الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال اسحاق بن حنين عن أبيه أنه كان أعلم أهل زمانه بصناعة الطب. ولما اعتلّ عاده المعتصم، وبكى عنده، واستشاره فيمن يكون بعده، وكان المعتصم قد أرصده لعرض الحوائج إبراهيم بن المهدي أوقات خلواته.
ومنهم:
75- إبراهيم بن فزارون
«13»
كان موقرا لا يحل له حبوة، ولا تحطّ له ربوة، ولا تبارى به الثريا إذا لاحت، ولا الحميّا «1» إذا فاحت.
وكان مقدّما لتطبيب الأرواح، وتطييب الأوقات بالأفراح، لا يزال ينشر ألوية المدام، ويؤثر أندية النّدّام، ويسيرها كؤوسا تجول أشعتها حول أوانيها، وتحول أقاصي البلاد أدانيها.
قال ابن أبي أصيبعة:" كان شيخ بني فزارون الكتاب. قد خرج مع غسان بن عباد «2» إلى السند، فحدّثني أن غسان بن عباد مكث بأرض السند من يوم
النيروز إلى يوم المهرجان «1» ، يشتهي أن يأكل قطعة لحم باردة، فما قدر على ذلك. فسألته عن السبب؟. فقال: كنا نطبخه فلا يبرد حتى يروح، فنرمي به.
قال يوسف: وأخبرني إبراهيم بن فزارون أنه ما أكل بأرض السند لحما استطابه إلا لحوم الطواويس، وأنه لم يأكل لحما قط أطيب من لحم الطواويس ببلاد السند.
قال يوسف: وحدّثني إبراهيم بن فزارون أنه رفع إلى غسان بن عباد، أن في النهر المعروف بمهران بأرض السند سمكة تشبه الجدي، وأنها تصاد ثم يطيّن رأسها وجميع بدنها إلى موضع مخرج الثفل «2» ، ثم يجعل ما لم يطيّن منها على الجمر، ويمسكها ممسك بيده حتى يستوي منها ما كان موضوعا على الجمر، وينضج ثم يؤكل ما نضج، أو يرمى به، وتلقى السمكة في الماء ما لم ينكسر العظم الذي هو صلب السمكة، فتعيش السمكة، وينبت على عظمها اللحم!!. وأن غسان أمر بحفر بركة في داره، وملأها ماء وأمر بامتحان ما بلغه.
قال إبراهيم: فكنا نؤتى كل يوم بعدّة من هذا السمك، فنشويه على الحكاية التي ذكرت لنا، ونكسر من بعض عظمه الصلب، ونترك بعضه لا نكسره، فكان ما يكسر عظمه يموت، وما لم يكسر عظمه يسلم، وينبت عليه اللحم، ويستوي الجلد، إلا أن جلدة تلك السمكة تشبه جلدة الجدي الأسود، وما قشرناه من لحوم السمك التي شويناها ورددناها إلى الماء تكون على غير لون الجلدة الأولى، لأنه يضرب إلى البياض.