المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌23- عبد اللطيف البغدادي - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٩

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء التاسع]

- ‌[تراجم الحكماء والفلاسفة]

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[المقدمة]

- ‌[من الحكماء المشارق]

- ‌1- أما (هرمس الأول)

- ‌2- وأما (هرمس الثاني)

- ‌3- وأما (هرمس الثالث) :

- ‌4- فيثاغورس

- ‌5- سقراط

- ‌6- أفلاطون

- ‌7- أرسطوطاليس

- ‌8- يعقوب بن إسحاق الكنديّ

- ‌9- أحمد بن الطّيّب السّرخسيّ

- ‌10- كنكه الهندي

- ‌11- صنجهل الهندي

- ‌12- أبو نصر الفارابيّ

- ‌13- يحيى بن عدي

- ‌14- أبو بكر محمّد بن زكريّاء الرّازيّ

- ‌15- أبو سليمان السّجستاني

- ‌16- ابن الخمّار

- ‌17- أبو الفرج بن هندو

- ‌18- الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا

- ‌ومن رسائله:

- ‌[وصية ابن سينا]

- ‌ومن شعر الشيخ الرئيس قاله في النفس

- ‌19- أبو الفرج عبد الله بن الطيب

- ‌20- أبو المؤيد محمد بن محمد بن المجلي الجزري، المعروف بابن الصايغ

- ‌21- ابن الخطيب الرّازيّ، ابن خطيب الرّيّ، وهو: محمّد بن عمر بن الحسين، أبو عبد الله- الإمام فخر الدّين

- ‌22- القطب المصريّ وهو: إبراهيم بن عليّ بن محمّد السّلميّ أبو إسحاق

- ‌23- عبد اللّطيف البغدادي

- ‌24- ابن الخوييّ: أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى، الشّافعيّ، شمس الدّين، أبو العبّاس

- ‌25- الرّفيع الجيليّ: أبو حامد، عبد العزيز بن عبد الواحد ابن إسماعيل بن عبد الهادي

- ‌26- الشّهاب السّهرورديّ المقتول: يحيى بن حبش بن أميرك

- ‌27- الخسرو شاهيّ: عبد الحميد بن عيسى، بن عمّويه، بن يونس، ابن خليل شمس الدّين، أبو محمّد، التبريزيّ، الشّافعيّ

- ‌29- البديع الاصطرلابيّ: وهو بديع الزّمان أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن أحمد البغداديّ

- ‌31- النّصير الطّوسيّ: محمد بن محمد بن الحسن، نصير الدّين، أبو عبد الله، الطّوسيّ الفيلسوف

- ‌32- القطب الشّيرازيّ: [محمود بن مسعود بن مصلح الفارسيّ

- ‌33- الشّيخ صفيّ الدّين الهنديّ: [محمد بن عبد الرّحيم بن محمد الأرمويّ، أبو عبد الله، صفي الدين

- ‌34- علي بن إسماعيل بن يوسف الإمام العلامة القدوة العارف ذو الفنون الشيخ علاء الدين قاضي القضاة شيخ الشيوخ أبو الحسن القونوي التبريزي

- ‌35- القاضي جلال الدّين القزوينيّ، أبو المعالي محمد ابن القاضي سعد الدّين أبي القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد الشّافعيّ الدّلفيّ

- ‌37- الشّيخ شمس الدّين الأصفهانيّ، وهو: محمود بن أبي القاسم بن أحمد، أبو الثّناء

- ‌ومن فلاسفة المغاربة، وحكمائها، ومتكلميها ممن كان بالأندلس:

- ‌38- يحيى بن يحيى، أبو بكر، المعروف بابن السّمينة

- ‌41- أبو الحكم الكرمانيّ: عمرو بن عبد الرّحمن بن أحمد بن عليّ

- ‌42- ابن واقد [الوزير، أبو المطرّف عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الكبير بن يحيى ابن واقد بن مهنّد اللّخميّ]

- ‌43- محمد بن يوسف المنجّم

- ‌45- المبشّر بن فاتك: وهو: الأمير محمود الدّولة أبو الوفاء الآمريّ

- ‌48- محمد بن إبراهيم المتطبب صلاح الدين المعروف بابن البرهان الجرائحي

- ‌49- ابن الأكفاني: محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاريّ، شمس الدّين أبو عبد الله السّنجاريّ المولد والأصل، المصري الدار

- ‌فأما أول من استخرج الطب فرجلان:

- ‌50- اسقليبيوس بن ريوس

- ‌51- أيلق

- ‌أطباء العرب ممن كانوا في أول ظهور الإسلام ومن بعدهم

- ‌52- الحارث بن كلدة الثّقفيّ

- ‌53- النّضر بن الحارث بن كلدة

- ‌54- عبد الملك بن أبجر الكنانيّ

- ‌55- ابن أثال

- ‌56- أبو الحكم

- ‌57- حكم الدّمشقيّ

- ‌58- عيسى بن حكم الدّمشقيّ المعروف بالمسيح

- ‌59- تياذوق

- ‌60- زينب طبيبة بني أود

- ‌أطبّاء السّريان الكائنين في ابتداء الدولة العباسية:

- ‌61- جورجيس بن جبريل [بن يختيشوع]

- ‌63- جبريل بن بختيشوع بن جورجيس

- ‌64- بختيشوع بن جبريل بن بختيشوع

- ‌65- جبيرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع

- ‌66- خصيب النصراني

- ‌67- عيسى المعروف بأبي قريش

- ‌68- ابن اللجلاج

- ‌69- عبد الله الطيفوري

- ‌70- إسرائيل بن زكريا الطيفوري

- ‌71- يزيد بن [زيد] بن يوحنّا

- ‌72- عبدوس بن زيد

- ‌73- ماسرجويه «طبيب البصرة»

- ‌74- سلمويه بن بنان «متطبّب المعتصم»

- ‌75- إبراهيم بن فزارون

- ‌76- إبراهيم بن أيوب الأبرش

- ‌78- يوحنّا بن ماسويه

- ‌79- ميخائيل بن ماسويه

- ‌80- حنين بن إسحاق العبادي

- ‌81- إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي أبو يعقوب

- ‌82- يوحنا بن بختيشوع

- ‌83- ثابت بن قرة الحرّاني، أبو الحسن

- ‌84- سنان بن ثابت بن قرة

- ‌85- ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني

- ‌86- ابن وصيف الصابئ

- ‌87- غالب «طبيب المعتضد»

- ‌88- صاعد بن بشر بن عبدوس أبو منصور

- ‌89- ديلم

- ‌90- فنّون المتطبّب

- ‌91- نظيف- القسّ الرّومي

- ‌92- ابن بطلان، أبو الحسن المختار بن عبدون بن سعدون ابن بطلان النصراني

- ‌93- أحمد بن أبي الأشعث

- ‌94- أبو سهل النيلي. وهو: سعيد بن عبد العزيز

- ‌95- ابن الواسطي «طبيب المستظهر»

