المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌31- النصير الطوسي: محمد بن محمد بن الحسن، نصير الدين، أبو عبد الله، الطوسي الفيلسوف - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٩

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء التاسع]

- ‌[تراجم الحكماء والفلاسفة]

- ‌مقدمة المحقق

- ‌[المقدمة]

- ‌[من الحكماء المشارق]

- ‌1- أما (هرمس الأول)

- ‌2- وأما (هرمس الثاني)

- ‌3- وأما (هرمس الثالث) :

- ‌4- فيثاغورس

- ‌5- سقراط

- ‌6- أفلاطون

- ‌7- أرسطوطاليس

- ‌8- يعقوب بن إسحاق الكنديّ

- ‌9- أحمد بن الطّيّب السّرخسيّ

- ‌10- كنكه الهندي

- ‌11- صنجهل الهندي

- ‌12- أبو نصر الفارابيّ

- ‌13- يحيى بن عدي

- ‌14- أبو بكر محمّد بن زكريّاء الرّازيّ

- ‌15- أبو سليمان السّجستاني

- ‌16- ابن الخمّار

- ‌17- أبو الفرج بن هندو

- ‌18- الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسين بن علي بن سينا

- ‌ومن رسائله:

- ‌[وصية ابن سينا]

- ‌ومن شعر الشيخ الرئيس قاله في النفس

- ‌19- أبو الفرج عبد الله بن الطيب

- ‌20- أبو المؤيد محمد بن محمد بن المجلي الجزري، المعروف بابن الصايغ

- ‌21- ابن الخطيب الرّازيّ، ابن خطيب الرّيّ، وهو: محمّد بن عمر بن الحسين، أبو عبد الله- الإمام فخر الدّين

- ‌22- القطب المصريّ وهو: إبراهيم بن عليّ بن محمّد السّلميّ أبو إسحاق

- ‌23- عبد اللّطيف البغدادي

- ‌24- ابن الخوييّ: أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى، الشّافعيّ، شمس الدّين، أبو العبّاس

- ‌25- الرّفيع الجيليّ: أبو حامد، عبد العزيز بن عبد الواحد ابن إسماعيل بن عبد الهادي

- ‌26- الشّهاب السّهرورديّ المقتول: يحيى بن حبش بن أميرك

- ‌27- الخسرو شاهيّ: عبد الحميد بن عيسى، بن عمّويه، بن يونس، ابن خليل شمس الدّين، أبو محمّد، التبريزيّ، الشّافعيّ

- ‌29- البديع الاصطرلابيّ: وهو بديع الزّمان أبو القاسم هبة الله بن الحسين بن أحمد البغداديّ

- ‌31- النّصير الطّوسيّ: محمد بن محمد بن الحسن، نصير الدّين، أبو عبد الله، الطّوسيّ الفيلسوف

- ‌32- القطب الشّيرازيّ: [محمود بن مسعود بن مصلح الفارسيّ

- ‌33- الشّيخ صفيّ الدّين الهنديّ: [محمد بن عبد الرّحيم بن محمد الأرمويّ، أبو عبد الله، صفي الدين

- ‌34- علي بن إسماعيل بن يوسف الإمام العلامة القدوة العارف ذو الفنون الشيخ علاء الدين قاضي القضاة شيخ الشيوخ أبو الحسن القونوي التبريزي

- ‌35- القاضي جلال الدّين القزوينيّ، أبو المعالي محمد ابن القاضي سعد الدّين أبي القاسم عبد الرّحمن بن عمر بن أحمد الشّافعيّ الدّلفيّ

- ‌37- الشّيخ شمس الدّين الأصفهانيّ، وهو: محمود بن أبي القاسم بن أحمد، أبو الثّناء

- ‌ومن فلاسفة المغاربة، وحكمائها، ومتكلميها ممن كان بالأندلس:

- ‌38- يحيى بن يحيى، أبو بكر، المعروف بابن السّمينة

- ‌41- أبو الحكم الكرمانيّ: عمرو بن عبد الرّحمن بن أحمد بن عليّ

- ‌42- ابن واقد [الوزير، أبو المطرّف عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الكبير بن يحيى ابن واقد بن مهنّد اللّخميّ]

