محمود الدّولة أبو الوفاء الآمريّ

- ‌48- محمد بن إبراهيم المتطبب صلاح الدين المعروف بابن البرهان الجرائحي

- ‌49- ابن الأكفاني: محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاريّ، شمس الدّين أبو عبد الله السّنجاريّ المولد والأصل، المصري الدار

- ‌فأما أول من استخرج الطب فرجلان:

- ‌50- اسقليبيوس بن ريوس

- ‌51- أيلق

- ‌أطباء العرب ممن كانوا في أول ظهور الإسلام ومن بعدهم

- ‌52- الحارث بن كلدة الثّقفيّ

- ‌53- النّضر بن الحارث بن كلدة

- ‌54- عبد الملك بن أبجر الكنانيّ

- ‌55- ابن أثال

- ‌56- أبو الحكم

- ‌57- حكم الدّمشقيّ

- ‌58- عيسى بن حكم الدّمشقيّ المعروف بالمسيح

- ‌59- تياذوق

- ‌60- زينب طبيبة بني أود

- ‌أطبّاء السّريان الكائنين في ابتداء الدولة العباسية:

- ‌61- جورجيس بن جبريل [بن يختيشوع]

- ‌63- جبريل بن بختيشوع بن جورجيس

- ‌64- بختيشوع بن جبريل بن بختيشوع

- ‌65- جبيرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع

- ‌66- خصيب النصراني

- ‌67- عيسى المعروف بأبي قريش

- ‌68- ابن اللجلاج

- ‌69- عبد الله الطيفوري

- ‌70- إسرائيل بن زكريا الطيفوري

- ‌71- يزيد بن [زيد] بن يوحنّا

- ‌72- عبدوس بن زيد

- ‌73- ماسرجويه «طبيب البصرة»

- ‌74- سلمويه بن بنان «متطبّب المعتصم»

- ‌75- إبراهيم بن فزارون

- ‌76- إبراهيم بن أيوب الأبرش

- ‌78- يوحنّا بن ماسويه

- ‌79- ميخائيل بن ماسويه

- ‌80- حنين بن إسحاق العبادي

- ‌81- إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي أبو يعقوب

- ‌82- يوحنا بن بختيشوع

- ‌83- ثابت بن قرة الحرّاني، أبو الحسن

- ‌84- سنان بن ثابت بن قرة

- ‌85- ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني

- ‌86- ابن وصيف الصابئ

- ‌87- غالب «طبيب المعتضد»

- ‌88- صاعد بن بشر بن عبدوس أبو منصور

- ‌89- ديلم

- ‌90- فنّون المتطبّب

- ‌91- نظيف- القسّ الرّومي

- ‌92- ابن بطلان، أبو الحسن المختار بن عبدون بن سعدون ابن بطلان النصراني

- ‌93- أحمد بن أبي الأشعث

- ‌94- أبو سهل النيلي. وهو: سعيد بن عبد العزيز

- ‌95- ابن الواسطي «طبيب المستظهر»

- ‌96- أبو طاهر البرخشي، أحمد بن محمد بن العباس

- ‌97- أبو غالب ابن صفية

- ‌98- أمين الدولة ابن التلميذ

- ‌99- معتمد الملك أبو الفرج يحيى بن صاعد بن يحيى بن التلميذ

- ‌100- أوحد الزمان وهو أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البلدي ثم البغدادي