- ‌96- أبو طاهر البرخشي، أحمد بن محمد بن العباس

- ‌97- أبو غالب ابن صفية

- ‌98- أمين الدولة ابن التلميذ

- ‌99- معتمد الملك أبو الفرج يحيى بن صاعد بن يحيى بن التلميذ

- ‌100- أوحد الزمان وهو أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البلدي ثم البغدادي

- ‌101- أبو القاسم هبة الله بن الفضل البغدادي

- ‌102- فخر الدين المارديني

- ‌103- أبو نصر المسيحي

- ‌104- أبو الفرج ابن توما

- ‌طبقات الأطباء ببلاد العجم

- ‌105- تياذورس

- ‌106- ربن الطبري

- ‌107- علي بن سهل بن ربن الطبري أبو الحسين

- ‌108- أحمد بن محمد الطبري

- ‌109- أبو منصور: الحسن بن نوح القمريّ

- ‌110- أبو سهل عيسى بن يحيى المسيحي الجرجاني

- ‌111- السيد أبو عبد الله محمد بن [يوسف] الإيلاقي

- ‌112- أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني

- ‌113- أحمد بن عبد الرحمن بن مندويه الأصبهاني، أبو علي

- ‌114- أبو القاسم عبد الرحمن بن علي ابن أحمد بن أبي صادق النيسابوري

- ‌115- السّموأل بن يحيى بن عباس

- ‌116- الشريف شرف الدين إسماعيل

- ‌أطبّاء الهند

- ‌117- شاناق الهندي

- ‌118- منكه الهندي

- ‌119- صالح بن بهلة الهندي

- ‌أطبّاء الشّام

- ‌120- أبو الفرج جرجس بن توما بن سهل بن إبراهيم اليبرودي

- ‌121- ظافر بن جابر السكري أبو حكيم

- ‌122- أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي

- ‌123- ابنه: أبو المجد [محمد] بن أبي الحكم؛ أفضل الدولة

- ‌124- ابن البذوخ: أبو جعفر بن موسى بن علي القلعي

- ‌125- حكيم الزمان أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن حسان الغساني الجلياني

- ‌126- المهذّب ابن النقاش

- ‌127- سكرة اليهودي الحلبي

- ‌129- ابن اللبّودي: يحيى بن محمد بن عبدان بن عبد الواحد

- ‌130- الرضي الرحبي، يوسف بن حيدرة بن الحسن أبو الحجاج

- ‌131- الشرف علي شرف الدين أبو الحسن

- ‌132- عمران [بن صدقة] الإسرائيلي

- ‌133-[موفق الدين] يعقوب بن صقلاب النصراني

- ‌134- رشيد الدين الصوري أبو المنصور ابن أبي الفضل بن علي

- ‌136- صدقة بن منجا بن صدقة السامري

- ‌137- المهذب يوسف بن أبي سعيد بن خلف السامري

- ‌138- أمين الدولة أبو الحسن بن غزال بن أبي سعيد السامري

- ‌139- المهذّب الدّخوار: أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن حامد

- ‌140- الرشيد علي بن حليقة بن يونس بن أبي القاسم بن خليقة الأنصاري الخزرجي

- ‌141- ابن قاضي بعلبك: المظفر بن عبد الرحمن بن إبراهيم

- ‌142- العماد الدّنيسري: محمد بن العباس بن أحمد بن عبيد الربعي أبو عبد الله

- ‌143- العز السويدي: إبراهيم بن محمد الأنصاري الأوسي، عز الدين أبو إسحاق

- ‌144- موفق الدين يعقوب السامري أبو يوسف يعقوب بن غنائم

- ‌145- أبو الفرج يعقوب بن إسحاق بن القف النصراني

- ‌146- المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌147- النفيس أبو الفرج ابن إسحاق بن أبي الخير السامري

- ‌148- الأمين سليمان الحكيم وهو سليمان بن داود

- ‌149- أحمد بن شهاب الدين أبو محمد الكحال الجرائحي

- ‌150- الفتح السامري: هو ابن يوسف بن إسحاق بن مسلم

- ‌151- غنائم السامري، وهو ابن المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌فأما أطباء الغرب بما وقع في جانبه من مصر والاسكندرية

- ‌152- إسحاق بن عمران

- ‌153- إسحاق بن سليمان الإسرائيلي أبو يعقوب

- ‌154- أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد المعروف: بابن الجزار القيرواني أبو جعفر

- ‌155- حمدون أثا

- ‌156- يحيى بن إسحاق

- ‌157- أبو داود بن جلجل: وهو سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل الحكيم

- ‌159- الغافقي: وهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سند

- ‌161- أبو محمد المصري

- ‌162- أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني

- ‌163- أبو مروان عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر الإيادي الإشبيلي

- ‌164- أبو العلاء زهر بن عبد الملك

- ‌165- ابنه أبو مروان ابن أبي العلاء، واسمه عبد الملك

- ‌166- أبو محمد ابن الحفيد أبي بكر بن زهر

- ‌167- أبو جعفر ابن الغزال

- ‌168- أبو العباس ابن الرومية، وهو أحمد بن محمد بن مفرّج النباتي

- ‌169- ابن الأصم

- ‌أما أطباء مصر:

- ‌170- بليطيان

- ‌171- سعيد بن توفيل

- ‌172- سعيد بن البطريق

- ‌173- التميمي: وهو أبو عبد الله محمد بن سعيد التميمي

- ‌174- ابن الهيثم: وهو أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم البصري ثم المصري

- ‌175- علي بن رضوان

- ‌176- افرائيم [بن الزفّان] الإسرائيلي

- ‌177- سلامة بن رحمون أبو الخير

- ‌178- بلمظفر ابن معرف: وهو نصر بن محمود بن المعرّف

- ‌179- أبو عمر وعثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقيل القيسي جمال الدين

- ‌180- ابنه الفتح [فتح الدين بن جمال الدين بن أبي الحفائر]

- ‌181- ابنه المهذب [شهاب الدين ابن فتح الدين]

- ‌182- الخونجي: محمد بن ناماور أفضل الدين أبو عبد الله

- ‌183- أبو سليمان داود بن أبي المنى ابن فانة

- ‌184- ابنه: الموفق أبو شاكر موفق الدين

- ‌185- الرشيد أبو حليقة: وهو أبو الوحش ابن الفارس ابن أبي الخير بن أبي سليمان داود ابن أبي المنى ابن فانة

- ‌186- ابنه المهذب: أبو سعيد محمد بن أبي حليقة

- ‌187- أبو سعيد بن موفق الدين يعقوب

- ‌188- ابن البيطار: عبد الله بن أحمد المالقي النباتي، ضياء الدين أبو محمد

- ‌189- علي بن أبي الحزم: علاء الدين ابن النفيس القرشي الدمشقي

- ‌190- أحمد المغربي

- ‌191- السديد الدمياطي

- ‌192- فرج الله بن صغير

- ‌193- محمد بن صغير، ناصر الدين

- ‌مصادر التحقيق

- ‌الفهرست

الفصل: ‌23- عبد اللطيف البغدادي

تقييد العبارة من غير فائدة".