- ‌43- محمد بن يوسف المنجّم

- ‌45- المبشّر بن فاتك: وهو: الأمير محمود الدّولة أبو الوفاء الآمريّ

- ‌48- محمد بن إبراهيم المتطبب صلاح الدين المعروف بابن البرهان الجرائحي

- ‌49- ابن الأكفاني: محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاريّ، شمس الدّين أبو عبد الله السّنجاريّ المولد والأصل، المصري الدار

- ‌فأما أول من استخرج الطب فرجلان:

- ‌50- اسقليبيوس بن ريوس

- ‌51- أيلق

- ‌أطباء العرب ممن كانوا في أول ظهور الإسلام ومن بعدهم

- ‌52- الحارث بن كلدة الثّقفيّ

- ‌53- النّضر بن الحارث بن كلدة

- ‌54- عبد الملك بن أبجر الكنانيّ

- ‌55- ابن أثال

- ‌56- أبو الحكم

- ‌57- حكم الدّمشقيّ

- ‌58- عيسى بن حكم الدّمشقيّ المعروف بالمسيح

- ‌59- تياذوق

- ‌60- زينب طبيبة بني أود

- ‌أطبّاء السّريان الكائنين في ابتداء الدولة العباسية:

- ‌61- جورجيس بن جبريل [بن يختيشوع]

- ‌63- جبريل بن بختيشوع بن جورجيس

- ‌64- بختيشوع بن جبريل بن بختيشوع

- ‌65- جبيرائيل بن عبيد الله بن بختيشوع

- ‌66- خصيب النصراني

- ‌67- عيسى المعروف بأبي قريش

- ‌68- ابن اللجلاج

- ‌69- عبد الله الطيفوري

- ‌70- إسرائيل بن زكريا الطيفوري

- ‌71- يزيد بن [زيد] بن يوحنّا

- ‌72- عبدوس بن زيد

- ‌73- ماسرجويه «طبيب البصرة»

- ‌74- سلمويه بن بنان «متطبّب المعتصم»

- ‌75- إبراهيم بن فزارون

- ‌76- إبراهيم بن أيوب الأبرش

- ‌78- يوحنّا بن ماسويه

- ‌79- ميخائيل بن ماسويه

- ‌80- حنين بن إسحاق العبادي

- ‌81- إسحاق بن حنين بن إسحاق العبادي أبو يعقوب

- ‌82- يوحنا بن بختيشوع

- ‌83- ثابت بن قرة الحرّاني، أبو الحسن

- ‌84- سنان بن ثابت بن قرة

- ‌85- ثابت بن إبراهيم بن زهرون الحراني

- ‌86- ابن وصيف الصابئ

- ‌87- غالب «طبيب المعتضد»

- ‌88- صاعد بن بشر بن عبدوس أبو منصور

- ‌89- ديلم

- ‌90- فنّون المتطبّب

- ‌91- نظيف- القسّ الرّومي

- ‌92- ابن بطلان، أبو الحسن المختار بن عبدون بن سعدون ابن بطلان النصراني

- ‌93- أحمد بن أبي الأشعث

- ‌94- أبو سهل النيلي. وهو: سعيد بن عبد العزيز

- ‌95- ابن الواسطي «طبيب المستظهر»