- ‌101- أبو القاسم هبة الله بن الفضل البغدادي

- ‌102- فخر الدين المارديني

- ‌103- أبو نصر المسيحي

- ‌104- أبو الفرج ابن توما

- ‌طبقات الأطباء ببلاد العجم

- ‌105- تياذورس

- ‌106- ربن الطبري

- ‌107- علي بن سهل بن ربن الطبري أبو الحسين

- ‌108- أحمد بن محمد الطبري

- ‌109- أبو منصور: الحسن بن نوح القمريّ

- ‌110- أبو سهل عيسى بن يحيى المسيحي الجرجاني

- ‌111- السيد أبو عبد الله محمد بن [يوسف] الإيلاقي

- ‌112- أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني

- ‌113- أحمد بن عبد الرحمن بن مندويه الأصبهاني، أبو علي

- ‌114- أبو القاسم عبد الرحمن بن علي ابن أحمد بن أبي صادق النيسابوري

- ‌115- السّموأل بن يحيى بن عباس

- ‌116- الشريف شرف الدين إسماعيل

- ‌أطبّاء الهند

- ‌117- شاناق الهندي

- ‌118- منكه الهندي

- ‌119- صالح بن بهلة الهندي

- ‌أطبّاء الشّام

- ‌120- أبو الفرج جرجس بن توما بن سهل بن إبراهيم اليبرودي

- ‌121- ظافر بن جابر السكري أبو حكيم

- ‌122- أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي

- ‌123- ابنه: أبو المجد [محمد] بن أبي الحكم؛ أفضل الدولة

- ‌124- ابن البذوخ: أبو جعفر بن موسى بن علي القلعي

- ‌125- حكيم الزمان أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن حسان الغساني الجلياني

- ‌126- المهذّب ابن النقاش

- ‌127- سكرة اليهودي الحلبي

- ‌129- ابن اللبّودي: يحيى بن محمد بن عبدان بن عبد الواحد

- ‌130- الرضي الرحبي، يوسف بن حيدرة بن الحسن أبو الحجاج

- ‌131- الشرف علي شرف الدين أبو الحسن

- ‌132- عمران [بن صدقة] الإسرائيلي

- ‌133-[موفق الدين] يعقوب بن صقلاب النصراني

- ‌134- رشيد الدين الصوري أبو المنصور ابن أبي الفضل بن علي

- ‌136- صدقة بن منجا بن صدقة السامري

- ‌137- المهذب يوسف بن أبي سعيد بن خلف السامري

- ‌138- أمين الدولة أبو الحسن بن غزال بن أبي سعيد السامري

- ‌139- المهذّب الدّخوار: أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن حامد

- ‌140- الرشيد علي بن حليقة بن يونس بن أبي القاسم بن خليقة الأنصاري الخزرجي

- ‌141- ابن قاضي بعلبك: المظفر بن عبد الرحمن بن إبراهيم

- ‌142- العماد الدّنيسري: محمد بن العباس بن أحمد بن عبيد الربعي أبو عبد الله

- ‌143- العز السويدي: إبراهيم بن محمد الأنصاري الأوسي، عز الدين أبو إسحاق

- ‌144- موفق الدين يعقوب السامري أبو يوسف يعقوب بن غنائم

- ‌145- أبو الفرج يعقوب بن إسحاق بن القف النصراني

- ‌146- المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌147- النفيس أبو الفرج ابن إسحاق بن أبي الخير السامري

- ‌148- الأمين سليمان الحكيم وهو سليمان بن داود

- ‌149- أحمد بن شهاب الدين أبو محمد الكحال الجرائحي

- ‌150- الفتح السامري: هو ابن يوسف بن إسحاق بن مسلم

- ‌151- غنائم السامري، وهو ابن المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌فأما أطباء الغرب بما وقع في جانبه من مصر والاسكندرية

- ‌152- إسحاق بن عمران

- ‌153- إسحاق بن سليمان الإسرائيلي أبو يعقوب

- ‌154- أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد المعروف: بابن الجزار القيرواني أبو جعفر

- ‌155- حمدون أثا

- ‌156- يحيى بن إسحاق

- ‌157- أبو داود بن جلجل: وهو سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل الحكيم

- ‌159- الغافقي: وهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سند

- ‌161- أبو محمد المصري

- ‌162- أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني

- ‌163- أبو مروان عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر الإيادي الإشبيلي