وقال في تفضيل ابن الخطيب على ابن سينا:" فهذا مما تنخّل من كلام الإمامين الفاضلين العظيمين، الإمام المتقدم، والإمام المتأخر عنه زمانا، الراجح عليه علما وعملا، واعتقادا، ومذهبا".

وقتل القطب المصري في نيسابور فيمن قتله التتار بها «1» «رحمه الله تعالى» .

ومنهم:

‌23- عبد اللّطيف البغدادي

«13»

هو ابن يوسف محمد بن علي بن أبي سعد «2» ، عرف بابن اللبّاد، موفق الدين، أبو محمد، الموصلي الأصل، البغدادي المولد، ويعرف بالجدي المطجّن «3»

ص: 128

مسرح أمل، ومطمح علم وعمل، وزينة أرض ما هي في السماء لجدي ولا حمل، ناجح جديه الكباش فكسرها، ومزّقها بظلفه «1» ونشرها، إلى أن أخلى منها المظان، وأبدل بسواد المعز بياض الضّان.

وأعطاه أهل زمانه حقه في التعظيم، وناظر كل قرين، وهو الجدي، وغيره الذي سمط «2» ، فهادنته جناة الذئاب، وهابته جناة القرظ «3» ، وطال عليهم الإياب. وجال في الجيل الأول وقد شمخ بقرنه، وسمج لقرنه، وجلّ فلم ينتسب إليه كل عنزي من عنزة، ولا حسب كفؤا لقرنه كبش كتيبة ولا جديد عنزة، وأنسي كل من تقدمه هديا، وفخر به كل بلد قدمه وقدمت دمشق جديا، وعلم العلم أنه له منتصب، وقامت قامة بلده وقد قيل لها حدبا لأنها تصحيفه إذا نصب.

قال ابن أبي أصيبعة:" كان مشهورا بالعلوم، متحليا بالفضائل، مليح العبارة، جيد «4» التصنيف، وكان متميزا في النحو واللغة، والعربية، عارفا بعلم الكلام، والطب. وكان قد اعتنى كثيرا بصناعة الطب لما كان بدمشق، واشتهر بعلمها، وكان يتردد إليه جماعة من التلاميذ، وغيرهم من الأطباء، للقراءة عليه، وكان والده قد أشغله بصناعة «5» الحديث في صباه.

وكان يوسف والد الشيخ موفق الدين مشتغلا بعلم الحديث، بارعا في علوم

ص: 129

القرآن، والقراءات، محمودا في المذهب والخلاف، والأصول.

وكان سليمان عم الشيخ موفق الدين [فقيها مجيدا، وكان الشيخ موفق الدين]«1» عبد اللطيف كثير الاشتغال، لا يخلي وقتا من أوقاته من النظر في الكتب، والتصنيف والكتابة. والذي وجدته من خطّه أشياء كثيرة جدا، بحيث أنه يكتب من مصنفاته نسخا متعددة، وكذلك أيضا كتب كتبا كثيرة من تصانيف الفقهاء. وكان صديقا لجدّي، وبينهما صحبة أكيدة بالديار المصرية لما كان بها، وكان أبي وعمي اشتغلا عليه بعلم الأدب، واشتغل عليه عمي أيضا بكتب أرسطوطاليس، وكان الشيخ موفق الدين كثير العناية بها، والفهم لمعانيها.

وأتى إلى دمشق من الديار المصرية، وأقام بها مدة، وكثر انتفاع الناس بعلمه.

ورأيته في آخر مرة بدمشق وهو شيخ نحيف الجسم، ربع القامة، حسن الكلام، جيد العبارة، وكانت مسطرته أبلغ من لفظه. وكان- رحمه الله تعالى- ربما تجاوز في الكلام لكثرة ما يرى في نفسه. وكان يتنقّص الفضلاء الذين في زمانه، وكثيرا من المتقدمين. وكان وقوعه كثيرا جدا في علماء العجم ومصنفاتهم، وخصوصا الشيخ الرئيس ابن سينا ونظرائه.

ونقلت من خطّه في سيرته التي ألّفها ما هذا مثاله، قال:" إني ولدت بدار لجدي في درب الفالوذج، في سنة سبع وخمسين وخمسمائة، وتربيت في حجر الشيخ [أبي النجيب] لا أعرف اللهو واللعب، وأكثر زماني مصروف في سماع الحديث، وأخذت لي إجازات من مشايخ بغداد، وخراسان، والشام، ومصر.

وقال لي والدي يوما: قد سمّعتك جميع عوالي بغداد، [وألحقتك في الرواية

ص: 130

بالشيوخ، وكنت في أثناء ذلك] أتعلم الخط، وأحفظ القرآن، والفصيح، والمقامات، وديوان المتنبي، ونحو ذلك، ومختصرا في الفقه، ومختصرا في النحو.

فلما ترعرعت، حملني والدي إلى كمال الدين عبد الرحمن الأنباري «1» ، وكان يومئذ شيخ بغداد، وله بوالدي صحبة قديمة أيام التفقه بالنظامية «2» ، فقرأت عليه خطبة الفصيح «3» ، فهذّ «4» كلاما كثيرا متتابعا لم أفهم منه شيئا، لكن التلاميذ حوله تعجبوا منه.

ثم قال: أنا أجفو عن تعليم الصبيان. احمله إلى تلميذي الوجيه

ص: 131

[الواسطي، يقرأ عليه، فإذا توسطت حاله يقرأ عليّ. وكان الوجيه]«1» عند بعض أولاد الرؤساء، وكان رجلا أعمى من أهل الثروة والمروءة، فأخذني بكلتي يديه، وجعل يعلمني من أول النهار إلى آخره بوجوه كثيرة من التلطف.

وكنت أحضر بحلقته بمسجد المظفرية، ويجعل جميع الشروحات لي، ويخاطبني بها. وفي آخر الأمر أقرأ درسي، ويخصني بشرحه، ثم نخرج من المسجد فيذاكرني في الطريق، فإذا بلغنا منزله، أخرج الكتب التي يشتغل بها مع نفسه، فأحفظ له، وأحفظ معه، ثم يذهب إلى الشيخ كمال الدين فيقرأ درسه، ويشرح له، وأنا أسمع.

وتخرّجت إلى أن صرت أسبقه في الحفظ والفهم، وأصرف أكثر الليل في الحفظ والتكرار. وأقمنا على ذلك برهة، كلما جاء حفظي كثر وزاد، وفهمي قوي واستنار، وذهني احتدّ واستقام، وأنا ألازم الشيخ، وشيخ الشيخ.