- ‌96- أبو طاهر البرخشي، أحمد بن محمد بن العباس

- ‌97- أبو غالب ابن صفية

- ‌98- أمين الدولة ابن التلميذ

- ‌99- معتمد الملك أبو الفرج يحيى بن صاعد بن يحيى بن التلميذ

- ‌100- أوحد الزمان وهو أبو البركات هبة الله بن علي بن ملكا البلدي ثم البغدادي

- ‌101- أبو القاسم هبة الله بن الفضل البغدادي

- ‌102- فخر الدين المارديني

- ‌103- أبو نصر المسيحي

- ‌104- أبو الفرج ابن توما

- ‌طبقات الأطباء ببلاد العجم

- ‌105- تياذورس

- ‌106- ربن الطبري

- ‌107- علي بن سهل بن ربن الطبري أبو الحسين

- ‌108- أحمد بن محمد الطبري

- ‌109- أبو منصور: الحسن بن نوح القمريّ

- ‌110- أبو سهل عيسى بن يحيى المسيحي الجرجاني

- ‌111- السيد أبو عبد الله محمد بن [يوسف] الإيلاقي

- ‌112- أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني

- ‌113- أحمد بن عبد الرحمن بن مندويه الأصبهاني، أبو علي

- ‌114- أبو القاسم عبد الرحمن بن علي ابن أحمد بن أبي صادق النيسابوري

- ‌115- السّموأل بن يحيى بن عباس

- ‌116- الشريف شرف الدين إسماعيل

- ‌أطبّاء الهند

- ‌117- شاناق الهندي

- ‌118- منكه الهندي

- ‌119- صالح بن بهلة الهندي

- ‌أطبّاء الشّام

- ‌120- أبو الفرج جرجس بن توما بن سهل بن إبراهيم اليبرودي

- ‌121- ظافر بن جابر السكري أبو حكيم

- ‌122- أبو الحكم عبيد الله بن المظفر بن عبد الله الباهلي

- ‌123- ابنه: أبو المجد [محمد] بن أبي الحكم؛ أفضل الدولة

- ‌124- ابن البذوخ: أبو جعفر بن موسى بن علي القلعي

- ‌125- حكيم الزمان أبو الفضل عبد المنعم بن عمر بن عبد الله بن حسان الغساني الجلياني

- ‌126- المهذّب ابن النقاش

- ‌127- سكرة اليهودي الحلبي

- ‌129- ابن اللبّودي: يحيى بن محمد بن عبدان بن عبد الواحد

- ‌130- الرضي الرحبي، يوسف بن حيدرة بن الحسن أبو الحجاج

- ‌131- الشرف علي شرف الدين أبو الحسن

- ‌132- عمران [بن صدقة] الإسرائيلي

- ‌133-[موفق الدين] يعقوب بن صقلاب النصراني

- ‌134- رشيد الدين الصوري أبو المنصور ابن أبي الفضل بن علي

- ‌136- صدقة بن منجا بن صدقة السامري

- ‌137- المهذب يوسف بن أبي سعيد بن خلف السامري

- ‌138- أمين الدولة أبو الحسن بن غزال بن أبي سعيد السامري

- ‌139- المهذّب الدّخوار: أبو محمد عبد الرحيم بن علي بن حامد

- ‌140- الرشيد علي بن حليقة بن يونس بن أبي القاسم بن خليقة الأنصاري الخزرجي

- ‌141- ابن قاضي بعلبك: المظفر بن عبد الرحمن بن إبراهيم

- ‌142- العماد الدّنيسري: محمد بن العباس بن أحمد بن عبيد الربعي أبو عبد الله

- ‌143- العز السويدي: إبراهيم بن محمد الأنصاري الأوسي، عز الدين أبو إسحاق

- ‌144- موفق الدين يعقوب السامري أبو يوسف يعقوب بن غنائم

- ‌145- أبو الفرج يعقوب بن إسحاق بن القف النصراني

- ‌146- المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌147- النفيس أبو الفرج ابن إسحاق بن أبي الخير السامري

- ‌148- الأمين سليمان الحكيم وهو سليمان بن داود

- ‌149- أحمد بن شهاب الدين أبو محمد الكحال الجرائحي

- ‌150- الفتح السامري: هو ابن يوسف بن إسحاق بن مسلم

- ‌151- غنائم السامري، وهو ابن المهذب يوسف كاتب الزردكاش

- ‌فأما أطباء الغرب بما وقع في جانبه من مصر والاسكندرية

- ‌152- إسحاق بن عمران

- ‌153- إسحاق بن سليمان الإسرائيلي أبو يعقوب

- ‌154- أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد المعروف: بابن الجزار القيرواني أبو جعفر