- ‌164- أبو العلاء زهر بن عبد الملك

- ‌165- ابنه أبو مروان ابن أبي العلاء، واسمه عبد الملك

- ‌166- أبو محمد ابن الحفيد أبي بكر بن زهر

- ‌167- أبو جعفر ابن الغزال

- ‌168- أبو العباس ابن الرومية، وهو أحمد بن محمد بن مفرّج النباتي

- ‌169- ابن الأصم

- ‌أما أطباء مصر:

- ‌170- بليطيان

- ‌171- سعيد بن توفيل

- ‌172- سعيد بن البطريق

- ‌173- التميمي: وهو أبو عبد الله محمد بن سعيد التميمي

- ‌174- ابن الهيثم: وهو أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم البصري ثم المصري

- ‌175- علي بن رضوان

- ‌176- افرائيم [بن الزفّان] الإسرائيلي

- ‌177- سلامة بن رحمون أبو الخير

- ‌178- بلمظفر ابن معرف: وهو نصر بن محمود بن المعرّف

- ‌179- أبو عمر وعثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقيل القيسي جمال الدين

- ‌180- ابنه الفتح [فتح الدين بن جمال الدين بن أبي الحفائر]

- ‌181- ابنه المهذب [شهاب الدين ابن فتح الدين]

- ‌182- الخونجي: محمد بن ناماور أفضل الدين أبو عبد الله

- ‌183- أبو سليمان داود بن أبي المنى ابن فانة

- ‌184- ابنه: الموفق أبو شاكر موفق الدين

- ‌185- الرشيد أبو حليقة: وهو أبو الوحش ابن الفارس ابن أبي الخير بن أبي سليمان داود ابن أبي المنى ابن فانة

- ‌186- ابنه المهذب: أبو سعيد محمد بن أبي حليقة

- ‌187- أبو سعيد بن موفق الدين يعقوب

- ‌188- ابن البيطار: عبد الله بن أحمد المالقي النباتي، ضياء الدين أبو محمد

- ‌189- علي بن أبي الحزم: علاء الدين ابن النفيس القرشي الدمشقي

- ‌190- أحمد المغربي

- ‌191- السديد الدمياطي

- ‌192- فرج الله بن صغير

- ‌193- محمد بن صغير، ناصر الدين

- ‌مصادر التحقيق

- ‌الفهرست

الفصل: ‌49- ابن الأكفاني: محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري، شمس الدين أبو عبد الله السنجاري المولد والأصل، المصري الدار

" كتابنا هذا إلى ولينا العبد الشكور، الحكيم، الجليل، الفاضل، المعتمد، الثقة، صلاح الدين معتمد الملوك والسلاطين، أدام الله توفيقه ومراشده، وأسعد مقاصده. نأمره عنا بتسليم عادة إنعامه من حامله، ومعها مائتا دينار مصرية مع ما معها برسم مشترى الحوائج المطلوبة من الديار المصرية، وهو ثلاثمائة دينار، وقد اشتملت التذكرة المجهّزة طيها على ذكره فيقف عليها وينجز المطلوب ويتخيّره، ولا يقطع مطالعاته عن أبوابنا المعمورة- إن شاء الله-".

هذه صورة الكتاب ولفظه بنصّه، وعليه اسمه: داود بن يوسف.

وقد ذكرت ذلك ليعلم، فقد لا يخلو من فائدة.

ومنهم:

‌49- ابن الأكفاني: محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاريّ، شمس الدّين أبو عبد الله السّنجاريّ المولد والأصل، المصري الدار

«13»

حكيم تكلم في الجوهر والعرض، وعرف أسباب الصحة والمرض، وبرهن على الطب وموضوعاته، والعلاج وتبعاته. دقّق في العلم حتى أوضح معالمه الوضعية، وبيّن الفرق في القوى الطبيعية، وجال نظرا في التشريح، وقال فيه بالصريح، وذكر ترتيب الشريان على المنازل، ومكان الصاعد والنازل، بكلام جلاه، وكمال مكّن علاه، ولهذا ساد في أهل عصره، وعاد بالظفر من قام بنصره،

ص: 288

وأهل مصر يظنون أنه لو لامس الماء لالتهب، أو لمس التراب لأحاله إلى الذهب.