وأول ما بدأت حفظت:" اللمع"«2» في ثمانية أشهر، أسمع كل يوم شرح أكثرها، مما يقرؤه غيري، وأنقلب إلى بيتي فأطالع شرح [الثمانيني] ، الفارسي، وشرح الشريف عمر بن حمزة، وشرح ابن برهان، وكل ما أجد من شروحها، وأشرحها لتلاميذ يختصون بي «3» ، إلى أن صرت أتكلم على كل باب كراريس، ولا ينفد ما عندي.

وحفظت:" أدب الكاتب" لابن قتيبة «4» ، حفظا متقنا، أما النصف الأول؛

ص: 132

ففي شهور.

وأما تقويم اللسان: ففي أربعة عشر يوما، لأنه كان أربع عشرة كراسة.

ثم حفظت:" مشكل القرآن" له، و" غريب القرآن" له. وكان ذلك في مدة يسيرة.

ثم انتقلت إلى:" الإيضاح" لأبي علي الفارسي «1» ، فحفظته في شهور كثيرة، ولازمت شروحه، وتتبعته التتبع التام، وتبحّرت فيه، وجمعت ما قال الشّرّاح. وأما" التكملة"«2» فحفظتها في أيام يسيرة، كل يوم كراسا.

وطالعت الكتب المبسوطة، والمختصرات.

وواظبت على" المقتضب"«3» للمبرد، وكتاب ابن درستويه «4» في أثناء

ص: 133

ذلك، لا أغفل عن سماع الحديث والفقه على شيخنا ابن فضلان، بدار الذهب، وهي مدرسة معلقة بناها فخر الدولة بن المطلب.

قال:" وللشيخ كمال الدين مائة تصنيف وثلاثون تصنيفا، أكثرها في النحو، وبعضها في الفقه، والأصولين، وفي التصوف، والزهد، وأتيت على أكثر تصانيفه؛ سماعا وقراءة، [وحفظا] . وشرع في تصنيفين كبيرين؛ أحدهما في اللغة، والآخر في الفقه، ولم يتفق له إتمامهما.

وحفظت عليه طائفة من كتاب سيبويه، وأكببت على المقتضب فأتممته «1» وبعد وفاة الشيخ تجرّدت لكتاب سيبويه، ولشرحه للسيرافي «2»

ثم قرأت على أبي عبيدة الكرخي كتبا كثيرة، منها: كتاب" الأصول" لابن السراج «3» ، والنسخة في وقف ابن الخشاب برباط المأمونية. وقرأت عليه الفرائض، والعروض، للخطيب التبريزي «4» ، وهو من خواص تلاميذ ابن

ص: 134

الشجري.

وأما ابن الخشّاب «1» : فسمعت بقراءته" معاني الزجّاج"، على الكاتبة شهدة بنت الأبري، وسمعت منه الحديث المسلسل وهو:" الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"«2»

وقال أيضا موفق الدين البغدادي:" إن من مشايخه الذين انتفع بهم- كما زعم- ولد أمين الدولة ابن التلميذ، وبالغ في وصفه، وكثر. وهذا لكثرة تعصبه للعراقيين وإلا فولد أمين الدولة لم يكن بهذه المثابة، ولا قريبا منها".

وقال:" إنه ورد إلى بغداد رجل مغربي طوال في زي التصوف، له أبّهة وليس بمقبول الصورة، عليه مسحة الدين، وهيئة السياحة، ينفعل لصورته من رآه [قبل أن يخبره] ، يعرف بابن نائلي، يزعم أنه من أولاد المتلثمة، خرج من

ص: 135

المغرب لما استولى عليها عبد المؤمن، فلما استقرّ ببغداد واجتمع عليه جماعة من الأكابر والأعيان، وحضره الرضي القزويني «1» ، وشيخ الشيوخ [ابن سكينة «2» ]«3» .

وكنت واحدا ممن حضره فأقرأني مقدمة الحساب، ومقدمة ابن بابشاذ في النحو، وكان له طريق في التعليم عجيب، ومن يحضره يظن أنه متبحر، وإنما كان متطرفا، لكنه قد أمعن في كتب الكيمياء، والطّلسمات «4» ، وما جرى

ص: 136

مجراها. وأتى على كتب جابر «1» بأسرها، وعلى كتب ابن وحشية «2»

وكان يجلب القلوب بصورته ومنطقه، وإيهامه. فملأ قلبي شوقا إلى العلوم كلها، واجتمع بالإمام الناصر لدين الله، وأعجبه، ثم سافر، وأقبلت على الاشتغال، وشمّرت ذيل الجد والاجتهاد، وهجرت النوم واللذات، وأكببت على كتب الغزالي «3» :" المقاصد، والمعيار، والميزان، ومحك النظر".

ثم انتقلت إلى كتب ابن سينا؛ صغارها وكبارها، وحفظت كتاب" النجاة"، وكتبت" الشفاء"، وبحثت فيه.

وحصلت كتاب" التحصيل" لبهمنيار- تلميذ ابن سينا-.

وحصلت كثيرا من كتب جابر بن حيان الصوفي، وابن وحشية، وباشرت عمل «4» الصنعة الباطلة، وتجارب الضلال الفارغة، وأقوى من أضلّني ابن سينا

ص: 137

بكتابه في الصنعة، الذي تمم به فلسفته التي لا تزداد بالتمام إلا نقصا! ".

قال:" ولما كان في سنة خمس وثمانين وخمسمائة، حيث لم يبق ببغداد من يأخذ بقلبي ويملأ عيني، ويحل ما يشكل عليّ، دخلت الموصل فلم أجد فيها بغيتي، لكن وجدت الكمال ابن يونس «1» جيدا في الرياضيات، والفقه، متطرفا في باقي أجزاء الحكمة، قد استغرق عقله وحسه حب «2» الكيمياء، وعملها، حتى صار يستخف ما عداها.

واجتمع إليّ جماعة كثيرة، وعرضت عليّ مناصب؛ فاخترت منها مدرسة ابن مهاجر المعلقة، ودار الحديث [التي] تحتها.

وأقمت بالموصل سنة كاملة في اشتغال دائم متواصل ليلا ونهارا، وزعم أهل الموصل أنهم لم يروا أحدا من قبلي مثل ما رأوا مني، في سعة المحفوظ، وسرعة الخاطر، وسكون الطائر.

وسمعت الناس يلهجون في حديث الشهاب السهروردي «3» المتفلسف،

ص: 138

ويعتقدون أنه قد فاق الأولين والآخرين، وأن تصانيفه فوق تصانيف القدماء، فهممت لقصده، ثم أدركني التوفيق وطلبت من ابن يونس شيئا من تصانيفه، وكان أيضا معتقدا عليه؛ فوقفت على:" التلويحات، واللمحة، والمعارج"، فصادفت فيها ما يدل على جهل أهل الزمان، ووجدت لي تعاليق كثيرة لا أرتضيها هي خير من كلام هذا [الأنوك «1» ]«2» .! وفي أثناء كلامه يثبت حروفا مقطعة يوهم بها أمثاله أنها أسرار إلهية! ".