- ‌155- حمدون أثا

- ‌156- يحيى بن إسحاق

- ‌157- أبو داود بن جلجل: وهو سليمان بن حسان المعروف بابن جلجل الحكيم

- ‌159- الغافقي: وهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سند

- ‌161- أبو محمد المصري

- ‌162- أبو الصلت أمية بن عبد العزيز بن أبي الصلت الداني

- ‌163- أبو مروان عبد الملك بن محمد بن مروان بن زهر الإيادي الإشبيلي

- ‌164- أبو العلاء زهر بن عبد الملك

- ‌165- ابنه أبو مروان ابن أبي العلاء، واسمه عبد الملك

- ‌166- أبو محمد ابن الحفيد أبي بكر بن زهر

- ‌167- أبو جعفر ابن الغزال

- ‌168- أبو العباس ابن الرومية، وهو أحمد بن محمد بن مفرّج النباتي

- ‌169- ابن الأصم

- ‌أما أطباء مصر:

- ‌170- بليطيان

- ‌171- سعيد بن توفيل

- ‌172- سعيد بن البطريق

- ‌173- التميمي: وهو أبو عبد الله محمد بن سعيد التميمي

- ‌174- ابن الهيثم: وهو أبو علي محمد بن الحسن بن الهيثم البصري ثم المصري

- ‌175- علي بن رضوان

- ‌176- افرائيم [بن الزفّان] الإسرائيلي

- ‌177- سلامة بن رحمون أبو الخير

- ‌178- بلمظفر ابن معرف: وهو نصر بن محمود بن المعرّف

- ‌179- أبو عمر وعثمان بن هبة الله بن أحمد بن عقيل القيسي جمال الدين

- ‌180- ابنه الفتح [فتح الدين بن جمال الدين بن أبي الحفائر]

- ‌181- ابنه المهذب [شهاب الدين ابن فتح الدين]

- ‌182- الخونجي: محمد بن ناماور أفضل الدين أبو عبد الله

- ‌183- أبو سليمان داود بن أبي المنى ابن فانة

- ‌184- ابنه: الموفق أبو شاكر موفق الدين

- ‌185- الرشيد أبو حليقة: وهو أبو الوحش ابن الفارس ابن أبي الخير بن أبي سليمان داود ابن أبي المنى ابن فانة

- ‌186- ابنه المهذب: أبو سعيد محمد بن أبي حليقة

- ‌187- أبو سعيد بن موفق الدين يعقوب

- ‌188- ابن البيطار: عبد الله بن أحمد المالقي النباتي، ضياء الدين أبو محمد

- ‌189- علي بن أبي الحزم: علاء الدين ابن النفيس القرشي الدمشقي

- ‌190- أحمد المغربي

- ‌191- السديد الدمياطي

- ‌192- فرج الله بن صغير

- ‌193- محمد بن صغير، ناصر الدين

- ‌مصادر التحقيق

- ‌الفهرست

الفصل: ‌31- النصير الطوسي: محمد بن محمد بن الحسن، نصير الدين، أبو عبد الله، الطوسي الفيلسوف

ومنهم:

‌31- النّصير الطّوسيّ: محمد بن محمد بن الحسن، نصير الدّين، أبو عبد الله، الطّوسيّ الفيلسوف

«13»

رجل ما عرف أياما، ولا تبرقع بالحياء لثاما، أقدم على خالقه، وحصل من السعي على خافقه، وتجاهر بالفسوق، وتظاهر بالتبضّع من السوق، ولم يخف عاقبة التهور، ولا التدلي على الشريعة والتسوّر، فلم يزل في قبح أحدوثة، وطريق سبيل عهود منكوثة، على توسّعه في العلم، ومعرفته بما به يستهم، فقد كان ذا فضائل غزيرة، وفواضل غريرة، واستيلاء على عقول السلاطين، واستخفاء في كيد ولا تبلغه الشياطين، مع كرم عميم، وكرّ على مال لا يبقي معه عديم،

ص: 194

وتظاهر بفراغ، وطلب فصل رام مثله وراغ، ولكن الله إذا أراد لامرء أمرا يسّره لفعله وقدّره على فعله، ليمضي سابق إرادته، ويقضي بشقاء العبد أو سعادته، ولهذا لجّ في عمهه، ولم يبصر، ودام على غيّه ولم يقصر، فما أقبل على اعتذار، ولا أسمعه المشيب الإنذار.

