الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكلام، ولا طلعت للمعقول شمس تمحق الظلام. وكان على تدفق بحره وتأنق سحره لا ينفث سحره في عقد الأقلام، ولا يكتب في" نهايته"«1» إلا مالا يرضى به في بدايته من الغلام «2» .
ومنهم:
34- علي بن إسماعيل بن يوسف الإمام العلامة القدوة العارف ذو الفنون الشيخ علاء الدين قاضي القضاة شيخ الشيوخ أبو الحسن القونوي التبريزي
«13»
جمع الطريقين، ونفع الفريقين، ولي المنصبين، ورعى في جانبيهما المخصبين،
فعلا على الألى، وأرتقة أهل النقا، وعلا على مجد ما وصل إليه ذو مجد، ودرّس في الإقليمين «1» فأعجب، وغرس فيهما كل غرس فأنجب، ولم يرد أهل العلم والصلاح إلا بقيته، ولا شهد أهل مصر والشام إلا أولويته، ذلّلت له فيهما الرتب، وسهّلت عليه الأماني فبلغ أقصى علاهما، وطاب به الواديان كلاهما.
ولد سنة ثمان وستين وستمائة، وتوفي بدمشق سنة تسع وعشرين وسبعمائة، في ذي القعدة، ودفن بسفح جبل قاسيون، بتربة اشتريت له.
تفقّه وتفنّن، وبرع وناظر. قدم دمشق أول سنة ثلاث وتسعين وستمائة، فرتّب صوفيا «2» ، ثم درّس بالإقبالية «3» . وسمع من أبي حفص ابن القوّاص، وأبي الفضل ابن عساكر، وجماعة بمصر من الأبرقوهي، وطائفة «4» .
واستوطن مصر، وولي مشيخة سعيد السعداء، وأقام عشرين سنة يصلي
الصبح ويقعد للاشتغال «1» إلى أذان الظهر، وتخرّج به الأصحاب، وانتفع به الطلبة خصوصا في الأصول.
وكان ساكنا وقورا، حليما، مليح السمت والوجه، تام الشكل، حسن التعليم، ذكيا، قوي اللغة والعربية، كثير التلاوة والخير.
درّس بالشريفيّة بالقاهرة، وبها كان سكنه واشتغاله، ثم لما حضر قاضي القضاة القزويني إلى الديار المصرية عوضا عن قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، عيّنه السلطان لقضاء قضاة الشام، فأخرج كارها، وكان يقول لأصحابه الأخصّاء سرا: أخملني السلطان كونه لم يولّني قضاء الديار المصرية، وليت كان عيّنني لذلك، وكنت سألته الإعفاء.
ولما خرج إلى الشام حمل كتبه على البريد معه، وأظنها كانت وقر خمسة عشر فرسا أو أكثر!. وباشر المنصب أحسن مباشرة، بصلف زائد «2» ، وعفة مفرطة، ولم يكن له نهمة في الأحكام بل رغبته وتطلّعه إلى الأشغال والإفادة.
وطلب الإقالة أولا من السلطان فما أجابه، وكان منصفا في بحوثه، ريّضا، معظّما للآثار، ولم يغيّر هيئة التصوف. خرّج له ابن طغريل، وابن كثير، ووصلهما بجملة.
وشرح" الحاوي"«3» في أربع مجلدات، موجودة. وله:" مختصر المنهاج"
للحليمي، سمّاه:" الابتهاج"«1» . وله:" التصرّف شرح التعرّف في التصوف"«2» .
وكان- رحمه الله تعالى- يعرف الأصلين، والمنطق، وعلوم الحكمة، ويعرف الأدب، وكان مع مخالفته لابن تيمية وتخطئته له في أشياء كثيرة يثني عليه ويعظّمه، ويذبّ عنه، إلا أنه لما توجّه من مصر إلى دمشق، قال له السلطان:
إذا وصلت، خلّ نائب الشام يفرج عن ابن تيمية.
قال: يا خوند! «3» ، على ماذا حبستموه؟.
فقال: لأجل ما أفتى به في تلك المسألة.
فقال: إنما حبس للرجوع عنها، فإن كان قد رجع أفرجنا عنه. فكان ذلك سبب تأخيره في السجن.
وكان له ميل إلى- سيدي- محيي الدين بن عربي- رضي الله عنه وأرضاه وعنّا به- إلا أن له ردودا على أهل الإلحاد.
وكان يتحدّث على حديث أبي هريرة:" كنت سمعه الذي يسمع به"«4» ،
ويشرحه شرحا حسنا، ويبينه بيانا شافيا.
وكان يكتب مليحا، قويا، جاريا «1» .
قال أبو الصفاء: ورأيته يكتب بخطه على ما يقتنيه من الكتب التي فيها مخالفة السّنّة من اعتزال أو غيره: [الهزج]
عرفت الشر لا للشّ
…
رّ لكن لتوقّيه
ومن لا يعرف الشرّ
…
من الخير يقع فيه «2»
وكان يترسّل جيدا من غير سجع، ويستشهد بالآيات المناسبة والأحاديث والآيات اللائقة بذلك المقام.
ومات بورم الدماغ، بقي به أحد عشر، ومات في بستان ضمنه، وتأسف الناس لموته أسفا كثيرا:[الكامل]
عمّت فواضله «3» فعمّ مصابه
…
فالناس فيه كلهم مأجور «4»
وكتب إلى ناصر الدين شافع وقد طلب منه شيئا من شعره: [الخفيف]
غمرتني المكارم الغرّ منكم
…
وتوالت عليّ منها فنون
شرط إحسانكم تحقّق عندي
…
ليت شعري، الجزاء كيف يكون؟