قال:" ولما دخلت دمشق وجدت فيها من أعيان بغداد والبلاد ممن جمعهم الإحسان الصلاحي، جمعا كثيرا، منهم:-

جمال الدين عبد اللطيف، ولد الشيخ أبي النجيب «3» ، وجماعة بقيت من بيت رئيس الرؤساء. وابن طلحة الكاتب «4» ، وبيت ابن جهير «5» ، وابن العطار المقتول الوزير.

ص: 139

واجتمعت بالكندي البغدادي النحوي «1» ، وجرى بيننا مباحثات، وكان شيخا ذكيا، مثريا، له جانب من السلطان «2» ، لكنه كان معجبا بنفسه، مؤذبا لجليسه، وجرت بيننا مباحثات فأظهرني الله تعالى عليه في مسائل كثيرة، ثم إني أهملت جانبه، فكان يتأذى بإهمالي له أكثر مما يتأذى الناس منه.

وعملت بدمشق تصانيف جمّة، منها:" غريب الحديث" الكبير، جمعت فيه غريب أبي عبيد القاسم بن سلام، وغريب ابن قتيبة، وغريب الخطابي، وكنت ابتدأته بالموصل، وعملت له مختصرا سميته:" المجرّد"، وعملت كتاب:" الواضحة في إعراب الفاتحة" نحو عشرين كرّاسا. وكتاب:" ربّ" وكتابا في [الذات] والصفات الذاتية الجارية على ألسنة المتكلمين، وقصدت بهذه المسألة الرد على الكندي.

ووجدت بدمشق الشيخ عبد الله بن بابلي «3» ، نازلا بالمئذنة الغربية، وقد عكف عليه جماعة. وتحدث الناس فيه؛ له، وعليه. وكان الخطيب الدولعي «4»

ص: 140

عليه، وكان من الأعيان، له منزلة، وناموس.

ثم خلط ابن بابلي على نفسه، فأعان عدوه عليه، وصار يتكلم في الكيمياء والفلسفة، وكثر التشنيع عليه، واجتمعت به، وصار يسألني عن أعمال أعتقد أنها خسيسة، نزرة، فيعظمها، ويحتفل بها، ويكتبها مني، فكاشفته فلم أجده كما كان في نفسي، فساء به ظني، وبطريقته.

ثم باحثته في العلوم، فوجدت عنده منها أطرافا نزرة، فقلت له يوما: لو صرفت زمانك الذي ضيّعته في طلب الصنعة إلى بعض العلوم الشرعية، أو العقلية، كنت اليوم فريد عصرك. مخدوما طول عمرك، وهذا هو الكيمياء، لا ما تطلبه.

ثم اعتبرت بحاله، وانزجرت بسوء مآله، والسعيد من وعظ بغيره، فأقلعت و [لكن] لا كلّ الإقلاع.

ثم إنه توجّه إلى صلاح الدين بظاهر عكا، وشكا إليه الدولعي، وعاد مريضا، وحمل إلى البيمارستان، فمات [به] . وأخذ كتبه المعتمد مشيخة دمشق، وكان متيّما بالصنعة.

ثم إني توجّهت إلى زيارة البيت المقدس، ثم إلى صلاح الدين بظاهر عكا، واجتمعت ببهاء الدين ابن شداد «1» قاضي العسكر يومئذ، وكان قد اتصل به

ص: 141

خبري بالموصل، فانبسط إليّ وأقبل عليّ، وقال: نجتمع بعماد الدين الكاتب، [فقمنا إليه] وخيمته إلى خيمة بهاء الدين، فوجدته يكتب كتابا إلى الديوان العزيز، بقلم الثلث من غير مسوّدة، وقال: هذا كتاب إلى بلدكم. وذاكرني في مسائل من علم الكلام، وقال: قوموا بنا إلى القاضي الفاضل «1» ، فدخلنا عليه، فرأيت شيخا ضئيلا كله رأس وقلب، وهو يكتب ويملي على اثنين، ووجهه وشفتاه تلعب ألوان الحركات لقوة حرصه في إخراج الكلام. وكان يكتب بجملة أعضائه.

وسألني القاضي الفاضل عن قوله تعالى: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها

«2» ، أين جواب إذا؟.

ص: 142

وأين جواب" لو" في قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ

«1»

وعن مسائل كثيرة، ومع هذا فلا يقطع الكتابة ولا الإملاء. وقال لي: ترجع إلى دمشق، وتجري عليك الجرايات. فقلت: أريد مصر. فقال: السلطان مشغول القلب بأخذ الفرنج عكا، وقتل المسلمين بها. فقلت: لا بدلي من مصر.

فكتب لي ورقة صغيرة إلى وكيله بها. فلما دخلت القاهرة، جاء وكيله «2» ، وكان شيخا جليل القدر، نافذ الأمر، فأنزلني دارا قد أزيحت عللها، وجاءني بدنانير، وغلة. ثم مضى إلى أرباب الدولة، وقال: هذا ضيف القاضي الفاضل، فدرّت الهدايا والصّلات «3» من كل جانب. وكان كل عشرة أيام أو نحوها تصل تذكرة القاضي إلى ديوان مصر بمهمات الدولة، وفيها فصل يؤكد الوصية في حقي. فأقمت بمسجد الحاجب لؤلؤ «4» أقرئ الناس.

وكان قصدي في مصر ثلاث أنفس: ياسين السيميائي، والرئيس موسى بن ميمون اليهودي «5» ، وأبو القاسم الشارعي، وكلهم جاؤوني.

ص: 143

أما ياسين فوجدته محاليا كذابا، يشهد للشاقاني بالكيمياء، ويشهد له الشاقاني بالسيمياء، ويقول عنه: إنه يعلم أعمالا يعجز موسى بن عمران- عليه السلام عنها، وأنه يحضر الذهب المضروب متى شاء، وبأي مقدار شاء، وبأي سكة شاء، وأنه يجعل ماء النيل خيمة ويجلس فيها وأصحابه تحتها. وكان ضعيف الحال.

وجاءني موسى فوجدته فاضلا في الغاية، قد غلب عليه حب الرياسة، وخدمة أرباب الدنيا، وعمل كتابا في الطب جمعه من" الستة عشر" لجالينوس، ومن خمسة كتب أخر، وشرط أن لا يغير فيه حرفا، إلا أن يكون واو عطف أو فاء وصل «1» ، وإنما ينقله فصولا يختارها. وعمل كتابا لليهود سماه:" كتاب الدلالة"، ولعن من يكتبه بغير القلم العبراني. ووقفت عليه، فوجدته كتاب سوء يفسد أصول الشرائع والعقائد بما يظن أنه يصلحها. وكنت ذات يوم بالمسجد وعندي خلق كثير، فدخل شيخ رثّ الثياب، نيّر الطلعة، مقبول الصورة، فهابه الجمع، ورفعوه فوقهم، وأخذت في إتمام كلامي. فلما تصرّم المجلس، جاء إمام المسجد وقال: أتعرف هذا الشيخ؟. هذا أبو القاسم الشارعي.

