الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصادق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، إن الله يستحي من عذاب الشيخ «1» ومنهم:
103- أبو نصر المسيحي
«13»
وهو سعيد بن أبي الحسن بن [أبي الخير] بن عيسى.
طبيب عرّف به علمه، وفرّع كل علاج لم يحظ فيه حكمه، طالما أبرات العلل هذه المسيحية بمسحها، وأبدلت ببياض ثوب العافية سواد مسحها، واحتاج إليه كل متطبّب، وكان طبه الباعث للصحّة أو المسبّب.
قال ابن أبي أصيبعة «1» :" من المتميزين في صناعة الطب، والأفاضل من أهلها، والأعيان من أربابها.
ومرض الناصر لدين الله «2» بالرّمل، وعرضت له في المثانة حصاة كبيرة، مفرطة في الكبر، واشتدّ به الألم، وطال المرض، وضجر من العلاج، فأشير عليه بأن يشق المثانة لإخراج الحصاة، فسأل عن جرائحي حاذق؟ فقيل له: ابن عكاشة؛ فأحضر، وشاهد العضو العليل، وأمره ببطّه «3» فقال: أحتاج أن أشاور مشايخ الأطبّاء في هذا.
فقال له: فمن تعرف من صالحيهم؟.
قال: أبو نصر المسيحي، فإنه ليس في البلاد بأسرها من يماثله. فطلبه، فلما حضر قال له: اجلس. فجلس ساعة ولم يكلّمه، [ولم يأمره بشيء حتى سكن روعه] .
ثم قال له الناصر: يا أبا نصر! مثّل نفسك أنك دخلت إلى البيمارستان وأنت تباشر به مريضا قد ورد من بعض الضياع، وأريد أن تباشر مداواتي، وتعالجني من هذا المرض كما تفعل بمن هذه صفته.
فقال: السمع والطاعة؛ ولكني أريد أن أعرف من هذا الطبيب المتقدّم مبادي المرض، وأحواله، وتغيراته، وما عالج به منذ أول المرض وإلى الآن.
فأحضر الشيخ أبو الخير، وأخذ يذكر ابتداءات المرض، وتغيّر أحواله، وما عالج به من أول المرض وإلى آخر وقت.
فقال: التدبير صالح، والعلاج مستقيم.
فقال الخليفة: هذا الشيخ اخطأ، ولا بدّ لي من صلبه!.
فقام أبو نصر المسيحي، وقبّل الأرض، وقال: يا مولاي! بحقّ الله عليك وبمن مضى من أسلافك الطاهرين، لا تسنّ على الأطبّاء هذه السّنّة. وأما الرجل فلم يخطئ في التدبير، ولكن بسوء حظه لم ينته المرض.
فقال: قد عفوت عنه، ولكن لا يعود يدخل عليّ؛ فانصرف.
ثم أخذ أبو نصر في مداواته، فسقاه ودهن العضو بالأدهان والملينات، وقال له: إن أمكن أنا نلاطف الأمر بحيث تخرج هذه الحصاة من غير بطّ؛ فهو المراد.
وإن لم تخرج، فذلك لا يفوتنا.
ولم يزل كذلك يومين، وفي ليلة اليوم الثالث رمى الحصاة، فقيل إنه كان وزنها سبعة مثاقيل «1» ، وقيل: خمس، وقيل: إنها كانت على مقدار أكبر من نواة تكون من نوى الزيتون.
وتتابع الشفاء، ودخل الحمّام فأمر بأن يدخل أبو نصر إلى دار الضرب «1» ، ويحمل من الذهب ما يقدر عليه. ففعل به ذلك، ثم أتته الخلع، والدنانير من أم الخليفة، ومن ولديه الأميرين محمد وعلي، والوزير نصير الدين بن مهدي العلوي الرازي، ومن سائر كبار الأمراء بالدولة، فأما أم الخليفة وأولاده، والوزير، والشرابي نجاح «2» ، فكانت الدنانير من كل واحد ألف دينار، وكذلك من أكابر الأمراء، والباقين على قدر أحوالهم، فأخبرت أنه حصّل من الذهب العين:
عشرين ألف دينار، ومن الثياب والخلع: جملة وافرة. وألزم الخدمة، وأفرطوا له الجامكية اسنيّة، والراتب، والإقامة، ولم يزل مستمرا في الخدمة إلى أن مات الناصر لدين الله.
قال: وحدّثني بعض الأطباء أن ابن عكاشة الجرائحي كان نذر عليه أن يتصدّق في بيعة سوق الثلاثاء بالربع مما يحصل له، وأنه حمل إلى البيعة مائتين