كان رأسا في علم الأوائل، لا سيما في الأرصاد، والمجسطي، فإنه فاق الكبار.

قرأ على المعين سالم بن بدران المصري المعتزلي الرافضي، وغيره. وكان ذا حرمة وافرة، ومنزلة عالية عند هولاكو، وكان يطيعه فيما يشير به عليه، والأموال في تصريفه، فابتنى في مدينة مراغة «1» قبة، ورصدا عظيما. واتخذ في ذلك خزانة عظيمة فسيحة الأرجاء، وملأها من الكتب التي نهبت من بغداد والشام والجزيرة حتى تجمّع فيها زيادة على أربعمائة ألف مجلد!!. وقرر بالرصد المنجمين والفلاسفة، والفضلاء، وجعل لهم الجامكية «2» .

وكان سمحا كريما، جوادا حليما، حسن العشرة، غزير الفضائل، جليل القدر، داهية.

حكى لي شيخنا الأصفهاني أنه أراد العمل للرصد، فرأى هولاكو كثرة ما ينصرف عليه، فقال: هذا العلم المتعلق بالنجوم ما فائدته؟ أيدفع ما قدّر أن يكون؟.

فقال: أنا أضرب لمنفعته مثالا: [يأمر]«3» القان «4» يأمر من يطلع إلى أعلى

ص: 195

هذا المكان، ويدع يرمي من أعلاه طست نحاس كبيرا، من غير أن يعلم به أحد، ففعل ذلك.

فلما وقع كانت له وقعة عظيمة هائلة روّعت [كلّ] من هناك، وكاد بعضهم يصعق. وأما هو وهولاكو فإنهما ما تغير عليهما شيء، لعلمهما بأن ذلك واقع.

فقال له: هذا العلم النجومي له هذه الفائدة. يعلم المتحدّث فيه ما يحدث، فلا يحصل له من الروعة والاكتراث ما يحصل للذاهل الغافل عنه. فقال [له] لا بأس بهذا، وأمره بالشروع فيه، أو كما قيل «1» .

ومن دهائه: ما حكى لي شيخنا الأصفهاني أيضا قال: إنه حصل له «2» غضب على الجويني «3» صاحب الديوان، وأظنه قال: علاء الدين. فأمر بقتله فجاء أخوه إليه، وذكر له ذلك، وطلب منه إبطال ذلك. فقال: هذا القان، وهؤلاء القوم إذا أمروا بأمر ما يمكن رده، خصوصا إذا برز إلى الخارج، فقال [له] لا بدّ من الحيلة في ذلك.

ص: 196

فتوجّه إلى هولاكو، وبيده عكاز، وسبحة، واصطرلاب، وخلفه من يحمل مبخرة، والبخور يضرم. فرآه خاصة هولاكو الذين على باب المخيم، فلما وصل أخذ يزيد في البخور، ويرفع الاصطرلاب، ينظر فيه ويضعه، ويسأل عن هولاكو ويقول: هو سالم هو سالم. يكرر ذلك ويقولون: نعم. فيحمد الله ويسجد؛ فلما رأوه يفعل ذلك دخلوا إلى هولاكو، وأعلموه، وخرجوا إليه. فقالوا: ما الذي أوجب هذا؟. فقال: القان، أين هو؟. قالوا له: جوّا «1» .

قال: طيب معافى موجود في صحة؟. قالوا: نعم. فسجد شكرا لله تعالى، وقال لهم: هو طيب في نفسه؟. قالوا: نعم. وكرر هذا ومثله، وقال: أريد أرى وجهه بعيني، إلى أن دخلوا إليه وأعلموه بذلك. وكان [في] وقت لا يجتمع فيه [به] أحد، فأمر بإدخاله، فلما رآه سجد وأطال السجود فقال له: ما خبرك؟ قال:

اقتضى الطالع في هذا الوقت أن يكون على القان قطع عظيم إلى الغاية «2» ؛ فقمت وعملت هذا، وبخّرت هذا البخور، ودعوت بأدعية أعرفها، أسأل الله صرف ذلك عن القان. والطالع يقتضي أن يحقن القان دماء كثيرة، ويفرج عن نفوس كثيرة ليحقن دمه، ويفرج عنه، ويتعين الآن أن القان يكتب إلى [سائر] ممالكه، ويجهز الألجية في هذه الساعة إليها بإطلاق من في الحبوس «3» والاعتقال، والعفو عمن له جناية أو أمر بقتله. لعل الله أن يصرف هذا الحادث العظيم، ولو لم أر وجه القان ما صدّقت. فأمر هولاكو في ذلك الوقت بما قال، وأطلق صاحب الديوان في جملة الناس، ولم يذكره النصير الطوسي. وهذا غاية في الدهاء بلغ به مقصده ودفع عن الناس أذاهم، وعن بعض الناس إزهاق

ص: 197

أرواحهم.

قال أبو الصفاء: ومن حلمه ما وقفت على ورقة حضرت إليه من شخص من جملة ما يقول فيها: يا كلب!، يا ابن الكلب!!.

فكان الجواب: وأما قوله كذا وكذا، فليس بصحيح. لأن الكلب من ذوات الأربع، وهو نابح طويل الأظفار، وأنا فمنتصب القامة، بادي البشرة، عريض الأظفار، ناطق، ضاحك، فهذه الفصول والخواص غير تلك الفصول والخواص!.

وأطال في نقض كل ما قاله، هكذا برطوبة «1» وتأنّ غير منزعج، ولم يقل في الجواب كلمة قبيحة!.

ومن تصانيفه: كتاب" المتوسطات بين الهندسة والهيئة" وهو جيد إلى الغاية. و" مقدمة في الهيئة". وكتاب وضعه للنصيرية، وأنا أعتقد أنه ما يعتقده، لأن هذا فيلسوف وأولئك يعتقدون ألوهية علي. واختصر" المحصّل" للإمام فخر الدين، وهذّبه، وزاد فيه. وشرح" الإشارات" ورد فيه على الإمام فخر الدين في شرحه، وقال: هذا جرح وما هو شرح!. وقال فيه: إني حرّرته في عشرين سنة، وناقض فخر الدين كثيرا. ولقد ذكره قاضي القضاة جلال الدين القزويني «2» رحمه الله يوما وأنا حاضر وعظّمه- أعني الشرح-، فقلت:

يا مولانا! ما عمل شيئا لأنه أخذ شرح الإمام وكلام سيف الدين الآمدي «3» ، وجمع بينهما، وزاده يسيرا. فقال: ما أعرف للآمدي في الإشارات شيئا. قلت:

نعم. كتاب صنفه وسماه:" كشف التمويهات عن الإشارات والتنبيهات".

ص: 198

فقال: هذا ما رأيته.

ومن تصانيفه:" التجريد" في المنطق. و" أوصاف الأشراف"«1» ، و" قواعد العقائد"، و" التلخيص في علم الكلام". و" العروض" بالفارسية. و" شرح الثمرة" لبطليموس. و" كتاب مجسطي". و" جامع الحساب في التخت والتراب". و" الكرة والأسطوانة «2» ". و" المغطيات «3» " و" الظاهرات".

و" المناظر". و" الليل والنهار". و" الكرة المتحركة". و" الطلوع والغروب".

و" تسطيح الكرة". و" المطالع". و" تربيع الدائرة". و" المخروطات". و" الشكل المعروف بالقطائع". و" الجواهر". و" الأسطوانة". و" الفرائض على مذهب أهل البيت". و" تعديل المعيار في نقد «4» تنزيل الأفكار". و" بقاء النفس بعد بوار البدن". و" الجبر والمقابلة". و" إثبات العقل الفعّال". و" شرح مسألة العالم".

و" رسالة الإمامة" و" رسالة إلى النجم الدين الكاتبي «5» في إثبات واجب الوجود". و" حواشي على كليات القانون". و" رسالة ثلاثون فصلا في معرفة التقويم". وله شعر كثير بالفارسية.

وقال الشمس ابن المؤيد العرضي: أخذ النصير العلم عن الشيخ كمال الدين ابن يونس الموصلي «6» ، والمعين سالم بن بدران المصري، المعتزلي، وغيرهما.