فاعتنقته، وقلت: إياك أطلب، فأخذته إلى منزلي، وأكلنا الطعام، وتفاوضنا الحديث، فوجدته كما تشتهي النفس، وتلذّ العين. سيرته سيرة الحكماء العقلاء، وكذا صورته، قد رضي من الدنيا بالقليل، لا يتعلق بشيء منها يشغله عن طلب الفضل، ثم لازمني، فوجدته قيما بكتب القدماء، وكتب أبي نصر الفارابي، ولم يكن لي اعتقاد في هؤلاء لأني كنت أظن أن الحكمة كلها حازها ابن سينا، وحشاها كتبه، فكنا إذا تفاوضنا الحديث أغلبه بقوة الجدل، وفضل اللسن، ويغلبني بقوة الحجة، وظهور المحجة. وأنا لا تلين قناتي لغمزه، ولا أحيد

ص: 144

عن جادة الهوى والتعصب برمزه، فصار يحضرني «1» شيئا بعد شيء من كتب أبي نصر، والإسكندر، وثامسطيوس، يؤنس بذلك نفاري، ويلين عريكة شماسي «2» ، حتى عطفت عليه أقدّم رجلا وأؤخر أخرى.

وشاع أن صلاح الدين هادن الفرنج، وعاد إلى القدس. فقادتني الضرورة إلى التوجه إليه، فأخذت من كتب القدماء ما أمكنني، وتوجّهت إلى القدس، فرأيت ملكا عظيما يملأ العين روعة، والقلوب محبة، قريبا بعيدا، سهلا محببا، وأصحابه يتشبهون به، يتسابقون إلى المعروف، كما قال الله تعالى: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ

«3» وأول ليلة حضرته، وجدت مجلسا حفلا بأهل العلم، يتذاكرون في أصناف العلوم، وهو يحسن الاستماع والمشاركة، ويأخذ في كيفية بناء الأسوار وحفر الخنادق. ويتفقه في ذلك، ويأتي بكل معنى بديع، وكان مهتما في بناء سور بيت المقدس وحفر خندقه، يتولى ذلك بنفسه، ويحمل الحجارة على عاتقه، ويتأسى به جميع الفقراء والأغنياء، والأقرباء والضعفاء، حتى العماد الكاتب، والقاضي الفاضل، ويركب لذلك قبل طلوع الشمس إلى وقت الظهر، فيأتي داره، فيمد السماط فيأكل ويستريح، ويركب العصر، ويرجع في المساء، ويصرف أكثر الليل في تدبير ما يعمل نهارا. فكتب لي صلاح الدين ثلاثين دينارا كل شهر، على ديوان الجامع، وأطلق لي أولاده رواتب حتى تقرّر لي في كل شهر مائة دينار.

ورجعت إلى دمشق وأكببت على الاشتغال وإقراء الناس بالجامع، وكلما أمعنت في كتب القدماء ازددت فيها رغبة، وفي كتب ابن سينا زهادة، واطّلعت

ص: 145

على بطلان الكيمياء «1» ، وعرفت حقيقة الحال في وضعها، ومن وضعها، وكذب بها، وما كان قصده في ذلك، وخلصت من ضلالين عظيمين موبقين، وتضاعف شكري لله تعالى على ذلك، فإن أكثر الناس إنما هلكوا بكتب ابن سينا، وبالكيمياء.

ثم إن صلاح الدين دخل دمشق، وخرج يودّع الحاج. ثم رجع فحمّ، ففصده من لا خبرة عنده، فخارت القوى، ومات قبل الرابع عشر، ووجد الناس عليه شبيها بما يجدونه على الأنبياء «2» . وما رأيت ملكا حزن الناس لموته سواه، لأنه كان محبوبا، يحبه البر والفاجر، والمسلم والكافر. ثم تفرّق أولاده وأصحابه أيادي سبأ، ومزّقوا في البلاد كل ممزّق، وأكثرهم توجّه إلى مصر لخصبها، وسعة صدر ملكها.

وأقمت بدمشق وملكها الملك الأفضل، وهو أكبر الأولاد في السن، إلى أن جاء الملك العزيز بعساكر مصر، يحاصر أخاه بدمشق، فلم ينل منه بغية، ثم تأخّر إلى مرج الصفر لقولنج عرض له، فخرجت إليه بعد خلاصه منه، فأذن لي في الرحيل معه، وأجرى عليّ من بيت المال كفايتي، وزيادة. وأقمت مع الشيخ أبي القاسم يلازمني صباح مساء، إلى أن قضى نحبه، ولما اشتد مرضه وكان ذات الجنب عن نزلة من رأسه، وأشرت عليه بدواء؛ فأنشد:[المديد]

ص: 146

لا أذود الطير عن شجر

قد بلوت المر من ثمره

ثم سألته عن ألمه؟ فقال:

ما لجرح بميت إيلام «1»

وكان سيرتي في هذه المدة أنني أقرئ الناس في الجامع الأزهر إلى نحو الساعة الرابعة، ووسط النهار يأتي من يقرأ الطب وغيره، وآخر النهار أرجع إلى الجامع، فيقرأ قوم آخرون. وفي الليل أشتغل مع نفسي، ولم أزل على ذلك إلى أن توفي الملك العزيز، وكان شابا كريما، شجاعا، كثير الحياء، لا يحسن قول:" لا"، وكان مع حداثة سنه وشرة شبابه كامل العفة عن الأموال والفروج «2» .

أقول «3» :" ثم إن الشيخ موفق الدين أقام بالقاهرة بعد ذلك بمدة، وله الراتب والجرايات من أولاد الملك الناصر.

وأتى إلى مصر ذلك الغلاء العظيم، والموتان «4» الذي لم يشاهد مثله. وألّف الشيخ موفق الدين في ذلك كتابا ذكر فيه أشياء شاهدها أو سمعها ممن عاينها، تذهل العقل، وسمّى ذلك الكتاب:" كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر".

ص: 147

ثم لما ملك السلطان الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب الديار المصرية، وأكثر الشام والشرق، وتفرّقت أولاد أخيه الملك الناصر صلاح الدين، وانتزع ملكهم، توجّه الشيخ موفق الدين إلى القدس، وأقام به مدة، وكان يتردّد إلى الجامع الأقصى، ويشتغل الناس عليه بكثير من العلوم، وصنّف هنالك كتبا كثيرة، ثم إنه توجّه إلى دمشق، ونزل بالمدرسة العزيزية «1» ، وذلك في سنة أربع وستمائة. وشرع في التدريس والاشتغال، وكان يأتيه خلق كثير، يشتغلون عليه، ويقرءون أصنافا من العلوم، وتميّز في صناعة الطب بدمشق، وصنّف في هذا الفنّ كتبا كثيرة، وعرف به. وأما قبل ذلك فإنما كانت شهرته بعلم النحو.

