الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد
…
فبين يدينا اليوم حلقة جديدة من سلسلة حلقات ذهبية لموسوعة" مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" لمؤلفها شهاب الدين أحمد بن فضل الله العمري، العالم الموسوعي الأول في بابه، حيث لم يسبقه إلى مثل هذا التصنيف أحد- على ما أعلم-، وقد سبق أن ذكرت في مقدمتي لتحقيق السفر الثامن من هذه الموسوعة وهي في تراجم السادة الصوفية" الفقراء"، ذكرت أن ابن فضل الله العمري رحمه الله تعالى أجاد وأفاد في هذه الموسوعة القيمة حيث ذكر فيها من أعلام الأمة العربية والإسلامية في جميع العلوم والفنون على اختلاف أنواعها بدءا من الجغرافيا والرحلات، إلى علماء الطب والكيمياء، والنبات، والتاريخ، والحديث، والفقه، والتفسير، والأدباء، والخطباء، والمترسلين، وكتاب الإنشاء، والشعراء، وغيرهم من أهل كل علم وفن، سواء في المشرق أو المغرب والأندلس، أو في مصر وأفريقيا، إلى الهند وما حولها
…
ذاكرا ذلك كله ضمن هذه الموسوعة القيمة التي بقيت مئات السنين حبيسة الأرفف، ودفينة الأقبية، دون أن تمتد إليها يد تنفض عنها غبار السنين وتقدمها إلى خلف الأمة العربية والإسلامية ليستفيدوا مما تركه لهم سلفهم الصالح، من علم يتفاخرون به على مدى السنين والأيام، إلى أن شاءت حكمة الباري سبحانه ووفق الدكتور العلامة فؤاد سيزكين لينبه العالم إلى هذا الكنز الدفين، فصور نفائس مخطوطات العالم العربي والإسلامي ضمن سلسلة معهد فرانكفورت في ألمانيا، ومن ضمن ما
جمعه هذه المخطوطة النفيسة (مسالك الأبصار في ممالك الأمصار) ، حيث جمعها من عدة مراكز ومكتبات مخطوطية سواء في تركيا أو مصر، أو في الشام أو في اليمن والمغرب إلى غير ما امتدت إليه يده ووصلت إليه همته في جمع نفائس المخطوطات ليقدمها إلى العالم على شكل مصورات هي أقرب في تصويرها إلى الشكل الأصلي المخطوط فجزاه الله خير الجزاء على صنيعه الحسن.
ثم وفق سبحانه وتعالى المجمع الثقافي في أبو ظبي إلى حمل أعباء نشر هذا الكتاب" أعني مسالك الأبصار" وغيره من تراث الأمة، ليقدمه إلى أجيال اليوم من أبناء هذه الأمة ليستفيدوا من علم أمتهم الذي تركوه لهم على أطباق من ذهب أفنوا في ذلك أعمارهم ابتغاء وجه الله تعالى، ومساهمة في بناء الحضارة الإنسانية، ليثبتوا في وقت وزمان أن الأمة العربية الإسلامية أمة علم وحضاره وبناء وتقدم ونهضة وإنسانية، لا كما يزعم أعداؤها من الشرق والغرب أنهم دعاة إرهاب ودمار وحرب وسفك دماء..!!.
ومن هذه السلسلة الذهبية الجزء التاسع من" مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" الذي بين أيدينا اليوم، وفيه ترجم العلامة ابن فضل الله العمري رحمه الله تعالى لما يزيد عن اثنين وتسعين ومائة طبيب من أطباء الشرق والغرب، والهند، ومصر، والشام، وغيرهم، ذكر فيه ترجمة لكل واحد منهم بشكل أطنب فيه أحيانا، وأوجز أحيانا أخرى، وفق شهرة المترجم له، ومنزلته بين أقرانه، ورتبته في علمه وفنه، واختصاصه، وأدبه. وفي هؤلاء الأطباء الشعراء والحكماء والفلاسفة، وأهل الاجتماع، فذكر في ترجمة الكثير منهم ما لهم من أشعار ووصايا جامعة نافعة، في الطب والحكمة، وأقوال مأثورة سارت بها الركبان، وأدوية وأغذية جربها أولئك الأعلام ووصفوها لمرضاهم فكانت لهم البلسم الناجع، والدواء النافع، ولم يترك رحمه الله تعالى في ترجمة كل واحد ما وقع
عليه من أخباره وسيرة حياته، وطريقة تعلمه وتعليمه، وسلوكه وتربيته، ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فجاء هذا السفر بحق كتابا نافعا ليس للأطباء فقط وإنما لكل طالب علم، وباحث عن الثقافة من معينها الصافي، وقارىء وباحث عن تراث هذه الأمة العظيمة، دون تعصب لمذهب أو ملة أو نحلة.
وقد كان عملي المتواضع في هذا السفر على الشكل التالي:
1-
ضبط النص وشكله وتصحيحه حتى أتى أقرب إلى ما هو مثبت في المخطوط الأصلي.
2-
توثيق النصوص، والشواهد التي وردت في المخطوط، وذلك بالرجوع إلى مصادرها من كتب الطب والحكمة والفلسفة التي سنبينها في آخر الكتاب في فهرس المصادر والمراجع.
3-
ضبط التراجم وبيان زمان وفاة كل ترجمة وذلك بالرجع إلى كتب الطبقات والتراجم، وكتب الأعلام وغيرها من مراجع هذا الفن.
4-
عزو الآيات القرآنية إلى سورها، وبيان أرقامها في تلك السور.
5-
تخريج الأحاديث النبوية الشريفة الواردة في المخطوط- على قلّتها- وذلك بالرجوع إلى كتب التخاريج والحديث النبوي الشريف.
6-
تخريج الأشعار التي أوردها المصنف واستشهد بها خلال ترجمته لبعض الأعلام من الأطباء والحكماء، وردها إلى أصحابها في دواوين أشعارهم ما أمكن، وإلا فإلى مصادرها من كتب التخاريج.
7-
ولا أدعي الكمال في عملي هذا وإنما هو جهد المقل، وأرجو أن أكون قد وفّقت في هذا العمل قدر طاقتي البشرية المتواضعة، ورحم الله عبدا رأى عيبا فستره، وصححه، وكما قال الشاعر:
وإن ترى عيبا فسدّ الخللا
…
جلّ من لا عيب فيه وعلا
وأسأل الله سبحانه أن يجعل هذا العمل من العلم النافع في الدارين- لي ولمن أراد الانتفاع به ونظر إليه بعين الرضا.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه/ بسام محمد بارود عفا الله عنه أبو ظبي 13 رمضان 1423 هجرية موافق: ل 18/11/2002 م