الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله:" أشرف الناس من شرّفته الفضائل لا من تشرف بالفضائل «1» ".
وقوله:" الأمل خدّاع النفوس".
وقوله:" المشورة تريك طبع المستشار".
وقوله:" اطلب في حياتك العلم، والمال، والعمل الصالح، فإن الخاصة تفضلك بما تحسن، والعامة بما تملك، والجميع بما تعمل".
وقوله- وقد سئل عند موته عن الدنيا؟ فقال-:" خرجت إليها مضطرا، وعشت فيها متحيرا، وها أنا أخرج منها كارها، ولم أعلم فيها إلا أنني لا أعلم!! ". وعاش ثمانين سنة.
ومنهم:
7- أرسطوطاليس
«13»
وهو ابن نيقوماخس «2» ، ذهب مذهب فيثاغورس.
رجل لا يقاس به أحد، ولا يقال إن مثله البحر فيخصّ بحد. أنواع العلماء
عليه ضيوف، وأقوال الحكماء لديه زيوف. طلع صباحه، فطمي جدوله على الكواكب وطمسها، وطمّ جرف نهاره المنهار حفر الغياهب ودمسها. وعرف فضله بالضرورة، وفعله بالمآثر المبرورة، وعني بمداواة الأفهام، فأبرأ سقيمها، وأنتج عقيمها، فشفى من لمم، وأسمع من صمم، وحاز بانضواء الاسكندر الذي هو أحد ملوك العالم إليه فخرا، أصبح به نده يفخم، وضده يرغم، إذ كان لا تناط لديه إشاراته بإهمال، ولا تنال عنده إلا بالتعويل عليه أعمال.
ذكره أبو القاسم بن صاعد وقال:" إليه انتهت فلسفة اليونان، وكان خاتم حكمائهم، وسيد علمائهم، وهو أول من خلّص صناعة البرهان من الصناعات المنطقية، وصوّرها بالأشكال الثلاثة، وجعلها آلة العلوم النظرية، حتى لقّب بصاحب المنطق، وله في جميع العلوم الفلسفية كتب شريفة؛ كلية وجزئية"«1» .
قال ابن جلجل:" كان فيلسوف الروم، وعالمها، وجهبذها «2» ، ونحريرها «3» ، وخطيبها، وطبيبها، وكان أوحد في الطب، وغلب عليه علم الفلسفة"«4» .
قال المبشر بن فاتك:" كان أرسطو كثير التلاميذ، من الملوك وأبناء الملوك، وغيرهم، وعدّ منهم أناسا منهم: الاسكندر- وسماه الاسكندروس-"«5» .
قال ابن أبي أصيبعة:" كان نيقوماخس أبو أرسطوطاليس طبيب [أمنطس أبي فيليبس، وفيلبس هذا هو أبو الاسكندر] وكان كل من أبيه وأمه من ولد اسقليبيوس، وكان خليفته على دار التعليم «1» ".
ولما قدم أفلاطون من صقلية انتقل أرسطو إلى لوقيون، واتخذ هناك دار التعليم المنسوبة إلى [الفلاسفة] المشائين، ثم رجع إلى مدينة الحكماء «2» ، ثم صار إلى مقدونيا يعلّم، إلى أن تجاوز الاسكندر بلاد آسيا، ثم استخلف في مقدونيا، فسعى إليه «3» بعض الكهنة في أرسطو، ونسبه إلى الكفر، لكونه كان لا يعظم الأصنام التي كانت تعبد!، فشخص أرسطو إلى بلاده، وبقي بها إلى أن مات وهو ابن ثمانين سنة" «4» .
" ثم إن أهل أسطاغيرا نقلوا بدنه وصيّروه في الموضع المعروف بالارسطوطاليسي، وصيّروا مجتمعهم للمشاورة في جلائل الأمور، وإذا صعب عليهم شيء من فنون العلم أتوا إلى مكان قبره فتناظروا ما بينهم فيظهر لهم ما أشكل، وكانوا يرون اجتماعهم عنده يذكي عقولهم، ويصحح فكرهم، وكانوا لا يزالون في أسف لفراقه، وحزن لما فقدوه من ينابيع حكمته"«5» .