يدعي أن له علما يقلب الأعيان أسرع من إدراك العيان، لعلوم لم يضرب دونها سترا، وبيان أتقنه و:(إن من البيان لسحرا)«1» .

ذكره الفاضل أبو الصفاء الصفدي وقال «2» :" فاضل جمع أشتات العلوم، وبرع في علوم الحكمة، خصوصا الرياضي، فإنه في الهيئة والهندسة والحساب له في ذلك تصانيف وأوضاع مفيدة".

وقال:" قرأت عليه قطعة جيدة من كتاب" أقليدس" وكان يحلّ لي فيه ما أقرؤه عليه بلا كلفة كأنما هو ممثّل بين عينيه، فإذا ابتدأت في الشكل شرع هو فيسرد باقي الكلام سردا، وأخذ الميل، ووضع الشكل في حروفه في الرّمل على التختج «3» ، وعبّر عنه بعبارة جزلة فصيحة بيّنة واضحة، كأنه ما يعرف شيئا غير ذلك الشكل.

وقرأت عليه مقدمة في وضع الأوفاق؛ فشرحها لي أحسن شرح. وقرأت عليه أول الإشارات، فكان يحل شرح نصير الدين الطوسي بأجلّ عبارة، وأجلى إشارة، وما سألته عن شيء في وقت من الأوقات مما يتعلق بالحكمة من المنطق والطبيعي، والرياضي، والإلهي، إلا وأجاب بأحسن جواب، كأنما كان البارحة

ص: 289

يطالع تلك المسألة طول الليل! ".

وأما الطب: فإنه إمام عصره، وغالب طبّه بخواصّ ومفردات يأتي بها وما يعرفها أحد لأنه يغيّر كيفيتها وصورتها، حتى لا تعلم، وله إصابات غريبة في علاجه.

وأما الأدب: فإنه فريد فيه، يفهم نكته، ويذوق غوامضه، ويستحضر من الأخبار والوقائع والوفيات للناس قاطبة جملة كبيرة، ويحفظ من الشعر شيئا كثيرا إلى الغاية من شعر العرب، والمولّدين، والمحدثين، والمتأخرين، وله في الأدب تصانيف، ويعرف العروض والبديع جيدا، وما رأيت مثل ذهنه توقد ذكاه بسرعة ما لها رويّة، وما رأيت فيمن رأيت- أصحّ منه ذهنا، ولا أذكر «1» .

وأما عبارته الفصيحة الموجزة، الخالية من الفضول، فما رأيت مثلها. كان ابن سيد الناس يقول: ما رأيت من يعبّر عما في ضميره بعبارة موجزة مثله، انتهى.

قال أبو الصفاء «2» :" لم أر أمتع منه، ولا أفكه من محاضرته، ولا أكثر اطّلاعا منه على أحوال الناس وتراجمهم، ووقائعهم، ممن تقدّمه، وممن عاصره.

وأما أحوال الشرق ومتجدّدات التتار في بلادهم في أوقاتها: فكأنما كانت القصّاد تجيء إليه، والملطّفات تتلى عليه، بحيث إنني كنت أسمع منه ما لم أطّلع عليه من الديوان «3» .

ص: 290

وأما الرّقى «1» والعزائم «2» : فيحفظ منها جملا كثيرة، وله اليد الطولى في الروحانيات، والطلاسم، وما يدخل في هذا الباب.

قال: وقرأت عليه من تصانيفه:" إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد"«3» ، و" اللباب في الحساب"«4» ، و" نخب الذخائر في معرفة الجواهر"«5» ، وغنية اللبيب عند غيبة الطبيب" «6» .

ومما لم أقرأه عليه من تصانيفه:" كشف الرين في أمراض العين"«7» .