وأقام بدمشق مدة، وانتفع به الناس. ثم إنه سافر إلى حلب، وقصد بلاد الروم، وأقام بها سنين كثيرة، وكان في خدمة الملك علاء الدين داود بن بهرام «2» صاحب أرزنجان، وكان مكينا عنده، عظيم المنزلة، وله منه الجامكية «3» الوافرة،

ص: 148

والصلات المتواترة، وصنف باسمه عدة كتب. وكان هذا الملك عالي الهمة، كثير الحياء، كريم النفس، وقد اشتغل بشيء من العلوم، ولم يزل في خدمته إلى أن استولى على ملكه صاحب أرزن «1» الروم، وهو السلطان كيقباد بن كيخسرو بن قلج أرسلان، فقبض على صاحب أرزنجان ولم يظهر له خبر" «2» .

قال الشيخ موفق الدين عبد اللطيف:" ولما كان في سابع عشر ذي الحجة من سنة خمس وعشرين وستمائة توجهت إلى أرزن الروم، وفي حادي عشر صفر من سنة ست وعشرين وستمائة رجعت إلى أرزنجان من أرزن الروم، وفي نصف ربيع الأول توجهت إلى كماخ «3» ، وفي جمادى الأولى توجهت منها إلى دير زكي «4» ، وفي رجب توجهت منها إلى ملطية «5» . وفي آخر رمضان توجهت

ص: 149

منها إلى حلب".

أقول:" وأقام الشيخ موفق الدين بحلب والناس يشتغلون عليه، وكثرت تصانيفه، وكان له من شهاب الدين طغريل الخادم أتابك حلب جار حسن، وهو متخلّ لتدريس صناعة الطب، ويتردد إلى الجامع يسمع الحديث، ويقرئ العربية، وكان دائم الاشتغال ملازما للكتابة والتصنيف.

ولما أقام بحلب، قصدت أن أتوجّه إليه، وأجتمع به، فلم يتفق ذلك، وكانت كتبه أبدا تصل إلينا ومراسلاته، وبعث إليّ بأشياء من تصانيفه بخطه.

وهذا نسخة كتاب كتبته إليه لما كان بمدينة حلب:

" المملوك يواصل بدعائه وثنائه، وشكره وانتمائه إلى عبودية المجلس السامي، المولوي، السيّدي السندي، الأجلّيّ الكبيري، العالمي الفاضلي، موفق الدين، سيد العلماء في الغائبين والحاضرين، جامع العلوم المتفرقة في العالمين، ولي أمير المؤمنين، أوضح الله به سبل الهدى والهداية، وأنار ببقائه طرق الدراية، وحقق بحقائق ألفاظه صحيح الولاية، ولا زالت سعادته دائمة البقاء، وسيادته سامية الارتقاء، وتصانيفه في الآفاق قدوة العلماء، وعمدة سائر الأدباء والحكماء.

المملوك يجدد الخدمة، ويهدي من السلام أطيبه، ومن الشكر والثناء أعذبه، وينهي ما يكابده من أليم التطلّع إلى مشاهدة أنوار شمسه المنيرة، وما يعانيه من الارتياح إلى ملاحظة شريف حضرته الأثيرة، وما تزايد القلق وتعاظم عند سماعه قرب المزار من الأرق:[الوافر]

وأبرح ما يكون الشوق يوما

إذا دنت الديار من الديار «1»

ولولا أمل قفول الركاب العالي، ووصول الجناب الموفّقيّ الجلاليّ، لسارع

ص: 150

المملوك إلى الوصول، ولبادر المبادرة بالمثول، ولجاء إلى شريف خدمته، وفاز بالنظر إلى بهي طلعته. فيا سعادة من فاز بالنظر إليه، ويا بشرى من مثل بين يديه، ويا هناء من حظي بوجه إقباله عليه، ومن ورد بحار فضله، روي من نميرها، واستضاء بشمس علمه، فسرى في أضواء منيرها. نسأل الله تعالى تقريب الاجتماع وتحصيل الجمع بين مسرّتي الأبصار والأسماع، بمنّه وكرمه، إن شاء الله تعالى".

ومن مراسلات الشيخ موفق الدين عبد اللطيف؛ أنه بعث إلى أبي في أول كتاب، وهو يقول فيه عني:

" ولد الولد أعز من الولد، وهذا موفق الدين ولد ولدي، وأعز الناس عندي، وما زالت النجابة تتبين لي فيه من الصّغر". ووصف وأثنى كثيرا وقال فيه:" لو أمكنني أنّي آتي إليه بالقصد ليشتغل عليّ لفعلت".

وبالجملة فإنه كان قد عزم أن يأتي دمشق، ويقيم بها، ثم خطر له أنه كان يحجّ قبل ذلك، ويجعل طريقه على بغداد، وأن يقدم بها للخليفة المستنصر بالله أشياء من تصانيفه.

ولما وصل إلى بغداد مرض في أثناء ذلك، وتوفي- رحمه الله تعالى- يوم الأحد ثاني عشر المحرّم، سنة تسع وعشرين وست مائة. ودفن بالوردية «1» عند أبيه، وذلك بعد أن خرج عن بغداد، وبقي غائبا عنها خمسة وأربعين عاما!. ثم إن الله تعالى ساقه إليها وأماته بها.

ومن كلام موفق الدين عبد اللطيف- مما نقلته من خطه- قال:

" ينبغي أن تحاسب نفسك كل ليلة إذا أويت إلى فراشك «2» وتنظر ما اكتسبت

ص: 151

في يومك؛ من حسنة تشكر الله عليها، أو كانت سيئة تستغفر الله منها، وتقلع عنها. وترتب في نفسك ما تعمله من الحسنات، وتسأل الله الإعانة على ذلك". وقال:" أوصيك أن لا تأخذ العلوم من الكتب، وإن وثقت من نفسك بقوة الفهم، وعليك بالأستاذين «1» في كل علم تطلب اكتسابه، ولو كان الأستاذ ناقصا؛ فخذ عنه ما عنده حتى تجد أكمل منه. وعليك بتعظيمه، وتوجيبه «2» ، وإن قدرت أن تفيده من دنياك فافعل، وإلا بلسانك وثنائك. وإذا قرأت كتابا فاحرص كل الحرص على أن تستظهره وتملك معناه، وتوهّم أن الكتاب قد عدم «3» ، وأنك مستغن عنه، لا تحزن لفقده.

وإذا كنت مكبّا على قراءة «4» كتاب وتفهّمه، فإياك أن تشتغل بآخر غيره معه، واصرف الزمان الذي تريد صرفه في غيره إليه.

وإيّاك أن تشتغل بعلمين دفعة واحدة، وواظب على العلم الواحد سنة أو سنتين، أو ما شاء الله، فإذا قضيت وطرك فانتقل إلى علم آخر، ولا تظنّ أنك إذا حصّلت علما فقد اكتفيت، بل تحتاج إلى مراعاته [لينمو ولا ينقص، ومراعاته تكون] »

بالذاكرة، والتفكر، [واشتغال المبتدئ بالتلفظ والتعلم، ومباحثة الأقران] . واشتغال العالم بالتعليم «6» ، والتصنيف.