ص: 199

قال: وكان منجما لأبغا «1» بعد أبيه، وكان يعمل الوزارة لهولاكو من غير أن يدخل يديه في الأموال، واحتوى على عقله حتى إنه لا يركب ولا يسافر إلا في وقت يأمره به. ودخل عليه مرة ومعه كتاب مصور في عمل الدرياق «2» الفاروق، فقرأه عليه وعظّمه عنده، وذكر منافعه. وقال: إنّ كمال منفعته أن تسحق مفرداته في هاون «3» ذهب، فأمر له بثلاثة آلاف دينار لعمل الهاون، وولاه هولاكو جميع الأوقاف في سائر بلاده، وكان له في كل بلد نائب يستغل الأوقاف، ويأخذ عشرها، ويحمله إليه ليصرفه في جامكيات المقيمين بالرصد، ولما يحتاج إليه من الأعمال بسبب الأرصاد، وكان للمسلمين به نفع خصوصا الشيعة والعلويين «4» ، والحكماء وغيرهم. وكان يبرّهم، ويقضي أشغالهم، ويحمي أوقافهم، وكان مع هذا كله فيه تواضع وحسن ملتقى «5» قال حسن بن أحمد الحكيم «6» : سافرت إلى مراغة، وتفرّجت في هذا الرصد، ومتوليه صدر

ص: 200

الدين علي بن خواجا نصير «1» ، وكان شابا فاضلا في التنجيم، والشعر بالفارسية، وصادفت الشمس ابن المؤيد العرضي، والشمس الشرواني، وكمال الدين الأيكي، وحسام الدين الشامي، فرأيت فيه من آلات الرصد شيئا كثيرا، منها: ذات الحلق، وهي خمس دوائر متخذة من نحاس: الأول دائرة نصف النهار، وهي مركوزة على الأرض، ودائرة معدّل النهار، ودائرة منطقة البروج، ودائرة العرض، ودائرة الميل، رأيت الدائرة الشمسية [التي] يعرف بها سمت الكواكب، [واصطرلابا يكون سعة قطره ذراعا، واصطرلابات كثيرة، وكتبا كثيرة]«2»

قال: وأخبرني شمس الدين ابن العرضي أن النصير أخذ من هولاكو بسبب عمارة هذا الرصد ما لا يحصيه إلا الله، وأقل ما كان يأخذ بعد فراغ الرصد لأجل الآلات وإفراغها وإصلاحها عشرون ألف دينار، خارجا عن الجوامك «3» للحكماء والقومة «4» .

وقال الخواجا نصير الدين في" الزيج الإيلخاني»

": إني جمعت لبناء الرصد جماعة من الحكماء، منهم المؤيد العرضي من دمشق، والفخر المراغي

ص: 201

الذي كان بالموصل، والفخر الخلاطي الذي كان بتفليس «1» ، والنجم دبيران القزويني، وابتدأنا ببنائه في سنة سبع وخمسين وستمائة، في جمادى الأولى بمراغة، والأرصاد التي بنيت قبلي وعليها كان الاعتماد دون غيرها هو رصد برجيس «2» ، وله مبنيّ ألف وأربعمائة سنة، وبعده رصد بطليموس، وله ألف ومائتا سنة، وخمس وثمانون سنة. وبعده في ملة الإسلام رصد المأمون ببغداد، وله: أربعمائة سنة، وثلاثون سنة. والرصد البناني في حدود الشام، والرصد الحاكمي بمصر، ورصد بني الأعلم، ببغداد. وأوفقها الرصد الحاكمي ورصد ابن الأعلم، ولهما مائتان وخمسون سنة.

وقال الأستاذون: إن أرصاد الكواكب السبعة لا يتم في أقل من ثلاثين سنة «3» ، لأن فيها يتم دور هذه السبعة. فقال هولاكو: اجتهد أن يتم رصد هذه السبعة في اثنتي عشرة سنة. فقلت له: أجهد في ذلك.

وكان النصير قد قدم من مراغة إلى بغداد ومعه جماعة كثيرة من تلامذته، وأصحابه. فأقام بها مدة أشهر ومات، وخلف من أولاده: صدر الدين علي،

ص: 202