قال: وأنشدني لنفسه: [الكامل]

ولقد عجبت لعاكس الكيمياء

في طبّه قد جاء بالشنعاء

يلقي على العين النحاس يحيلها

في لمحة كالفضة البيضاء

ص: 291

وله تجمّل في بيته وملبسه، ومركوبه من الخيل المسوّمة، والبزّة الفاخرة، ثم إنه اقتصر وترك الخيل، وآلى على نفسه أن لا يطبّ أحدا إلا ببيته، أو في المارستان، أو في الطريق، وهو غاية «1» في معرفة الأصناف من الجواهر، والقماش، والآلات، والعقاقير، والحيوانات، وما يحتاج إليه البيمارستان [المنصوري بالقاهرة]«2» ، ولا يشترى، ولا يدخل إليه إلا بعد عرضه عليه، فإن أجازه اشتراه الناظر، وإن لم يجزه لم يشتر البتة، وهذا اطّلاع كثير وخبرة تامّة، لأن البيمارستان يريد كل ما في الوجود مما يدخل في الطب، والكحل، والجراح، وغير ذلك.

وأما معرفة الرقيق من المماليك والجواري: فإليه المآل «3» في ذلك، ورأيت المولعين بالصنعة يحضرون إليه ويذكرون له ما وقع لهم من الخلل في أثناء أعمالهم، فيرشدهم إلى الصواب، ويدلهم على إصلاح ذلك الفساد. ولم أره يعوز «4» شيئا من كمال الأدوات، غير أن عربيّته كانت ضعيفة، وخطّه أضعف من مرضى مارستانه، ومع ذلك فله كلام حسن، ومعرفة [جيدة] بأصول الخط المنسوب، والكلام على ذلك، انتهى ما ذكره أبو الصفاء" «5» .

قلت: هذا رجل اجتمع بي، وتردّد إليّ غير مرة، وجاريته الحديث كرّة على كرّه، وهو كما ذكره، من الحديث الممتع، والكلام المطمع، وقرأت عليه:

[..]«6» ولقد كنت ألتقط من أثناء كلامه ثمرات الحكم، وأستدلّ له بمجاراته على

ص: 292

سعة الاطلاع، ووفور مدد. ورأيت له في هذا ما لم أر لأحد.

وكان يستجهل الأطباء، ويستبعد طرق معالجاتهم، ويستبشع كريه وصفاتهم، ويقول: أنا أعالج المرضى بما لا يستكره، كهذه الأدوية الكريهة التي يصفها الأطباء، وأعطي القدر اليسير مما يستطاب، فيقوم مقام الكثير مما يعطونه مما لا يستطاب، ويكون ما أعطيه من نوع الغذاء وهو يقوم مقام الدواء.

وحكى لي القاضي ضياء الدين يوسف بن الخطيب أنه احتاج إلى استفراغ «1» ؛ فعرض ما به على الأطباء واستوصفهم «2» ، فقالوا: هذا يحتاج إلى خمسة أيام تتقدّم قبل استعمال دواء. وشرعوا في وصف دواء يشتمل على عقاقير كثيرة كريهة، فلم أجد لي قابلية على ما قالوه. فقلت لابن الأكفاني، فقال: ما يحصل القصد، ثم أتاني ببرنية «3» فيها شراب حماض، وقال: كلما أردت قيام مجلس العق من هذا الشراب لعقة. قال: فلعقت منه تسع لعقات، فقمت تسعة مجالس، وزال ما كنت أشكوه، ثم كنت في كل حين ألعق من ذلك الشراب، وكلما لعقت لعقة قمت مجالسا لا يخالف عدد القيام عدد اللعقات، ولم يخرم معي هذا.

وحكى لي الصدر مجد الدين السلامي نحو ذلك، ومع هذا كله، وما لا يجحد من فضله لا يقول أطباء مصر إلا أنه طرقيّ لا طبيب!، وأيّ حسن ما له من يعيب؟!.

كضرائر الحسناء قلن لوجهها

حسدا وبغضا إنه لذميم «4»

ص: 293