وذكر المسعودي: أنه في ملرم «6» من صقلية، وكان جليل القدر في الناس، مكرما عند ملوك زمانه، وكان يحسن السفارة عندهم للرعية، حتى اتخذوا
عمودا ونقشوا عليه اسمه، وحسن ما كان يصنعه معهم، إلا فرد رجل غاب عن رأيهم في هذا العمود، وعاب أرسطو، وهمّ بإزالة نقش العمود، فأمسك وقتل، ثم عمدوا إلى عمود آخر [....]«1» بالبناء عليه كالأول، وذكروا المتعرض المخالف الذي قتل، ولعنوه، وتبرأوا منه.
قال ابن أبي أصيبعة:" إن الاسكندر لما ملك صار أرسطو إلى التبتل والتخلي مما كان فيه من الاتصال بالملوك والملازمة لهم، ولزم موضع التعليم، وهو رواق المشائين، وأقبل على العناية بمصالح الناس، ورفد الضعفاء، وأهل الفاقة، وتزويج الأيامى، وعول اليتامى، ورفد طلبة العلم والتأدب «2» من كانوا، وأي نوع من العلم والأدب طلبوا، والصدقة على الفقراء، ولم يزل في غاية لين الجانب والتواضع، وحسن اللقاء للصغير والكبير، والقوي والضعيف، وأما قيامه بأمر أصدقائه فلا يوصف"«3» .
قال المبشر بن فاتك:" إن أرسطو لما بلغ ثماني سنين حمله أبوه إلى بلد الحكماء «4» ، وضمّه أبوه إلى الشعراء، والبلغاء، والنحويين، فأقام متعلما منهم تسع سنين، وكان اسم هذا العلم عندهم: المحيط- أعني علم اللسان، لحاجة جميع الناس إليه، لأنه المؤدي لكل حكمة، وبه يتحصل كل علم.
ثم بلغه أن قوما من الحكماء أزروا «5» بعلم البلغاء واللغويين، وعنّفوا
المتشاغلين به، وزعموا أنه لا تحتاج إليه الحكمة، لأن النحويين معلمو الصبيان، والشعراء أصحاب أباطيل وكذب، والبلغاء أصحاب تمحّل ومراء «1» ، فأدركته الحفيظة «2» لهم، فناضل عنهم، واحتج لهم، وقال: إن فضل الإنسان على البهائم بالنطق، وأحقهم بالإنسيّة أبلغهم في منطقه، وإذا كانت الحكمة أشرف الأشياء فينبغي أن تكون العبارة عنها بأشرف المنطق لأن العيّ يذهب بنور الحكمة، ويقطع عن الأداء، ويقصر عن الحاجة، ويلبس على المستمع، ويفسد المعاني، فيورث الشبهة. ثم انتقل أرسطو إلى أفلاطون لتعلم العلوم الأخلاقية، والسياسية، والطبيعية، والتعليمية، والإلهية. وكان أفلاطون إذا استدعي منه الكلام يقول: اصبروا حتى يحضر الناس! فإذا جاء أرسطو قال: تكلموا، فقد حضر العقل! " «3» .
وقال حنين «4» :" كان منقوشا على [فص] خاتم أرسطو: المنكر لما يعلم أعلم من المقرّ بما لا يعلم! "«5» .
ومن كلامه:
قوله:" بالفكر الثاقب يدرك الرأي العازب «1» ، وبالتأني تسهل المطالب، وبلين الكلم تدوم المودة في الصدور، وبخفض الجناح تتم الأمور، وبسعة الأخلاق يطيب العيش، ويكمل السرور، وبالإنصاف يحب التواصل، وبالتواضع تكثر المحبة، وبالعفاف تزكو الأعمال، وبالعدل يقهر العدو، وبالحلم تكثر الأنصار، وبالرفق تستخدم القلوب «2» ، وبالوفاء يدوم الإخاء، وبالصدق يتم الفضل، ومن الساعات تتولد الآفات، وبالعافية يوجد طيب الطعام والشراب، وبحلول المكاره تتكدر النعم، وبالمنّ يدحض الإحسان، وبالجحود يستوجب الحرمان، والبخيل ذليل وإن كان غنيا، والجواد عزيز وإن كان مقلا، والطمع الفقر الحاضر، واليأس الغنى الظاهر.