ص: 152

وإذا تصدّيت لتعلّم علم، أو للمناظرة فيه، فلا تمزج به غيره من العلوم، فإن كل علم مكتف بنفسه، مستغن عن غيره، فإن استعانتك في علم بعلم عجز عن استيفاء أقسامه، كمن يستعين [في لغة] بلغة أخرى إذا ضاقت عليه، أو جهل بعضها".

وقال:" وينبغي للإنسان أن يقرأ التواريخ، وأن يطّلع على السير، وتجارب الأمم، فيصير بذلك كأنه في عمره القصير قد أدرك الأمم الخالية، وعاصرهم، وعاشرهم، وعرف خيرهم وشرّهم".

وقال:" وينبغي أن تكون سيرتك سيرة الصدر الأول، فاقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وتتبّع أحواله، وأفعاله، واقتف آثاره ما أمكنك، وبقدر طاقتك. وإذا وقفت على سيرته في مطعمه، ومشربه، ومنامه، ويقظته، وتمرّضه، [وتطبّبه، وتمتّعه وتطيّبه] «1» ، ومعاملته مع ربه، ومع أزواجه، وأصحابه، وأفعاله مع أعدائه، وفعلت اليسير من ذلك فأنت السعيد كل السعيد".

قال:" وينبغي أن تكثر اتّهامك لنفسك، ولا تحسن الظن بها، وتعرض خواطرك على العلماء، وعلى تصانيفهم، وتثبّت ولا تعجل، ولا تعجب «2» ، فمع العجب العثار، ومع الاستبداد الزلل، ومن [لم يعرق جبينه إلى أبواب العلماء لم يعرق في الفضيلة] ، ومن لم يخجلوه لم يبجله الناس، ومن لم يبكّتوه «3» لم يسد، ومن لم يحتمل ألم التعلم لم يذق لذة العلم، ومن لم

ص: 153

يكدح لم يفلح.

وإذا خلوت من التعلم والتفكر فحرّك لسانك بذكر الله تعالى، وبتسابيحه، وخاصة عند النوم، فيتشرّبه لبّك، ويتعجّن في خيالك، وتتكلم به في منامك.

وإذا حدث لك فرح أو سرور ببعض أمور الدنيا، فاذكر الموت، وسرعة الزوال، وأصناف المنغّصات، وإذا حزبك أمر فاسترجع «1» ، وإذا اعترتك غفلة فاستغفر، واجعل الموت نصب عينيك، والعلم والتقوى زادك إلى الآخرة، وإذا طلبت أن تعصي الله فاطلب مكانا لا يراك فيه!، واعلم أن الناس عيون الله على العبد، يريهم خيره وإن أخفاه، وشرّه وإن ستره، فباطنه مكشوف لله، والله يكشفه لعباده. فعليك أن تجعل باطنك خيرا من ظاهرك، وسرّك أصحّ من علانيتك، ولا تتألّم إذا أعرضت عنك الدنيا، فلو عرضت لك لشغلتك عن كسب الفضائل، وقلّ ما يتعلق في العلم ذو الثروة، إلا أن يكون شريف الهمة جدا. أو أن يثري بعد تحصيل العلم. وإني لا أقول إن الدنيا تعرض عن طالب العلم بل هو الذي يعرض عنها، لأن همته مصروفة إلى العلم، فلا يبقى له التفات إلى الدنيا، والدنيا إنما تحصل بحرص وفكر في وجودها، فإذا غفل عن أسبابها لم تأته. وأيضا فإن طالب العلم تشرف نفسه عن الصنائع الرذلة، والمكاسب الدنية، وعن أصناف [التجارات]«2» ، وعن التذلل لأرباب الدنيا، والوقوف على أحوالهم.

ولبعض إخواننا بيت شعر: [الكامل]

من جد في طلب العلوم أفاته

شرف العلوم دناءة التحصيل «3»

ص: 154

" وجميع طرق مكاسب الدنيا تحتاج إلى فراغ لها، وحذق فيها، وصرف الزمان إليها، والمشتغل بالعلم لا يسعه شيء من ذلك، وإنما ينتظر أن تأتيه الدنيا بلا سبب، وتطلبه من غير أن يطلبها طلب مثلها، وهذا ظلم منه وعدوان. ولكن إذا تمكن الرجل من العلم، وشهر به، خطب «1» من كل وجه، وعرضت عليه المناصب، وجاءته الدنيا صاغرة، وأخذها وماء وجهه موفور، وعرضه ودينه مصون.

" واعلم أن للعلم عقبة وعرفا ينادى على صاحبه، ونورا وضياء يشرق عليه، ويدلّ عليه، كتاجر المسك لا يخفى مكانه، ولا تجهل صناعته، وكمن يمشي بمشعل في ليل مدلهم «2» . والعالم مع هذا محبوب أينما كان، وكيفما كان. لا يجد إلا من يميل إليه، ويؤثر قربه، ويأنس به، ويرتاح بمداناته".

" واعلم أن العلوم تغور ثم تفور في زمان، بمنزلة النبات أو عيون المياه، وتنتقل من قوم إلى قوم، ومن صقع إلى صقع «3» ".

وقال:" وإياك والهذر «4» ، والكلام فيما لا يعني. وإياك والسكوت في محل

ص: 155

الحاجة، ورجوع النوبة إليك إما لاستخراج حق، أو اجتلاب مودّة، أو تنبيه على فضيلة. وإياك والضحك مع كلامك، كثرة الكلام وتبتيره «1» ، بل اجمع كلامك سردا بسكون ووقار، بحيث يستشعر منك أن وراءه أكثر منه، وأنه عن خميرة سابقة «2» ، ونظر متقدم".

وقال:" وإياك والغلظة في الخطاب، والجفاء في المناظرة، فإن ذلك يذهب ببهجة الكلام، ويسقط فائدته، ويعدم حلاوته، ويجلب الضغائن، ويمحق المودّات، ويصيّر القائل مستثقلا، سكوته أشهى إلى السامع من كلامه، ويثير النفوس على معاندته، ويبسط الألسن بمخاشنته، وإذهاب حرمته".

وقال:" لا تترفّع بحيث تستثقل، ولا تتنازل بحيث تستخسّ وتستحقر".

ومن دعائه- رحمه الله تعالى- قال:" اللهم! أعذنا من شموس الطبيعة «3» ، وجموح النفس الرديئة «4» ، وأسلس لنا مقاد التوفيق، وخذ بنا في سواء الطريق، يا هادي العمي!، يا مرشد الضّلّال!، يا محيي القلوب الميتة بالإيمان!، يا منير ظلمة الضلالة بنور الإيقان!، خذ بأيدينا من مهواة الهلكة، ونجّنا من ردغة «5» الطبيعة، وطهّرنا من درن الدنيا «6» الدنية بالإخلاص لك والتقوى، إنك مالك الآخرة والدنيا".

ص: 156