الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و" الشفاء" و" النجاة": يريد الكتابين من تأليفه، وقصد بهما [الجناس في الشعر] .
[وصية ابن سينا]
[ومن كلام الشيخ الرئيس وصية أوصى بها]«1»
بعض أصدقائه،- وهو سعيد ابن أبي الخير الصوفي الميهني «2» . ومن كلامه قال:
" ليكن الله تعالى أول فكرك وآخره، وباطن اعتبارك وظاهره «3» ، ولتكن عين نفس الرجل مكحولة بالنظر إليه «4» ، وقدمها موقوف على المثول بين يديه، مسافرا بعقله في الملكوت الأعلى، وما فيه من آيات ربه الكبرى، وإذا انحطّ إلى قراره، فلينزه الله تعالى في آثاره، فإنه باطن ظاهر، تجلى لكل شيء بكل شيء. [المتقارب]
ففي كلّ شيء له آية
…
تدلّ على أنّه واحد
فإذا صارت هذه الحال له ملكة، تنطبع فيها نقش الملكوت، وتجلى له قدس اللاهوت، فألف الأنس الأعلى، وذاق اللذة القصوى، وأخذه عن نفسه من هو بها أولى «5» ، وفاضت عليه السكينة، وحقت له الطمأنينة «6» ، وتطلّع على
العالم الأدنى اطلاع راحم لأهله، مستوهن لحبله، مستخفّ لثقله، مستحسن «1» به لعقله، مستضل لطرقه، وتذكر نفسه وهي بها لهجة، وببهجتها بهجة، فيعجب منها ومنهم تعجبهم منه، وقد ودّعها، وكان معها كأن ليس معها.
وليعلم أن أفضل الحركات الصلاة، وأمثل السكنات الصيام، وأنفع البر الصدقة، وأزكى العمل الاحتمال «2» ، وأبطل السعي المراءاة «3» ، ولن تخلص النفس عن الدرن ما التفت إلى قيل وقال، ومنافسة وجدال، وانفعلت بحال من الأحوال.
وخير العمل ما صدر عن خالص نية، وخير النية ما ينفرج عن جناب علم، والحكمة أم الفضائل، ومعرفة الله- تعالى- أول الأوائل: إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ
«4» .
ثم يقبل على هذه النفس المؤمنة بكمالها الذاتي، فيحرسها عن التلطخ بما يشينها من الهيئات الانقيادية، للنفوس الموادية، التي إذا بقيت في النفس المزينة كان حالها عند الانفصال كحالها عند الاتصال، إذ جوهرها غير مشاوب ولا مخالط، وإنما يدنسها هيئة الانقياد لتلك الصواحب بل تفيدها هيئات الاستيلاء والاستعلاء والرياسة.
وكذلك يهجر الكذب قولا وفعلا، حتى يحدث للنفس هيئة صدوقة، فتصدق الأحلام والرؤيا، وأما اللذات فيستعملها على إصلاح الطبيعة، وإبقاء الشخص والنوع، والسياسة.