" لا أدري نصف العلم، والأدب يغني عن الحسب، والتقوى شعار العالم، والرياء لباس الجاهل، ومقاساة الأحمق عذاب الروح، والاشتغال بالفائت يضيع الأوقات، والتمني سبب الحسرة، والصبر تأييد العزم".
" صديق الجاهل مغرور، والمخاطر خائب".
" من عرف نفسه لم يضع. المجرب أحكم من الطبيب. إذا فاتك الأدب فالزم الصمت. من لم ينفعه العلم لم يأمن من ضرر الجهل. من افتخر ارتطم. من عجل تورّط. من تفكّر سلم. من سأل علم. للعادة على كل أحد سلطان. كل شيء يستطاع نقله إلا الطباع. كل شيء يحتال له إلا القضاء. من عرف الحكمة لحظته العيون بالوقار. لا يؤتى الناطق إلا من سوء فهم السامع. الجزع عند
مصايب الأحزان أحمد من الصبر. وصبر المرء على مصيبته أحمد من الجزع.
ليس شيء أقرب إلى تغيير النعم من الإقامة على الظلم. من طلب خدمة السلطان بلا أدب خرج من السلامة إلى العطب.
" إذا أردت الغنى فاطلبه بالقناعة، فإن من لم يكن له قناعة لا يغنيه المال وإن كثر. لا تبطل لك عمرا في غير نفع، ولا تضع لك مالا في غير حق، ولا تصرف لك قوة في غنى، ولا رأيا في غير رشد".
" العالم يعرف الجاهل لأنه كان جاهلا، والجاهل لا يعرف العالم لأنه لم يكن عالما. اطلب الغنى الذي لا يفنى، والحياة التي لا تتغير، والملك الذي لا يزول، والبقاء الذي لا يضمحل".
" أصلح نفسك لنفسك يكن الناس تبعا لك، واقترض من عدوك الفرصة، واعمل على أن الدهر ذو دول. لا تصادم من كان على الحق، ولا تجاذب من كان متمسكا بالدين".
" لا فخر فيما يزول، ولا غنى فيما لا يثبت. لا تغفل فإن الغفلة تورث الندامة.
لا ترج السلامة لنفسك حتى يسلم الناس من جورك «1» ، ولا تعاقب غيرك على أمر ترخص فيه لنفسك".
" اعتبر ممن تقدم، واحفظ ما مضى، والزم الصحة يلزمك النصر. الصدق قوام أمر الخلائق. الكذب داء لا ينجو من نزل به. من تجبّر على الناس أحب الناس ذلّته.
من أفرط في اللوم كرهت حياته. من مات محمودا كان أحسن حالا ممن عاش مذموما".
" من نازع السلطان مات قبل يومه. أي ملك نازع السوقة «2» هتك شرفه. من
مات قلّ حاسده. الحكمة شرف من لا قديم له. سوء الأدب يهدم ما بناه الأب.
الجهل شر الأصحاب. النميمة تهدي إلى القلوب البغضاء. ومن واجهك فقد شتمك، ومن نقل إليك نقل عنك. الجاهل عدوّ لنفسه، فكيف يكون صديقا لغيره؟. الوفاء نتيجة الكرم. لسان الجاهل مفتاح حتفه. الحاجة تفتح باب الحيلة. بترك ما لا يعنيك يتم لك الفضل. ليس زيادة القوة بكثرة ما يرد البدن من الغذاء ولكن بكثرة ما يقبل منه".
" امتحن المرء في وقت غضبه لا في وقت رضاه، وفي وقت قدرته لا في وقت ذلته. خير الأشياء أجدّها إلا المودّات خيرها أقدمها"«1» .
وكتب إلى الاسكندر:" إذا أعطاك الله الظفر فافعل ما أحبّ من العفو".
وكتب إليه:" الأردياء «2» ينقادون بالخوف، والخيار ينقادون بالحياء، فميّز بين الطبقتين، واستعمل في أولئك البطش والخوف، وفي هؤلاء الإفضال والإحسان".
وكتب إليه:" ليكن غضبك بين المنزلتين لا شديدا فاشيا، ولا فاترا ضعيفا، فإن هذه من أخلاق السباع، وهذه من أخلاق الصبيان".