الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشرّ متصل بينه وبين شيعته، وله تصانيف كثيرة «1» وتواريخ محرّرة، ولحقه إسهال مات به بالإسكندرية.
ومنهم:
173- التميمي: وهو أبو عبد الله محمد بن سعيد التميمي
«13»
جادة إحسان، ومادة بقاء الإنسان، عرف الأدوية لطول ما ألفها، وركّب مفرداتها وألّفها، وجناها من رؤوس الشجر ومما يعرشون، ويبسطون من الأرض ويفرشون، إلى إتقان لقواعد الطب وأصوله، وعوائد المستطب في العام وفصوله، حتى إنه إليه المرجع وعليه الاعتماد في كل دواء ينجع.
ذكره ابن أبي أصيبعة «2»
وقال:" كان مقامه أولا بالقدس ونواحيه، وله معرفة جيدة بالنبات وماهياته، وكان متميزا في صناعة الطب، والاطلاع على دقائقها، وله خبرة بتركيب المعاجين والأدوية المفردة، واستقصى معرفة الدرياق الكبير الفاروق وتركيبه، وركّب منها شيئا كثيرا على أتم ما يكون من حسن الصنعة، وانتقل إلى مصر، وأقام بها حتى مات".
قال ابن القفطي «3» :" إن التميمي هو الذي أكمل الدرياق الفاروقي، بما زاده فيه من المفردات، وكان خصيصا بالحسن بن عبد الله بن طغج صاحب الرملة،
وعمل له معاجين ولخالخ «1» طبية، وأنواع دخن دافعة للوباء وركب سفوف الرجفان الحادث عن المرة السوداء المحترقة، وكان يذكر أنه نقله عن راهب كان بالقدس فاضلا في الحكمة والطب، وأدرك الدولة العلوية «2» بمصر، وصحب يعقوب بن كلس «3» ، وزير المعز والعزيز، ولقي الأطباء بمصر وناظرهم. وحكي عن أبيه أنه سكر مرة سكرا مفرطا غلب على عقله، فسقط في بعض الخانات من موضع عال إلى أسفل الخان وهو لا يعقل، فحمله صاحب الخان وخدمه حتى أدخله الحجرة التي كان ساكنها، فلما أصبح قام وهو يجد وجعا ووهنا في مواضع من جسده، ولا يعرف لذلك سببا، فركب وتصرف في بعض أموره، إلى أن تعالى النهار، ثم رجع فقال لصاحب الخان: إني وجدت في جسدي وجعا وتوهّنا شديدا لست أدري ما سببه. فقال صاحب الخان: ينبغي أن تحمد الله على سلامتك. قال: فماذا؟. قال: أو ما علمت ما نالك البارحة؟. قال: لا.
قال: فإنك سقطت من أعلى الخان إلى أسفل، وأنت سكران. قال: ومن أي موضع؟. فأراه الموضع. فلما رآه حدث به للوقت من الوجع والضربان ما لم يجد معه سبيلا إلى الصبر، وأقبل يصيح ويتأوّه، إلى أن جاؤوه بطبيب ففصده، وشد على مفاصله المتوهّنة جبارا، وأقام أياما كثيرة إلى أن برأ وذهب عنه الوجع.
أقول: ومما يناسب هذه الحكاية أن بعض الناس كان في بعض أسفاره في مفازة، ومعه رفقة له، فنام في منزلة نزلها في الطريق ورفقته جلوس، فخرجت حية من بعض النواحي، فصادفت رجلا، فنهشته فيها، وذهبت، وانتبه مرعوبا من الألم وبقي يمسك رجله ويتأوه منها، فقال له بعضهم ما عليك مددت
رجلك بسرعة وقد صادفت رجلك شوكة في هذا الموضع الذي يوجعك. وأظهر له أنه أخرج الشوكة وقال: ما بقي عليك باس، وسكن عنه الألم بعد ذلك ورحلوا، فلما كان بعد عودهم بمدة وقد نزلوا في تلك المنزلة قال له صاحبه:
أتدري ذلك الوجع الذي عرض لك في هذا الموضع من أي شيء كان؟. فقال:
لا. فقال: إن حية ضربتك في رجلك ورأيناها، وما أعلمناك، فعرض له في الوقت ضربان قوي في رجله وسرى في بدنه، إلى أن قرب من قلبه وعرض له غشي، ثم تزايد به إلى أن مات، وكان السبب في ذلك أن الأوهام، والأحداث تؤثر في البدن تأثيرا قويا، فلما تحقّق أن الآفة التي عرضت له كانت من نهشة الحية تأثر ذلك وسرى ما كان في ذلك الموضع من بقايا السم في بدنه، ولما وصل إلى قلبه أهلكه.
قلت: ومن نسبة ما حكى عن أبيه ما شاهدته بعيني سنة ست وسبع مائة، وذلك أنه كان عندنا صغير في سطح الدار يلعب، وبيده تفاحة، فجعل يلقيها من يده ثم يجري وراءها، ويأخذها، وألقاها مرة فتدحرجت وجرى هو خلفها، فوقعت من طاقة في السطح معدة لرمي الثلج ترمى إلى الطريق علوها عن الأرض يقارب عشرين ذراعا، واستمر هو جاريا خلفها ليأخذها، فوقع من ذلك العلو إلى الأرض قائما على قدميه، واستمر جاريا خلف التفاحة حتى أخذها ولم يضره شيء البتة، وكان سداسي السن وكنت قريبا من سنه وأنا أشاهده، وأنا على باب الدار، فسبحان الله اللطيف بخلقه.