الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وله تسبيح أيضا:" سبحان من عمّ بحكمته الوجود، واستحقّ بكل وجه أن يكون هو المعبود، تلألأت بنور وجهك وجلالك الآفاق، وأشرقت شمس معرفتك على النفوس إشراقا وأيّ إشراق! ".
ومنهم:
24- ابن الخوييّ: أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى، الشّافعيّ، شمس الدّين، أبو العبّاس
«13»
قاضي القضاة، أوحد العلماء، مجموع الفضائل، دوحة مجد اخضرّ فرعها، ودرّ كالمعصرات «1» ضرعها، ومدّت الأفياء والظلال، وردّت الأحياء والضّال، طال على يد المجتني منعها، وطاب ثمرها المثمر ونبعها، جاءت له العلياء وفاقا،
وجادت له السحب الرواء دفاقا، فطنّبت شمسه على السماء رواقا، وتطلّبت فواضله للنفاق أشواقا، ثم حلّ لدن المعظم شرف الدين عيسى فحل بيت شرفه، وحلّ مكانا في مقاعد غرفه، ثم لم يتحوّل من أفقه، ولا أضاء له ضوء نهار إلا بين أصيله وشفقه.
قال ابن أبي أصيبعة:" كان أوحد زمانه في العلوم الحكمية، وعلّامة وقته في الأمور الشرعية. عارفا بأصول الطب وغيره، حسن الصورة، كريم النفس، كثير الحياء، محبّا لفعل الخير، ملازما للصلاة والصيام، وقراءة القرآن.
اتصل بالملك المعظّم عيسى «1» ، فعرف فضله، وقرّر له الراتب، وقرأ عليه الطلبة، وانتفعوا به، وكان حسن العبارة، قويّ البراعة، فصيح اللسان، بليغ البيان، وافر المروءة، ظاهر الفتوة. أخذ عن القطب المصري «2» ، وأخذ المصري عن الإمام الرازي. ثم ولّاه المعظّم قضاء الشام. وكان عظيم التواضع، لطيف الكلام، يمشي إلى الجامع الأموي لأداء فرائض الصلوات في أوقاتها، ولم يزل على هذا حتى توفي في سنّ الشباب «3» ، في سابع شعبان سنة تسع وثلاثين وستمائة.
قلت «1» : وحكى لي شيخنا الإمام شهاب الدين أبو الثناء محمود الحلبي الكاتب، قال: لحقت جماعة أدركوا شمس الدين الخويي، أيام قدومه دمشق، وحدّثوني أنه قدم في زيّ فقير صوفي، وكان يلعب ببعض آلات الطرب حتى عرف بذلك، وكان يستدعى به لأجل ذلك، والملك المعظّم صاحب دمشق إذ ذاك، فقيل له عنه، فأمر به فأحضر ولعب بين يديه، فأعجبه لعبه لإتقان صنعته، فجعله من ندمائه، فلما تردّد إليه ظهر له علمه، وتحقّق لديه فضله، فاختصّه بالمجالسة، وقرّبه منه، فلما خلا القضاء عيّنه له، فاستعفاه. فألزمه به حتى وليه.
فلما ولي القضاء انقطع عن الملك المعظّم، ففقده في أوقات أنسه، فقال له: مالك انقطعت هذه الليالي؟.
فجعل يعتذر، والملك المعظّم لا يقبل منه، ويحثّه على الملازمة على عادته.
فقال له: مولانا يعلم ما بقي يتعلق بي وبذمّتى من أقضية المسلمين وعقودهم، وما يجمل بي أن أظهر العدالة وأبطن الفسق وقد صرت قاضيا!.
ومولانا مخيّر إن شاء تركت القضاء وعدت إلى ما كنت عليه في خدمته، وإن شاء تركني على القضاء وأعفاني لأخلّص ذمّتي وذمّته.
فقال: بل استمر على القضاء، ودع ما سواه. فكان في غاية الخير حتى كأنه لم يكن ذاك.